مع قدوم فصل الشتاء في سوريا، يصطدم السوريون بأسعار الألبسة الشتوية في الأسواق الشعبية، حيث أصبح تأمين تلك الألبسة لمقاومة برد الشتاء، حملا ثقيلا على معظم العائلات، فاللباس الشتوي بات يحتاج لميزانية تفوق قدرة السّواد الأعظم من السوريين، لاسيما ممن لديهم عائلة وأطفال.

هذه المعاناة فرضت على معظم العائلات السورية، التوجه لأسواق الألبسة المستعملة أو “أسواق البالة”، كذلك فقد فرض غلاء الأسعار انتشار الألبسة الشتوية الرديئة، التي شكّلت معاناةً إضافية للسوريين بسبب ضعف مقاومتها للبرد، واهترائها بفترة قصيرة.

تقرير لمنصة “غلوبال نيوز” المحلية، أفاد بأن ارتفاع أسعار الألبسة شمل جميع المدن السورية بما فيها مدينة حلب، كونها تُعد مدينة صناعية بامتياز، “وسقوط صفة البضاعة الرخيصة ذات النوعية الجيدة عنها، الصناعيون في المدينة أرجعوا ذلك إلى الضغوط والمصاعب الكبيرة التي تواجه صناعة الألبسة، وكأن الهدف بقصد أو غير قصد خنق هذه الصناعة والاتجاه صوب المستورد أو المهرّب”.

بدائل بسبب الغلاء

هذا الغلاء في الألبسة الجديدة، أفضى إلى انتشار أسواق “البالة” التي باتت  اليوم منتشرة ونشطة أكثر من أي وقت مضى، وسط الظروف المعيشية الصعبة، إذ توفّر هذه الأسواق الملابس والأحذية بنوعية مقبولة وجيدة وبأسعار أرخص من الأسواق العادية، على الرغم من عدم تناسبها مع دخل آلاف العائلات.

في الأسواق السورية يبلغ سعر الجاكيت الشتوي متوسط الجودة نحو مليون ليرة سورية، وهناك نوعيات أكثر جودة يصل سعرها إلى نحو مليوني ليرة سورية، بينما متوسط سعر البنطال الجينز سجل سعر 250 ألف ليرة سورية، كذلك فإن شهادات لمواطنين أكدت أن هذه الأسعار متغيرة باستمرار وغالبا ما تتغير باتجاه تصاعدي

خلال السنوات الماضية أصبحت أسواق “البالة” في كافة المدن السورية الأكثر اكتظاظا بالزبائن، لاسيما بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية التي عصفت بكافة الشرائح الاجتماعية، لكن حركة تلك الأسواق تراجعت مؤخرا بعد ارتفاع أسعار سلعها بشكل كبير جدا، نظرا لتأثّر كافة الأسواق بالعوامل الاقتصادية الأخيرة التي تشهدها سوريا.

قد يهمك: ورقة نقدية بقيمة مئة دولار.. هل تنقذ سوريا من التضخم؟

طبقا لآراء الشارع السوري وفق الصحيفة المحلية، فق أكد أحد المواطنين الذي يعمل موظفاً، أنه في صيف العام الماضي، قصد “البالة” مع ولديه واشترى ألبسة صيفية بمبلغ مقبول مقارنة بأسعار الألبسة الجديدة الخيالية، ولكنه في صيف هذا العام تفاجأ بأن أسعار “البالة” ارتفعت بشكل قياسي واكتفى بشراء نصف ما يحتاجه أولاده.

بينما عبّرت إحدى المواطنات عن استيائها من ارتفاع أسعار ألبسة “البالة”، حيث وصل سعر القطعة إلى ما يتجاوز راتب الموظف، فقد تراوح سعر البنطال ما بين 75 إلى 100 ألف ليرة سورية، والقميص العادي قُدّر بنحو 50 ألفا.

“البالة” تتأثر بالدولار

في المقابل، لفت أحد أصاحب محال “البالة” إلى أن الألبسة المستعملة كانت سابقا للفقراء ومحدودي الدخل فقط، أما اليوم ومع الظروف الاقتصادية الحالية، بات يرتاد السوق زبائنٌ من مختلف المستويات الاجتماعية، ومنهم أصحاب الطبقة الغنية “المخملية” الذين يبحثون عن نوعية محددة من البضائع الأوروبية، التي تكون عادةً ضمن تصفيات معامل وبضاعة انتهى موسمها ولكنها جديدة.

من جانب آخر، أرجع أصحاب محلات “البالة” سبب ارتفاع أسعار الألبسة داخل السوق إلى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، خاصة وأن البضائع الموجودة معظمها مهرّبة، لذلك فإن الأسعار لم تعُد ثابتة كما كانت قبل سنوات، بل معرّضة اليوم للارتفاع تبعا لأسعار الصرف.

كما وأكد تجار “البالة” أنهم يشترون الملابس بالعملة الأجنبية، ويدفعون مبالغ كبيرة حتى يستلمون بضائعهم، مضيفين أن معظم البضائع تصل بطرق التهريب من خارج سوريا، ويضطرون لدفع نفقات وصولها للمهرّب، الأمر الذي يجبرهم على رفع أسعار الملابس المرتبطة أساسا بالدولار.

تراجع صناعة الألبسة محليا في سوريا، يعود بالدرجة الأولى إلى ارتفاع التكاليف بالنسبة المنتجين، فضلا عن عدم توفر الكهرباء والمواد الأولية اللازمة لدوران عجلة الصناعة، يضاف إليها عجز الحكومة السورية عن دعم المنتجين، بما يضمن لهم تقديم منتجٍ بأسعار تناسب المواطن السوري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات