بين ارتفاع وانخفاض تحوم التوقعات حول طبيعة أسعار الأدوية في سوريا خلال الفترة المقبلة، وذلك في ظل دعم تمويل استيراد المواد الداخلة في صناعة الأدوية البشرية في سوريا.

مرسوم باستمرار الدعم

رغم أنه من القطاعات الهشة التي تأثرت بالحرب خلال السنوات الماضية، وتدهور الوضع الإقتصادي، إلا أن معامل الأدوية تسعى لإنتاج نسبة كبيرة من احتياجات السوق”محليا”، رغم ضعف فعالية الأدوية المنتجة محليا ووجود نقص في أدوية الأمراض المزمنة. ورغم أنه من القطاعات المدعومة حكوميا إلا أن أسعار الأدوية ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة الماضية، ومع استمرار تمرير الدعم للمواد المستوردة المتعلقة بالصناعة الدوائية، يبرز التساؤل حول ما إذا كانت أسعار الأدوية سترتفع أم تنخفض أم أنها ستحافظ على ثباتها الحالي.

يوم أمس الخميس، أصدر الرئيس السوري، بشار الأسد، المرسوم التشريعي رقم 12 لعام 2022 القاضي بتمديد العمل بأحكام المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 2020 وذلك لغاية تاريخ 31-7-2023.

ويقضي المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 2020 ، بإعفاء مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية الداخلة في صناعة الأدوية البشرية من الرسوم الجمركية المحددة في جدول التعريفة الجمركية النافذ الصادر بالمرسوم رقم 377 لعام 2014 وكافة الضرائب الرسوم الأخرى المفروضة على الاستيراد.

من جهته، أشار وزير الصحة السوري، حسن الغباش، إلى أن تمديد المرسوم سيدعم الصناعات الدوائية، مدعيا أن ذلك يعزز توفر الدواء بشكل أكبر، ويسهم في حث الشركات التي توقفت عن العمل للنهوض مجددا والدخول في عملية الإنتاج لرفد السوق المحلية بالدواء كما له الأهمية الكبرى في تحقيق الأمن الدوائي والاعتماد الأكبر على المنتج المحلي مما يساعد في توفير القطع الأجنبي.

إقرأ:واقع سيء لسوق الأدوية في حلب واللاذقية

استقرار لسوق الأدوية؟

صحيفة “تشرين” المحلية، نقلت يوم أمس الخميس، عن علاء أصفري، المدير الإداري لشركة “أوشر فارما” أن تمديد إعفاء مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية الداخلة بصناعة الأدوية البشرية من الرسوم الجمركية والضرائب، مبادرة إيجابية، خاصة أنها تشمل مستلزمات الإنتاج.

وبين أصفري، أن الأعباء التي تحملها الصناعات الدوائية كبيرة جدا، ما جعلها متعبة نتيجة الغلاء الذي أصاب كل شيء يدخل في عمليات الإنتاج المحلية، فضلا عن الأمور الخارجية من صعوبة الحصول على المواد الأولية، وارتفاع تكاليف الشحن وعمليات التحويل والعقبات المحيطة بها، لذلك فإن تمديد الرسوم لتقوية وتشجيع الصناعات الدوائية وضمان الاستقرار إضافة لتثبيت أسعارها، وتاليا فإن ذلك سينعكس على المعامل بشكل إيجابي وهي خطوة بالشكل الصحيح لتقليل خسائر الصناعيين في قطاع الصناعات الدوائية.

من جهته، الخبير الاقتصادي، عدنان اسماعيل، أوضح أن تمديد العمل بمرسوم إعفاء مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية الداخلة بصناعة الأدوية البشرية من الرسوم الجمركية والضرائب خطوة هامة لضمان استقرار سوق الأدوية وضمان عدم حصول اختناقات في سوق الأدوية، بحسب صحيفة “تشرين“.

فمن جهة يتيح استمرار الدعم لمستوردي ومصنعي الأدوية استيراد المواد الأولية من دون تحمل تكاليف إضافية، وهذا يساهم في استقرار التكاليف وتخفيضها وبدوره ينعكس على المواطنين من خلال ضمان توافر الدواء من جهة، واستقرار سعره نتيجة استقرار التكاليف من جهة أخرى ولاسيما في ظل الضغوط التي يواجهها مصنعو الأدوية، وفق تقارير صحفية محلية.

قد يهمك:هل تنخفض أسعار الأدوية في سوريا؟

ما تأثير ارتفاع الأسعار السابق؟

أمين الشؤون الصحية في الاتحاد العام لنقابات العمال، عبد القادر نحاس، انتقد في شهر أيار/مايو الماضي “التعاطي السلبي مع ملف الأدوية التي تشهد ارتفاعا كبيرا في الأسعار”، في تصريح لصحيفة “البعث” المحلية.

ونوّه نحاس إلى “ضرورة بقاء الأدوية خارج حسابات “التقشّف”، فالتعامل مع المرضى له خصوصيته، إذ لا يمكن الطلب منهم التقليل من أدويتهم واختصارها أو التقليل منها، كما يحدث في باقي القضايا المعيشية”.

وطالب نحاس أثناء حديثه للصحيفة المحلية، بـ”إعادة النظر في أسعار الأدوية نظرا لارتفاعها بشكل كبير، ووجود أكثر من سعر للدواء، نتيجة عدم الرقابة من الجهات الحكومية المختصة، وتأمين الأدوية الضرورية ووضع حد لأصحاب مصانع الدواء بسبب تعنتهم في رفد السوق بالأدوية المطلوبة، رغم رفع الأسعار مرات متعددة”، على حد تعبيره.

نقيبة الصيادلة في سوريا، وفاء كيشي، أكدت من جانبها، في تصريحات صحفية سابقة، أن رفع سعر الدواء الأخير نهاية شباط/ فبراير الماضي، كان من أجل أن تتمكن معامل الأدوية من توفير الدواء المفقود في الأسواق.

وأشارت كيشي خلال حديثها لموقع “هاشتاغ” المحلي، قبل أسابيع، إلى أن رفع سعر الدواء الأخير كان بهدف أن يعادل سعر التكلفة الحقيقية للزمر المفقودة، والتي اشتكى منها العديد من أصحاب معامل الأدوية وأدت إلى فقدان أصناف عدة منها في الأسواق، مع التلميح إلى إمكانية إغلاق العديد من المعامل قريبا نتيجة خساراتها المتلاحقة.

بعد الجدل الذي أثير بسبب الزيادة في سعر الأدوية، برر فداء العلي، مدير الشركة الطبية العربية “تاميكو”، في وقت سابق، قرار وزارة الصناعة برفع أسعار الأدوية بقوله: “إن أي تعديل على سعر الدواء مهما كان طفيفا يسبب ضجة في الشارع، وصدى كبير باعتبارها سلعة ضرورية تؤثر على حياة المواطن، ولا يمكن الاستغناء عنها مقارنة بأي سلعة أخرى في الأسواق”

وعلى الرغم من ارتفاع أسعارها أضعافا مضاعفة في الأسواق، أشار العلي، إلى أن سعر الدواء مرتبط بشكل مباشر بسعر الصرف، وجميع متطلبات تصنيع الأدوية مستوردة، وأسعارها أحيانا تكون أغلى من الدواء المستورد، ابتداء من العلبة الكرتونية وانتهاء بالنشرة الداخلية، حيث جميعها مدفوعة بالعملة الأجنبية.

وجادل العلي، بأنه يجب أن يُنظر إلى الدواء على أنه سلعة اقتصادية ذات مكونات ومواد أساسية تستخدم في تصنيعه، وكذلك المواد المساعدة ومواد التعبئة والتغليف، وأن هذا يستلزم وجود ناقلات للطاقة مثل الوقود والكهرباء والعمالة وغيرها.

إقرأ:سوق الأدوية للسوريين: ارتفاع الأسعار أو الإغلاق

لا علاقة للعقوبات الدولية

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى أن حدوث نقص حاد في الأدوية المتخصصة “المضادة للسرطان”، لم يكن فقط بسبب الفوضى العامة في القطاع الطبي، وإنما أيضا كان بسبب نقص الدعم الحكومي في سوريا، في الوقت الذي يلقي فيه مسؤولو الصحة في حكومة دمشق باللوم على العقوبات الغربية في تقييد واردات الأدوية بشدة، رغم أن الإمدادات الطبية معفاة إلى حد كبير من الإجراءات العقابية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وفي حديثه لموقع “الحل نت” في وقت سابق، قال الدكتور عبد الرحمن المسالمة، إن سوريا قبل عام 2011 كانت تنتج 90 بالمئة من الأدوية التي تحتاجها، لكن الأدوية المضادة للسرطان كانت من بين الأدوية التي تعتمد فيها تقليديا على الواردات.

ونقل تقرير سابق لـ”الحل نت”، تصريحات عن رئيس المجلس العلمي لصناعة الأدوية في سوريا رشيد الفيصل، استبعد حدوث ارتفاع حالي لأسعار الأدوية خلال الفترة الحالية، إلا أنه لم يستبعد حدوث ذلك في الفترة القريبة المقبلة.

وأوضح الفيصل، أن سعر الصرف قد تغير ما يعني حدوث موجة ارتفاع جديدة في قادم الأيام. حيث قال “كان لابد من وجود سعر جديد للدواء في سوريا نتيجة ارتفاع الدولار أمام الليرة السورية، لكن “الأمور مستوية”، وبناء عليه تم تأجيل الفكرة حتى إشعار آخر”، في إشارة إلى الواقع المتردي للسوريين.

إقرأ:سوريا.. الأمن الدوائي في خطر ورفع الأسعار يقلل مبيعات الأدوية

يشار إلى أن القطاع الطبي في سوريا، شهد تدهورا كبيرا، نتيجة هجرة الكوادر الطبية إلى نقص وارتفاع حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، فضلا عن الغياب الملحوظ للرقابة الحكومية والنقابية في السنوات الأخيرة، إضافة إلى قيام الشركات الأجنبية بسحب امتيازاتها الممنوحة إلى 58 شركة دواء سورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.