آراء كثيرة فيما يتعلق بمفتاح السعادة الزوجية، ففيما يرى البعض أن “طول العشرة” كاف لتعزيز التقارب النفسي والسعادة بين الزوجين وإزالة كل الحواجز بينهما، فإن الواقع يقدّم لنا مجموعة كئيبة من الصور التي لا تزداد إلا سوءا مع تقدم الليل والنهار، هذه الظاهرة الغريبة التي شاعت بين المجتمع في الآونة الأخيرة، ألا وهي الطلاق بين كبار السن من الأزواج، بعد عقود من الرباط الزوجي وعدد من الأبناء الكبار، تتوضح هشاشة العلاقة غير العادية على الرغم من السنوات العديدة التي قضاها الزوجان.

الطلاق الرمادي في سوريا

الطلاق الرمادي، هو المصطلح الذي يشير إلى ارتفاع معدل الطلاق لدى كبار السن، حيث تمت صياغة هذا المصطلح بعد أن أظهرت الأبحاث، أن ظاهرة معدل الطلاق الإجمالي تنخفض بينما كان معدل الطلاق المتأخر في العمر لدى “ذوي الشعر الرمادي” في ازدياد.

في حديث لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، أمس الاثنين، أكد المستشار في شؤون الأسرة، فهد سعد الدين، انتشار ظاهرة جديدة بين حالات الطلاق وهي طلاق كبار السن، مبيّنا أنها أشبه بـ”الكارثة”، وقال إن هناك انتشار لهذه الحالات، وأن فترة الزواج تصل أحيانا إلى 50 سنة، حتى يقرر أحد الزوجين إنهاء الزواج رغم طول فترته.

وأشار سعد الدين، إلى حقيقة أن حالات الطلاق بين البالغين تحدث غالبا بسبب النزاعات المالية، ومعاملة الأطفال بشكل غير عادل، وإهمال أحد الزوجين من قِبل الآخر، وفي حين كانت هذه القيم أكثر انتشارا في الماضي، فإنها لم تعد موجودة الآن، حسب وصفه.

واعتبر سعد الدين، أنه من الخطأ المقارنة بين نسبة الطلاق ومعدل الزواج، حيث أن الأسباب الرئيسية والأكثر شيوعا لحالات الطلاق، هي انعدام المسؤولية، وعدم القدرة على تحمل المسؤولية ماليا أو اجتماعيا، وغياب إعادة التأهيل.

لماذا يتم الطلاق لكبار السن؟

ظاهرة الطلاق في صفوف كبار السن، ترسم صورة سلبية عن الزواج في أذهان الشباب، تؤثر على تقييمهم للعلاقات الزوجية، وتجعلهم يعتقدون أن الارتباط لن يحقق لهم السعادة على المدى الطويل، فيما يحاول بعض الأزواج المسنين البحث عن وسيلة تعيدهم إلى سنوات الشباب، فينفرون من زوجاتهم المتقدمات في السن.

ووفقا لمجلة “أي بي أي”، الخاصة بالمحاميين الأميركيين، فإن هناك بعض الأسباب التي وجدها الباحثون تفسّر بيانات الزيادة في الطلاق الرمادي. الأول، هو أن الأزواج الذين تزوجوا عادة لأكثر من 20 عاما قد تفرقوا ببساطة بعد أن يصبح الزوجان كبيرين في العمر، وبلا عمل، ويدركان أن تربية الأطفال هي ما كان يبقيهم معا.

أمّا السبب الثاني، هو أنه نظرا لطول متوسط العمر المتوقع، يجد هؤلاء الأزواج أنفسهم في الخمسينيات والستينيات من العمر غير سعداء، ومع بقاء 20 إلى 40 عاما أخرى للعيش، يقررون أنهم يريدون أن يفعلوا ذلك على طريقتهم، إما بالزواج من شريك أصغر سنا، أو الخروج عن المألوف والترحال.

رفع معدلات الطلاق في سوريا

معدلات الطلاق في سوريا، ارتفعت خلال السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق، حيث كشفت آخر إحصائية رسمية أن كل 29 ألف زواج، يقابلها 11 ألف طلاق.

وذكرت وكالة “سبوتنيك” في تموز/يوليو الفائت، أن مما لا شك فيه أن سوء الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها السوريون من الأسباب الرئيسية لارتفاع معدلات الطلاق، مضيفة أن للخيانة الزوجية وتحديدا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الحصة الأكبر في حالات الطلاق تلك، وخاصة مع غياب أحد الطرفين لساعات طويلة في العمل خارج المنزل.

وفي تصريح لـلوكالة، قال القاضي المستشار وليد كلسلي، إنه وفي الآونة الأخيرة ولدى الرجوع إلى الإحصائية التي صدرت العام الماضي فقد وصلت نسبة حالات الطلاق إلى 50 بالمئة، من نسبة حالات الزواج.

وصرح القاضي: “لدى مراجعة المحاكم الشرعية وأثناء التمحيص فيما تم ذكره من الزوجين أثناء جلسات التحكيم السرية، تبيّن أن أسباب طلب التفريق التي وردت للمحاكم هي اقتصادية، واجتماعية، وثقافية”.

القاضي الشرعي الأول في اللاذقية، أحمد قيراطة، ذكر في ذات الشهر، أن أسرع حالة طلاق كانت بعد عشرين يوما من إتمام المعاملة، وكانت بلا دخول وخلوة وزواج حقيقي، وهناك حالة طلاق تمت بعد شهرين من الزواج حسب أقوال شهود حاضرين بسبب قيام الزوجة بالتفوه بعبارة “إخرس” للزوج بحضور ضيوفه.

يذكر أن مفاهيم المهر والزواج والطلاق والعلاقات، تتأثر بثقافة الشركاء، ومستوى وعيهم وتطورهم الفكري. بالتوازي مع التغيير والحداثة في زمن حقوق الإنسان، والمطالبة بالمساواة والعدالة بين الجنسين. مما يتطلب من المجتمعات أن تكون أكثر انفتاحا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.