اعتصام وتظاهرات أنصار “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، كتبت قصة نهايتها، اليوم الثلاثاء، بعد تطورها لصراع مسلح البارحة، ومن أنهاها زعيم “التيار” لأجل “حقن الدماء”، فكيف سيكون المشهد السياسي المقبل في العراق؟

في مؤتمر صحفي له، ظهر الصدر، بعد ظهر اليوم، متعوبا وحزينا جراء ليلة دامية عاشتها بغداد، إثر صراع مسلح بين أتباعه من فصيل “سرايا السلام” والميليشيات “الولائية” التابعة لـ “الإطار التنسيقي”، وأمر أنصاره بإنهاء الاعتصامات، وهو ما حدث بعيد نصف ساعة من مؤتمره.

شهدت بغداد أمس الاثنين، ومعها محافظات الجنوب العراقي تصعيدا صدريا على إثر إعلان الصدر اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحامهم لكل بقعة في المنطقة الخضراء وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

هاجمت الميليشيات “الولائية” أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل أمس، وحتى مؤتمر الصدر الصحفي.

مرونة “إطارية”

جراء العنف المسلح، سقط 30 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة، فما هو المشهد السياسي المقبل بعد الهدوء الحاصل؟

يقول الصحفي والكاتب العراقي سامان نوح، إنه يفترض بقوى “الإطار التنسيقي” المبادرة لتلبية شروط زعيم “التيار الصدري” بعد انسحاب الصدر وإنهاء الاعتصامات، وذلك من خلال حل البرلمان بجلسة برلمانية، وتشكيل حكومة مؤقتة وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

نوح يعتقد في حديث مع “الحل نت”، أن “الإطار” بمعظم قياداته سيكون مرنا مع الصدر باستثناء زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي؛ لأن حالته خاصة، وسيكون معزولا من “التنسيقي” لحد ما، بحسب تعبيره.

ويردف الصحفي العراقي، أن مرونة “الإطار” تتمثل بعدم تشكيل حكومة انتقالية “إطارية” تتفرد بالقرار، بل بتشكيل حكومة تشرك فيها حلفاء الصدر من السنة والكرد، وأشخاص قريبون من “التيار الصدري”.

الأهم من ذلك، هو أن رئيس الحكومة المقبلة لن يكون من “الإطار”، وهذا يعني سحب ترشيح محمد شياع السوداني، والمجيء برئيس حكومة يرضى به “التيار”، وإن لم ينجح “الإطار” في ذلك، فالخيار باللجوء لإبقاء مصطفى الكاظمي، على رأس حكومة مؤقتة جديدة تشرف على العملية الانتخابية الجديدة، حسب نوح.

ما النهاية؟

ماذا لو لم يحدث ذلك؟ يستبعد نوح أن يلجأ “الإطار” لتشكيل حكومة يتفرد بها، ويؤكد على أن مرونته هي من ستكون خلاصة المشهد السياسي المقبل؛ لأنه لو أصر على تشكيل حكومة “إطارية” قُحّة، سيعود التصعيد مجددا، مثلما حصل عندما انسحب الصدر من البرلمان، ثم تظاهر ضد مسعى تشكيل حكومة إطارية بالكامل.

في النهاية، المشهد المقبل سيكون بحل البرلمان بعد تشكيل حكومة فيها أشخاص من المقربين لـ “التيار الصدري”، وتحديد موعد لإجراء انتخابات مبكرة بعد عام من الآن؛ مع تعديلات على قانون الانتخابات؛ لأن ذلك هو المسار الأمثل لحل الصراع، على حد قول سامان نوح.

يجدر بالذكر، أن الأزمة السياسية العراقية، اشتدّت في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

إخفاق “إنقاذ وطن”

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.