حرب مفتوحة تخوضها الأردن على حدودها الشمالية مع سوريا، ضد تجار ومهربي المخدرات، في ظل تنامي ظاهرة التهريب باتجاه الأردن، إذ يسعى الأردن منذ أشهر إلى توظيف كافة جهوده العسكرية والدبلوماسية لإرساء الاستقرار على الحدود.

حتى الآن لا يبدو أن الأردن نجح في ذلك، إلا أن المسؤولون في عمان يؤكدون أن القوات الأردنية لن توفر أي جهد، لكبح جماح مهربي المخدرات من الميليشيات المنتشرة على الحدود، فما هي أوراق الضغط الأردنية لمواجهة عمليات التهريب.

إصرار ميليشياوي على التهريب

القوات الأردنية أعلنت مؤخرا، تحريك دوريات رد الفعل السريع من الجانب الأردني، وتطبيق قواعد الاشتباك بالرماية المباشرة على مجموعة أشخاص، حاولوا مجددا التسلل وتهريب كمية كبيرة من المخدرات إلى الأراضي الأردنية.

الاشتباكات المستمرة على الحدود المشتركة بين الأردن وسوريا، بين القوات الأردنية وميليشيا تهريب المخدرات، توضح إلى أي مدى هناك إصرار من جانب تلك المجموعات على تهريب المخدرات نحو الأردن، وذلك على الرغم من تشديد الحراسة الأردنية وضبط كميات كبيرة بشكل دوري من المواد المهرّبة.

الأردن يواجه صعوبات كبيرة في إيقاف تدفق المخدرات إلى أراضيه، لا سيما مع إصرار الميليشيات المتمركزة على الحدود من الجانب السوري على تهريب المخدرات، بالرغم من كل الضربات التي يوجهها حرس الحدود الأردني، الذي أكد أن الحرب على المخدرات جزءا من الأمن القومي والوطني.

بحسب تقرير لموقع “القدس العربي“، فإن ذلك يعني أن “هناك جهات منظمة تحرص على بقاء تهريب المخدرات والمواد الممنوعة عبر الحدود الأردنية، لأن بقاءها أو الاستمرار في المحاولات أقل كلفة من الاستسلام لعدم تكرار المحاولة، مما يثير بالنتيجة تساؤلات قد تكون مقلقة لا بل مفزعة أمنيا عن حجم وطبيعة الجهات والقوة التي تدير هذه العمليات وتصر عليها“.

أوراق ضغط

الباحث السياسي مصطفى النعيمي، رأى أن الأردن يملك أوراق ضغط عديدة لمواجهة تهريب المخدرات على حدوده الشمالية، وذلك من خلال علاقاته مع الولايات المتحدة الأميركية، مشيرا إلى أن الإصرار على تهريب المخدرات مرتبط بشكل مباشر بالمستفيدين من هذه العمليات في دمشق وطهران.

النعيمي قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “الأردن تواجه صعوبة في ضبط الحدود نظرا للكم الكبير من حجم محاولات تجار المخدرات إدخالها إلى الأردن وعبر وسائل مختلفة، ويستخدم التجار اليوم مسارين معا، أما عبر منفذ حدود نصيب- جابر من خلال استغلال شحنات الفواكه وكذلك عبر مسار الطائرات المسيّرة، لذلك في الآونة الأخيرة لجأ الأردن إلى حلول بديلة لمواجهة تهريب المخدرات عبر المسيرات لتغيير قواعد الاشتباك بحيث أسقط العديد من المسيرات وضبط شحنات المخدرات“.

الجيش الأردني منح مجالات واسعا لمواجهة تجار المخدرات، وذلك من خلال استهداف تحركات التجار في الداخل السوري، وقد عمدت عمّان إلى تحذير دمشق وبعض الميليشيات التابعة لها، متهمة إياها بالوقوف وراء تقديم الدعم اللوجستي لتجار المخدرات.

برأي النعيمي، فإن هناك ارتباط مباشر، بين ارتفاع وتيرة ضبط شحنات المخدرات من قبل الأردن، والانهيار المتواصل للاقتصاد السوري، حيث ان هنالك تقارير أكدت أن حكومة دمشق باتت تعتمد على استثمار اقتصاد الظل في تمويلها، وبالتالي فإن انخفاض وتيرة التهريب ألقى بظلاله على تفاقم الأزمة الاقتصادية في سوريا.

حاولت الحكومة الأردنية أن تسلك المسارات الدبلوماسية، مدفوعة بالتحديات الأمنية على حدودها، حتى لجأت إلى الجانب الروسي، الذي لم يلتزم بتعهداته المتمثلة بإبعاد الميليشيات الإيرانية عن المناطق الجنوبية.

حول ذلك زاد النعيمي، “روسيا لم تلتزم بإبعاد ميليشيات المخدرات المرتبطة بالمشروع الإيراني في المنطقة العربية، والذي يستخدم المخدرات كبوابة لتدمير الشعوب داخليا وصولا إلى مجتمعات مفككة لسهولة إنتاج أرضية خصبة للولوج نحو العمق الأردني، من خلال إفساد المجتمع لكن نظام الحكم في عمان، عينه يقظة تجاه تلك المحاولات المستمرة ويعمل على مدار الأربعة وعشرون ساعة لمنع تلك المحاولات“.

وفق رؤية النعيمي فإن الأردن، يمتلك أوراق ضغط إضافية لمواجهة عمليات التهريب، تتمثل بعلاقته الوثيقة مع الولايات المتحدة، “تتيح له العمل على رفد مؤسسته العسكرية بمعدات استطلاع في العمق السوري، وتشارُك المعلومات حول شبكات المخدرات وتقديم المعدات العسكرية اللازمة للتعامل مع تجار المخدرات، كذلك من خلال تلك العلاقة والقوانين التي تصدرها الولايات المتحدة بخصوص مكافحة المخدرات لمعاقبة النظام السوري حتما سيستثمرها الأردن“.

قد يهمك: كأس العالم 2022.. برعاية “الدحيح”!

القيادة الروسية كانت قد لعبت دورا سابقا في الملف الأمني في الجنوب السوري، وذلك خلال تفاهمات بين موسكو وتل أبيب على إبعاد الميليشيات الإيرانية من مناطق الجنوب، في إطار طلبات تل أبيب المتعلقة بأمنها القومي والاستراتيجي.

فشلت روسيا بالطبع في السيطرة على التمدد الإيراني، ذلك ما كان سببا في تصاعد وتيرة الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع الميليشيات الإيرانية وتحركاتها، وخاصة في مناطق الجنوب، ذاتها التي تعاني منها الأردن.

جهود أردنية متزايدة

منذ أكثر من عام والمسؤولون في حكومة عمّان، لا يتوقفون عن إجراء الزيارات والمباحثات مع المسؤولين العرب، لجمع دعم عربي من شأنه المساهمة في الحل السوري، ما قد يساعدها من تقليل المخاطر على الحدود المشتركة مع سوريا، لا سيما فيما يخص قضية المخدرات العابرة للحدود.

أواخر العام الماضي، بدأت الجهود الأردنية، لصياغة مبادرة أردنية، تهدف لتقديم رؤية للحل السياسي في سوريا، ووصلت التجارب الأردنية، إلى محاولة إعادة العلاقات مع دمشق، ليتبين فيما بعد أن دمشق بقيادة الرئيس السوري بشار الأسد، لا تستطيع ضبط الميليشيات الإيرانية والحدود السورية الأردنية، لتلجأ الأردن في مبادرتها لجمع جهود عربية.

حتى الآن، ما تزال المبادرة الأردنية غير واضحة المعالم، بالرغم من الجهود الواضحة التي يبذلها الأردن في سبيل حشد الدعم الإقليمي والدولي، من أجل دعم مبادرته الرامية لتحقيق تقدم ملموس في العملية السياسية السورية.

لم يتطرق وزير الخارجية الأردني، أو العاهل الأردني لأية نقاط أساسية ومحورية خلال حديثهم عن المبادرة الأردنية، وكل ما تم ذكره هي القرارات الدولية وخاصة القرار 2254، والذي ينص في الأصل على تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية، وهذا الحل ترفضه حكومة دمشق ومن خلفها روسيا وإيران، لأن تطبيقه يعني سقوط الحكومة الحالية تلقائيا.

ومع فشل جهود الحل السياسي، وفشل كذلك روسيا في لعب دور مهم في تحقيق الأمن والاستقرار جنوبي سوريا، يبدو أن الأردن سيخوض المسار وحيدا في محاربة ميليشيا تهريب المخدرات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أميركا قد تكون حليفا مناسبا، لا سيما مع اهتمامها في ملف المخدرات وعلاقة المسؤولين في دمشق، وتورطهم في هذه العمليات من خلال تقارير صادرة من واشنطن بهذا الشأن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة