ساعة الصفر حانت بعد عام من الانتخابات العراقية المبكرة وبعد صراع سياسي شرس لم ينتهِ إلى اليوم، لكن مجلس النواب قرر الحسم دون انتظار أكثر، فمن يظفر برئاسة العراق غدا الخميس.

رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، حدّد أمس الثلاثاء، يوم غد الخميس موعدا لعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وعشية عقد الجلسة تشهد العاصمة بغداد حركة مرورية مشلولة، إذ قُطعت الجسور وأُغلقت المنطقة الخضراء، معقل الحكومة والبرلمان.

رئاسة العراق وفق العرف السياسي العراقي بعد 2003 هي من حصة الكرد، وعادة ما يتفق الكرد على مرشح واحد لانتخابه، غير أن الخلافات الكردية الحادة هذه المرة لم تحسم الاتفاق على أي مرشح، ما يفتح الباب أمام إعادة سيناريو 2018.

حظوظ عبد الرشيد لطيف

في 2018، لم يتفق “الحزب الديمقراطي” و”الاتحاد الوطني” الكردستانيين، على مرشح واحد لدخول “قصر السلام” ببغداد، فكان الحسم بدخول كل حزب بمرشحه لجلسة البرلمان الخاصة بانتخاب الرئيس وقتئذ.

برهم صالح

“الديمقراطي”، رشّح وزير داخلية إقليم كردستان ريبر أحمد، لمنصب الرئاسة، فيما رشّح “الاتحاد”، الرئيس العراقي الحالي برهم صالح للسباق الرئاسي مجددا، فمن يظفر برئاسة العراق من الحزبَين الرئيسيَين في كردستان العراق.

من يظفر برئاسة العراق سؤال صعب، لا يمكن التكهن بإجابته؛ لأن السياسة لا تعرف الجزم، كما يقول الباحث السياسي غالب الشابندر، الذي يردف لـ “الحل نت” بأن الحزبَين قد لا يظفران بالرئاسة ويضطران للتسوية في اللحظات الأخيرة بمرشح يمثلهما معا.

يتنافس على رئاسة جمهورية العراق 33 مرشحا، لكن الواقع يقول إن السباق الرئاسي محصور بـ 3 أسماء، برهم صالح وريبر أحمد، إضافة إلى عبد اللطيف رشيد، الذي قد يظفر برئاسة العراق مستغلا الخلاف الكردي على المنصب.

الشابندر يقول، إن الحزبين الكرديين في حال اتفقا على مرشح تسوية توافقي، فسيختاران عبد اللطيف رشيد، ولا يستبعد حدوث ذلك الأمر رغم قصر الوقت على الجلسة؛ لأن العملية السياسية العراقية عادة ما تُحسم في اللحظات الأخيرة، على حد تعبيره.

صحيح أن عبد اللطيف رشيد، هو عديل مؤسس “الاتحاد الوطني” الكردستاني، الرئيس العراقي الأسبق جلال طالباني، إلا أنه رُشّح بشكل مستقل لرئاسة العراق؛ لأن “الاتحاد” لم يطرحه وفضّل ترشيح برهم صالح من جديد.

اختيار رشيد سيحفظ لـ “الديمقراطي” و”الاتحاد” توازنهما، ويمنع أي خلافات كردية لاحقة في حال فاز مرشح حزب على الآخر إن عُقدت جلسة انتخاب الرئيس دون اتفاق على مرشح تسوية توافقي، وفق تعبير الشابندر.

نداء “الاتحاد الوطني”

في حال لم يتوافق “الاتحاد” و”الديمقراطي”، فإن سيناريو 2018 هو الفيصل، عبر دخول كل حزب بمرشحه لجلسة البرلمان العراقي، ويُترك الأمر للنواب يختارون من يريدونه بالأغلبية.

هذا السيناريو طرحه “الاتحاد”، أمس عبر الصحيفة الناطقة باسمه “كوردستاني نوى”، التي وجّهت نداء إلى البرلمان بأن يكون قراره الفيصل في انتخاب رئيس الجمهورية، مالم يتم التوصل إلى اتفاق مع “الحزب الديمقراطي”.

الصحيفة تقول، إنه “إذا وصل الاتفاق في قضية الرئيس إلى طريق مسدود، فلندع الديمقراطية تتحدث في قاعة البرلمان العراقي، ونسمح لسيناريو 2018 أن يتكرر ويتم الحسم بالأصوات الحلال للممثلين العراقيين”.

عبد اللطيف رشيد

أول أمس الاثنين، زار وفد سني شيعي بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، والتقى زعيم “الحزب الديمقراطي” مسعود بارزاني، بهدف حسم قضية مرشح رئاسة الجمهورية وإنهاء الخلاف الكردي، لكن دون نتيجة تُذكر.

إن لم يتم الاتفاق الكردي فإن مرشح “الاتحاد” برهم صالح، هو من سيدخل “قصر السلام”، وفق غالب الشابندر؛ لسبب بسيط هو أن “الإطار التنسيقي”، الذي يملك أغلبية مقاعد البرلمان حليف “الاتحاد الوطني”، وبالتالي سيصوت نوابه لمرشح “الاتحاد”.

في 2018 عندما لم يتفق “الديمقراطي” و”الاتحاد”، على مرشح واحد لرئاسة العراق، ودخل كل حزب بمرشحه لجلسة البرلمان، فاز برهم صالح بأغلبية أصوات النواب على حساب مرشح “الديمقراطي” وقتئذ فؤاد حسين، الذي يشغل منصب وزير المالية حاليا.

بحسب رئيسة كتلة “الحزب الديمقراطي” داخل البرلمان العراقي فيان صبري، فإن إصرار الحزب على منصب رئاسة الجمهورية ليس مناورة، وإنما لأن الحزب يمثل الكتلة الكردية الأكثر عددا ومن حقه المنصب.

ما النتيجة؟

لا يريد “الديمقراطي” دخول جلسة البرلمان دون توافق، بحسب الشابندر، وإن لم يتم التوافق وعُقدت الجلسة، فإنه سيقاطعها كردة فعل احتجاجية منه؛ لأنه يعلم بأن عدم التوافق يعني فوز مرشح “الاتحاد” برهم صالح برئاسة العراق، وهو ما يرفضه بشكل قاطع.

في عراق ما بعد 2003، حصلت اتفاقيات وتفاهمات بين “الديمقراطي” بزعامة رئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني، و”الاتحاد” بزعامة الرئيس العراقي الأسبق الراحل جلال طالباني، يتم بموجبها منح رئاسة الإقليم لـ “الديمقراطي” ورئاسة العراق لـ “الاتحاد”.

منذ 2006 وإلى اليوم، منصب رئاسة العراق هو من نصيب “الاتحاد”، ورئاسة إقليم كردستان من نصيب “الديمقراطي”، لكن الأخير يرفض تلك المعادلة هذه المرة، فهو يسعى لتحقيق مبدأ الأحقية الانتخابية.

ريبر أحمد

الأحقية الانتخابية، تعني الحزب الحائز على أكثر مقاعد نيابية من غيره، و”الديمقراطي”، فاز أولا على مستوى الكرد في الانتخابات العراقية المبكرة الأخيرة التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بحصوله على 31 مقعدا نيابيا.

بالمقابل خسر “الاتحاد” وتراجعت مقاعده إلى 17 مقعدا نيابيا، وذلك التراجع شجّع “الديمقراطي” لفك مبدأ التوازن وتقاسم المناصب مع خصمه، غير أن حزب طالباني يرفض التفريط بما يسميه “أحقيته” بمنصب رئاسة الجمهورية.

يبسط “الحزب الديمقراطي”، سيطرته على محافظتي دهوك وأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، بينما يحكم “اليكتي” نفوذه على محافظتي السليمانية وحلبچة، المستحدثة كمحافظة في السنوات الأخيرة.

مما تقدم، يُستنتج أن رئاسة العراق محصورة بسيناريوهَين، الأول، توافق كردي وفي هذه الحالة ظفر عبد اللطيف رشيد بمنصب الرئاسة، الثاني، دخول جلسة انتخاب الرئيس بلا توافق، وهنا يعني التجديد لبرهم صالح ثانية، وفوز ريبر أحمد نسبته ضئيلة جدا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة