يعاني ريف حمص الشرقي من هيمنة الميليشيات الإيرانية والأفغانية والعراقية واللبنانية، التي تعمل تحت أمرة الحرس الثوري الإيراني في سوريا، والتي استغلت احتلال تنظيم داعش لمدينة تدمر في فترات سابقة، من أجل السيطرة الكاملة على المنطقة ذات الأهمية الكبيرة.

 ولا تقتصر السيطرة الإيرانية في تدمر وعموم ريف حمص الشرقي على الجوانب العسكرية فقط، إنما امتدت إلى الجوانب الاجتماعية والمذهبية، من أجل تحويل المنطقة إلى مجال نفوذ خالص لها. رغم وجود قوات روسية في مطار تدمر.

وتنتشر الميليشيات متعددة الجنسيات، الموالية لطهران، في مدينتي تدمر والقريتين، والطريق الواصل بين منطقة السخنة ومدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية. وقد مارست هذه المليشيات ضغوطا مختلفة على القوات الروسية، التي كانت تتواجد في منطقة الجمعيات في مدينة تدمر، ودفعتها لنقل حواجزها وجنودها إلى داخل مطار تدمر العسكري، لتستلم ميليشيا فاطميون العراقية مواقع القوات الروسية في منطقة الجمعيات.

“لا فرق بين داعش والميليشيات الإيرانية في ريف حمص الشرقي”

فايز الخير اضطر لمغادرة مدينته تدمر، وعموم ريف حمص الشرقي، والنزوح إلى شمال سوريا. وعن أسباب نزوحه يقول لموقع “الحل نت”: “الميليشيات الايرانية تقوم، بشكل مستمر، بنقل عوائل مقاتليها غير السوريين إلى منازل المدنيين النازحين؛ كما قامت بالاستيلاء على الكثير من الأراضي، بهدف استثمارها؛ وعملت على شراء ولاءات بعض وجهاء المنطقة، من أجل تنفيذ مخططها في المدينة”.

ويؤكد الخير أن “تلك الميليشيات تقوم بإرغام الأهالي على اعتناق المذهب الشيعي، من خلال الترهيب والترغيب”. مضيفا أنها “قامت ببناء مدارس تابعة لإيران في المدينة وريف حمص الشرقي، وتقوم بشكل متواصل بتجنيد الشبان ضمن صفوفها، ما أجبر عشرات منهم على دفع مبالغ مالية كبيرة، من أجل الهروب من المدينة باتجاه مناطق الشمال السوري”.

ويوضح المصدر أن “الميليشيات تمارس ضغوطا متواصلة على من تبقى من سكان المدينة، من أجل دفعهم لبيع منازلهم بأسعار زهيدة”. مشيرا إلى أن “أعداد سماسرة المنازل، التابعين لهذه الميليشيات في المدينة، ارتفع بشكل كبير جدا، وسط قلة عدد المشترين. وبسبب انخفاض الطلب وكثرة المعروض من العقارات، انخفضت قيمة البيوت بشدة، إذ يصل متوسط سعر المنزل العادي اليوم في مدينة تدمر إلى نحو ألفين وخمسمئة دولار فقط”.

ونوّه الخير، في ختام حديثه، إلى أن “سكان المدينة وعموم ريف حمص الشرقي، لم يشعروا بأي فرق بين حكم تنظيم داعش وتسلّط الميليشيات الإيرانية، من ناحية الانتهاكات والتضييق على السكان، وفرض أيديولوجيا أحادية على الناس بمختلف الوسائل”.

ويُقدّر عدد سكان مدينة تدمر اليوم، بحسب ناشطين من أهل المدينة، بنحو خمسة آلاف نسمة فقط، النسبة الأكبر منهم من عائلات الضباط والعسكريين، التابعين للميليشيات الإيرانية، في حين كان عدد سكان المدينة عام 2004 نحو 51323 نسمة، وفقا للمكتب المركزي السوري للإحصاء.

سرقة آثار تدمر

بدوره قال الناشط الاعلامي عمر الأسعد، المنحدر من مدينة تدمر، إن “الميليشيات الإيرانية في المدينة وكامل ريف حمص الشرقي تواصل عمليات التنقيب عن الآثار، من خلال الحفر في عدة مناطق، وذلك بهدف تهريبها إلى الخارج”.

ويتابع في حديثه لموقع “الحل نت”: “حوّلت الميليشيات منطقة الفنادق، الواقعة في حي العوينة جنوبي المدينة، والتي تعد من أهم المواقع الأثرية في المنطقة، إلى معسكر لها. ومن هناك بدأت بالتنقيب في محيط معبد بل، ومحيط فندق الميرديان، وكذلك منطقة البساتين الشرقية والجنوبية، ومنطقة الواحة الغنية بالآثار”.

وأشار الاسعد إلى أن “المعدات التي تعمل بها الميليشيات قديمة ومتخلفة، وتلحق ضررا كبيرا باللقى الأثرية المكتشفة. كما أن العمال الذين يقومون بالحفر هم من عناصر الميليشيات الأفغانية والعراقية، ولا يملكون أية خبرة في التنقيب”.

موضحا أن “الميليشيات الايرانية تعمل على تهريب الآثار المستخرجة من تدمر وريف حمص الشرقي إلى لبنان والعراق، بوساطة حزب الله اللبناني، لأن ذلك هو الطريق الأكثر أمنا بالنسبة للميليشيات، وبعدها تصل إلى أوروبا وأميركا، حيث يتم بيعها وتداولها بأسعار كبيرة”.

تغيير ديمغرافي لأسباب استراتيجية في ريف حمص الشرقي

من جانبه أكد السيد مصطفى النعيمي، وهو صحفي وباحث في الشؤون الإيرانية، أن “نسبة تسعين بالمئة من سكان مدينة تدمر وريف حمص الشرقي تحولوا الى نازحين ومهجّرين، عقب سيطرة تنظيم داعش على المنطقة، ومن بعده الميليشيات الإيرانية. ومعظمهم نزح إلى مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية، أو إلى شمال سوريا ومناطق قوات سوريا الديمقراطية. ومنهم من هاجر إلى تركيا وأوروبا”.

 وأضاف النعيمي، في إفادته لـ”الحل نت”، أن “الميليشيات الايرانية تتصرف بشكل مذهبي مع سكان ريف حمص الشرقي، وتفرض على من تبقى من شبابه ما يشبه التجنيد الإلزامي. لتأمين العنصر البشري في تشكيلاتها وعلى حواجزها”.

مشيرا إلى أن “إيران حرصت، منذ بداية الحرب السورية، على السيطرة على مدينة تدمر وريف حمص الشرقي لأهميته الكبيرة، وخصوصا أنه عقدة مواصلات مهمة على الطريق البري، الذي يصل طهران ببيروت عبر بغداد ودمشق”.

مختتما حديثه بالقول: “أنشأت إيران عشرات النقاط العسكرية، وقامت باستقدام جنود وآليات عسكرية، من مدينة البوكمال الحدودية مع العراق باتجاه عمق البادية، وصولا إلى ريف حمص الشرقي ومدينة تدمر، من أجل تامين الطريق البري الأكثر أهمية لها، ومنع أي هجمات على قواتها”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.