بعد نحو عام من مزاولة دولة القارة الإفريقية للتجارة الحرة ضمن ما يسمى منطقة التجارة الحرة التي تأسست في العام 2018 بعد سنوات من الجهد المضني، والتي تضم 42 دولة من أصل 55، بات السؤال حول مدى جدوى تلك الاتفاقية في الحد من الفقر في القارة السمراء.

بداية، أن منطقة التجارة الحرة للقارة الإفريقية، تعتبر منطقة تجارة حرة، موضحة في اتفاقية التجارة الحرة لأفريقيا القارية، وتعد هذه المنطقة التجارية الحرة هي الأكبر في العالم من حيث عدد الدول المشاركة منذ تشكيل منظمة التجارة العالمية، وتقضي الاتفاقية مبدئيا من الأعضاء إزالة التعريفات من 90 بالمئة من السلع، مما يتيح حرية الوصول إلى السلع والخدمات عبر القارة.

منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في منظورها العام، تعد أكثر بكثير من مجرد اتفاقية تجارية، حيث ينظر إليها على أنها أداة مكتملة الأركان لتنمية إفريقيا، من خلال دفعها بشكل استراتيجي الى تكامل القارة، وتضع الأسس الراسخة لإحداث ثورة صناعية وتجارية وبالتالي توفيرها لفرص الأعمال والوظائف في إفريقيا، بحسب دراسة لمركز “الجزيرة” للدراسات.

وهي أيضا اتفاقية تجارية طموحة، فهي تربط ما يقرب من 1.3 مليار شخص عبر 55 دولة إفريقية تمثل الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، والهدف هو الوصول إلى التكامل الاقتصادي المنشود بقارتنا الإفريقية، سعيا لتحسين مناخ الاستثمار والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة.

اقرأ/ي أيضا: التوافق الخليجي.. هل يحيي نظام الأمن الجماعي في المنطقة؟

الدول الأعضاء

الدول التي صادقت على الاتفاقية هي؛ غانا، كينيا، رواندا، النيجر، تشاد، إيسواتيني، غينيا، كوت ديفوار، مالي، ناميبيا، جنوب إفريقيا، جمهورية الكونغو، جيبوتي، موريتانيا، أوغندا، السنغال، توغو، مصر، إثيوبيا، غامبيا، جمهورية الصحراء العربية، سيراليون، زيمبابوي، بوركينا فاسو، ساو تومي وبرينسيبي، غينيا الاستوائية، الغابون، موريشيوس، جمهورية إفريقيا الوسطى، أنغولا، ليسوتو، تونس، الكاميرون، نيجيريا، مالاوي، زامبيا، الجزائر، بوروندي، سيشيل، تنزانيا، كابو فيردي، المغرب، جمهورية الكونغو الديمقراطية.

الدول الإفريقية التي صادقت على الاتفاقية تعهدت ككتلة واحدة بناء على اتفاقية التجارة الحرة القارية، بتحرير التجارة في معظم تعاملاتها التجارية من عامة الرسوم والمدفوعات، ومنذ بدء التنفيذ وحتى الآن قدمت 44 دولة من أعضاء الاتحاد الإفريقي عروضها التعريفية، وهي خطوة جيدة نحو التنفيذ الفعلي والاستفادة الكاملة من الاتفاقية، غير أن السؤال حول جدوى هذه الاتفاقية في الحد من الفقر في القارة السمراء بقية قائما.

بدوره موقع “الحل نت”، تحدث مع المهتم في الشأن الإفريقي، على الراحجي، للوقف على قيمة هذه الاتفاقية بالنسبة للشعوب الإفريقية، وقال إن “منطقة التجارة الحرة الأفريقية يمكن أن تحقق مكاسب اقتصادية واجتماعية كبيرة للمنطقة تؤدي إلى زيادة الدخول والحد من الفقر وتسريع وتيرة النمو الاقتصادي”.

الراجحي أضاف أنه “بالنظر إلى عدد البشر الذين ستخدمه الاتفاقية والدول المشاركة في هذه الاتفاقية فأنه لا شك سيكون هناك نشاط اقتصادي كبير، ومتنامي مع الوقت، لاسيما مع ما تتمتع به القارة السمراء من موارد كبيرة، ستغني الدول المتعاونة في هذه الاتفاقية”، مشيرا إلى أنها “ستساعد بشكل كبير في خلق وضائف كبيرة مما يحد من البطالة بين الشباب، وينعكس على مستوى دخل الفرد الذي بدوره سيحد من نسب الفقر”.

اقرأ/ي أيضا: العلاقات المصرية التركية على مفترق طرق.. ما علاقة أمن البحر المتوسط؟

التجارة الحرة الإفريقية ودورها في الحد من الفقر

المهتم بالشأن الإفريقي لفت إلى أن “10,7 بالمئة من سكان العالم يعيشون تحت هذا خط الفقر وعددهم 783 مليون نسمة، فيما يتركز هؤلاء الفقراء في افريقيا جنوب الصحراء بنسبة 42.3 بالمائة من السكان، ما يعني أنها أعلى نسبة فقر في العالم، لذلك أن وجود هذه الشراكة الاقتصادية التي تنشط سوق العمل ضرورية جدا للمنطقة، كما سيكون لها دور كبير في خفض نسب الفقر على مدى عشرة أعوام”.

وعليه بحسب الراجحي، فإن اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية ليست فقط محاولة لعكس اتجاه انخفاض التجارة البينية، بل أنها مبادرة مهمة على مستوى إنقاذ القارة الإفريقية من الفقر المدقع، وعامل أساسي في النهوض بمستوى النشاط الاقتصادي”.

وفقا لتقرير “البنك الدولي” فأنه إذا تم تنفيذ الاتفاق التجاري تنفيذا كاملا للمواءمة بين قواعد الاستثمار والمنافسة، فإنه قد يؤدي إلى زيادة الدخول في المنطقة الإفريقية نحو 9 بالمئة أي إلى 571 مليار دولار.

 أيضا يمكن أن يؤدي إلى خلق قرابة 18 مليون وظيفة جديدة كثير منها وظائف أعلى أجرا وأفضل جودة، وستشهد العاملات أكبر المكاسب، وبحلول عام 2035 قد تساعد الوظائف الناجمة عن الاتفاق ونمو الدخول حوالي 50 مليون شخص على الخروج من دائرة الفقر.

اقرأ/ي أيضا: ملفات أمنية في “أستانا 19”.. ما فرص إحياء العملية السياسية؟

كيف ستساهم التجارة الحرة الإفريقية في تنشيط الاستثمارات الأجنبية؟

البنك الدولي” أشار في تقريره أيضا، إلى أن تنفيذ الاتفاق التجاري سيؤدي أيضا إلى زيادات أكبر في الأجور للنساء والعمال المهرة، وبحلول 2035 من المتوقع أن تزداد أجور العاملات بنسبة 11.2 بالمئة عن مستوى الأجور في غياب الاتفاق، متخطية بذلك نمو أجور الذكور من العمال الذي ستبلغ نسبته 9.8 بالمئة.

كذلك أن النتائج الرئيسية لتقرير “البنك الدولي” بينت أن منطقة التجارة الحرة لديها القدرة على تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تحتاج إليه إفريقيا للتنويع بما يضم صناعات جديدة مثل الصناعات الزراعية والخدمات والحد من مواطن ضعف المنطقة في مواجهة دورات الرواج والركود للسلع الأولية.

أيضا أن توطيد التكامل قد يساعد بما يتجاوز نطاق التجارة، وتدابير تسهيل التجارة التي تكفل تنسيق السياسات بشأن الاستثمار والمنافسة والتجارة الإلكترونية، وحقوق الملكية الفكرية، على تعزيز كفاءة الأسواق وتنافسيتها، وتقليص المخاطر المتصلة بالبيئة التنظيمية، واجتذاب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر.

على هذا النحو، فأن زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة قد تؤدي إلى زيادة صادرات إفريقيا ما يصل إلى 32 بالمئة بحلول عام 2035، مع نمو الصادرات فيما بين البلدان الإفريقية بنسبة 109 بالمئة، لا سيما في قطاعات السلع المصنعة، كما ستشهد كل البلدان في إفريقيا زيادة التبادل التجاري فيما بينها بما في ذلك تونس 165 بالمئة، والكاميرون 144 بالمئة، وغانا 132 بالمئة، وتنزانيا 126 بالمئة، وجنوب أفريقيا 61 بالمئة.

اقرأ/ي أيضا: اشتعال التوترات بين إيران وأذربيجان.. ما علاقة المكاسب الجيوسياسية الأذربيجانية والتركية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.