بعد انخفاض وتيرة الضربات الإسرائيلية على مواقع إيرانية ضمن الجغرافيا السورية، مقارنة بالأشهر السابقة، عاودت تل أبيب، ليل الإثنين/الثلاثاء اليوم، قصف مواقع في محيط دمشق.

إسرائيل لا تنفك عن استهداف مواقع الميليشيات الإيرانية الموجودة في الأراضي السورية. فبين الحين والآخر تقصف مواقع في سوريا. آخرها كان في 19 من تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، حيث استهدفت مواقع في محافظتي حمص وحماة وسط البلاد، وتسبب بمقتل أربعة عسكريين سوريين، بحسب وسائل الإعلام الرسمية.

أيضا، لا يخفى سرا أن إسرائيل تعمل بكل الوسائل الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية لتضييق الخناق على إيران في سوريا والمنطقة ككل، وهذا مرتبط بمصالح إسرائيل وحساباتها الإقليمية. لذلك، وسط المتغيرات والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، تُثار تساؤلات حول أسباب القصف الإسرائيلي لمواقع “حزب الله” اللبناني، في دمشق وتحديدا في الوقت الحالي، وعما إذا كانت هناك رسائل سياسية لإيران من خلال هذا القصف، والسؤال الأهم ما إذا كانت إسرائيل ستكثّف قصفها في الفترات المقبلة للحد من التوسع الإيراني، خاصة بعد تولي بنيامين نتنياهو القيادة الإسرائيلية من جديد.

إيران “خطر استراتيجي”

فجر اليوم الثلاثاء، أفادت “وكالة الأنباء السورية الرسمية” (سانا)، نقلا عن مصدر عسكري لم تسمه قوله، إنه في “حدود الساعة 00:30 من فجر اليوم نفّذ العدو الإسرائيلي عدوانا جويا برشقات من الصواريخ من اتجاه شمال شرق بحيرة طبرية مستهدفا بعض النقاط في محيط مدينة دمشق”.

سماء دمشق خلال غارة إسرائيلية سابقة “أرشيف – أ.ب”

“سانا” أوردت في شريط عاجل “دويّ انفجارات في محيط دمشق”، مشيرة إلى أن “وسائط دفاعنا الجوي تتصدى لصواريخ العدوان الإسرائيلي في سماء محيط دمشق”، مضيفة “تصدت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت عددا منها”، مشيرة الى أن “العدوان أدى إلى إصابة عسكريين اثنين بجروح وبعض الخسائر المادية”، وفق ما نقلته “وكالة الصحافة الفرنسية” (أ ف ب).

أما بحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فقد طال القصف مستودع أسلحة تابع لـ”حزب الله” اللبناني، يقع بين مطار دمشق الدولي ومنطقة السيدة زينب في جنوب العاصمة.

حيث تنشط في المنطقة، وفق “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فصائل موالية لطهران و”حزب الله” اللبناني الذي يقاتل بشكل علني في سوريا منذ عام 2013، دعما للحكومة السورية بدمشق.

الكاتب الصحفي، عقيل حسين، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه لا جديد في الهجوم الإسرائيلي الأخير على محيط دمشق، خاصة أنه استهدف أهدافا تقليدية لـ “حزب الله” ومليشيات إيرانية. ومن الواضح، وفق حسين، أن إسرائيل ترى وتقول إن الوجود الإيراني في سوريا يشكل “خطرا استراتيجيا” عليها، وأنها تعمل باستمرار على احتواء هذا الخطر قبل أن يتصاعد ويتفاقم.

قد يهمك: ما علاقة لبنان بالطرق الجديدة لتهريب الأسلحة الإيرانية؟

في الحقيقة، بحسب تقدير حسين، ليست هناك تفاعلات سياسية، يمكن القول إن الهجوم الإسرائيلي يتفاعل معها، وبالتالي تل أبيب وجدت من خلال معلومات استخبارية أن هناك مستودعات أسلحة أو أنواع جديدة من الصواريخ وصلت إلى نقاط ومراكز الميليشيا الإيرانية، لذلك قررت التعامل معهم.

في المقابل، لم يصدر أي تعليق من الجيش الإسرائيلي، بما يتماشى مع سياسته المتمثلة في عدم التعليق بشكل عام على الغارات الجوية في دول أخرى. كقاعدة عامة، لا يعلّق الجيش الإسرائيلي على ضربات محددة في سوريا، لكنه اعترف بتنفيذ مئات الغارات ضد الميليشيات المدعومة من إيران.

بحسب “ذا تايمز أوف إسرائيل“، فإن الجيش الإسرائيلي يهاجم أيضا شحنات الأسلحة التي يعتقد بأنها في طريقها إلى تلك الميليشيات، وعلى رأسها “حزب الله” اللبناني. بالإضافة إلى ذلك، استهدفت الغارات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل أنظمة الدفاع الجوي السورية بشكل متكرر.

لكن في تعليق نادر، أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، الأسبوع الماضي أن سلاح الجو الإسرائيلي شن غارة جوية في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت على قافلة يُزعم أنها تحمل أسلحة إيرانية بالقرب من الحدود السورية العراقية.

توسيع للضربات الجوية؟

إسرائيل، تقوم بتنفيذ ضربات جوية بين الحين والآخر على مواقع عدة في سوريا، كانت آخرها في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وجاء القصف حينها بعد نحو أسبوع من استهداف إسرائيل لمطار “الشعيرات” العسكري في وسط البلاد، ما أسفر عن مقتل عسكريين اثنين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.

خلال الأعوام الماضية، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية في سوريا طالت مواقع للجيش السوري وأهدافا إيرانية وأخرى لـ”حزب الله” اللبناني.

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، فإن القصف الإسرائيلي المتكرر على دمشق، يعطي مؤشرا بحسب مراقبين على أن إسرائيل، ماضية في تصعيدها ضد النفوذ الإيراني في سوريا.

بالعودة إلى الكاتب، عقيل حسين، يعتقد أنه بعد عودة نتنياهو إلى السلطة في إسرائيل مع مجموعة من المتشددين في حكومته، فإن الهجمات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية، وتحديدا في سوريا، ستتوسع أو تعود إلى ما كانت عليه عندما كان رئيسا للوزراء الإسرائيلي سابقا.

قد يهمك: سباق إسرائيلي إيراني “محموم” لإعادة العلاقات مع السعودية.. التوقعات والتبعات؟

كما أن تراجع الهجمات وانخفاض عددها أثناء حكمه السابق قبل عام 2021 ربما كان أحد أسباب خسارته للانتخابات في عام 2021، حيث لم يشعر الجمهور الإسرائيلي بالقوة الإسرائيلية ضد إيران التي كان يمنحها نتنياهو إياهم أثناء انخفاض الهجمات، وهناك بالتأكيد أسباب أخرى. لكن بالمجمل نتنياهو يستطيع ويجيد العزف على كل الأوتار الإسرائيلية، على حدّ تعبير حسين.

سياسة نتنياهو تجاه إيران

إسرائيل منذ عام 2011 تجنّبت الانحياز لأي طرف في الصراع السوري، وبدلا من ذلك، كان الشاغل الأكبر لتل أبيب هو كبح جماح المحاولة المستمرة من قبل إيران لإنشاء بنيتها التحتية العسكرية في سوريا وتعزيزها وجهودها لاستخدام البلاد في نقل المعدات إلى “حزب الله” اللبناني، كجزء من مشروع الصواريخ الموجهة بدقة.

بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي

لمكافحة ذلك، شاركت إسرائيل، على مدى السنوات الثماني من الحرب في سوريا والتي ترأس فيها نتنياهو الوزراء، في حملة لمحاربة هذا الجهد وإضعافه. أعرب الاستراتيجيون الإسرائيليون عن ارتياحهم للنجاحات التي تحققت واعتبروا أن المشروع الإيراني أقل تقدما في سوريا مما كان يمكن أن يكون.

إذا كان لنتنياهو ذريعة واحدة صالحة للبقاء في منصبه، فهي سياسته تجاه سوريا وحقيقة أنه كان من أوائل قادة العالم الذين أدركوا تهديد إيران على منطقة الشرق الأوسط، في الوقت نفسه، لا تزال هناك أسئلة عديدة بشأن الاتجاه الاستراتيجي لحملته في سوريا.

بحسب صحيفة “جيروزالم بوست”، فإن سلاح الجو الإسرائيلي على مدى السنوات الخمس الأخيرة من تولي نتنياهو لرئاسة الوزراء، ضرب 1200 هدف بأكثر من 5500 قنبلة خلال 408 مهمات في سوريا، أما خلال تولي نفتالي بينيت عام 2021 سابقا، تم تنفيذ عشرات العمليات الجوية فقط، باستخدام 586 قنبلة ضد 174 هدفا.

على الرغم من أن نتنياهو هو صاحب خطة عودة سوريا إلى الحضن العربي مقابل خروج طهران من سوريا قبل ثلاث سنوات، إلا أنه اكتشف لاحقا رغم تأييد مصر والأردن لها، بأنه لا توجد طريقة أخرى لإخراج الإيرانيين من سوريا سوى استهداف مواقعها، بحسب تقرير لصحيفة “إسرائيل هايوم” الإسرائيلية.

القصف الإسرائيلي المستمر والمتقطع على إيران في سوريا يحمل العديد من الاحتمالات المفتوحة لمزيد من التصعيد بين الطرفين خلال المرحلة المقبلة، فيما ستؤثر نتائج المباحثات النووية الإيرانية الغربية على شكل التصعيد، الذي صرح المسؤولون الإسرائيليون مرارا أنه لن يتوقف حتى لو جرى التوصل لاتفاق نووي، ما دامت الميلشيات الإيرانية متواجدة بالقرب من إسرائيل وتهدد أمنها، خاصة وأن سياسة نتنياهو، متشددة جدا تجاه إيران، ومفادها انسحاب القوات الإيرانية وقوات “حزب الله” اللبناني، من الحدود مع إسرائيل، وإزالة جميع الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة