وسط الارتفاعات المتتالية في أسعار الأدوية بين الحين والآخر في سوريا، نتيجة تدهور سعر صرف الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي، خاصة وأن المواد الخام التي تُصنع منها الأدوية مستوردة من الخارج وبالعملة الأجنبية. وبالنظر إلى الأسعار المرتفعة الأخيرة في سوريا، يبدو أن الأعباء التي تتحملها الصناعات الدوائية أصبحت ثقيلة، نتيجة ارتفاع تكاليف عمليات إنتاج الأدوية، من المواد الخام إلى ارتفاع تكاليف عمليات الشحن، والتحويل وغيرها من الأمور المرتبطة بها ككل، وبالتالي تراجع نسبة الصناعات الدوائية المحلية، الأمر الذي ينذر بحدوث أزمة دوائية جديدة في البلاد.

أزمة دوائية وشيكة

رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية د. رشيد الفيصل، أكد أن الأعباء التي تَحمّلها الصناعات الدوائية كبيرة جدا، ما جعلها متعبة نتيجة الغلاء الذي أصاب كل شيء يدخل في عمليات الإنتاج المحلية، فضلا عن الأمور الخارجية من صعوبة الحصول على المواد الأولية، وارتفاع تكاليف الشحن، وعمليات التحويل والعقبات المحيطة بها، وفق ما نقلته صحيفة “تشرين” المحلية، يوم أمس الاثنين.

وأضاف الفيصل، إنه لا يُنظر لصناعة الأدوية بالطريقة التي تستحقها، وهي تحتاج كل الاهتمام لأنها ركيزة أساسية في تأمين الأمن الدوائي. أي أنه على الجهات الحكومية تحمّل مسؤولياتها تجاه ذلك.

ولفت الفيصل أثناء حديثه مع الصحيفة المحلية، إلى أن هذه الصناعة بحاجة للاهتمام والرعاية، وإعادة النظر بالأسعار وأسس التسعير، محذرا بدوره من أن تراجع الصناعات الدوائية، وعزوف الكثير من الصناعيين عن الإنتاج سيؤدي إلى الوقوع في أزمة دوائية كبيرة.

ونوّه إلى وجود شح متعلق بمستلزمات الإنتاج من كراتين وعبوات زجاجية وغيرها الكثير من المواد الأولية، مؤكدا أن الدواء المحلي السوري، آمن وفعال ومراقب من قبل وزارة الصحة وكل علبة دواء تحمل رقم واسم المصنع وتاريخ الصنع والإنتاج.

وكان مجلس الوزراء ناقش مشروع صك تشريعي بتمديد العمل بأحكام المرسوم التشريعي رقم 25 لعام 2021 المتضمن إعفاء مستلزمات الإنتاج، والمواد الأولية الداخلة في صناعة الأدوية البشرية من الرسوم الجمركية المحددة في جدول التعرفة الجمركية النافذ بالمرسوم رقم 377 لعام 2014، وكافة الضرائب والرسوم الأخرى المفروضة على الاستيراد.

تنافس في تأمين الأدوية

أصبح الحصول على الدواء في سوريا، هما يؤرق كل مريض في سوريا، سيما بعد الارتفاعات المتكررة في أسعاره، وعجز الحكومة عن التدخل لضبط سعر الدواء، فضلا عن انقطاع بعض الأدوية بالكامل من الصيدليات والمشافي.

وبرر مدير مشفى المواساة في دمشق عصام الأمين، في وقت سابق، فقدان العديد من أصناف الأدوية، بوجود المصانع المحلية، مشيرا إلى أنها تنتج البدائل للأدوية المفقودة في البلاد.

من جانبه اعترف مدير مشفى المجتهد أحمد عبّاس، مؤخرا، بعجز الحكومة عن تأمين بعض أصناف الأدوية، ما يسمح لبعض التجار بتأمينها وبيعها للصيدليات بأسعار مرتفعة، ما يعني وصولها للمستهلك بأسعار مرتفعة بعيدا عن الرقابة الحكومية.

وقال عباس في تصريحات نقلها موقع “هاشتاغ سوريا” المحلي، مؤخرا إن “بعض الدواء غير موجود في المستشفيات الحكومية ومتوافر في الصيدلية القريبة منه“. أما مدير مشفى الأطفال في دمشق رستم مكية، أكد من جانبه، عجز المشفى عن تأمين الأدوية للمرضى بالسرعة، والوقت المطلوبين في بعض الأحيان، بسبب عدم توفرها.

وطالب عضو الفريق الاستشاري السوري المعني بمواجهة فيروس كورونا، نبوغ العوا بـ “البحث عن آلية جديدة بعيدة عن “الروتين توفّر فيها الحكومة الدواء للمرضى بعيدة عن الفساد والمفسدين“، وفق الموقع المحلي في وقت سابق.

قد يهمك: المتاجرة بالأدوية النفسية في دمشق.. ما علاقة ارتفاع أسعار البنزين؟

إغلاق بعض المعامل!

نقيبة الصيادلة في سوريا، وفاء كيشي، أكدت في تصريحات صحفية سابقة، أن رفع سعر الدواء الأخير نهاية شباط/ فبراير الماضي، كان من أجل تمكين معامل الأدوية من توفير الدواء المفقود في الأسواق.

وأشارت كيشي خلال حديثها لموقع “هاشتاغ” المحلي، في وقت سابق، إلى أن رفع سعر الدواء الأخير كان بهدف معادلة سعر التكلفة الحقيقية للزّمر المفقودة، والتي اشتكى منها العديد من أصحاب معامل الأدوية، وأدت إلى فقدان أصناف عدة منها في الأسواق، مع التلميح إلى إمكانية إغلاق العديد من المعامل قريبا نتيجة خساراته المتلاحقة.

إن شراء الأدوية أصبح أولوية في ظل الارتفاع المستمر في أسعارها، حتى ولو كان ذلك على حساب بعض المواد الغذائية أو غيرها من الاحتياجات التي يمكن الاستغناء عنها. وهذا ما يفعله الكثير من السوريين نتيجة للواقع الاقتصادي الهش، لا سيما الفئة الفقيرة، التي باتت تشكل نسبتها معظم سكان البلاد اليوم.

وبالتوازي مع الواقع المتدهور، فإن المشهد السوري يشهد بين الحين والآخر مطالبات من المسؤولين في القطاع الصحي، تفيد بضرورة تخفيض أسعار الأدوية بما يتناسب مع مستوى رواتب ومداخيل السوريين، لكن حتى الآن لا يوجد أي استجابة أو إجراء من قبل الحكومة.

وشهد القطاع الطبي في الآونة الأخيرة تدهورا كبيرا، من هجرة الكوادر الطبية إلى نقص وارتفاع حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية. فضلا عن الغياب الملحوظ للرقابة الحكومية، والنقابية في السنوات الأخيرة. إضافة إلى قيام الشركات الأجنبية بسحب امتيازاتها الممنوحة إلى 58 شركة دواء سورية.

قد يهمك: إنتاج الأدوية البيطرية سيتوقف في سوريا لهذه الأسباب

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.