منذ بدء الاحتجاجات في إيران، التي دخلت شهرها الثاني، إثر مقتل الفتاة الكردية الإيرانية، مهسا أميني (جينا أميني)، مارس النظام الإيراني وسائل قمع عديدة لإسكات أصوات الناس هناك، مما أودى بحياة العشرات واعتقلت قوات الأمن الإيرانية آلاف المتظاهرين. وكان لـ”الباسيج”، التابع “للحرس الثوري” الإيراني، دورا كبيرا في عمليات القمع. في ضوء ذلك، يجدر التساؤل حول استخدام النظام الإيراني للميليشيات لمواجهة وقمع التظاهرات الإيرانية.

مهسا أميني (جينا أميني)، كانت تبلغ من العمر 22 عاما، وقد قُتلت في منتصف شهر أيلول/سبتمبر الماضي، أثناء احتجازها لدى شرطة “الأخلاق” الإيرانية، لارتدائها الحجاب “بطريقة غير لائقة”.

وسط التخبط الإيراني، ونتيجة للممارسات القمعية للنظام الإيراني في قمع أصوات الشعب هناك، استنكرت العديد من الدول والمسؤولين السلوك الهمجي لإيران، بالإضافة إلى أن الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي أفادوا بأنهم سيفرضون عقوبات إضافية على إيران، إلى جانب عقوبات شديدة على مرتكبي العنف ضد المتظاهرين الإيرانيين.

“الباسيج في المساجد”

بحسب التقارير الصحفية، فقد سقط عددا كبير من الضحايا على أيدي أفراد ينتمون إلى “الباسيج”، وهي قوات مسلحة غير نظامية، لديها قواعد في جميع المساجد المنتشرة بالبلاد، وهذه القوة تُدار من قبل “الحرس الثوري” الإيراني، غير أن معظم أفراد “الباسيج” من المتطوعين. هذا بالإضافة إلى أن “الحرس الثوري” لا يتولى دفع رواتب أفراد “الباسيج” بطريقة مباشرة، فالحكومة هي المعنيّة بتقديم المساندة الاقتصادية لهؤلاء الأفراد، ومساعدتهم في شغل المناصب بالمكاتب الحكومية وإدارات القطاع العام والجامعات.

تقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني أظهر المشاركة الواسعة لقوات “الباسيج” ودورها في قمع احتجاجات إيران. ونقل عن شهود عيان، دون ذكر هوياتهم بطبيعة الحال، بعضا من تفاصيل تلك المشاركة الدموية. وبينما كانت الفتاة إلناز عائدة من مظاهرةٍ بوسط طهران أواخر أيلول/سبتمبر الماضي، باغتها 4 رجال جاءوا راكبين على دراجات نارية، فقطعوا طريقها واستوقفوها.

قوات الباسيج “رويترز”

كان الرجال منتمين إلى قوات “الباسيج” شبه العسكرية، التي كانت لها مشاركة محورية في قمع المظاهرات التي اشتعلت على إثر مقتل الفتاة مهسا أميني. إلناز بدورها قالت للموقع البريطاني إنها اعتُقلت ونُقلت إلى مسجد الجواد بميدان “هفت تير” بالعاصمة طهران، و”جرُّوني إلى قبو المسجد فوجدت هناك فتيات أخريات قيد الاعتقال، ثم جاء ضابط شرطة وأخذ هواتفنا، وفحص الرسائل النصية بها رسالة تلو الرسالة. كنت قد حذفت بالفعل جميع الرسائل المتعلقة بالاحتجاجات، وأخبرت الضباط أنني اعتُقلت خطأً”.

أطلقت السلطات سراح إلناز في النهاية بعد أن بذلت جهدها لإقناعهم بأن اعتقالها كان بناء على مزاعم كاذبة. وتروي أنها “بينما كنت أركض إلى خارج المسجد من الباب الصغير المطل على الميدان، رأيت مزيدا من أفراد الباسيج على وشك الدخول إلى المسجد مع معتقلين جدد”.

قد يهمك: ماذا يفعل الإيرانيون في شبه جزيرة القرم؟

لماذا الميليشيات يقمعون المتظاهرين؟

في سياق متّصل، بحسب التقارير المتعددة الواردة من إيران حتى الآن تشير إلى أن عدد القتلى من أفراد “الباسيج” في هذه الاحتجاجات أعلى من نظرائه في أي انتفاضة أخرى شهدتها البلاد منذ الثورة الإيرانية عام 1979. وأوردت وكالة أنباء “تسنيم”، التابعة “للحرس الثوري” الإيراني، أن فردا من “الباسيج” ورائدا في “الحرس الثوري” قُتلا بمدينة بيرم جنوبي البلاد في 14 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، أثناء محاولتهما اعتقال مواطنين كتبوا شعارات مناهضة للحكومة على جدران المدينة.

كذلك، قالت صحيفة “إيران” اليومية الحكومية الأسبوع الماضي قائمة بأسماء أفراد القوات المسلحة والمجموعات شبه العسكرية الذين قُتلوا منذ بداية موجة المظاهرات الجارية في البلاد. وأوردت الصحيفة مقتل 17 فردا من “الباسيج” و7 ضباط مسلحين خلال الشهر الأول من الاحتجاجات.

وتحليلا ضمن هذا الإطار تحدث موقع “ميدل إيست آي”، مع عالم سياسة إيراني، رفض الكشف عن هويته، والذي قال إن السلطات زادت من اعتمادها على “الباسيج” لقمع الاحتجاجات في السنوات الماضية، لأن المؤسسة فقدت المناصرة الاجتماعية لها “إذ لطالما كانت الباسيج قوة مهمة ضمن أدوات القمع التي يستخدمها النظام، إلا أن حضورها ازداد لأن هذا النظام السلطوي لم يعد بإمكانه الثقة بضباط الشرطة ثقةً كاملة”.

عالم السياسة الإيراني أردف في حديثه، إن الحرب العراقية الإيرانية كانت المرة الوحيدة التي تكبدت فيها القوات شبه العسكرية عدد قتلى أكبر من القوات الرسمية. غير أن “الانتشار الواسع لقوات الباسيج له فائدتان للنظام، أولا؛ إضافة قوة بشرية جاهزة للقتال إلى آلة القمع القائمة للنظام. وثانيا؛ إتاحة التنصل من جرائمه بإلقاء اللوم على القوات شبه العسكرية”.

في حين أن وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية “إرنا”، في منتصف تشرين الأول/أكتوبر الجاري، قد ذكرت أن 850 فردا من “الباسيج” قد أُصيبوا في العاصمة وحدها. ونقلت الوكالة الرسمية عن العميد حسن حسنزاده، قائد قوات “الحرس الثوري” في طهران، قوله إن 185 فردا من مصابي قوات “الباسيج” بالعاصمة أصيبوا في ليلة واحدة. غير أنه لم يوضح التفاصيل الدقيقة للأمر ولا موعد حدوثه ولا مكانه. وقال حسنزاده، إن 3 من أفراد “الباسيج” قُتلوا في مواجهات مع المتظاهرين.

قد يهمك: على خطى حزب “البعث”.. “الشيوعي” الصيني يسيطر على السلطة

تكتيكات القمع

صحيفة “واشنطن بوست” قالت في تقرير سابق لها أن قوات الأمن الحكومية ردت بقوة مميتة، وقتلت ما لا يقل عن 52 شخصا، وفقا لمنظمة “العفو الدولية”، بمن فيهم نساء وأطفال.

وزعم المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، خلال الأسابيع الماضية، أن الاضطرابات قد حرّضت عليها قوى أجنبية، وألقى باللوم على المتظاهرين في أعمال العنف، ووصف الإيرانيين المطالبين بالعدالة والحرية بأنهم “بلطجية ولصوص ومبتزون”، معبرا عن “دعمه الكامل” لقوات الأمن، مهددا بأن موجة أخرى من القمع قد تكون قادمة.

ولفهم طبيعة حملة القمع التي تشنها الحكومة ضد المتظاهرين، حللت صحيفة “واشنطن بوست”، مئات من مقاطع الفيديو والصور الفوتوغرافية للاحتجاجات، وتحدثت إلى نشطاء حقوق الإنسان، وأجرت مقابلات مع متظاهرين، وراجعت البيانات التي جمعتها مجموعات مراقبة الإنترنت.

الصحيفة حددت مواقع جغرافية لمقاطع فيديو للاحتجاجات في 22 مدينة على الأقل، من إقليم كردستان الإيراني، حيث بدأت الاحتجاجات، إلى بندر عباس، وهي مدينة ساحلية على الخليج الفارسي، إلى رشت على ساحل بحر قزوين. وركز التحقيق على ثلاثة تكتيكات رئيسية استخدمتها الحكومة لسحق الاحتجاجات، الاستخدام الواضح للذخيرة الحية، والاعتقالات، وخنق خدمة الإنترنت.

انتشار لقوات الأمن الإيرانية في العاصمة طهران “رويترز”

الصحيفة الأميركية أجريت مقابلات مع متظاهرين في ماريفان وبالو وطهران، أكدوا النتائج. وتحدث الجميع شريطة عدم الكشف عن هوياتهم خوفا من انتقام قوات الأمن. ووصف متظاهر في ماريفان، وهي مدينة يقطنها 50 ألف نسمة في الغرب الكردي، المشهد السبت بأنه أقرب إلى حالة لتطبيق الأحكام العرفية. “كانت جميع قوات الأمن خارجة، أود أن أقول أكثر من 1000. لقد ملأوا كل ساحة وتقاطعات وشوارع رئيسية”.

الصحيفة من خلال تحديدها لمواقع الفيديو في سبع مدن، حيث تظهر قوات الأمن وهي تطلق النار على المتظاهرين. على الرغم من أنه كان من المستحيل التحقق من نوع الطلقات المستخدمة من مقاطع الفيديو وحدها، “فمن المحتمل جدا أن قوات الأمن كانت تستخدم الذخيرة الحية ضد المتظاهرين خلال أحداث الأيام والأسابيع الأخيرة”، كما قال جينزن جونز، مدير خدمات أبحاث التسلح، الذي راجع مقاطع الفيديو لفائدة صحيفة “واشنطن بوست”.

راجع محللون من جينزن، وهي مزود للاستخبارات الدفاعية، مقاطع فيديو لصحيفة “واشنطن بوست” وقرروا أن مقطعي فيديو أظهرا على الأرجح استخدام الذخيرة الحية. هذا وفي مقطع فيديو نُشر في 20 أيلول/سبتمبر الفائت، أطلق الضباط النار من مسدسات في الهواء وعلى حشود منسحبة في مدينة رشت الشمالية.

كذلك، في 21 أيلول/سبتمبر، أمرت وثيقة مسرّبة من المقر العام للقوات المسلحة الإيرانية، حصلت عليها منظمة “العفو الدولية” واطلعت عليها صحيفة “واشنطن بوست”، قوات الأمن “بمواجهة محتجين بشدة”. وذهبت وثيقة أخرى، أصدرها قائد القوات المسلحة في محافظة مازندران بعد يومين، إلى أبعد من ذلك، حيث أمرت قوات الأمن “بالمواجهة بلا رحمة.. لمثيري الشغب والمناهضين للثورة الإسلامية”.

قد يهمك: ترسيم الحدود مع سوريا.. تأجيل أم تهرّب؟

“قمع ممنهج”

على إثر استمرار الاحتجاجات الشعبية في إيران واستمرار السلطات الإيرانية في قمعهم، أكد منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، قبل نحو أسبوع أن عقوبات جديدة ستُفرض على طهران قريبا، مشيرا في تصريحات لقناة “العربية”، أن “السلطات الإيرانية تقمع المتظاهرين السلميين بشكل ممنهج”.

بوريل أضاف، أن الاتحاد الأوروبي قادر على المساهمة في أمن الملاحة البحرية، لافتا إلى أن الاتفاق النووي يظل أفضل سبيل لضمان أمن المنطقة والعالم. كما وقد كان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد أقروا عقوبات ضد مسؤولين إيرانيين، بينهم قائد “شرطة الأخلاق”، لضلوعهم في حملة القمع التي يشنها النظام على الاحتجاجات التي أشعلها مقتل الشابة مهسا أميني، والتي تواصلت في مدن عدة على خلفية الحريق بسجن “إيفين” سيئ السمعة في طهران، مع إعلان السلطات ارتفاع عدد القتلى إلى 8.

أشعل المتظاهرون النار أثناء اشتباكهم مع الشرطة خلال احتجاج على وفاة الشابة مهسا أميني في طهران 9 تشرين الأول/أكتوبر 2022

إن قائمة العقوبات التي نُشرت في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، تشمل 11 مسؤولا إيرانيا، بينهم وزير التكنولوجيا والمعلوماتية والاتصالات عيسى زاربور، وأربعة أجهزة بينها شرطة الأخلاق وقائدها محمد رسمتي جشمه كجي.

أيضا، دعت لجنة تابعة للأمم المتحدة، مؤخرا، إيران إلى وضع حد لـ”الانتهاكات الخطيرة” ضد الأطفال في حملتها لقمع حركة الاحتجاجات في البلاد. وقالت اللجنة في بيان، إن “الانتهاكات الخطيرة لحقوق الأطفال في إيران يجب أن تخضع لتحقيق معمق من قبل سلطات مختصة مستقلة ومحايدة”.

قد يهمك: غرماءه يقتربون من تشكيل حكومة عراقية جديدة.. ما دلالات صمت الصدر؟

الاعتقالات متسمرة

في السياق، اندلعت الاحتجاجات في جنوب شرقي إيران المضطرب يوم الجمعة الفائت، وأظهرت مقاطع فيديو على الإنترنت أن مئات المتظاهرين خرجوا إلى شوارع مدينة زاهدان جنوب شرقي إيران، وهاجموا البنوك.

هذا وتعد زاهدان، عاصمة محافظة سيستان بلوشستان، واحدة من المدن القليلة ذات الأغلبية السنية في إيران ذات الغالبية الشيعية. كما وردد المتظاهرون، ومعظمهم من الشبان، هتافات “الموت للديكتاتور”، في إشارة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، و “الموت للباسيج”، القوات المسلحة التي استخدمت على نطاق واسع في قمع الاحتجاجات، خارج مركز للشرطة، في لقطات انتشرت على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يتسن التأكد من صحتها.

إزاء ذلك قال قائد الشرطة في محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية، أحمد طاهري، إن 57 من “مثيري الشغب” اعتقلوا في احتجاجات اليوم عقب صلاة الجمعة في عاصمة الإقليم زاهدان.

طاهري أردف في بيان له، نقلته وكالة إرنا”، “اليوم في تمام الساعة 13:00 (09:30 بتوقيت غرينتش)، عقب صلاة الجمعة في مسجد مكة، ردد ما يقرب من 100 إلى 150 من البلطجية والمشاغبين الشعارات ورشقوا المحلات التجارية والمركبات وعدة فروع للبنوك بالحجارة”، مشيرا إلى أنه بالإضافة إلى 57 موقوفا، تم التعرف على “القيادات والمحرضين” من مثيري الشغب، وتجري عمليات اعتقال الجناة.

في غضون ذلك قالت “العفو الدولية” إن قوات الأمن قتلت 66 شخصا على الأقل في حملة عنيفة بعد صلاة الجمعة في زاهدان يوم 30 أيلول/سبتمبر الفائت، وهو ما أكدته منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها أوسلو، إلا إنها قالت إن عدد القتلى بلغ 93 شخصا كانوا قد تجمعوا في نفس الموقع.

قد يهمك: طموح تركيا في آسيا الوسطى يتعزز.. ما الأسباب والنتائج؟

مصير الاحتجاجات

ضمن سياق توجه ومصير الاحتجاجات الإيرانية إلى أين، قالت صحيفة “إيران”، أن قتلى “الباسيج” تنوعت أماكن مقتلهم بين المدن التي شهدت مظاهرات في جميع أنحاء إيران، ومنها طهران ومشهد وشيراز وتبريز وأرومية وكرج، مشيرة إلى أن أحد قتلى الاحتجاجات من جانب النظام كان ضابطا يخدم في جيش البلاد. وأكد ضابط جيش متقاعد أن بعض ضباط الجيش يتطوعون في قوات “الباسيج” أيضا، ويشاركون في الأعمال الموكلة إليها لتلقي مكافآت الحكومة.

الضابط المتقاعد ذاته أفاد لموقع” ميدل إيست آي”، “لقد كنت فردا متطوعا في قوات الباسيج لبضع سنوات، واستمر انتمائي إليها حتى عندما كنت ضابطاً في الجيش الرسمي. كنا نضطر إلى إقامة كمائن تفتيش وإدارتها، لكن لم يكن يعجبني إيقاف سيارات الناس العاديين وتفتيشهم، فتوقفت بعد مدةٍ عن العمل مع الباسيج. ومع ذلك فإن كثيرا من مسؤولي الجيش هم أفراد منتمون إلى الباسيج أيضا”.

أكدت تقارير نشرها مقربون من المؤسسة الحاكمة في طهران أن “الباسيج” يشارك في الحملات التي تشنها قوات الأمن على المحتجين.

هذا وتمثل الاحتجاجات في إيران أحد أكثر التحديات جرأة للقيادة الدينية منذ ثورة 1979، وحتى إن لم تكن قريبة من الإطاحة بالحكومة التي نشرت أجهزتها الأمنية القوية لإنهاء مظاهر الاحتجاج. كما واتهم “الحرس الثوري” الإيراني، السبت الماضي، مولوي عبد الحميد، وهو رجل دين سني بارز في زاهدان، بالتحريض ضد الجمهورية الإسلامية، وحذره من أن ذلك قد يكلفه ثمنا باهظا بعد أن قال رجل الدين، في خطبة الجمعة، إن مسؤولين بينهم الزعيم الأعلى يتحملون المسؤولية عن مقتل العشرات في زاهدان الشهر الماضي.

قد يهمك: ما تأثير التظاهرات الإيرانية على نظام خامنئي؟

أزمة مستمرة

في سياق متّصل، أصدر رئيس الوزراء الإيراني السابق والزعيم الإصلاحي، الذي يقيم تحت الإقامة الجبرية مير حسين موسوي، بيانا خاطب فيه القوات المسلحة الإيرانية حول الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد بعد مقتل الشابة مهسا أميني، بعد استدعاءها من قبل الشرطة الأخلاقية.

وقال في البيان، إن القدرات المعطاة لكم هي من أجل الدفاع عن الشعب وليس لقهرهم، وهي من أجل حماية المظلوم وليس لخدمة الأقوياء. متمنيا على القوات المسلحة أن تقف إلى جانب الحق وإلى جانب الشعب. وتابع إن مهسا أميني هي ابنة إيران، ابنة كردستان، ابنة البشرية وسلبت من أحلامها بموتها المفجع، وفق تقرير لموقع “جادة إيران”.

الكاتب والصحفي المتخصص بالشأن الإيراني، نزار جاف، قال في وقت سابق لـ”الحل نت”، “لأن النظام الديني المتشدد في إيران واجه العديد من الحركات الاحتجاجية الكبيرة للشعب الإيراني، خاصة بعد مقتل الشابة الكُردية مهسا أو جينا أميني، على يد ما يسميه النظام الإيراني بدوريات الإرشاد، مختلفة تماما عن الاحتجاجات السابقة، ذلك لأن الاحتجاجات السابقة كانت لأسباب سياسية واقتصادية ومعيشية، ولم تحمل كل الأسباب أو المبررات الشاملة بمعنى تجاوز وتخطي الأبعاد السياسية والاقتصادية، وتحويلها إلى احتجاجات شاملة تعبّر عن الرأي العام الإيراني”.

بالنظر إلى الوضع في إيران قبل مقتل الشابة أميني، يمكن القول إنها كانت محتقنة وتشبه بركانا رآه الجميع يغلي وينتظر لحظة ثورانه. كان مثل الأرض التي مهّدت للإسراع في دفع الوضع المزدحم إلى ذروته، وأصبح مقتل أميني، الشرارة والمبرر لانفجار بركان الغضب الإيراني، على حد قول جاف.

وفق اعتقاد جاف، فإن قيام خامنئي بتنصيب إبراهيم رئيسي، رئيسا لإيران، وهو المعروف لدى الشعب الإيراني بـ “الجزار”، لدوره في مذبحة آلاف السجناء السياسيين عام 1988، بعد فشل لعبة “الاعتدال والإصلاح”، التي قام بها النظام الإيراني خلال فترات الرئاسة الأربع لمحمد خاتمي وحسن روحاني، لا سيما في عهد روحاني، حيث شهدت احتجاجات واسعة النطاق، لا سيما نهاية عامي 2017 و 2019، عندما هتف الناس ضد أصل النظام وضد مرشد النظام نفسه. وبدلا من اعتراف خامنئي، بأخطاء النظام والسعي لتصحيحها، اختار الهروب إلى الأمام بتنصيب رئيسي، رئيسا لدولة إيران واللجوء إلى خيار استخدام القبضة الحديدية ضد كل من يقف في وجه الحكومة الإيرانية.

“كان النظام الإيراني ولا يزال يواجه أزمة خانقة في جميع المجالات، يجب الاهتمام بها وأخذها بعين الاعتبار. والأهم أنه حتى لو رفعت العقوبات الدولية عن النظام وأطلق سراح أصوله المجمدة، فلن يتمكن من حل أزمته الاقتصادية باعتراف خبرائه الاقتصاديين، لأن الظروف السلبية لهذا النظام في الواقع، هو نتيجة تراكم المشاكل والسلبيات الموروثة منذ إنشاء هذا النظام، أي أن الخطأ الأساسي والرئيسي، يكمن في النظام نفسه وفي النهج الذي يصر على التمسك به وجعل كافة إمكانيات وموارد بلد في خدمتها”، على حد تعبير جاف.

قد يهمك: أنظمة سياسية ضعيفة في إيران وروسيا لهذا السبب!

“عقوبة الإعدام”؟

السلطات الإيرانية، أعلنت إن 516 شخصا سيقدمون للمحاكمة، في أول إجراء قانوني كبير يتخذ لقمع الاضطرابات التي بدأت في أيلول/سبتمبر. وأفاد مسؤولون قضائيون إن المتهمين “كان لهم دور رئيسي في الاحتجاجات سيقدمون للمحاكمة بدءا من هذا الأسبوع، بينهم 315 في طهران و201 في محافظة قريبة”، وفقا لوكالة “مهر” الإيرانية للأنباء.

هذا ووجّهت إلى أربعة متهمين تهمة “محاربة الله”، وهي جريمة يعاقب عليها بالإعدام، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.

كذلك، نقل عن رئيس السلطة القضائية الإيرانية، غلام حسين محسني، قوله في اجتماع للمجلس القضائي في البلاد، إنه “سيتم معاقبة هؤلاء الأفراد وستكون هذه العقوبة مثبطة”. من جانبها السلطات الإيرانية، اعتقلت عددا غير معروف من الأشخاص منذ بدء الاحتجاجات في 19 أيلول/سبتمبر الماضي لتملأ السجون المكتظة بالفعل بالسجناء.

سجن أفين في إيران

في مدينة الأهواز جنوب غرب البلاد، طالب عمال مصنع للصلب بالإفراج عن أكثر من 250 من زملائهم الموظفين المحتجزين، وهم يهتفون “سنقاتل، سنموت، سنستعيد إيران” في وسط المدينة، وفقا لأحد مقاطع الفيديو المنشور.

تقارير إخبارية متعددة أشارت إلى أن هناك مواجهة في مدرسة للبنات في طهران بين أولياء أمور الطالبات وأفراد الأمن، اندلعت بعد أن سعى مديرو المدرسة إلى تفتيش الطالبات، بالإضافة إلى أولئك الذين يواجهون المحاكمة بتهمة الانضمام إلى الاحتجاجات، اعتقلت السلطات 10 أشخاص متهمين بالتعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية، “الموساد”، لتنفيذ هجمات ضد قوات الأمن الإيرانية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”.

بدوره، صرح المدعي العام في طهران علي صالحي في اجتماع المجلس القضائي الإثنين إن المحتجزين متهمون بـ “عقد تجمعات والتواطؤ بنية العمل ضد الأمن القومي”، وكذلك بالدعاية والإخلال بالنظام العام، وفقا لوكالة “تسنيم” شبه الرسمية للأنباء. صالحي نوّه إلى أن المتهمين الذين يواجهون “عقوبة الإعدام” متهمون باستخدام الأسلحة وإصابة الضباط وحرق الممتلكات العامة.

قد يهمك: طهران تصرف الأنظار عن احتجاجات الداخل بقصف المناطق الكردية العراقية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة