في ظل الظروف القاسية التي يمر بها السوريون، وخاصة فئة الشباب من فوضى أمنية وانهيار اقتصادي، وندرة فرص العمل زادت الضغوط النفسية، التي يعتبرها الطب أحد العوامل الرئيسية لعدد من الأمراض المفاجئة كارتفاع سكر الدم، أو الجلطة “احتشاء العضلة القلبية”، خاصة عندما تترافق هذه الضغوط مع عوامل أخرى.

الشباب أمام خطر الجلطات

تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، يوم أمس الأربعاء، نقل عن الدكتور حسام خضر، اختصاصي بالأمراض القلبية والقثطرة، والمدير العام لمركز جراحة القلب في دمشق، أن من يصابون بالجلطات من مختلف الأعمار، أما الآن فقد أصبحت تصيب فئة الشباب بعمر ال٣٠ عاما، وكل ذلك يرجع إلى أسباب نفسية، وكذلك العوامل الوراثية، والتدخين والنرجيلة ونوعية الحياة ونمط المعيشة، والبدانة تلعب دورا مهما وعدم الاهتمام بالغذاء.

وفي وقت سابق، كشف رئيس الهيئة العامة للطب الشرعي في دمشق، زاهر حجو، عن ارتفاع نسبة الوفيات بين الشبّان نتيجة الإصابة باحتشاء عضلة القلب (الجلطة)، مبيّنا أن عدد حالات وفيات الشباب نتيجة احتشاء القلب سجلت ازديادا ملحوظا، من بينها حالات سُجّلت ضمن العاملين في القطاع الطبي.

وأوضح حجو، أنه لا يمكن تحديد رقم دقيق لعدد حالات الوفاة، كونها لا ترد جميعها إلى الطب الشرعي وبالتالي لا يتم تسجيلها، لافتا إلى أن وفيات الشباب بسبب “الجلطات” موضوع خطير، والأرقام التي تسجل ليست بالبسيطة، بحسب متابعة “الحل نت”.

إقرأ:هجرة واسعة للكوادر الطبية من سوريا.. ما الأسباب الحقيقية؟

ضغط نفسي وتحذيرات

معظم التقارير والدراسات الطبية، تشير إلى أن الضغط النفسي العامل المسبب للجلطات القلبية والسكتات الدماغية بشكل عام، كما أنه مولد للضغط الشرياني والسكري وعدة عوامل أخرى، بحسب متابعة “الحل نت”.

كما أن الازدياد المضطرد في تدخين الأرجيلة، والتدخين بشكل عام زاد من فرص الإصابة بالجلطات، وبالإضافة لذلك فإن نوعية الغذاء تفرض نفسها وبقوة على أمراض القلب، وخاصة الأطعمة الجاهزة “السناكات” إذ تعد مشبعة بالدهون والزيوت المهدرجة التي تسبب البدانة، وترفع من نسبة الشحوم الثلاثية المحيطة بعضلة القلب والتي من الممكن أن تؤدي إلى توقف مفاجئ للقلب نتيجة الإصابة بالجلطة.

وفي هذا السياق، حذر رئيس قسم الإسعاف في الهيئة العامة لـ”مشفى الباسل” لأمراض وجراحة القلب بدمشق، منار العقاد، في وقت سابق، من زيادة الأزمات القلبية بين الشباب خلال الفترة الأخيرة، مبينا أن نسبة عدد مراجعي إسعاف المشفى بأعمار بين الـ 20 والـ 40 عاماً نحو 10 في المئة من المراجعين، ومشيرا إلى أن أصغر حالة توفيت نتيجة نقص التروية القلبية كانت حالة بعمر الـ 24 عاما.

وفي مطلع العام الحالي، كشف أستاذ أمراض القلب في كلية الطب بجامعة تشرين إياس الخير، عن ارتفاع نسبة إصابة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 45 عاما بالجلطات القلبية في سوريا، مرجعا ذلك إلى التدخين والحميات الغذائية السيئة، والضغط النفسي الشديد والوضع المادي المتردي.

وأوضح الخير، أن النسب المئوية لمصابي احتشاء العضلة القلبية لمن هم تحت سن الـ 45 تتراوح بين 8 و15 في المئة. مبينا أن النسبة تشير بشكل واضح إلى ازدياد وتيرة إصابة الشباب باحتشاء العضلة القلبية بشكلٍ تصاعدي، وخاصة في العشرين سنة الأخيرة، بعد أن كانت هذه الأمراض مقتصرة إلى حد ما على من هم فوق الستين سنة.

قد يهمك:هجرة غير شرعية لسوريين عن طريق لبنان

العلاج النفسي

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى أن الضغط النفسي هو المسبب الرئيسي لانتشار هذه الجلطات بين الشباب، مبينا أن أقسام القلبية في المشافي تشهد انتشار كبير للجلطات القلبية بين الشباب نتيجة الضغط النفسي، جراء الضغوطات المتزايدة يوم بعد يوم لاسيما الاقتصادية.

ونقل التقرير عن مدير مشفى ابن سينا، للأمراض العقلية في دمشق أيمن دعبول، الذي كشف في وقت سابق عن قلة الأخصائيين النفسيين في سوريا، حيث أكد أن عدد الأطباء في سوريا حاليا يبلغ 45 طبيبا في كافة أنحاء البلاد، لافتا إلى أن حاجة البلاد إلى الأخصائيين النفسيين، تصل إلى 10000 طبيب نفسي بالحد الأدنى، وذلك بالنظر إلى عدد السكان.

وأشار دعبول، إلى أن الإقبال على العلاج النفسي يعتبر “ضعيفا” في سوريا، وذلك “بسبب الوصمة الاجتماعية كما الوصمة على المريض النفسي، والناجمة عن عمل الطبيب حيث يصور الطبيب النفسي دائما، على أنه شعر منكوش ولباس معين” حسب قوله.

إقرأ:«طريق الموت».. طبيبٌ سوري في بولندا يحذّر من الهجرة إلى أوروبا

القطاع الطبي يعاني من النقص

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى أن البيانات المتعلقة بأزمة الهجرة في سوريا تُقدر بأن أكثر من 25 ألف طبيب غادروا البلاد منذ بداية الأزمة في عام 2011.

وبين التقرير، أن سوريا هي حاليا أكبر مصدر للشهادات الطبية، فعلى سبيل المثال، انضم 60 خريجا من تخصصات التمريض والأشعة إلى المؤسسات الصحية، وطلبوا جميعا وثيقة حسن السيرة والسلوك لأنها مطلوبة منهم في البلدان التي سيهاجرون إليها.

وأضاف التقرير، أن العراق وخاصة مدن بغداد والناصرية والبصرة استقطبت عددا لا بأس به من الكوادر الطبية السورية في الأشهر الأخيرة، وسبقهم الفنيون مثل مساعدي الأشعة ومساعدي التخدير والعناية المشددة وفنيي المختبر وطفل الأنبوب، والتمريض التخصصي، كممرضات العمليات والعناية المشددة والحواضن.

وأيضا فإن التدفق الأخير لأطباء التوليد خاصة من الخريجين الجدد كانت الصومال، أهم دولة جاذبة لهؤلاء، إلى جانب ليبيا واليمن والعراق. حيث تجتذب أي شهادة طبية سورية برواتب تتراوح بين 2000 إلى 3000 دولار شهريا.

بينما التخصصات النادرة، مثل جراحي الصدر وجراحي العظام بمستويات معينة. مثل جراحات العمود الفقري، لديهم رواتب مفتوحة وتتراوح من 20 ألف إلى 30 ألف دولار شهريا. ناهيك أن العراق، استقطب أخيرا أعدادا لا بأس بها من اختصاصيي “طفل الأنبوب”.

قد يهمك:طبيب موالي يقارن معيشة السوريين بحياة الكلاب الفرنسية

ومن الجدير بالذكر، أنه لا تزال فكرة الهجرة إلى دول الاتحاد الأوروبي تشكل حلما لدى الكثير من السوريين، وخاصة من فئة الشبان، من شتى الاختصاصات العلمية والأكاديمية، وحتى الشبان العاديين، الذين يسعون للهجرة هربا من الأوضاع الاقتصادية وحتى من الخدمة العسكرية الإلزامية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.