على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، درجت دمشق وروسيا على القول أن الحرب في سوريا انتهت، وأن الأمن مستتب، وقد دعا الطرفان في العديد من المناسبات لعودة اللاجئين والمهجّرين، للبدء بإعادة الإعمار، ولكن في الحقيقة، فإن أرقام القتلى من المدنيين تعطي مؤشرا معاكسا تماما لما تدّعيه حكومة دمشق، وحلفاؤها الروس.

أرقام قتلى كبيرة

التقرير النصف سنوي لـ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، والذي صدر يوم أمس السبت، أكد مقتل 568 مدنيا في عموم سوريا، في النصف الأول من العام الحالي 2022.

وأشار التقرير الذي حصل “الحل نت”، على نسخة منه إلى أن من بين القتلى 115 طفل، و53 سيدة، و101 نتيجة التعذيب، ومن بين هذه الأعداد في شهر حزيران/يونيو الفائت، بيّن التقرير أنه قُتل 92 مدني، بينهم 19 طفل، و16 سيدة، و6 أشخاص نتيجة التعذيب.

وأوضح التقرير ،أن القتلى سقطوا على يد أطراف النزاع المختلفة في سوريا، مشيرا إلى أن عمليات القتل التي تم توثيقها حصلت خارج نطاق القانون من قبل القوى المسيطرة.

وحول نسب توزع القتلى حسب المحافظات، أشار التقرير إلى أن محافظة درعا كانت الأعلى في حصيلة القتلى بنسبة وصلت إلى 23 بالمئة من مجمل عدد القتلى، تلتها محافظة حلب بنسبة 16 بالمئة، وإدلب بنسبة 14 بالمئة، وريف دمشق بنسبة 13 بالمئة.

وفي سياق متصل، أشار تقرير آخر لـ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان” حول ضحايا التعذيب في سوريا، أن التعذيب المستمر في سوريا منذ العام 2011 وحتى الآن، تسبب بمقتل 14685 شخصا بينهم 181 طفلا، و94 سيدة.

إقرأ:مرسوم “الجرائم الإرهابية” في سوريا.. حبر على ورق وأرقام خلبية؟

القتل والتعذيب واستمرار الحرب

المحامي فهد الموسى، أشار خلال حديثه لـ”الحل نت”، إلى أن عدد القتلى المرتفع يشير إلى استعداد جميع الأطراف للعودة إلى الحل العسكري، ما لم يكن هناك حل سياسي حقيقي، وعادل يوفّر السلام لكل السوريين.

من جهتها، قالت نور الخطيب، العضو في “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” لـ”الحل نت”، أن عمليات التعذيب لم تتوقف ولو ليوم واحد منذ عام 2011 ، وبلغت ذروتها في أعوام 2013 و 2012 و 2014، وهي ذات الأعوام التي شهدت أعلى موجات للاختفاء القسري في سوريا، و”مازلنا حتى اليوم نرصد ونوثق المزيد من ضحايا التعذيب، فمن لا يموت نتيجة التعذيب المباشر في مراكز الاحتجاز يموت نتيجة ظروف الاحتجاز القاسية، وإهمال الرعاية الصحية وشبه انعدامها، وهذا يفسر موت مزيد من المعتقلين والمختفين قسريا”.

قد يهمك:ما مصير معتقلي سجن صيدنايا بعد عفو “الجرائم الإرهابية”؟

نهاية الحرب ادعاءات فقط

في سوريا لم يعد هناك مفهوم للدولة بالشكل القانوني، فحكومة دمشق والميليشيات الإيرانية، أحد أبرز القوى الفاعلة في سوريا، ومسؤولون عن القسم الأعظم من الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين و مسؤولون عن الجريمة المنظّمة و الاغتيالات و تجارة المخدرات، لذلك تبدو ادعاءات انتهاء الحرب عبارة عن دعاية تطلقها دمشق لتحقيق أهدافها.

فهد الموسى، يرى أن حكومة دمشق تستند في تثبيت وجودها السياسي والعسكري على التضليل الإعلامي والحقوقي، لإقناع مؤيديها أنها متماسكة حتى لا ينقلبوا عليها في المناطق التي تسيطر عليها، أما في الحقيقة فإن سوريا بحالة هدنة هشة على مستوى المعارك الطاحنة، وجميع القوى الفاعلة تعيش حالة حرب وتستعد لتجهيز لمعارك أعنف مع انتظار أي متغيرات دولية حسب مصالح واصطفافات القوى الفاعلة داخليا ودوليا.

وأضاف الموسى، أنه حتى الآن لم يتم تطبيق مفهوم البيئة الآمنة التي نصّت عليها القرارات الدولية، ومازالت دمشق أسوء مدينة في العالم للعيش، ويوميا هناك عدد من القتلى نتيجة الخروقات لوقف إطلاق النار، والتنكيل بالسوريين العائدين إلى مناطق الحكومة واعتقالهم، ونتيجة الجريمة المنظّمة التي تقودها الأجهزة الأمنية والميليشيات على مستوى سوريا، فإن معظم اللاجئين السوريين لا يثقون بالعودة إلى سوريا، لأنه لا يوجد انتقال سياسي حقيقي وآمن.

إقرأ:من صيدنايا إلى الجيش.. العفو لا يشمل من ارتكب جُرمين

وختم الموسى، بأن المسؤولية عما يجري من قتل يقع على عاتق حكومة دمشق وحلفائها، ويتحملون كامل المسؤولية عنها، وهناك مسؤولية تقع على الأمم المتحدة، وهي مسؤولية تقصيرية تظهر في عجز المنظّمة الدولية على وضع حد لعمليات القتل في سوريا، وتأمين الحماية للمدنيين وفق قواعد القانون الدولي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة