لا يزال انتشار ظاهرة الكلاب الشاردة في سوريا دون مكافحة أو رقابة أو دعم حكومي، مما أضر بعدد من المواطنين، نتيجة تعرضهم للعض من قبل هذه الكلاب الضالة وغير الملقحة، بالإضافة إلى وجود عدد من كلاب خاصة (كلاب منزلية) غير ملقحة أيضا، ونتيجة لعدم توفر اللقاحات في المراكز الطبية السورية، اضطر المصابون إلى شراء الأدوية العلاجية لهم من الصيدليات، حيث بلغ سعر الإبرة الواحدة 50 ألف ليرة سورية، بحسب عدد من الأهالي لوسائل إعلام محلية.

تكلفة العلاج “عالية”

مركز توفير الأدوية العلاجية ”لداء الكَلب”، والمرتبط بوزارة الصحة السورية، أبقى الشعبة المعالجة للذين تعرضوا لعضة كلاب من دون هذه اللقاحات الضرورية، ما دفع المصابين وحسبما قال بعضهم لصحيفة ” تشرين” المحلية، يوم أمس الجمعة، لشراء الدواء العلاجي لهم من الصيدليات، حيث وصل ثمن الإبرة الواحدة إلى 50 ألف ليرة. كما أن فترة العلاج تستغرق نحو خمسة عشر يوما أو أكثر، وهذا مرهق ماديا، وسط تدهور الأوضاع المعيشية في البلاد.

وأضاف المصابون للصحفية المحلية: إن مراجعي شعبة “داء الكَلب” يصل يوميا إلى نحو عشرة مراجعين، ومشكلتهم تكمن في عدم توافر اللقاح فقط، وارتفاع سعره لدى الصيدليات الخاصة.

من جانبه، نوّه مدير صحة محافظة السويداء، طارق الجمال، إلى أن الأشخاص الذين أصيبوا من جراء عضة الكلاب وقد راجعوا شعبة “داء الكَلب” في مشفى السويداء الوطني لتلقي العلاج الطبي اللازم، بلغ منذ بداية العام وحتى تاريخه /291/ شخصا، إذ تنوعت الإصابات ما بين الخفيفة والمتوسطة.

وأردف بالقول: إن اللقاح والمصل المستخدمين ضد “داء الكَلب” غير متوافرين حاليا لدى شعبة “داء الكَلب”، وتوفيرها يتم عن طريق الوزارة، مبينا، نتيجة تزايد الإصابات تمت مخاطبة وزارة الصحة لزيادة المخصصات الربعية، لمديرية صحة السويداء، وهناك تواصل يومي مع معنيي الوزارة بهذا الخصوص. لكن حتى الآن لا يوجد أي دعم حكومي ضمن هذا الإطار.

وشكلت ظاهرة انتشار الكلاب الضالة حالة من القلق والخوف لدى المواطنين، بعد انتشار أعداد كبيرة منها داخل شوارع المدينة وخاصة أثناء فترة الليل، ونتيجة لهذا الانتشار تعرض عدد من الأشخاص للمهاجمة من قبل هذه الكلاب.

وتعود أسباب انتشار الكلاب الضالة إلى انتشار الأوساخ والقمامة لفترات طويلة ضمن الشوارع، دون أن تقوم البلدية بإزالتها وتنظيفها بشكل دوري، إلى جانب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة أثناء فترة الليل وبالتالي غياب الإنارة ضمن الطرقات، هذا فضلا عن غياب دعم المراكز التي تهتم بالحيوانات، إذ أغلقت الحكومة العديد من ملاجئ إنقاذ الحيوانات نتيجة الأزمة الاقتصادية في البلاد.

غياب الرقابة

خلال أيام عيد الأضحى الفائت، سجلت عدة حوادث بمحافظة دير الزور، كان أخطرها تعرض أطفال لعضات كلاب، مُخلفةً آثار جروح ونزف.

حيث أشار محمد العلاوي، رئيس مركز مكافحة “داء الكَلب” بالمحافظة في وقت سابق لصحيفة “تشرين” المحلية، إلى أنه جرى استقبال 7 حالات عض من كلاب مملوكة وغير ملقحة، ولا تقع في دائرة المراقبة من دائرة الصحة الحيوانية، مؤخرا.

وأردف العلاوي، أن حالات العض توزعت في المناطق التالية: الخريطة، عياش، طب الجورة، البوكمال، جبل البشري، فيما كانت أعمار المصابين دون سن 12 عاما.

ونوّه العلاوي، إلى تضاعف حالات العض من الكلاب المنزليّة والشاردة، وفي الغالب يكون الضحايا من الأطفال: “لم يُسجل لدينا في المركز أي حالة مصابة بداء الكَلب، فالإصابات تُحدث فقط جروحا وتشوهات وندوبا في الجسم”.

وحذر العلاوي أثناء حديثه مع الصحيفة المحلية، من التعرض للكلاب، فمن تُهاجمه قد تؤدي لإصابته بداء السكري كنتيجة للخوف المفاجئ، وحالة الهلع لحظة وقوع الحادثة، كما يمكن أن يؤدي إلى إجهاض النساء الحوامل لذات السبب. هذا ووصلت حالات العض المُسجلة في محافظة دير الزور وريفها، منذ بدايات العام إلى 238 حالة.

وفي وقت سابق، مدير نادي الكلاب السوري محمود عبدون، كان قد أشار لموقع “أثر برس” المحلي، إلى “وجود صعوبات باستيراد اللقاحات، حيث أن لقاح سعار الكلب رخيص الثمن سعره حوالي 8 آلاف ليرة سورية، ومن المفترض أن يكون تحت إِشراف الدولة ومراقبتها”.

وحذر من أنه يوجد لقاحات مهربة من دول الجوار وتعود لنفس الشركات التي يتم الاستيراد منها، وتعطي نفس الجودة لكن السعر يختلف، فيتم استخدامها بغرض الربح المادي، حيث من الممكن أن تكون “منتهية الصلاحية” لذلك لا توجد ثقة بها، وعلى الحكومة السورية تشديد الرقابة حول هذا الأمر.

الجدير ذكره، أن الرئيس السوري، بشار الأسد، أصدر مرسوما تشريعيا في كانون الأول/ديسمبر الفائت، نصت المادة رقم 21 منه، على تحصيل الوحدة الإدارية عن الكلاب الخاصة رسما سنويا قدره 15 ألف ليرة سورية عن كل كلب. وتعطي مقابل ذلك لوحة ذات رقم في كل سنة.

كذلك، فإن كل كلب شارد دون لوحة يحبس، ثم يباع إن لم يطلبه صاحبه خلال 48 ساعة. وإن لم يثبت صاحبه أنه أدى الرسم عنه وقدم لوحته لا يعاد إليه الكلب، إلا بعد دفعه الرسم المبيّن مضاعفا مع نفقة الحبس. ويستثنى من هذا الرسم الكلاب المقتناة لحماية المواشي والمزروعات.

قد يهمك: تصريح مثير للجدل.. مربو الحيوانات الأليفة في سوريا “مثقفين”

ما هو “داء الكَلب”؟

“داء الكَلب”، مرض يمكن الوقاية منه باللقاحات، ولكن بمجرد ظهور الأعراض السريرية، يصبح هذا الداء قاتلا بنسبة 100 بالمئة تقريبا. وتُعد الكلاب المنزلية مسؤولة عن انتقال فيروس “داء الكَلب” إلى البشر في نسبة تصل إلى 99 بالمئة من الحالات. ومع ذلك، فإن “داء الكَلب” يصيب الحيوانات المنزلية والحيوانات البرية سواءً بسواء. وينتقل إلى الإنسان والحيوان محمولا عادة باللعاب عن طريق العض أو الخدش.

وتتشابه أعراض “داء الكَلب” الأولى مع أعراض الإنفلونزا بشكل كبير، إلا أن هناك أعراضا أخرى لهذا الداء تشمل الشعور بحكة في مكان اللدغة، والحاجة للقيء، وفي المراحل المتقدمة يعاني المصاب من الهلوسة والهذيان وسلوكيات غير طبيعية.

ويحدث في أكثر من 150 بلدا وإقليما، وتُعد الكلاب المصدر الأول لعدوى “داء الكَلب” البشري، المسببة للوفاة حيث تسهم في نسبة تصل إلى 99 بالمئة من جميع حالات انتقال عدوى داء الكلب إلى الإنسان، وفق تقرير لمنظمة “الصحة العالمية”.

ويمكن وقف انتقال العدوى بتطعيم الكلاب باللقاح والوقاية من عضها. وتسبب العدوى وفاة عشرات الآلاف من الأشخاص سنويا معظمهم في آسيا وأفريقيا، وتقدر تكلفة “داء الكَلب” على الصعيد العالمي بنحو 8,6 مليارات دولار أميركي سنويا.

كما ويُعد تنظيف الجروح جيدا، وعلى الفور باستخدام الماء والصابون عقب مخالطة أي حيوان يُشتبه في إصابته “بداء الكَلب” حاسم الأهمية، وقد يؤدي إلى إنقاذ الأرواح، وفق المنظمة الدولية.

قد يهمك: في سوريا.. الشكوى على الكلب تؤدي إلى حبسه وتغريمه

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.