على الرغم من الحديث منذ عدة أشهر عن تسعيرة جديدة لكشفية الأطباء والمشافي، إلا أن هذه التعرفة الجديدة لم تصدر حتى الآن، ما جعل الكشفيات تختلف بين طبيب وآخر ومشفى وآخر وتخضع للمزاج من قبلهم بشكل رئيسي.

تأخير إصدار الكشفية الجديدة

رئيسة رابطة التخدير وتدبير الألم في نقابة الأطباء، زبيدة شموط، اعتبرت أن هناك تأخيرا في إصدار الأجور الجديدة للوحدات الطبية والتعرفة بشكل عام وخصوصا أن اللجنة المعنية في هذا الموضوع انتهت من دراسة التعرفة وأجور الوحدات الطبية منذ أشهر.

وأعربت عن أملها أن تُسرع وزارة الصحة برفع موضوع التعرفة وأجور الوحدات الطبية الجديدة إلى مجلس الوزراء بأسرع وقت ممكن، باعتبار أن التعرفة أصبحت كيفية وبالتالي لم يعد الوضع مقبولا، وخصوصا أنه لا يوجد حاليا ضوابط لموضوع التعرفة بحكم أنه لا يمكن ضبط التعرفة الحالية باعتبار أنها غير منطقية ولا تتماشى مع الحالة المعيشية، بحسب تقري لصحيفة “الوطن” المحلية، يوم أمس الخميس.

كما أوضحت شموط، أنه بصدور التعرفة الجديدة يتم تنظيم العمل ولا يكون هناك مزاجية في تقاضي التعرفة بين طبيب وآخر وبالتالي لا يكون هناك إجحاف بحق المريض، مبينة أن نقيب الأطباء يعمل على إيجاد حل وسط فيما يتعلق بموضوع التعرفة الطبية حتى تكون التعرفة متناسبة بين الطبيب والمريض.

وبينت شموط أن تعديل أجور الوحدات الطبية من الممكن أن يساعد على أن يكون هناك عائدية للمشافي العامة، وهذا ينعكس إيجابا عليها وبالتالي تستطيع أن تجري صيانة على أجهزتها من خلال تحسين أجور الوحدات الطبية، مشيرة إلى أن تعديل أجور الوحدات الطبية يشمل المشافي الخاصة أيضا.

وأشارت إلى أن هناك الكثير من المشافي الخاصة تتقاضى أجورها وفق ما تراه هذه المشافي، لأنه لا يمكن حاليا ضبطها في هذا الموضوع باعتبار أن أجور الوحدات الطبية الحالية غير منطقية، متسائلة كيف يمكن إجبارها على الالتزام بالتعرفة الحالية وهي صادرة منذ عام 2004.

ورأت شموط أنه عندما يكون هناك تعرفة فيها جزء من المنطق فإنه بإمكان ضبط المشافي الخاصة التي تتقاضى أجورا زائدة عن التعرفة الجديدة للوحدات الطبية.

إقرأ:جدل سوري واسع على التعرفة الجديدة للأطباء

نقص في الأطباء وخاصة التخدير

شموط أكدت أن عدد الأطباء بدأ يقل بشكل واضح، مقدرة أن الكادر الطبي خسر من أطبائه أكثر من 60 بالمئة حتى إن هناك بعض المشافي انخفض فيها عدد الأطباء بشكل واضح، إضافة إلى أن هناك أعدادا كبيرة من الأطباء وصلوا إلى سن التقاعد وبالتالي فإن الوضع يحتاج إلى حلول جذرية للحفاظ على الكادر الطبي في سوريا.

وفيما يتعلق بموضوع أطباء التخدير شددت على ضرورة أن يتم تحويل أجور أطباء التخدير من التأمين الذين يعملون في المشافي الخاصة إلى حساباتهم الخاصة، معتبرة أن هذا الإجراء يخفف من تأثير المشافي الخاصة على أطباء التخدير في هذا الموضوع، لافتة إلى أنه حاليا يتم العمل على هذا الموضوع.

ولفتت شموط إلى ضرورة أن يتم إجراء عقود بين طبيب التخدير والمشفى الخاص الذي يعمل فيه ولو بعقد جزئي باعتبار أنه يسمح لطبيب التخدير أن يجري عقدا جزئيا مع مشفى خاص ولو كان يعمل في مشفى حكومي، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات تحمي أطباء التخدير من الغبن.

وفي هذا السياق، كشف تقرير سابق لـ”الحل نت”،أن أطباء التخدير ينتظرون قرارا يتعلق بفصل وحدات التخدير عن وحدات الجراحة، بحيث تصبح أجورهم مستقلة ويحصلون شيئا من حقوقهم، لكن تبقى المخاوف من آلية التنفيذ على غرار غيره من القرارات.

ويشير التقرير إلى الصفعة القوية التي تلقاها أطباء التخدير، بعد التعميم الذي ألزم كل شركات إدارة نفقات التأمين الصحي بتحويل حصة الطبيب من العمليات الجراحية مباشرة من الشركة إلى حساب الطبيب وتحت طائلة المسؤولية، وعدم قبول أي مبررات من أي جهة أو شركة لعدم التنفيذ.

وأوضح أن التعميم لم يشمل أطباء التخدير الذين يطالبون بهذا الأمر منذ عام 2016 كأحد الحلول لإنصافهم، فتحويل حصتهم من كل عمل جراحي إلى حسابهم مباشرة من شركة التأمين دون وساطة المشفى الخاص يحميهم من تحكم الأخيرة التي تقتطع جزءا كبيرا يصل إلى 70 أو 80 بالمئة من الأجر.

ولفت التقرير إلى أنه، تم طرح الموضوع على رئاسة مجلس الوزراء السابق لكن الرد حينها جاء أن الأمر صعب، لتأتي المفاجأة بصدور القرار لصالح أطباء الجراحة الذين يتجاوز عددهم الألف، فيما أطباء التخدير لا يتجاوز عددهم 250 طبيب.

وأشار التقرير إلى أن، اختصاص التخدير، هو اختصاص مغبون وأجوره وحوافزه ومجالات عمله قليلة، مما جعل الإقبال عليه ضعيفا ولا يغطي احتياجات القطاع الصحي، فضلا عن هجرة عدد كبير من الاختصاصيين، كاشفا عن تسرب طبيب أو اثنين شهريا خارج البلاد.

ولفت التقرير إلى أن المشافي الخاصة لا توقع عقودا مع أطباء التخدير، كي لا تلتزم بأجر محدد، وهنا يشير إلى غياب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عن واجبها في حفظ حق الموظف إن كان طبيباً أو غيره.

قد يهمك:حاضنة الأطفال بـ25 ألف ليرة بدمشق وارتفاع خيالي بالتسعيرات

الكشفية الجديدة وأشهر من الانتظار

تقرير سابق لـ”الحل نت”، نقل عن نقيب الأطباء في سوريا، غسان فندي، في منتصف تموز/يوليو الماضي، أن التعرفة الجديدة للأطباء ستصدر قريبا، مشيرا إلى أنها ستزيد وتنقص بحسب سنوات مزاولة المهنة.

وأوضح فندي، أن التعرفة ستتراوح التعرفة بين 8 و 16 ألف ليرة، مشيرا إلى أن التعرفة ستكون متفاوتة حسب عدد سنوات المزاولة لكل طبيب، فالطبيب الذي لم تمض على مزاولته للمهنة 10 سنوات ستكون تعرفته أقل من الطبيب الذي مضت 10 سنوات على مزاولته للمهنة.

وبين فندي، أن التعرفة الجديدة ستشمل أيضا المخابر ولكن ستكون لها تسعيرة مختلفة، مؤكدا على ضرورة إصدار التعرفة الجديدة بأسرع وقت ممكن، لكونها ستلعب دورا في تخفيف الخسائر عن الأقسام الخاصة المأجورة في المشافي العامة باعتبار أنها ستشمل المخابر الطبية بما فيها الأقسام المأجورة في المشافي العامة.

كما أشار فندي، إلى أن بعض المشافي الخاصة بدأت تلقائيا بالربط الإلكتروني مع وزارة المالية والخاص بالتحصيل الضريبي قبل إصدار القرار النهائي الذي يجبر المشافي الخاصة على الربط الإلكتروني، والذي سيكون بدايةً من دمشق ثم حلب وتباعا المحافظات الأخرى، وذلك للتحصيل الضريبي بشكل عادل.

وسبق ذلك أن حددت نقابة الأطباء تسعيرة جديدة لكشفية الوحدات الطبية وذلك خلال التحضيرات لإطلاق الكشفيات الجديدة، بحسب ما تابع “الحل نت”، مبينة أن الوحدة الطبية الواحدة ستكون بـ 4 آلاف ليرة سورية، وكلفة الكشف الطبي من 2 إلى 3 وحدات فما فوق، أي ما يعادل 12 ألف ليرة سورية، أما بالنسبة للطبيب الاختصاصي منذ 10 سنوات أو أكثر، فيأخذ من 3 إلى 4 وحدات طبية، وذلك بحسب الأسعار المتداولة.

كما أشارت النقابة إلى أن التسعير يختلف بين منطقة وأخرى، فمثلا في الأرياف يكون أقل حيث تقدر كشفية الطبيب في ريف حلب واللاذقية بين 6-5 آلاف ليرة سورية، أما في دمشق أو حلب فتكون التسعيرة أعلى.

ولكن التسعيرات على أرض الواقع تخالف ما تتحدث عنه نقابة الأطباء، فقد تم تداول العديد من المعلومات حول قيام الأطباء برفع تسعيرة المعاينات الطبية، حيث بلغ بعضها نحو نصف راتب موظف حكومي، أي أكثر من 45 ألف ليرة سورية.

أما بالنسبة للعمليات الجراحية، فبحسب نقابة الأطباء، فإن التسعيرة الأخيرة ستكون بحسب نوع العملية فمثلا سيكون أجر عملية “الولادة القيصرية” بمعدل 15 – 20 وحدة طبية أي 80 ألف ليرة سورية على الأقل.

أما بالنسبة لتكاليف الإقامة في المشافي، فإن ذلك يعتمد على تصنيف المشافي لدرجات اعتمادا على إمكانية المشفى وعدد الغرف وعدد الأسرّة، وتحدد الإقامة وكلفة السرير من 50 إلى 100 ألف سوري في اليوم الواحد، أما في حال تجاوز هذا الرقم فهذا يعتبر مخالفة. إلا أن التكاليف الحقيقية للإقامة في المستشفيات في العاصمة دمشق تتجاوز الـ 100 ألف ليرة سورية لليوم الواحدة مهما كان تصنيف المشفى.

إقرأ:بعد الأطباء.. مُعلمون يهاجرون من سوريا

نقص بالكوادر نتيجة للهجرة

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى موجات هجرة كبيرة للأطباء من سوريا نحو دول عربية، حيث تستقطب العراق عددا كبيرا منهم.

ويوضح التقرير أن مدن بغداد والناصرية والبصرة استقطبت عددا لا بأس به من الكوادر الطبية السورية في نهاية العام الماضي ومطلع العام الحالي، وسبقهم الفنيون مثل مساعدي الأشعة ومساعدي التخدير والعناية المشددة وفنيي المختبر وطفل الأنبوب، والتمريض التخصصي كممرضات العمليات والعناية المشددة والحواضن.

ولفت التقرير إلى أن المؤسسات الطبية العراقية تدفع للممرضة السورية ما بين 600 دولار وألف دولار، بالإضافة إلى أن القابلات اللاتي تصل رواتبهن إلى 800 بل وحتى 1500 دولار شهريا لذوي الخبرة، وهذا الأمر الذي سيؤدي إلى نقص في الكوادر الفنية.

من جهة ثانية، نقل التقرير عن رئيس مجلس إدارة جمعية المشافي الخاصة بحلب، الدكتور عرفان جعلوك، أن ليبيا دخلت أيضا على خط استجرار عمالة التمريض والكوادر الفنية في نهاية العام الماضي، موضحا بأن “دول الخليج التي تشترط تعديل الشهادات للممرضين وتحتاج دوله إلى إتقان الإنكليزية، بخلاف العراق وليبيا اللتين تعترفان بالشهادة السورية”.

ومن ناحية نقص الأطباء، أشار جعلوك، إلى أن التدفق الأخير لأطباء التوليد “خاصة من الخريجين الجدد. حيث برزت الصومال كأهم دولة جاذبة لهؤلاء، إلى جانب ليبيا واليمن والعراق. حيث تجتذب أي شهادة طبية سورية برواتب تتراوح بين 2000 إلى 3000 دولار شهريا”.

بينما التخصصات النادرة مثل جراحي الصدر وجراحي العظام بمستويات معينة. مثل جراحات العمود الفقري، لديهم رواتب مفتوحة وتتراوح من 20 ألف إلى 30 ألف دولار شهريا. ناهيك أن العراق استقطب أخيرا أعدادا لا بأس بها من اختصاصيي “طفل الأنبوب”، وفق قوله.

وذكر جعلوك، أن الطبيب والطاقم الطبي يذهبون إلى هناك بالتناوب لمدة ثلاثة أشهر مثلا مقابل قضاء شهر في سوريا. بخاصة الشباب منهم الذين يقيمون في المستشفيات مجانا لتغطية نفقات الإقامة والإطعام كما يحدث في العراق.

وبحسب التقديرات، يوجد 300 طبيب سوري في الصومال، مقابل حوالي 1000 طبيب في العراق، وهو عدد ليس بالقليل. رغم أنه لا يؤثر على العمل الطبي في بعض التخصصات داخل سوريا. لكنه يؤثر في تخصصات أمراض الأوعية الدموية والصدر والجهاز العصبي والرئوي.

الطبيب السوري ماهر الزعبي، المدير الإداري ومسؤول التواصل في مشفى الجيزة، أشار خلال حديث سابق لـ”الحل نت”، إلى أن البيانات المتعلقة بأزمة الهجرة في سوريا تقدر بأن حوالي أكثر من 25 ألف طبيب غادروا البلاد منذ بداية الأزمة في عام 2011.

وأوضح الزعبي، أن إحصائيات نقابة أطباء الأسنان السوريين قدرت الذين غادروا سوريا خلال السنوات الأربع الماضية بلغ 6 ألف طبيب من أصل حوالي 20 ألف. مما يرسم صورة مأساوية لمستقبل سوريا والعبء الاقتصادي والاجتماعي الناجم عن تضاؤل ​​الموارد البشرية على الصناعة الطبية في البلاد.

قد يهمك:تسعيرة جديدة لـ”كشفية” الأطباء في سوريا

وبيّن الزعبي، أن الطبيبات من النساء غالبا ما يحصلن على تصاريح سفر. فيما يهاجر معظم الأطباء الذكور بشكل غير قانوني. مضيفا أن “الكثير من الأطباء الشباب هاجروا بسبب التهديدات التي تلقوها أو بسبب الخدمة الإلزامية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.