خلال السنوات الماضية، شهد السوريون أسوأ الأزمات، لا سيما تلك المتعلقة بالجانب الصحي، نتيجة تدمير نسبة كبيرة من البنى التحتية لمنشآت الصرف الصحي وتدمير شبكات ومضخات مياه الشرب، فضلا عن تهالك كبير لقطاع الكوادر الطبية، إضافة إلى عدم توفر أصناف عديدة من الأدوية فضلا عن ارتفاع أسعارها لاحقا. كل ذلك جاء في ظل استمرار آثار أزمة “فيروس كورونا” التي عصفت بالعالم وبسوريا منذ أكثر من عامين، فيما كانت أزمة انتشار “الكوليرا” في محافظات سورية عدة أحدث الأزمات التي يعاني منها قطاع الصحة في سوريا.

كل ذلك يأتي في وقت تنحسر فيه أهم الأنهار في سوريا؛ نهر الفرات الذي حبست تركيا حصة سوريا منه، متجاهلة المعاهدات الدولية ببناء السدود والقنوات وإنشاء بحيرات صناعية، مما أدى إلى جفاف وزيادة التصحر وتغير بيئي في طبيعة الشمال السوري، وما خلق في أوقات سابقة من أزمات صحية محلية.

كذلك، فإن هناك سياسات حكومية جائرة تمثلت خلال السنوات الماضية بقطع المياه لأيام طويلة في مختلف المحافظات، ما دفع المواطنين إلى شراء المياه من الصهاريج، مجهولة المصدر، والتي أدت إلى وقوع حالات تسمم والتهاب كبد وبائي “أ”، فضلا عن غياب الإشراف والرقابة على معامل صنع الثلج، والتي غالبا ما تستخدم فيها المياه غير المعقمة.

ما زاد من فجوة الضعف في القطاع الصحي بشكل عام، هو انقطاع الأدوية وارتفاع أسعارها، وغياب الدعم من قبل الحكومة السورية، فضلا عن هجرة الأطباء من مختلف التخصصات، بالإضافة إلى إغلاق المعابر الحدودية الإنسانية، نتيجة الفيتو الصيني-الروسي، مما أدى إلى اقتصار تمرير المساعدات عبر حكومة دمشق.

مؤخرا ظهرت عدة حالات إصابة بمرض “الكوليرا” من مختلف المحافظات السورية، حيث تشهد جميع المحافظات السورية سلسلة من الإجراءات المتعلقة بمواجهة “الكوليرا” بعد التأكد من وجود العشرات من الإصابات، وسط مخاوف وتحذيرات من تفشي المرض في عموم البلاد.

قد يهمك: انتشار “الكوليرا” في سوريا.. ما حقيقة ذلك؟

تفشي الكوليرا

في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق، اعترفت وزارة الصحة السورية بوجود العديد من الإصابات في محافظة حلب، بعد تكتم دام لأيام، رغم تداول مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام أخبار الإصابات.

الوزارة أوضحت في بيان رسمي، أنه في ذات الفترة سجلت زيادة في أعداد المراجعين بشكوى “اضطرابات هضمية” في مشافي حلب، وبعد إجراء التحليل لعدد من الحالات المشتبهة أثبتت 15 حالة إيجابيتها للمرض البكتيري، الكوليرا، مع تأكيد الوزارة بتوفر العلاج في المشافي.

كما دعت الوزارة الأهالي إلى اتخاذ العديد من الإجراءات وسلوكيات الصحة العامة، وهي “غسل اليدين، شرب المياه من مصدر آمن، غسل الفواكه والخضار بشكل جيد، طهي الطعام وحفظه بدرجة الحرارة المناسبة، عدم شرب أو تناول أي شيء مجهول المصدر”.

أيضا، بدأت وزارة الصحة بنشر إرشادات صحية عبر حساباتها الرسمية على مواقع التواصل، بهدف التقليل من انتشار المرض. وأوضحت أن “الكوليرا” مرض ناجم عن إصابة بكتيرية، يمكن أن يتسبب في الإصابة بإسهال مائي حاد، ويستغرق فترة تتراوح بين 12 ساعة و5 أيام، لكي تظهر أعراضه على الشخص عقب تناوله أطعمة ملوثة أو شربه مياه ملوثة. ومعظم من يُصابون بعدوى المرض بدون أعراض خفيفة أو معتدلة، في حين تُصاب أقلية منهم بإسهال مائي حاد مصحوب بجفاف شديد، ويمكن أن يسبب ذلك الوفاة، إذا تُرك من دون علاج.

نقص المياه في الحسكة/ نتيجة انقطاع محطة “علوك” بفعل تركي

اللافت أن بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أكدوا من مصادر طبية محلية من حلب، انتشار “الكوليرا”، قبل أن تعترف وزارة الصحة السورية عبر إصدار بيان رسمي بهذا الشأن. وأضاف النشطاء: “للأسف، تأكدت أنباء انتشار الكوليرا أو ما يشبه أعراض الكوليرا في حلب ومحيطها، وأكد الخبر عدد من الأطباء في المحافظة”.

في المقابل، أعلنت “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، عن تسجيل ثلاث وفيات بالكوليرا، مؤكدة انتشار المرض في المناطق التي تسيطر عليها، وبالأخص في محافظتي الرقة، ودير الزور.

من جانبه، أكد الرئيس المشترك لهيئة الصحة في “الإدارة الذاتية”، جوان مصطفى، في تصريحات صحفية، مؤخرا، تسجيل عدة إصابة بمرض الكوليرا، في الرقة، والريف الغربي لدير الزور.

مصطفى عزا سبب انتشار الكوليرا إلى شرب مياه غير صالحة للشرب، كما أوضح أن المصابين يتلقون العلاج في مشفى كسرة بريف دير الزور، وأن بعض الحالات تماثلت للشفاء.

أما بالنسبة لمناطق سيطرة فصائل “الجيش الوطني” المدعوم من أنقرة، في مناطق شمال غربي سوريا، أكدت السلطات الصحية هناك عدم تسجيل أي حالة إصابة حتى الآن، لكن الأمر لا يعتبر مطمئنا في ظل انتشاره في المناطق السورية الأخرى.

كما وأصدرت “مديرية صحة إدلب” بيانا رسمي بهذا الخصوص، أعلنت فيه “دق ناقوس الخطر” بعد ثبات انتشار “الكوليرا” في مناطق دمشق و”الإدارة الذاتية”.

البيان أشار إلى الظروف الإنسانية الكارثية التي يعيشها الأهالي في منطقة شمال غرب سوريا، حيث الكثافة السكانية الكبيرة وانتشار المخيمات وصعوبة تأمين مياه الشرب النظيفة، ووجود مجارير الصرف الصحي بالقرب من المخيمات.

من جانبها، أصدرت وزارة الصحة في “الحكومة السورية المؤقتة” المدعومة من أنقرة، بيانا حذرت فيه من خطر تفشي المرض في المناطق الشمالية الغربية، مبينة إنها رصدت العديد من حالات الإسهال الحاد الشديدة في المنطقة، وتم إثبات مرض “الكوليرا”، كعامل مسبب لأولى الحالات.

بدورها، أفادت وكالة “سبوتنيك”، بأن وباء “الكوليرا” بدأ بالنشاط أيضا في المناطق التي يعتمد سكانها على مياه الشرب من نهر الفرات، والذي بدوره يعاني من انخفاض شديد في منسوب جريانه بسبب حبس تركيا، لحصة سوريا من مياه النهر.

مع تراجع منسوب نهر الفرات، لمستويات قياسية، نتيجة حبس تركيا لمياه النهر، وتحوله لما يشبه المستنقعات؛ ما أدى لتلوث مياه الشرب، وانتشار مرض “الكوليرا” في مناطق “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا، حسبما أفاد مسؤول صحي لـ”الحل نت”.

وفق مصادر محلية، فإن “الأعداد الموجودة في المشافي بريف دير الزور، وصلت إلى ما يقارب الـ200 إصابة، بينهم أطفال ونساء يعانون من الإقياء والإسهال، وارتفاع في درجة الحرارة والصداع وتشنجات في العضلات”.

أرجعت المصادر السبب الرئيسي في تفشي المرض إلى تلوث مياه الشرب من مصدرها الوحيد، وهو نهر الفرات الذي يعاني من الانخفاض الشديد بمنسوبه.

خلال الأسبوع الماضي تبيّن وجود عشرات الحالات التي أصيبت بالإسهال لأسباب لم يتم تحديدها، نتيجة عدم صدور نتائج التحاليل في وزارة الصحة السورية، وهي تتراوح بين 10 إلى 20 حالة، بدأت في التراجع مع نهاية الأسبوع الماضي، وكان المتهم في ذلك مياه الشرب نظرا لانتشار حالات الإسهال في منطقة محددة دون سواها من باقي مناطق ريف الرقة.

تسمم بسبب المياه الملوثة

في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 شهدت دمشق 1200 حالة تسمم جراء تلوث المياه، في عدة مناطق، كما شملت حالات التسمم بعض المناطق في ريف دمشق. وهي لم تكن الحالة الأولى من نوعها في دمشق أو عموم سوريا، لكنها كانت الأقرب زمنيا إلى حالات الإصابة بالكوليرا.

مدير الصحة في محافظة دمشق، الدكتور ياسين نعنوس، أعلن آنذاك، عن حالات تلوث للمياه في مناطق، مساكن نجها، وخربة الورد، ومساكن الشرطة، بريف دمشق، أدى لإصابة بعض السكان بالتهاب أمعاء وتسمم.

نعنوس عزا حالات التسمم إلى وجود منهل مياه خاص ملوّث في خربة الورد، إذ تعمل السيارات الجوالة على تعبئة الماء منه وبيعها للمواطنين، لافتا إلى أن المديرية أجرت تحليلا لعينة من مياه هذا المنهل والتأكد من وجود تلوث فيه، وجرى إغلاقه بشكل نهائي.

كما وفي عام 2020، أُصيب، قرابة 900 شخص في معضمية الشام بريف دمشق بالتهابات الأمعاء، في حصيلة غير نهائية، نتيجة تلوث مياه الشرب بالمنطقة. وشهدت المنطقة آنذاك، والتي يعيش فيها نحو 175 ألف شخص استنفارا للكادر الصحي لتقديم العلاج للأهالي.

مياه ملوثة، 17 تشرين الأول/أكتوبر 2020 (Getty Images)

كذلك، شهدت منطقة وادي بردى مطلع عام 2020، عشرات حالات التسمم الناجمة عن شرب مياه غير صالحة للشرب، في المنطقة الأغنى بمياه الشرب في محافظتي دمشق وريفها. ودفعت أزمة التسمم حينها مؤسسات خدمية للاستنفار، لتعمل على تفريغ خزانات المياه لجميع المدارس والأفران في البلدات وتعقيمها وتعبئتها من مياه نبع عين الفيجة، إلى جانب زيارات حكومية للمدارس والمراكز الطبية برفقة وسائل الإعلام الرسمية.

في حين تعاني العديد من المناطق في ريف دمشق ومحافظتي اللاذقية وطرطوس من مشاكل في مياه الشرب، تشمل نقص الكميات التي يحصلون عليها، فضلا عن التلوث الناجم عن اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه شبكات الشرب.

قد يهمك: وفيات وإصابات بالعشرات.. تحذيرات من تفشي “الكوليرا” بسوريا

تهالك القطاع الطبي

نتيجة للعديد من العقبات التي تواجه القطاع الطبي في سوريا، فإن وسائل جديدة بدأت بالظهور من أجل الالتفاف على ارتفاع الأسعار، والتي تفوق قدرة معظم السوريين اليوم. وأيضا، نتيجة لقيام الصيادلة برفع أسعار الأدوية حسب مزاجهم، بالإضافة إلى احتكارهم لبعض أنواع الأدوية والتلاعب في الأسعار حسب رغبتهم، مما دفع المواطن السوري إلى “المكاسرة” من أجل خفض سعر الدواء لأقل سعر ممكن بما يتناسب مع راتبه ومدخوله الضئيل، خاصة وأن المواطن يتأثر بفرق السعر حتى لو كان ألف ليرة سورية. سيما وأن ليس هناك أية احتمالية تخلوهم لعدم شراء الدواء.

الحديث عن أسعار الأدوية وتباينها بين صيدلية وأخرى يكاد لا يتلاشى حتى يطفو على السطح مرة أخرى، وكأن الحديث هنا عن سلعة تجارية قابلة للعرض والطلب، وليس عن عقار دوائي يفترض أن يكون سعره محددا، وغير قابل للتفاوض.

أحد المشافي في سوريا “AFP”

إحدى السيدات قالت أن عبارات المساومة على الأسعار كانت شائعة في الأسواق التجارية، حيث تخضع بضائعها لأخذ الأسعار والرد في السعر بمعنى “المكاسرة”، بينما كانت الصيدليات تنأى بنفسها عنها عندما كانت أسعار الأدوية محددة، ومطبوعة على العبوات ولا مجال فيها للزيادة، وليس كما يحدث اليوم، عندما دخل الدواء هذا المضمار، وأصبحت عبارات مثل “راعينا، اعملنا خصم” شائعة على ألسنة المرضى أثناء شراء الأدوية من الصيدليات، والغريب أن العديد من الصيادلة يقومون بالفعل بخصم على فاتورة الدواء “قلّ هذا الخصم أو أكثر” مما يدل على توسع هامش ربحهم، وفق ما نقلته صحيفة “تشرين” المحلية، مؤخرا.

هذا فضلا عن هجرة الأطباء والممرضين، إلى بلدان أخرى كالعراق ولبنان، لدرجة أن بعض المشافي فقدت ما يقارب 50 بالمئة، من موظفيها خلال العشر سنوات الماضية، وفق مسؤول السلامة المهنية في مشفى “الباسل” بدمشق، سعد الدين الكردي.

كما وأوضح الكردي، في تصريحات صحفية سابقة، أن “الكوادر الطبية لا تحصل على الأجور والتعويضات اللازمة“، ما دفع العاملين في القطاع الطبي إلى البحث عن أي فرصة للهجرة والعمل في دول أخرى. ونتيجة لهجرة الممرضين لفت الكردي، إلى أن بعض المشافي شهدت تأدية المستخدمين، أو أشخاص غير مؤهلين ليقوموا بعمل الممرضين بسبب النقص، وحول أجور الممرضين اعتبر، أن “الممرض عليه أن يعمل ثلاثة أيام حتى يشتري وجبة طعام“.

تُعد هجرة الأطباء بمختلف اختصاصاتهم من الملفات المهمة التي تحتاج إلى حلول بعد تزايدها خلال الآونة الأخيرة، والمؤسف أن نزيف الهجرة لم يتوقف حتى الآن، بل تضاعف، ولم تعد هجرة الأطباء مقتصرة على الدول العربية، ولا على كبار الأطباء، بل بدأت الهجرة إلى بلدان أوروبية في ظل العديد من الإغراءات العلمية والمادية، وهذا حتما أثر ولا يزال يؤثر على القطاع الصحي في سوريا عموما.

قد يهمك: “بسبب المياه الملوثة”.. انتشار مرض الكوليرا شمال شرقي سوريا

أسوأ موجة جفاف

في بحث نشره مركز “المجلس الأطلسي”، بعنوان “سوريا تعاني كارثة مائية، وستستمر”، بتاريخ 25 شباط/ فبراير الفائت، يقول إنه في أيار/مايو 2021، انخفض تدفق نهر الفرات في شمال شرقي سوريا إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، مما تسبب في أسوأ موجة جفاف منذ عام 1953، وحذر التقرير من “تراجع تاريخي ومخيف في منسوب المياه”، نظرا لأن هذا النهر، هو المصدر الرئيس للمياه للزراعة، والاستهلاك المنزلي وإنتاج الكهرباء في الشمال السوري.

وتوقعت وزارة الإدارة المحلية والبيئة في حكومة دمشق، في وقت سابق، أن تتعرض سوريا لأسوأ موجة جفاف منذ سبعين عاما، نتيجة انحباس الأمطار في معظم المناطق السورية، إضافة إلى موجات الحر العالية في بعض المناطق.

في 24 آب/أغسطس 2021، نشرت وكالة الفضاء الأوروبية صورا عبر الأقمار الصناعية لبحيرة “الأسد” وسد “تشرين” وسد “الطبقة” في سوريا، توضح تغيرا ملحوظا في مستويات المياه، ما ينذر بموجات من الجفاف تصيب المناطق الشمالية بسوريا على المدى القريب والمتوسط وربما الطويل لاحقا في حال استمرار الأزمة.

وبعد نزاع مستمر منذ 11 عاما، تشهد سوريا أزمة مياه حادة، على وقع تدمير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، أدى النزاع إلى تضرر قرابة ثلثي عدد محطات معالجة المياه ونصف محطات الضخ، وثلث خزانات المياه.

تدفق نهر الفرات في آب/أغسطس من الأعوام 2019 و2020 و2021

كما ونبّهت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، في تقرير لها في تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى أن الوصول إلى مياه الشرب الآمنة يشكل تحديا يؤثر على ملايين الأشخاص في أنحاء سوريا، حيث باتت مياه الشرب متوفرة بنسبة أقل بـ40 بالمئة، عما كانت عليه قبل عقد من الزمن. وتتضاءل قدرة المنظمات الدولية على تقديم الخدمات في هذا المجال جراء نقص التمويل.

لأجل ذلك، فإن أزمة الجفاف والتغير المناخي غير المسبوق، وكذلك انخفاض منسوب مياه نهر الفرات في شمال سوريا، الأمر الذي أدى بدوره إلى تراجع إنتاج الكهرباء وإمدادات المياه الصالحة للشرب، فضلا عن تلوث المياه في شمال سوريا، وهو ما يرجح (حسب الخبراء) أن تركيز الملوثات في المياه التي تصرفها السدود، عند اقترانها بارتفاع درجة الحرارة وتكاثر الطحالب والتبخر، سيدمر النظام البيئي للمنطقة، وبالتالي فإن سوريا على مقربة أزمة “كارثية” بيئية، وأولى إشاراته؛ ظهور مرض “الكوليرا”.

أزمة كورونا

خلال العامين ونصف العام الماضيين، كانت هناك عدة موجات من فيروس “كوفيد -19” في سوريا، نتيجة النقص الحاد في الأكسجين وأجهزة التنفس وعموم المستلزمات الطبية.

في حين أكدت مصادر طبية في سوريا في أيلول/سبتمبر 2021 أن المستشفيات في العاصمة دمشق ومحافظة اللاذقية الساحلية وصلت إلى الحد الأقصى في طاقتها الاستيعابية من المرضى نظرا لارتفاع أعداد من يتلقون العلاج من فيروس “كورونا” فيها.

وقال توفيق حسابة، مسؤول بوزارة الصحة السورية في تصريحات للتلفزيون الرسمي السوري: “بدأنا نقل مرضى كوفيد-19 من مستشفيات العاصمة دمشق إلى مستشفيات محافظة حمص ونقل من يتلقون العلاج من الفيروس في اللاذقية إلى مستشفيات محافظة طرطوس”.

وكان ذلك نتيجة “إشغال كامل القدرة الاستيعابية للمستشفيات في تلك المناطق بسبب الارتفاع الحاد في عدد حالات فيروس كورونا”.

فيما أفادت منظمة “أطباء بلا حدود” في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، أن “النظام الصحي في شمال غرب سوريا غير قادر بالفعل على التأقلم، بينما ينتشر “فيروس كورونا في شمال شرقي سوريا بوتيرة مقلقة”.

وقتذاك، تضاعف عدد الحالات المؤكدة بكوفيد-19 في شمال غرب سوريا في أيلول/سبتمبر، ليبلغ 73,000 حالة بعد أن سجّل 39,000 حالة بحلول نهاية شهر آب/أغسطس من نفس العام. وحينها قال رئيس بعثة منظمة “أطباء بلا حدود” في سوريا، فرانسيسكو أوتيرو إي فيلار، “بلغ عدد الحالات في ذروة الموجة حتى الآن 1,500 حالة يوميا، بينما لم تتجاوز قط 600 حالة يوميا خلال الموجات السابقة”.

وحينها كان يعمل نحو 16 مركزا لعلاج كوفيد-19 فقط من أصل 33 في هذه المنطقة التي يبلغ عدد سكانها أربعة ملايين شخص. وتعرقل البنية التحتية الصحية المتواضعة ومشاكل الإمداد القدرة على تقييم مدى الانتشار الفعلي للفيروس وبالتالي تعرقل الاستجابة المناسبة.

كذلك شهد عام 2021 ارتفاعا مقلقا في عدد الإصابات بكوفيد-19 في شمال شرقي سوريا، وظهرت في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر/أيلول من نفس العام، حوالي 342 نتيجة اختبار إيجابية يوميا، وهو أعلى رقم تم تسجيله منذ تفشي المرض.

مصاب بفايروس “كورونا”/”منظمة أطباء بلا حدود”

في شباط/فبراير الفائت، أعلنت منظمة “الصحة العالمية” عن تسجيل زيادة بعدد حالات الإصابة بجائحة “كورونا” في سوريا بنسبة 329 بالمئة مقارنة بكانون الثاني/يناير.

وسجلت المنظمة سبعة آلاف وثماني حالات وفاة في سوريا جراء “كورونا”، خلال الفترة الممتدة من 22 من آذار/مارس 2020 حتى 26 من شباط/فبراير 2021.

ووصل عدد جرعات اللقاح المتلقاة إلى مليونين و739 ألفا و349 جرعة، بينما وصل مجموع اختبارات الكشف عن الفيروس إلى 605 آلاف و903 اختبارات، بحسب التقرير، حينذاك.

أغلبية حالات الوفاة جرّاء الفيروس المُبلغ عنها كانت من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية بنسبة  43.78 بالمئة، ونسبة 34.08 بالمئة من مناطق شمال غربي سوريا، ومناطق شمال شرقي سوريا بنسبة 22.15 بالمئة، وفقا للتقرير.

قد يهمك: جفاف شديد وتدهور أمن غذائي في سوريا.. مجاعة قادمة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.