في الآونة الأخيرة، ازدادت التقارير والأبحاث حول المخدرات في سوريا، إذ تشير الدراسات المختلفة إلى تحول سوريا لأحد أهم مراكز تصنيع وتجارة وترويج المخدرات في العالم، ومع هذا الانتشار الواسع للمخدرات فيها، تشير التقارير والأخبار الميدانية إلى انتشار تعاطي مختلف أنواع المخدرات من قبل شريحة واسعة من السوريين.

انتشار للتجارة والتعاطي

تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، يوم الثلاثاء الفائت، أشار إلى أن المشهد في دمشق يؤكد تزايد تجارة وتعاطي المخدرات بشكل واسع، ما دعا خبراء دوليين وإقليميين، إلى إطلاق تسمية “جمهورية الكبتاغون” على سوريا، وذلك في الوقت الذي تحاول حكومة دمشق تضليل هذه المعلومات بادعائها أنها تواجه هذه الآفة بكل عزيمة وإصرار، وأن مناطقها بعيدة عن زراعة وتصنيع المخدرات.

وأوضحت الصحيفة، أنها ترصد منذ فترة طويلة مشهد أشخاص جالسين على أرصفة في شوارع دمشق والحدائق، وقد بدت عليهم مظاهر الفتور والخمول وترديدهم لعبارات غير مفهومة، بسبب تعاطيهم للمخدرات على الأغلب، بعدما كانت رؤية مثل هذه المشاهد نادرة قبل عام 2011.

كما اشتكى سكان في أحياء دمشق مرارا، من مشاجرات تحدث بشكل شبه يومي بين شبان في مناطق سكنهم خصوصاً في فترة منتصف الليل، بسبب تعاطيهم للمخدرات والخلافات التي تحصل بين بعضهم البعض عندما تكون المادة متوفرة لدى أحدهم وغير متوفرة لدى الآخر، وتلفظ هؤلاء بعبارات خارجة عن الأدب والأخلاق، بحسب الصحيفة.

وبحسب أهالي البعض، فقد ظهرت سلوكيات جديدة على أبنائهم، مثل الإنطواء على الذات، وإهمال الدراسة، وإقامتهم صداقات جديدة، وزيادة طلبهم للمال،وهي سلوكيات تدل على تعاطيهم للمخدرات.

إقرأ:لتعزيز سيطرتها.. إيران تغرق الجنوب السوري بالمخدرات بتسهيلات من دمشق

تحول سوريا من معبر إلى مُصَدر

بحسب “الشرق الأوسط”، فقد تحولت سوريا من معبر لتهريب المخدرات، قبل العام 2013 إلى مُصَدر لها في هذا العام بالذات، وخاصة حبوب “الكبتاجون”، وذلك بالتزامن مع انكماش اقتصادها الرسمي بسبب الحرب والعقوبات الاقتصادية والفساد داخل الحكومة، وتحولت مصانع الكيمياويات في مدينتي حلب وحمص إلى مصانع لهذه الأقراص.

وأيضا أشارت دراسة صادرة عن “مركز التحليلات العملياتية والأبحاث” السوري المستقل، حجم المواد المخدرة القادمة من سوريا والتي تمت مصادرتها بين 2013 – 2015، زاد بين 4 إلى 6 أضعاف مقارنة بما كانت عليه عام 2011، وذكرت الورقة، أنه مع استعادة دمشق معظم المناطق الخارجة عن سيطرتها عام 2018. انتقلت تجارة المخدرات إلى مرحلة جديدة، ارتفع معها حجم المخدرات المصادرة القادمة من سوريا في الأعوام بين 2018 – 2020 ما بين 6 – 12ضعفا، مقارنة مع عام2011، وتزايدت مراكز وورشات التصنيع المحلي للمخدرات بهدف التجارة، وازدادت أيضاً عمليات التهريب ونقل المخدرات القادمة من لبنان أو من إيران، وكذلك عدد الشحنات التي تم اعتراضها، وأصبح إخفاء الشحنات أكثر تطورا من الناحية التقنية.

وتشير الدراسة إلى رصد 50 موقعا حاليا لتصنيع المخدرات في سوريا، إذ يوجد قرابة 14 مركزا لتصنيع “الكبتاغون”، و12 مركزا لتصنيع “الكريستال ميث”، و23 مركزا لتصنيع “الحشيش”، بحسب الصحيفة.

صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، وفي تحقيق نشرته نهاية العام الماضي، ذكرت أن مختبرات “الكبتاغون” تنتشر بشكل أساسي في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، والأراضي التي يسيطر عليها حزب الله” بالقرب من الحدود اللبنانية، أو خارج العاصمة دمشق وحول مدينة اللاذقية الساحلية.

وخلُصت الصحيفة، إلى أنه على الرغم من أن المخدرات مُعدة للتصدير الخارجي، فإن دمشق أغرقت المجتمع السوري بمنتجاتها ذات النوعية الرديئة، حيث لجأ الكثير من الناس لتعاطي المخدرات وسيلة للهروب من اليأس وحالة انسداد الأفق والإحساس بالعجز والوضع الاقتصادي المتردي، وأشارت إلى أنه رغم كل ادعاءات الحكومة السورية حول قيامها بمداهمات وإلقاء القبض على بعض المروجين، فإن هذه العمليات تطول صغار المروجين والمتورطين، فيما لم تقترب من الشخصيات والجهات التي تدير أو تحمي هذه التجارة.

قد يهمك:نشاط إيراني متزايد في تهريب المخدرات من الجنوب السوري

بعد تحولها لخزان مخدرات الجنوب يغرق بالإدمان

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى انتشار ظاهرة الإدمان على حبوب “الكبتاجون” و”الترامادول” و”الحشيش”، على نطاق واسع، لم يستثن أي فئة عمرية، كما لم يفرق حتى بالجنس.

وتشير كل المعطيات والمعلومات الواردة من الجنوب السوري، والتي حصل عليها موقع “الحل نت”، إلى تورط الميليشيات الإيرانية، وحزب الله اللبناني، والأجهزة الأمنية السورية بنشر المخدرات بين المواطنين، وغياب أي رقابة أو ملاحقة للتجار والمروجين الداخليين.

ففي السويداء، وصلت خلال الآونة الأخيرة شكاوي من أهالي طلاب مدرسة كمال عبيد ومدرسة التجارة عن تورط أبنائهم بتعاطي المخدرات، وذلك من خلال شبكة يعمل فيها عدد من الأطفال، حيث تفيد المعلومات بوجود عدد من الأطفال أمام المدارس يقومون ببيع حبوب “الكبتاجون” بشكل علني.

وبحسب المعلومات، فإن عمليات البيع تتم بأسعار أقل من السوق بكثير، لتوريط أكبر عدد من المراهقين بالتعاطي، بينما رفض مدراء المدارس التدخل بحجة أن سلطتهم تنحصر داخل أسوار مدارسهم، كما أن الأطفال الذين يبيعون الحبوب المخدرة يتمتعون بحماية الأجهزة الأمنية بشكل علني، والتي منعت الأهالي عدة مرات من الإمساك بهؤلاء الأطفال.

وفي درعا، لا يختلف الأمر كثيرا عن السويداء، حيث تتم عمليات بيع الحبوب المخدرة كـ”الكبتاجون” و”الترامادول” في الصيدليات، كما يباع “الحشيش” على شكل مكعبات “الماجي” في المحال التجارية، وأيضا يباع على بسطات البنزين المنتشرة في الشوارع، وبعلم من الأجهزة الأمنية، بحسب معلومات حصل عليها “الحل نت”.

وبحسب معلومات خاصة، فإن انتشار المخدرات بين المدنيين بات أمرا كبيرا جدا، ولا يقتصر على فئات محددة، حيث ينتشر الإدمان بين فئتي الذكور والإناث على حد سواء وبأرقام كبيرة.

وعلى الرغم من استهداف مروجي المخدرات وتجارها عدة مرات في درعا، إلا أن هذه التجارة لا تزال مستمرة، بدعم مباشر من الأجهزة الأمنية والميليشيات الإيرانية.

وكان خبراء، قد أوضحوا في وقت سابق لـ”الحل نت”، أن المجتمع يعيش تحت ضغوط اجتماعية واقتصادية ونفسية ومن كل الجوانب، ما يجعل هذا المجتمع فريسة سهلة للوقوع في فخ التعاطي، وبذلك يجد التجار والمروجين بهؤلاء الناس قيمة مادية لكسب زبائن جدد، سيكونون بعد إدمانهم زبائن دائمين لديهم دون أن ينظروا إلى المبالغ التي يدفعونها كثمن للمخدرات.

إقرأ:معلومات تؤكد تورط عائلة بشار الأسد بتجارة المخدرات في سوريا

ومن الجدير بالذكر، أن عمليات تصنيع وتهريب وترويج المخدرات، عمليات ممنهجة ومتكاملة، تشرف عليها الميليشيات الإيرانية وحكومة دمشق، فهي من جهة مهمة من الناحية الاقتصادية بسبب الإيرادات الضخمة الناتجة عنها، ومن جهة أخرى تسهل بسط السيطرة على المجتمع من خلال إغراقه بمختلف أنواع المخدرات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة