مع تعقّد الملف الإيراني ودور طهران في زعزعة أمن الشرق الأوسط، لا سيما في ظل فشل التوصل للاتفاق النووي، تتبادل الإمارات العربية المتحدة محادثات متواصلة مع الجانب الإسرائيلي، لبحث قضايا استقرار المنطقة، إذ يمتلك الجانبان نقاط مشتركة عديدة في هذا الشأن.

الملف الإيراني

الملف الإيراني يتصدر قوائم الملفات المشتركة بين الإمارات وإسرائيل، إذ يتفق الجانبان على ضرورة منع طهران، من امتلاك قنبلة نووية، لكنهما قد يختلفان في الأسلوب الرامي لتحقيق هذا الهدف.

 رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بحث خلال اتصال هاتفي، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، سبل تحقيق السلام في المنطقة.

بحسب ما نقل موقع “العربية نت”، فإن الجانبان بحثا العلاقة بين الجانبين، بعدما هنأ بن زايد، نتنياهو بفوز الائتلاف الذي يقوده في انتخابات “الكنيست” الأخيرة مؤكداً حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على تعزيز أسباب السلام والتعاون والشراكات الإيجابية في المنطقة لمصلحة جميع شعوبها.

منذ بداية العام الجاري تبادل الجانبان الإماراتي والإسرائيلي الزيارات، لبحث أمن واستقرار المنطقة، وكانت أبرز تلك الزيارات، زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، بمناسبة مرور عامين على توقيع الاتفاق الإبراهيمي برعاية الولايات المتحدة“.

تمتلك العديد من دول الخليج وعلى رأسها الإمارات، رؤى متقاطعة مع إسرائيل فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، لكن يكمن الفارق في أن دول الخليج لا تريد تصادم عسكري مع إيران، في حين أن إسرائيل مستعدة لكافة الخيارات بما فيها الخيار العسكري لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.

بحسب تقرير لموقع “بي بي سي عربي” حول العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، فإن، “الإمارات قد تلعب دورا في دفع إسرائيل لتبني مسارات أكثر دبلوماسية للتعامل مع التهديدات الإيرانية“.

يبدو أن الجانبين يرون في بعضهما شريكا لاحتواء الخطر الإيراني في المنطقة، ويشكل ذلك دافعا لتعزيز العلاقات، فضلا عن الخطوات التي يتم اتخاذها في هذا الشأن، لا سيما منع تل أبيب للمسلحين الإيرانيين من التغلغل في المناطق الحدودية في سوريا على سبيل المثال.

تاريخ 15 أيلول/عام 2020، شهد أبرز مراحل تطور العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب، إذ قّع الطرفان اتفاقا لإقامة علاقات دبلوماسية في “البيت الأبيض” برعاية وحضور الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، تزامنا مع توقيع البحرين اتفاقا مماثلا.

ومنذ هذا الوقت جرت إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين أبوظبي وتل أبيب، جنبا إلى جنب مع توقيع اتفاقيات ثنائية في مجالات متعددة، على رأسها التكنولوجيا والاتصالات والطيران المدني والرعاية الصحية والسياحة حتى وصل إجمالي التبادل التجاري بينهما 1.4 مليار دولار.

وبحسب تصريحات سابقة لولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فإن الإمارات وإسرائيل تتبنيان رؤية مشتركة تجاه مصادر التهديد لاستقرار المنطقة، ويجمعهما فهمٌ مشترك لأهمية اتخاذ موقف حازم ضد “الميليشيات والقوى الإرهابية“.

وقال بن زايد خلال لقائه السابق بالرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، في أبوظبي، أن توالي زيارات المسؤولين الإسرائيليين إلى دولة الإمارات يؤكد، أن علاقات البلدين تسير إلى الأمام باستمرار وأن هناك إرادة مشتركة وقوية لتعزيزها لمصلحة بلدينا وشعبينا.

وتيرة المفاوضات في فيينا كانت تسير بخطى بطيئة لكنها واثقة من الوصول لنتيجة إيجابية من فيينا، وكانت الجهود الغربية يقابلها تشدد إيراني لتحصيل أقصى ما يمكن تحصيله.

وعندما وصلت المفاوضات إلى نهايتها المتوقعة، كانت الاحتجاجات الإيرانية والانتهاكات التي ارتكبتها السلطات، ودعم طهران موسكو عسكريا، أسبابا للإطاحة بالاتفاق وتوقفت المفاوضات إلى أجل غير معلوم.

خيارات تل أبيب

مؤخرا بدأت إسرائيل في التحضير لخيار عسكري محتمل ضد إيران بسبب برنامجها النووي، وهنا ظهرت نقطة الخلاف بين وجهة نظر واشنطن ووجهة نظر تل أبيب، حيث تسعى واشنطن بالتعاون مع الدول الغربية إلى مواجهة إيران عبر الخطوط الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق، الأمر الذي لم تعد تل أبيب مقتنعة به.

فشل الاتفاق النووي مع إيران سيكون له تبعات عديدة على الصعيدين الدولي والإقليمي، فبحسب محللين تحدثوا لـ”الحل نت”، فإن الاتفاق النووي فشل فعلا، وحول ذلك أضاف، “المفاوضات مع إيران ما زالت فاشلة ولم تصل إلى مرحلة ترضي جميع الأطراف، بالتالي نحن لا زلنا في مربع التفاوض، الأمر الآخر هو أن الدول الغربية تسعى للحصول على اتفاق نووي مع إيران، من أجل ضمان تدفق أكثر للنفط الخام في السوق الدولية، في ظل الحظر المفروض على روسيا، النفط الإيراني عليه حظر سينفك بمجرد نجاح الاتفاق النووي، وفشل الاتفاق سيعني مزيد من تفاقم هذه الأزمات واتجاه العلاقات بين إيران والغرب نحو الانهيار تماما“.

هناك العديد من الاستراتيجيات المتّبعة في المواجهات الإيرانية الإسرائيلية، منها حرب المسيّرات واغتيال علماء الطاقة النووية أو قادة “الحرس الثوري” في الداخل الإيراني، ومؤخرا أعادت إسرائيل قصف المواقع الإيرانية في سوريا، للضغط عليها في هذا الملف.

حول ذلك قال الباحث في الشؤون الإيراني هاني سليمان، “إسرائيل ستتخذ كافة الإجراءات المتاحة لمنعها من ذلك، فالملف الإيراني هو واحد من الملفات التي تحظى بتوافق كامل في الداخل الإسرائيلي، بصرف النظر عن شخص وخلفية رئيس الوزراء“.

سليمان اعتقدَ في حوار سابق له مع “الحل نت“، أن المواجهة بين إيران وإسرائيل، ستأخذ منحى تصاعدي في الفترة المقبلة، لا سيما مع فشل التوصل لاتفاق نووي يرضي إسرائيل، فربما نشهد مواجهة عسكرية مباشرة بين الجانبين، لا سيما مع التحضيرات التي تعمل عليها إسرائيل تجهيزا لهذه المواجهة.

كذلك فإن إسرائيل تحاول استغلال الرفض الغربي لامتلاك إيران لسلاح نووي، لمحاولة استصدار قرار غربي لمواجهة إيران بشكل مباشر والخروج من مسألة الوصول إلى اتفاق، لكن ذلك سيأخذ المزيد من الوقت بالتأكيد، سيتطلب تحركات دبلوماسية وسياسية وعسكرية.

إيران لا تريد الحرب

بحسب العديد من التقارير الصحفية التي اطلع عليها “الحل نت“، فإن المسؤولين الإسرائيليين، يؤكدون دائما، أن إسرائيل لن تتردد باستهداف إيران وستتحرك في أي وقت ومكان لضمان أمن إسرائيل، فهم بالإضافة لما يرونه خطرا متمثلا بالبرنامج النووي الإيراني، يدركون أيضا الخطر الذي يشكله تواجد الميليشيات الإيرانية في سوريا على حدود الجولان.

يبدو أن منطقة الشرق الأوسط ستشهد إعادة بلورة للعلاقات بين الدول خلال الفترة القادمة، وبالتأكيد سيكون الملف الإيراني ومدى تأثيره على أمن المنطقة، العامل الأول في تحديد التحالفات الجديدة لمواجهة الخطر الإيراني المحتمل.

قد يما تبعات فشل الاتفاق النووي بعد فوز نتنياهو بالانتخابات الإسرائيلية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة