مؤخرا، خرجت إحصائية وصفت بالصادمة من قبل المنظمات الحقوقية في العراق، تتعلق بارتفاع نسبة الزواج الثاني في البلاد هذا العام، ما فتح الباب على أسباب تلك الزيادة الحاصلة.

تعليق رسمي أصدره القضاء العراقي قبل أيام، بيّن أن مكاتب البحث الاجتماعي أنجزت 3801 حجة إذن بالزواج الثاني وحجة ضرورة قصوى، وكان “نصيب حجة الضرورة 1905 حجج و1896 حجة إذن زواج ثان”.

حجج الزواج الثاني سجلت أعلى نسبة في محافظة نينوى، إذ بلغت 339 حجة، تلتها محافظة البصرة بـ 222 حجة، فيما جاءت محافظة صلاح الدين ثالثة بـ 196 حجة.

القضاء أرجع أسباب ارتفاع الزواج الثاني، إلى “العقم أو الإصابة بالأمراض المزمنة ورغبة الرجل بزوجة ثانية، لا سيما عند تحسن وضعه الاقتصادي”.

أسباب زيادة الزواج الثاني

في سياق ارتفاع نسبة الزواج الثاني، نقل تقرير لموقع “ألترا عراق”، الخميس، عن عضو “لجنة المرأة” النيابية السابقة، رزيان الشيخ دلير، قولها إن مرور العراق بظروف وأزمات كثيرة، سياسية واقتصادية، أسفرت عن “انتشار العقلية الذكورية مع مساع لتطبيق الشريعة الإسلامية”.

“العقلية الذكورية، والسعي لتطبيق الشريعة الإسلامية”، هي أسباب كانت وراء عودة ظاهرة الزواج من امرأة ثانية في العراق، على حد تعبير ريزان الشيخ دلير.

ولا يملك العراق إلى الآن أي قانون يضمن أو يعاقب على العنف الأسري، وفق دلير التي تحدثت أيضا، عن آثار الوضع الاقتصادي الذي “يلعب دورا مهما في هذا الجانب، حيث تدفع العائلات الفقيرة بناتهم إلى الزواج تحت أي ظرف”.

دلير تردف، أن المجتمع العراقي بحاجة إلى حملات توعية، خصوصا وأن المرأة في العراق تعاني من قلة القوانين الداعمة لها، ومثال ذلك “قانون الأحوال الشخصية الذي ينصف الرجال أكثر من النساء”، وغياب قانون يعنى بالعنف الأسري.

كان مجلس الوزراء العراقي، أقر في آب/ أغسطس 2020، مشروع قانون “مناهضة العنف الأسري”. ومرّره إلى البرلمان السابق، تحت ضغط منظماتي وحقوقي.

من يمنع التشريع؟

منذ سنوات تضغط المنظمات المجتمعية على البرلمان العراقي لتشريع قانون يعنى بمناهضة “العنف الأسري”، لكن كل تلك الجهود لم تثمر حتى الآن عن نتائج ملموسة في القبة التشريعية بعد.

وتعارض تشريع القانون، بعض الجهات السياسية التي لها ثقلها في البرلمان، بخاصة تلك التي تنتمي لـ “الأحزاب الإسلامية”، وعلى رأسها “تحالف الفتح” وتعرقل المحاولات الرامية لتشريعه.

وصرّح بعض أعضاء التحالف بشكل علني لوسائل الإعلام المحلية، رفضهم لتمرير القانون؛ لأنه “يخالف الشرع الإسلامي، ويعطي للمرأة الحرية والتحرّر”، بحسبهم.

معاناة المرأة العراقية من العنف، بدأت منذ وصول “حزب البعث” إلى الحكم في الستينيات. وتفاقمت منذ مطلع التسعينيات، عندما أطلق صدام حسين، “الحملة الإيمانية”.

”الحملة الإيمانية”، هي أجندة سياسية قانونية محافظة، ساهمت بتدهور الحقوق والحريات الأساسية للنساء، وكرست العنف ضد المرأة العراقية بحجة “العودة إلى الإيمان”.

تعديلات “مجلس قيادة الثورة”

الباحثة الاجتماعية شهرزاد العبدلي، تقول وفق تقرير “ألترا عراق”، أن الزواج في العراق يكون مبنيا على أسس غير صحيحة، كمثال “إهداء النساء في الفصول العشائرية”.

الظروف الاقتصادية وارتفاع نسب الفقر في البلاد، كانت وراء ازدياد ظاهرة الزواج بامرأة ثانية، “إذ تدفع تلك الظروف الأسر نحو التخلص من بناتهم بسبب الأوضاع المالية الصعبة عبر الزواج”، حسب العبدلي.

وتشير العبدلي، إلى أن العراق يحتاج إلى سن قوانين تتعلّق بظاهرة الزواج الثاني، عبر منع زواج القاصرات ومحاسبة المعتدين على النساء عبر تشريع قانون “العنف الأسري”، فضلا عن توفير فرص عمل بشكل متساوٍ على عموم الشباب؛ بهدف التقليل من ظاهرة الطلاق والزواج الثاني.

يجدر بالذكر، أنه لا يجوز الزواج بأكثر من امرأة واحدة في قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959، إلا بإذن المحكمة، والتي تشترط إعطاء الإذن وفقا لتحقق شرطين، الأول أن تكون للزوج كفاية مالية لإعالة أكثر من زوجة واحدة، والثاني أن تكون هناك مصلحة مشروعة.

لكن “مجلس قيادة الثورة”، إبان حكم نظام صدام حسين، أجرى تعديلات قانونية، سمحت لمن يتزوج على زوجته بأرملة أو يعيد مطلقة إلى عصمته بعد أن كان قد تزوج بالأخرى، الزواج دون حاجة للحصول على إذن من المحكمة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة