“الإنترنت متل السلحفاة” تقول رُبا عرب، وهي تشرح عن سوء خدمات الاتصالات والإنترنت في مدينة حلب، فهي تجد صعوبة في التواصل مع عائلتها وأصدقائها، لا سيما المقيمين خارج سوريا.

سوء خدمات الاتصال

في العديد من المحافظات السورية، يشتكي الأهالي من سوء خدمات الإنترنت السلكية، والغياب المتقطع لتغطية الشبكات اللاسلكية، المتمثلة بشركتي “سيريتل” و”إم تي إن”، حيث الإنترنت في سوريا، يعاني ضعفا منذ عدة سنوات، على الرغم من الوعود الحكومية المستمرة بتحسينه، ولكن في كل مرة تحاول الحكومة اختلاق مبررات لمواجه الضعف في الشبكة.

وتقول عرب، في حديثها لـ“الحل نت“: “قبل أيام كنت أحاول التواصل مع أختي التي تعيش في ألمانيا، حاولنا مرارا التواصل عن طريق مكالمة فيديو لكي يرى بعضنا البعض، لكننا فشلنا بسبب سوء الاتصال لدى الشبكة التي أستخدمها“.

وتتحدث عرب، باستياء عن خدمات الإنترنت في البلاد، رغم أنها تدفع مبالغ تصفها بـ“الطائلة“، مقابل خط “الدي إس إل“، الخاصة بالإنترنت السلكي، المقدَّم من مديرية الاتصالات والتقانة.

وحول ذلك تضيف: “أسعار مرتفعة وخدمة سيئة، أنا مشتركة بالخدمة منذ تسعة أعوام، والفواتير زادت بشكل كبير والخدمة في تراجع، في بعض الأحيان خلال الصباح تكون الخدمة جيدة، لكن معظم الوقت يكون الاتصال بطيء، فضلا عن الأعطال المتكررة التي ترافقها انقطاعات“.

قد يهمك: راتب الموظفين في سوريا ضائع في متاهة.. “إذا كفى لأسبوع بيكون منيح“!

قبل أيام أعلنت الشركة السورية للاتصالات عن بطء في خدمة الانترنت نتيجة خلل فني طرأ على أحد المزودات الدولية للخدمة.

وبيّنت الشركة في بيان لها، أنه تجري متابعة الأمر من قبل المعنيين في الشركة لمتابعة إجراءات الصيانة من قبل المزود الخارجي ومعالجة الحالة بأقصى سرعة ممكنة.

المواطن يتحمل المسؤولية

مدير شؤون الشركة السورية للاتصالات حيدر عيد، اعتبر في تصريحات صحفية، أن الإنترنت جيد في البلاد والمشاكل الموجودة هي مشاكل فردية، مضيفا أن “الإنترنت بشكل عام جيد ولا يوجد أي مشكلة عامة، وفي حال وجود أي مشكلة فردية يمكن للمشترك تسجيل شكوى على الرقم 100 لتتم معالجتها من قبل الورشات الفنية“.

وقال عيد، إن الأسباب التي تسبب ضعف الإنترنت، هي أعطال في الشبكة النحاسية الواصلة إلى منزل المشترك، “وأغلب المشاكل في هذا المقطع، كونه عرضة لمجالات التحريض الكهرطيسي وتماس الأسلاك الكهربائية“.

وأضاف عيد، أن هناك أسباب تتعلق بالمشتركين والتمديدات الداخلية ضمن المنزل، وعدد مستخدمي الإنترنت في المنزل بالإضافة لتعرض مودم المشترك “الراوتر” للاختراق والتعديل في الاعدادات، كما تتعرض بعض الشبكات اللاسلكية للاختراق، والسرقة من الجوار واستخدامها بشكل غير مشروع.

وأشار عيد، إلى أن خدمات الاتصالات والانترنت لا علاقة لها بانقطاع الّتيار الكهربائي وقلة المحروقات، حيث يتم تشغيل تجهيزات الاتصالات في المراكز الهاتفية من خلال مجموعات التّوليد الاحتياطية.

“ألغيتُ اشتراك الإنترنت منذ خمسة أشهر“، يؤكد عمر نجدي، وهو موظف حكومي يعمل في مؤسسة المياه، وذلك بعد زيادة وزارة الاتصالات لأسعار خدمات الإنترنت السلكية، والارتفاع على أسعار الباقات والحزم الشهرية.

ويقول نجدي، في حديث لـ“الحل“: “الدخل الشهري لم يعد يحتمل فاتورة الإنترنت، بعد رفع الأسعار من قبل وزارة الاتصالات، عداك عن أن الخدمة في الأصل ليست جيدة، اتصال بطيء وانقطاعات متكررة، ألغينا خط الإنترنت المنزلي في البيت لتوفير الفاتورة، والتوجه إلى احتياجات الغذاء، الأسعار ترتفع، والرواتب لا تزيد بما يتناسب مع الأسعار الجديدة“.

ويضيف: “حاليا نستعين بشبكات الموبايل للتواصل مع الأصدقاء والأهل عبر الإنترنت، أسعار الاتصالات في سوريا لا تتناسب مع متوسط الدخل، ومستوى الخدمات لا يتناسب كذلك مع الاحتياجات مع التطور الحاصل حول العالم“.

وبحسب تقارير محلية سابقة، فإن متوسط إنفاق أسرة مكونة من 5 أفراد على بعض مفردات خدمات الاتصالات الضرورية شهريا، بعد الزيادة الأخيرة على أسعار الاتصالات، وصل إلى نحو 24 ألف ليرة سورية.

إذ يبلغ اشتراك الإنترنت المنزلي بسرعة 2 ميغا 6800 ليرة شهريا، كما تبلغ تكلفة الاتصال من جهاز محمول مسبق الدفع 8100 ليرة، بواقع اتصالين لكل فرد من العائلة يوميا، يضاف إليها خدمات الإنترنت اللاسلكي، واشتراك الهاتف الأرضي، فضلا عن الرسوم والضرائب.

ارتفاعات كبيرة

وفي سياق رفع أسعار الاتصالات، أعلنت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد نهاية نيسان/الماضي، أنه تمت الموافقة على رفع أسعار الخدمات المُقدمة لشركتي “إم تي إن“، و“سيرياتيل“، و“الشركة السورية للاتصالات“، بمتوسط زيادة 50 بالمئة للخدمات الأساسية، بما يتضمن أيضا رفعا لأجور الاتصالات، والإنترنت. وبناء على الأسعار الجديدة، أعلنت شركتا الهاتف المحمول، أسعار الاتصالات الجديدة، حيث أصبحت الدقيقة المحلية للخطوط المسبقة الدفع 27 ليرة، والدقيقة المحلية للخطوط اللاحقة الدفع 23 ليرة، وسعر الميغابايت خارج الباقات أصبح 17 ليرة.

من جهتها، نشرت “السورية للاتصالات”، الأجور الجديدة لبعض خدمات الهاتف الثابت المعتمدة من الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، حيث بلغت أجرة الاشتراك الشهري 1000 ليرة، وأجرة نقل خط هاتفي 10 آلاف ليرة، والتنازل عن خط هاتفي 5 آلاف ليرة، وإظهار الرقم بـ150 ليرة، والتحويل بـ100 ليرة، والخط الساخن بـ100 ليرة.

بينما بلغت أجرة كل 3 دقائق محلية 1.5 ليرة، والدقائق القطرية من الساعة 9 صباحا حتى 5 مساء بـ4 ليرة، ومن الساعة 5 مساء حتى الـ9 صباحا بـ2 ليرة وكذلك يوم الجمعة كاملا.

أما بالنسبة لأسعار الإنترنت، فقد أصبح السعر الجديد لسرعة 0.5 ميغا بايت 3000 ليرة بدلا من 2000 ليرة، وسعر الـ 1 ميغا بايت 4500 ليرة بدلا من 2750 ليرة، وسعر الـ 2 ميغا بايت 6800 ليرة بدلا من 4500 ليرة، وسعر الـ4 ميغا بايت 11500 ليرة، وسعر 8 ميغا بايت 21 ألف ليرة، وسعر الـ 16 ميغا 28 ألف ليرة، وسعر الـ 24 ميغا 40 ألف ليرة.

وكانت شركات الاتصالات، أعلنت في العديد من المناسبات، أنها تعاني من تقنين الكهرباء، كما أنها تعاني من ارتفاع أسعار المازوت، والفيول المشغّل لأبراجها، وكذلك البطاريات. أما “الشركة العامة للاتصالات” المملوكة للدولة، فكانت تدّعي المعاناة من انخفاض سعر الصرف، مشيرة إلى أنها تدفع مقابل الخدمات المقدمة خارج سوريا بالعملات الأجنبية وتستورد معداتها بالعملات الأجنبية، مما يرفع من نفقاتها.

الحرية المقيدة

تقرير سابق لـ“الحل نت“، أشار إلى أن حرية الإنترنت في سوريا مقيدة بشدة، بسبب القمع الحكومي للمعارضة وآثار الحرب المستمرة منذ سنوات. كما نفذت الحكومة خطة لـ “تقنين الإنترنت“، حيث قيدت من كمية البيانات التي يمكن للمواطنين استخدامها كل شهر، فضلا عن تكلفتها الكبيرة، وكذلك باقات الإنترنت المتوفرة على شرائح شبكات الهاتف المحمول محدودة (السيريتل على سبيل المثال) ومكلفة للغاية مقارنة بدخل المواطنين، إذا أرادوا شراء كمية جيدة من باقات الإنترنت. لذلك يعاني المواطن السوري اليوم من خدمة الإنترنت سواء كانت بطيئة أو محدودة أو مكلفة الثمن.

ويعاني الكثير من السوريين خصوصا الذين يمتلكون هواتف بكابلات ضوئية من غياب الإنترنت، والاتصالات بسبب التقنين، حيث تعمل الاتصالات والإنترنت خلال نصف ساعة التغذية، وتستمر لمدة نصف ساعة أخرى بعدها، ثم تغيب حتى يأتي موعد الوصل القادم.

منذ سنوات عديدة، تأثرت جميع المناطق في سوريا ولا سيما التي تسيطر عليها الحكومة السورية بانقطاع التيار الكهربائي، والذي يستمر في بعض الأماكن لمدة عشرين ساعة يوميا في الأشهر الأخيرة، في حين عجزت سلطات الدولة عن جميع أزماتها.

يشار إلى أنه وفقا لـ“إنترنت وورد ستيتس“، وهي شركة تقدم إحصاءات الاستخدام والسكان، في عام 2016، اتصل 250.502.5 أي 29.6 فقط من سكان سوريا بالإنترنت بانتظام. وهذا الرقم يزيد بنسبة 10 بالمئة عن عام 2009. عندما كان 16.4 بالمئة فقط لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت في سوريا.

متوسط تكاليف المعيشة

بحسب آخر الدراسات فإن متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية، شهِد نهاية شهر أيلول/سبتمبر 2022، ارتفاعا بمقدار 563 ألف و970 ليرة سورية، عن التكاليف التي سُجلت في شهر تموز/يوليو الماضي، لتصل إلى ما يقارب الـ3.5 ملايين ليرة.

وأشارت الدراسة التي نشرتها صحيفة “قاسيون“، إلى أنها اعتمدت طريقة محددة في حساب الحد الأدنى لتكاليف معيشة أسرة سورية من خمسة أشخاص، تتمثل بحساب الحد الأدنى لتكاليف سلة الغذاء الضروري (بناء على حاجة الفرد اليومية إلى نحو 2400 سعرة حرارية من المصادر الغذائية المتنوعة).

وجاء في الدراسة التي نُشرت، الإثنين: “ارتفع الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة بنحو 352,481 ليرة، منتقلا من 1,881,858 ليرة في تموز/يوليو إلى 2,234,339 ليرة في أيلول/سبتمبر، ما يعني أن التكاليف ارتفعت بنسبة وصلت إلى 19 في المئة، خلال ثلاثة أشهر فقط“.

قد يهمك: الكهرباء لمواجهة الشتاء في سوريا.. “على الوعد يا كمّون”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.