يبدو أن الجفاف وانحسار المياه بسبب الممارسات الإيرانية والتركية على العراق، لم تقتصر على نهري دجلة والفرات في الوسط والجنوب العراقي فحسب، بل امتدت إلى بحيراته في الشرق والشمال، وآخرها بحيرة دوكان.

دوكان التي تعد من أشهر بحيرات العراق والتي تقع في محافظة السليمانية شمالي البلاد، والتي تمتلك حدودا برية مع إيران، تعاني اليوم من جفاف وانحسار كبير بمياهها بسبب سياسات طهران.

تقرير لوكالة “فرانس برس”، أكد اليوم الثلاثاء، أن مياه بحيرة دوكان انحسرت وتراجعت لمسافة 3 كيلومترات؛ بفعل الجفاف والسدود التي بنتها إيران.

سدود إيرانية

بحيرة دوكان الواقعة في إقليم كردستان العراق، يغذيها نهر الزاب الصغير الذي ينبع من إيران، لكن منذ سنوات، يتراجع منسوب البحيرة ونهر الزاب، كما هي الحال مع غالبية مجاري المياه في العراق.

ويعد العراق من بين البلدان الـ 5 الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي والتصحر في العالم، فقد انخفض مخزونه المائي بنسبة 60 بالمئة، ومع تراجع نسبة الأمطار و3 سنوات جافة، أُرغم العراق على خفض مساحة أراضيه المزروعة، وفق تقرير “فرانس برس”.

التقرير بيّن، آنه لولا هطول بعض الأمطار في نهاية الربيع هذا العام، لما تمكن المزارعون من جني أية محاصيل زراعية في كردستان العراق هذا العام.
 
وأشار التقرير، إلى أن المزارعين في الماضي يحفرون آبارا قليلة العمق، يحصلون منها على المياه لري محاصيلهم، لكن الآبار اليوم فقدت 70 بالمئة من مياهها بسبب الجفاف.
 
ليس الجفاف المذنب الوحيد في هذه الأزمة. إذ تقوم إيران المجاورة ببناء سدود على نهر الزاب الصغير، لا سيّما “سد كولسه” “الذي تسبب بانخفاض بنسبة 80 بالمئة في منسوب الزاب الصغير، وفق الباحثة في معهد أبحاث الشرق الأوسط، بنفشه كينوشو.
 
الباحثة آوضحت، أن إيران “تواجه واحدا من أسوأ مواسم الجفاف في تاريخها”، وأعادت النظر بنظام الريّ فيها، وهو مشروع تضمّن “بناء العديد من السدود الصغيرة”.

تبريرات إيران

في بحيرة دوكان شيد سد دوكان، في خمسينيات القرن الماضي وهو يجمع مياه نهر الزاب الصغير القادمة من إيران، قبل أن تواصل طريقها إلى نهر دجلة.

لكن السد الآن ممتلئ بنسبة 41 بالمئة فقط من قدرته؛ سبب تراجع منسوب نهر الزاب الصغير، بحسب مدير السد، كوشار جمال توفيق.

وفق توفيق، يؤمن السد مياه الشرب لنحو 3 ملايين شخص، لا سيما في السليمانية وكركوك شمالي العراق.
 
توفيق أكد أنه ما زاد الأمر سوءا، انخفاض معدل الأمطار إلى 300 ملم في 2021 مقابل معدلها العام البالغ 600 ملم، أما العام 2022 فلا يختلف كثيرا عن العام السابق.

“نقوم بإطلاق 90 مترا مكعبا من المياه في الثانية، مقابل 200 إلى 250 مترا مكعّبا حينما كان السدّ ممتلئا”. ونتيجةً لذلك، أرغم المزارعون على زراعة نباتات “لا تحتاج الكثير من المياه”، وفق مدير “سد دوكان”.
 
فيما يخص تبريرات إيران، فهي تقول إن المياه القادمة من أراضيها تمثل فقط 6 بالمئة تقريبا من مياه دجلة والعراق، وعلى بغداد معالجة مشاكلها المرتبطة بنهري دجلة والفرات مع تركيا، من حيث ينبعان، وفق الباحثة بنفشه كينوشو.

عجز مائي محتم

الرئيس العراقي برهم صالح، أكد في تصريح صحفي بوقت سابق، أن العراق سيعاني من عجز مائي تصل نسبته إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035؛ بسبب شحة المياه التي تدخل لأراضيه من نهري دجلة والفرات.

ما يمكن الإشارة له، أن معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات، انخفضت بحوالي 50 بالمئة عن معدلاتها الطبيعية خلال الأعوام الماضية، لتتسبب بانخفاض مليار لتر مكعب من المياه، وخروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، حسب إحصاءات شبه رسمية.

كذلك يخسر العراق في ذات الوقت، آلاف المليارات المكعبة من المياه سنويا؛ بسبب ما يمكن تسميتها الحرب المائية التركية الإيرانية عليه.

وانعكس ذلك بشكل كبير على المحافظات التي تعتمد أنهارها على مياه نهري دجلة والفرات والتي منها محافظات الديوانية وذي قار وميسان في جنوبي العراق، وغيرها من المحافظات الغربية.

كما انخفضت مناسيب الأنهار التي تنبع من إيران إلى عدد من المحافظات العراقية، لتتسبب بشح كبير في كميات تجهيز الأراضي الزراعية في محافظات ديالى وواسط والبصرة.

أخيرا، دفع قطع المياه عن العراق من قبل تركيا وإيران، إلى لجوء وزارة الموارد المائية العراقية لحفر الآبار الارتوازية، ضمن مجموعة إجراءات اتخذتها لمعالجة شح المياه في البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.