أوضاع سياسية وتوترات أمنية غير مستقرة يعيشها العراق، ما أثارت هاجس القلق من استغلال تنظيم “داعش” للأزمة في البلاد، وإعادة انبعاثه إلى المشهد من جديد بعد أن تم القضاء عليه عام 2017.

وتحدثت تقارير إعلامية على احتمالية اعتماد التنظيم على البنى التحتية للأنفاق التي أنشئها إبان سيطرته على مساحات شاسعة من العراق، مستغلا بذلك التدافع السياسي الذي تنشغل به القوى السياسية وانعكاساتها على الواقع العام.

وبحسب تصريحات لمصادر من قيادة العمليات المشتركة العراقية تحدثت لـ “سكاي نيوز”، فأن تلك الأنفاق تنتشر في محافظة كركوك وخاصة في مدينة الحويجة، وتضاريس وادي الشاي وازغيتون، وأجزاء من حمرين في محافظة ديالى.

إضافة إلى مدن القائم والرطبة وأجزاء من حديثة بمحافظة الأنبار، فضلا عن وادي حوران، المنطقة الأعقد جغرافيا، فضلا عن مدينة الموصل بمحافظة نينوى وخاصة الأجزاء الجنوبية منها، بالإضافة إلى ناحية الكوير، وسهل نينوى، وغيرها.

وتشير إحصائيات القوات العراقية إلى العثور على نحو 70 نفقا ومخبئا لتنظيم “داعش”، في المحافظات المذكورة خلال النصف الأول من العام الحالي، بحسب “سكاي نيوز”، مبينة أن بعض تلك الأنفاق بنيت بعد انتهاء العمليات العسكرية، ما يؤكد قدرة التنظيم على المناورة، وتنظيم وجود جديد في المواقع المهمة.

وتعد عملية الكشف عن تلك الأنفاق مسألة معقدة، وهي تحتاج إلى عدة مصادر محلية، وأحيانا حتى عناصر داخل التنظيم، وفقا للمصادر، وأشارت إلى أنه، تم الكشف مؤخرا عن أن تنظيم داعش، لا يسمح بدخول عناصره إلى بعض الأنفاق إلا بعد تغطية عيونهم، ضمن خطة جديدة، تحسبا من اعتقالهم والكشف عن تلك المواقع.

اقرأ/ي أيضا: كواليس اشتباكات المنطقة الخضراء ببغداد.. من أطلق النار أولا؟

مناطق تواجد “داعش”

تقسم الاستخبارات العراقية تلك المناطق إلى حمراء وأخرى صفراء، بحسب كثافة وجود تلك الأنفاق، فيما تحولت خلال السنة الماضية بعض المناطق من صفراء إلى خضراء، وفقا للمصادر.

ووفقا لتلك المعلومات، وفي ظل التوتر السياسي الذي تعيشه البلاد فهناك مخاوف من أن تؤدي تلك الأوضاع إلى خلق فجوة أمنية تتسبب بكارثة جديدة.

وفي الشأن هذا يقول المهتم في الشأن السياسي ياسين النعيمي، لموقع “الحل نت”، إن “داعش انهزم معنويا وعسكريا، ولا مجال لعودته في الوقت الحالي، لأن أسباب التي مكنته من فرض نفوذه في الماضي انعدمت في الوقت الحالي”.

النعيمي، أشار إلى أن “التنظيمات الإرهابية تنتعش على المظلومية وعدم الاستقرار الأمني في البلدان، بالتالي هي تلجأ إلى الاستثمار بمعاناة المواطنين وظروفهم، والآن الأوضاع في العراق تغيرت كثيرا وحدة الاستقطاب الطائفي تراجع، بالتالي لا مجال لعودة التطرف”.

فما سبق “ساعدت سياسات الحكومات السابقة على زيادة حدة الطائفية في البلاد، وهذا ما خلق بيئة مؤاتية للتنظيم لاستقطاب مقاتليه، ما خلق له قاعدة واسعة من المؤيدين التي سمحت له بالتمدد إلى داخل المدن والسيطرة عليها، لكن منذ تولي حيدر العبادي لرئاسة الحكومة عام 2014 تغيرت السياسات وبدأ تأثير التنظيمات الإرهابية بالتراجع، وهذا ما بدأنا نشهده حتى على مستوى مقبولية الجماعات الشيعية”، بحسب النعيمي.

كما أشار إلى أن “داعش في الوقت الحالي يلفظ أنفاسه الأخيرة، والدليل أنه لا يجد موطئ قدم في المدن لذلك تجده معزولا في المناطق الصحراوية والمناطق الجغرافية الصعبة، إضافة إلى أن الجهود الأمنية تطورت كثيرا عنما سبق”.

وعلى خلفية أزمة سياسية معقدة استمتر منذ أكثر من 10 أشهر، شهدت العاصمة العراقية بغداد الاثنين الماضي، تصعيدا صدريا على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحامهم للمنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. أول موقف للسيستاني ومجلس الأمن الدولي عن أحداث الخضراء

سبب الصدام المسلح

المواجهات المسلحة جاءت بعد أن هاجمت القوات المكلفة بحماية الخضراء والتي من ضمنها “الحشد الشعبي”، أنصار الصدر بالرصاص الحي وقنابل الدخان والغاز المسيل للدموع لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى.

دفعت تلك الأحداث، ميليشيا “سرايا السلام” الجناح المسلح لـ “التيار الصدري” للتدخل بالمشهد للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، لتندلع مواجهة مسلحة استخدمت بها أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة داخل الخضراء منذ ليل الاثنين، وحتى ظهر الثلاثاء، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم، خلال 60 دقيقة وهذا ما حصل بالفعل.

المواجهات المسلحة، تسببت بمقتل 37 شخصا وجرح نحو 700 أخرين، لتنتهي اعتصامات الجمهور الصدري داخل الخضراء وبمحيط البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة، منذ 30 تموز/يوليو الماضي.

يأتي ذلك بعد أجواء مشحونة عاشتها العاصمة العراقية، بغداد منذ الـ 23 آب/أغسطس الماضي، على خلفية محاولة متظاهري “التيار الصدري”، نقل اعتصاماتهم من محيطات البرلمان، إلى أمام مجلس القضاء الأعلى، بمحاولة للضغط على المحكمة لإصدار قرار بحل البرلمان.

 خطوة الصدريين تلك دفعت القضاء إلى تعليق نشاطاته كافة والمحكمة الاتحادية، واتهام أشخاص بـ “التيار الصدري”، بتهديد المحكمة الاتحادية من خلال الهاتف، وإصدار مذكرات قبض بحق ثلاثة من القيادات الصدرية، ليوجه زعيم التيار أنصاره بالانسحاب بعد ساعات.

ويعتقد زعيم “التيار الصدري” وأنصاره، أن القضاء العراقي والمحكمة الاتحادية طرفا رئيسا في المعادلة بالانحياز إلى الطرف الثاني من الأزمة المتمثل بتحالف “الإطار التنسيقي“، من خلال إصدار قرارات تخدم مصالحهم، وهي من ساهمت في فشل مشروع التيار وحلفائه بتشكيل حكومة “أغلبية وطنية“، وتأزم الوضع.

سبب التصعيد

هذا التصعيد الصدري في الموقف، جاء بعد أن أمهل مقتدى الصدر، القضاء العراقي، في نهاية الأسبوع الأول من شهر آب، مهلة حتى 18 من ذات الشهر لإصدار حكم قضائي بحل البرلمان الحالي، غير أن القضاء رد بأنه لا يملك أي صلاحية دستورية أو قانونية لإصدار مثل ذلك القرار.

يشار إلى أن الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة تحالف “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية“.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري”، بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني”، وتحالف “السيادة”، الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

أصر “إنقاذ وطن“، بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية”، تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي”، أو بعض أطرافه من تشكيل الحكومة، في وقت استمر الأخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية”، يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة “الأغلبية“، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا“، التي لجأ إليها “الإطار”، صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية، البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا، من أصل 329، وفقا للدستور، وهذا ما لم ينجح تحالف الصدر بحشده رغم وصولهم لأكثر من 200 نائب، في إحدى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية التي فشلت.

بعدها، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار”، بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار”، من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار”، في الـ25 من تموز الماضي، توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح رئيس “تيار الفراتين”، وعضو مجلس النواب الحالي، محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. ما مصير مرجعية آل الصدر بعد اعتزال الحائري؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.