حتى الآن لم يحصل أي جديد فيما يتعلق بالوصول إلى صيغة نهائية للاتفاق النووي بين القوى الدولية وإيران، فانتهت الجولة الأخيرة من مفاوضات فيينا، يوم الإثنين الماضي، وعادت الوفود إلى عواصمها من دون التوصل إلى حلول للقضايا المتبقية وإبرام الاتفاق النهائي، فما هو مصير الاتفاق النهائي في ظل استمرار المماحكات الإيرانية، وهل باتت طهران أمام فرصة أخيرة في الأيام القليلة المقبلة؟.

الملفات التي تناور فيها طهران، هي ملفات ثلاثة تتمثل في الضمانات لاحترام الاتفاق وفق الرؤية الإيرانية، ونطاق العقوبات من حيث المطالبة برفع المزيد من العقوبات وآلية رفعها، وكذلك ملف الخلافات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث تطالب طهران بضرورة إنهاء ملف تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن ثلاثة مواقع إيرانية مشتبهة بممارسة أنشطة نووية، قبل أي اتفاق بالمفاوضات.

كان التطور الأبرز في الجولة الأخيرة، توزيع المنسق الأوروبي، أنريكي مورا، لأول مرة نصا نهائيا للاتفاق بين أطراف المفاوضات، داعيا طهران وواشنطن إلى قبولها، واتخاذ القرار بشأن القضايا الخلافية التي ظلت مفتوحة من دون حل في النص.

لقد جاءت الجولة الأخيرة من المفاوضات النووية بعد توقفها في فيينا لخمسة أشهر، استمرت فيها المفاوضات بصيغة مفاوضات غير مباشرة عن بعد بين طهران وواشنطن، بوساطة الاتحاد الأوروبي وأطراف إقليمية.

أوهام طهران عقبة أمام الصفقة

بعد الجولة الأخيرة، فإن المصير المتوقع لمباحثات الاتفاق النووي مع إيران في ظل استمرار المماحكات الإيرانية، التي تعي أنها أمام فرصة أخيرة في الأيام القليلة المقبلة، هو إما إغلاق ملف المفاوضات أو تعليقه لأجل غير معلوم على أقل تقدير.

يقول الصحفي الأفغاني، والمهتم بالشؤون الإيرانية، علي أخلاقي، لـ”الحل نت”، إن النظام الإيراني وضع شروطا صارمة للتوصل إلى اتفاق نووي، و”يبدو أنهم يعيشون في عالم مواز، غافلين عن حقيقة ضعف إيران بعد سنوات من العزلة الاقتصادية الدولية”.

ويتابع أخلاقي، أنه في العالم الموازي الذي يوجد فيه العديد من قادة إيران، فإن الخلاف حول استئناف المحادثات وتكاليفها يقع في إيران وليس في الغرب، إذ إن رئيس “الحرس الثوري” الإيراني، حسين سلامي، المعارض لاتفاق مع الغرب، يصر على أن القوة الحقيقية لإيران تكمن في “إيمان الناس ووعيهم” و”القيادة الشجاعة” للمرشد الإيراني، علي خامنئي.

أفق معدومة

الدبلوماسيون الغربيون والإيرانيون عادوا إلى بلادهم بعد أن وزع الاتحاد الأوروبي النص النهائي للاتفاق النووي، ومن المتوقع أن تقدم إيران ردا في الأيام المقبلة، لكن الخبير في السياسات الإيرانية والبرنامج النووي الإيراني، محمد سحيمي، مقتنع بأن خامنئي سيعرقل الخطوة.

ويشير سحيمي، في حديثه لـ”الحل نت”، إلى أنه منذ بداية هذه المفاوضات مع إدارة بايدن، يبدو أن إيران كانت تعمل انطلاقا من افتراض أنها تتمتع بموقع قوة نسبية. قالت إدارة بايدن إنها مستعدة “لإبرام صفقة بسرعة” وتوافق على أن اقتراح الاتحاد الأوروبي هو  في الواقع فرصة أخيرة، والآن الكرة في الملعب الإيراني.

حتى قبل استئناف المحادثات، كانت جميع الأطراف مصممة على تجنب إعلان فشل العملية الدبلوماسية. ومع ذلك، حتى مع الورقة الأوروبية الجديدة، يقول سحيمي، إن مستوى تفاؤله بشأن صفقة ما قد ارتفع من 5 بالمئة الأسبوع الماضي إلى 10 بالمئة فقط الآن.

وصحيح أن المفاوضين اتخذوا خطوة إلى الأمام وأحرزوا تقدما في الضمانات والعقوبات المفروضة على شركات “الحرس الثوري”، لكنهم ما زالوا عالقين في تحقيق ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي ما زالت تحقق في مشاريع إيران النووية وتخصيبها لليورانيوم، وهذا ما لا تريده طهران.

وعلى الرغم من كل ذلك، فإن سيحمي يرى، أن الاتفاق على إحياء الاتفاق النووي سيكون إنجازا دبلوماسيا كبيرا، لكنه سيكون مقامرة لمدة زمنية أقصر بكثير من الاتفاق الأول، وعلاوة على ذلك، فإن أي تقدم دبلوماسي أميركي وغربي وحتى عربي مع إيران يرتبط ارتباطا وثيقا وربما يعتمد بشكل فعال على نجاح هذه المفاوضات.

أربعة محاور

بحسب ما أفاد به تقرير لموقع “العربي الجديد” فإن المنسق الأوروبي أنريكي مورا، بعد “مشاوراته المكثفة” على مدار خمسة أيام مع الوفدين الإيراني والأميركي و”اطلاعه عن قرب على التحفظات الإيرانية” على النص الأوروبي و”الردود الأميركية” عليها، صاغ في نهاية المطاف نصا نهائيا يتضمن حلولا للقضايا العالقة، شمل “تعديلات جزئية” على النص الذي اقترحه بوريل خلال الشهر الماضي.

وأشار التقرير إلى أنه “لم يكن هناك موعد مسبق لإنهاء الجولة الأخيرة للمفاوضات، وكانت التوقعات أنها ستستمر لأيام أخرى، لكن مساء يوم الإثنين الماضي، التقى السيد مورا كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، وسلمه النص النهائي في 25 صفحة”، وذلك بعد لقائه المبعوث الأميركي للشأن الإيراني، روبرت مالي.

وبيّن التقرير، بأن مورا طلب من المفاوضين الأميركي والإيراني إبداء الرأي بشأن النص النهائي بـ”الموافقة أو الرفض”، مؤكدا أنه سرعان ما حصل على الرد “الإيجابي” من المبعوث الأميركي روبرت مالي، لكن باقري كني أبدى استغرابه من الأمر، وادعى أن الحلول المقترحة في النص للقضايا الباقية لا تلبي مطالبهم.

لا يزال موضوع الاتفاق النووي والسيناريوهات المحتمل حدوثها مستقبلا بالنسبة لملف إيران النووي، وعلاقاتها مع الغرب هو الموضوع الرئيس للصحف اليومية الصادرة يوم أمس الأربعاء، في إيران.

فبعد تفاؤل كبير وتوقع لإبرام وثيقة الاتفاق النووي في جولة المفاوضات الأخيرة في العاصمة النمساوية فيينا، عاد الغموض والضبابية من جديد ليسودا مستقبل الاتفاق النووي مع إيران.

وعكست الصحف الصادرة يوم أمس هذه الحالة، وكتبت “آرمان امروز” في مانشيتها: “مرحلة جديدة من فقدان الثقة بين إيران والغرب”، أما “ابتكار” الإصلاحية فاختارت عنوان: “الاتفاق ربما في وقت آخر”، وأوضحت أن المفاوضين في فيينا عادوا إلى عواصم بلدانهم بعد أن قدموا تفسيرات وتصريحات متضاربة حول المفاوضات التي خاضوها، كما عنونت “جهان صنعت” بالقول: “روايتان مختلفتان من فيينا”.

أما “كيهان”، المقربة من المرشد علي خامنئي، فذكرت أن المفاوضات في فيينا لم تصل إلى أي نتيجة تضمن مصالح إيران، ولا تزال المفاوضات على المحاور الأربعة الرئيسية غير محسومة. ولفتت إلى أن المحاور الأربعة المختلف عليها حتى الآن هي: الضمانات، ورفع العقوبات، وضمان عدم انتهاك الولايات المتحدة لالتزاماتها، والتنفيذ المرحلي للاتفاق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة