هناك العديد من المطبات والتحديات التي تواجه معظم النحالين في سوريا، أبرزها ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وتكاليفه، وغياب الدعم الحكومي وغياب برنامج تسويقي واضح لهم، مما أدى مؤخرا إلى خسائر كثيرة لمربي النحل، وبالتالي عزوف نسبة كبيرة منهم عن هذه المهنة، الأمر الذي خفض معدل إنتاج العسل في البلاد، وبذلك تضاعف سعره ثلاث مرات، حيث كان سعره العام الماضي 30 ألف ليرة سورية، فيما تباع أنواع منه حاليا بـ 150 ألف ليرة للكيلو الواحد.

التحديات والصعوبات

ضمن السياق، قال عبد الرحمن قرنفلة، عضو اتحاد النّحالين العرب، إن أسعار عسل النحل في السوق السورية شهدت ارتفاعا في الأيام الأخيرة، متأثرة بانخفاض المعروض من عسل النحل الصافي والنقي، نتيجة انخفاض الإنتاج المحلي من العسل، وباقي منتجات خلية النحل “غذاء ملكي، حبوب لقاح، شمع..”، بسبب الظروف المناخية التي تعرضت لها البلاد، والتي ساهمت في تراجع طول موسم ازدهار الحمضيات ومحصول حبة البركة، وهما من أهم المحاصيل وخاصة لمربي النحل في المناطق الساحلية والوسطى، وفق ما نقلته صحيفة “تشرين” المحلية، يوم أمس الإثنين.

وهذا الواقع، وفق قرنفلة، أدى إلى حدوث كثافة في خلايا النحل في حقول اليانسون نتيجة تهافت النحالين عليها لتعويض خساراتهم في محصولي الحمضيات وحبة البركة، كما تأثر إنتاج العسل الجبلي والعسل الجردي، نتيجة موجة الحر التي شهدتها البلاد، ويتابع النّحالون حاليا نشر خلاياهم في المناطق الجبلية بانتظار تحسن الظروف الجوية، وعودة ظهور بعض النباتات المزهرة. وتشير التوقعات إلى أن إنتاج الموسم لم يتعدى الـ 1500 طن من العسل بينما تجاوز العام الماضي الــ 2500 طن.

وحول أسباب تراجع إنتاج العسل لهذا العام، أرجع قرنفلة ذلك إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وخاصة تكاليف النقل، حيث يضطر النّحال إلى نقل خلايا النحل بين المحافظات سعيا وراء المراعي، بالإضافة إلى ارتفاع قيم باقي مستلزمات الإنتاج، بدءا من خلايا النحل الخشبية مرورا بملابس النّحالين وشمع الأساس والأدوية اللازمة لمكافحة الآفات وعبوات التعبئة والتغليف.

ارتفاع سعر العسل

في سياق متّصل، فإن متوسط سعر مبيع كيلو العسل النقي الصافي حاليا، وصل إلى عتبة الـ 60 ألف ليرة سورية ويؤكد عدد من النّحالين للصحيفة المحلية، أن هذا السعر بالكاد يغطي نفقات الإنتاج، بينما تجاوز سعر مبيع بعض الأنواع الـ 150 ألف ليرة سورية.

ووفق التقرير المحلي، فإن سعر العسل في العام الماضي 2021 كان يتراوح بين 25 إلى 30 ألف ليرة سورية، وبعض الأنواع تتجاوز قيمة الكيلو منها الـ 100 ألف ليرة سورية.

ونتيجة لهذه الأسعار “الخيالية” التي تساوي راتب موظف حكومي، إلى جانب تراجع الطلب على شراء العسل، انتشرت بعض المنتجات المغشوشة التي تباع تحت اسم العسل، وبأسعار منخفضة حتى تصبح مغرية للمستهلك.

وتوقع قرنفلة، في تصريح سابق من ارتفاع أسعار العسل في سوريا، بنسبة قد تصل إلى 150 بالمئة، وهذا ما حدث بالفعل. وبحسب تصريحات قرنفلة، فإن النّحالون اضطروا هذا العام، لدفع ما بين 800 – 1500 ليرة للفلاح على كل خلية يضعها في أرضه، في وقت يدفع الفلاحون في معظم دول العالم 8 دولارات للنّحال على كل خلية لقاء إبقائها في أرضهم لما لها من منافع على المحصول.

قد يهمك: دمشق.. المربى أغلى من العسل لهذه الأسباب

ضرورة توفر الدعم الحكومي

من جانب آخر، أشار قرنفلة، إلى ضرورة تعزيز دعم الحكومة لقطاع تربية النحل نظرا لدوره الكبير في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين نوعيته، إضافة إلى أن منتجات خلية النحل تشكل موردا واعدا للقطع الأجنبي عند القيام بعمليات تصديرها. حيث أن النحل يساهم في زيادة الإنتاج الزراعي بنسب تتراوح بين 60-40 بالمئة وتحسن من نوعية الانتاج.

ولفت قرنفلة، إلى مطالبة النّحالين بضرورة بيعهم المازوت بالسعر الزراعي المدعوم واللازم لحركة سيارات النقل التي يستخدمونها في نقل خلايا النحل، إضافة إلى ضرورة تخصيصهم بكميات من السكر بالسعر التمويني المدعوم وفق الطاقة الإنتاجية لكل نّحال.

كذلك، طالب النّحالون ضرورة إعفاءهم من تقديم السجل التجاري والفاتورة عند بيعهم منتجاتهم، أسوة بالفلاحين ووفق ما جاء في المادة /21/ من القانون 8 لعام 2021 (قانون حماية المستهلك)، حيث إن النّحال يعمل تحت مظلة القطاع الزراعي، وهو فلاح في غالب الحالات، كذلك يؤكد النّحالون ضرورة قيام الوزارات المعنية بالترويج للعسل السوري وضرورة تشجيع عمليات التصدير لتحقيق عائد مجدٍ يساهم ببقاء النّحالين ضمن هذه المهنة الصعبة والشاقة.

فائض في الإنتاج يواجهه الكساد

في وقت سابق، اضطر عدد من النّحالين إلى بيع نصف خلاياهم، لأنهم لم يستطيعوا تصريف الإنتاج. إذ كان لدى أغلبهم 60 خلية، لكن حاليا لا يمتلكون سوى 30 نحلة فقط، حيث بقيت كميات كبيرة من العسل لديهم، لكنهم لم يتمكنوا من بيعه منذ بدء الموسم الجديد.

ونقل “الحل نت“، عن أحد مربي النحل قوله إن “الثمن الذي يدفعه التاجر عند اقتناء كل كيلو عسل من هذه السلعة لا يغطي التكلفة، موضحا أن المبلغ المعروض لا يتجاوز 10-13 ألف ليرة“، مشيرا إلى أن الخلية لوحدها تجاوزت تكلفتها 300 ألف ليرة، قبل أن تبدأ العمل في جميع مراحلها. مضيفا، أن سعر الجملة يجب ألا يقل عن 20 ألف ليرة للكيلو لينجح المربي في تربية النحل، ومع ذلك يبيع النّحالون بخسارة بسبب نقص التسويق.

وفي وقت سابق، في كانون الثاني /يناير الماضي، تابع موقع “الحل نت“، ظاهرة هجرة النحل في محافظة درعا، حيث قال عبد المولى أبازيد، في حديث للموقع، عندما قدّم مزارعو النحل في الريف الغربي لمحافظة درعا بلاغات إلى وزارة الزراعية تتحدث عن هجرة دورية للنحل، ولخطورة الموضوع، قامت الوزارة بتشكيل لجنة من اتحاد النّحالين، وجمعية النّحالين، والبحوث والصحة الحيوانية لبحث أسباب وعوامل هذه الظاهرة.

قبل عام 2011، كانت سوريا تنتج نحو ثلاثة آلاف طن من العسل سنويا، كان معظمها معدا للتصدير في الأسواق العربية والأوروبية. أما اليوم فقد انخفضت أعداد النحل في البلاد، وذلك بسبب الإفراط في استخدام المبيدات الحشرية، وضعف المراعي نتيجة الحرائق الأخيرة، وتصورات المزارعين الخاطئة بأن النحل مضر لهم، ويحذر خبراء القطاع من إن تلك العوامل قد تقف حجر عثرة أمام تحقيق قفزة في السنوات المقبلة، إذا لم يتم تدارك الأمر سريعا من قبل الجهات الحكومية.

قد يهمك: سعر العسل في سوريا يرتفع ضعف ونصف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.