في ظل الجهود التي تبذلها إيران للتقارب مع السعودية، دخلت إسرائيل على خط الرغبة في التقارب مع الرياض، ليصبح لدينا في الشرق الأوسط سباق بين الطرفين المتحاربين في المنقطة، خاصة وأن إسرائيل تسعى لإنشاء تحالف في المنطقة لمواجهة برنامج إيران النووي.

توقف مفاوضات الاتفاق النووي واستمرار الاحتجاجات في الداخل الإيراني كلها عوامل تدفع النظام الإيراني إلى التقرب من السعودية، لكن الأخيرة لم تحسم قرارها حتى الآن، ما يجعل احتمالات التقارب السعودي الإسرائيلي غير المسبوق أمرا مطروحا، فما هي توقعات وتبعات الرغبة الإسرائيلية.

رغبة إسرائيلية؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن أمس الخميس أنه سيسعى لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع المملكة العربية السعودية، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يساهم في تحقيق السلام في المنطقة.

نتنياهو قال في تصريحات لقناة “العربية“، إنه يأمل في توسيع “الاتفاقيات الإبراهيمية” لتشمل السعودية، وذلك على غرار ما تم من اتفاقيات بين إسرائيل من جهة والبحرين والإمارات والمغرب والسودان من جهة أخرى.

أضاف نتنياهو، “ستكون نقلة نوعية لسلام شامل بين إسرائيل والعالم العربي، وستغير منطقتنا بطرق لا يمكن تصورها“، لافتا إلى أن الأمر متروك لقيادة السعودية “إذا كانوا يريدون المشاركة في هذا الجهد“.

الباحث السياسي الدكتور محمد اليمني، رأى أن الملف الإيراني هو أبرز ما قد يجمع الجانبين السعودي والإسرائيلي، مشيرا إلى أن جهود التقارب من السعودية ما تزال مجرد تصريحات وأمامها الكثير من العواقب في ظل الخلافات بين الرياض وطهران.

اليمني قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “العلاقات الإسرائيلية السعودية موجودة بالفعل، ويوجد شراكة في بعض الأمور الاستراتيجية والاقتصادية بين إسرائيل والسعودية من المرتبة الأولى بتدخل من قبل الولايات المتحدة الأميركية“.

التوتر الداخلي في إسرائيل بين الأحزاب السياسية، دفع بنتنياهو للبحث عن شراكات جديدة والتفكير خارج الصندوق بخصوص العلاقات، هذا الأمر دفع بإسرائيل التوجه نحو السعودية، في ظل وجود مصالح مشتركة تتعلق بالملف الإيراني في الشرق الأوسط.

اليمني أوضح كذلك أن “السعودية تعلم العداء الكبير الآن بين إسرائيل وإيران، خاصة بما يخص الملف النووي الإيراني، فالرياض الآن في موقف قوة، كما معظم دول الخليج التي تمتلك النفط والغاز وأمن الطاقة“.

في المقابل فإن مصالح السعودية، تتركز كذلك بما يتعلق بالخلافات مع إيران ومشروعها في الشرق الأوسط بحسب اليمني، الذي زاد قائلا “أهم الشركات التي تجمع الطرفين، الوقوف أمام التمدد الإيراني في المنطقة، فضلا عن أن السعودية تواجه مشاكل في ملفات عدة مع إيران، أبرزها ملف الحوثيين في اليمن، من الممكن أن نرى شراكة استراتيجية واقتصادية وجيوسياسية بين الرياض وتل أبيب“.

وعن الجهود الرامية لتعزيز العلاقات بين طهران والرياض برعاية عراقية، أضاف اليمني، “ما هي إلا صور مؤقتة ومجرد تصريحات، لأن العلاقات ما زالت متوترة بين الرياض وطهران“.

تسعى إسرائيل مؤخرا لاستخدام كافة أوراقها من أجل منع إيران من امتلاك السلاح النووي، إن كان عبر الدبلوماسية والعودة للاتفاق النووي وإنشاء تحالفات إقليمية ودولية لمواجهة طهران، أو عبر الخيارات العسكرية والعمليات النوعية، التي تستهدف المواقع والشحنات الإيرانية في المنطقة.

الباحث المختص في الشؤون الإيرانية الدكتور هاني سليمان، رأى أن العمليات النوعية ضد القوات الإيرانية في سوريا، هي الخط الأساسي في المواجهات بين الجانبين، وستكون الأساس مع عمليات الاغتيال والهجمات السيبرانية في حال استبعاد فكرة الحرب المباشرة.

سليمان قال في حديث سابق مع “الحل نت“، “عودة الجانب الإسرائيلي لقصف الشحنات الإيرانية في سوريا، تؤكد أن هذا هو الخط الأساسي في المواجهات الإسرائيلية الإيرانية خلال الفترة الأخيرة، فخط المواجهة النوعية هذا هو الأساس، الحرب المباشرة أعتقد أنها بعيدة عن المواجهات المختلفة الإيرانية الإسرائيلية“.

اقرأ/ي أيضا: من إفريقيا إلى آسيا.. كيف تستقطب الصين الشباب لخدمة مشروعها التوسعي؟

المواجهات الثنائية بين إيران وإسرائيل، انتقلت من المربع التقليدي إلى مناطق مختلفة، وذلك بعد توسع إيران في سوريا، ما زاد من مساحة المواجهات، الذي أدى إلى زيادة الضغط بطبيعة الحال على إسرائيل لمواجهة إيران.

حول ذلك أضاف سليمان، “كان هناك العديد من العمليات النوعية المتبادلة، بدأتها إسرائيل بعملية الرد على استهداف إيران للنواقل الإسرائيلية أو حركة الملاحة، كذلك حرب المسيرات التي بدأت في سوريا بين الجانبين“. كما لدى إسرائيل سَبْق فيما يتعلق بالعمليات الخاصة باغتيال علماء البرنامج النووي الإيراني، بهدف تعطيل وصول إيران للسلاح النووي، أو عبر استهداف قادة “الحرس الثوري” الإيراني مؤخرا.

طرق أخرى

لجوء إسرائيل إلى هذه العمليات والاستمرار فيها، يعني ربما تجنيب منطقة الشرق الأوسط حرب مفتوحة، في ظل أن العالم لا يبدو أنه يحتمل فتح حرب جديدة، ستتجاوز تبعاتها منطقة الشرق الأوسط، التي قد لا تتحمل تبعات هذه الحرب.

كذلك فإن هناك فرص أخرى لتجنيب المنطقة الحرب، وذلك من خلال جهود إحياء المسارات الدبلوماسية للعودة إلى الاتفاق النووي.

معركة الدبلوماسية ستكون بديلا عن المواجهة العسكرية، لاحتواء التوتر، وذلك بالنظر لمخاطر وتبعات هذه المواجهة على المنطقة ككل، حيث إن مصلحة الجميع تقتضي التوجه نحو الاستقرار واستبعاد خيار الحرب.

مؤخرا تسعى إسرائيل للضغط على إيران من أجل العودة بشكل جَدّي للاتفاق النووي، فعاودت رفع وتيرة استهداف الميليشيات الإيرانية في سوريا، كما تعمل على حشد الرأي العام الدولي ضد إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي.

قبل أيام تحدثت تقارير إسرائيلية عن محاولات إيرانية، نقل شحنات الأسلحة عبر مطار بيروت، على غرار ما كان يحصل في مطار دمشق، مؤكدة أن القوات الإسرائيلية هددت بقصف المطار إذا استمرت التحركات الإيراني.

الباحث في العلاقات الدولية عمر عبد الستار، رأى أن قصف مطارات في بيروت أو بغداد، في المرحلة الراهنة، يخالف الاستراتيجية المتّبعة مع إيران من قبل دول المنطقة والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن التهديدات الإسرائيلية جاءت نتيجة تحركات قام بها “حزب الله” اللبناني.

عبد الستار قال في حديث سابق مع “الحل نت“، “أعتقد أن قصف مطارات في بيروت أو في بغداد في هذا التوقيت يخالف الاستراتيجية المتّبعة حاليا مع إيران من قِبل أميركا، والتي تركز على الهدوء في المنطقة ودعم الانتفاضة داخل إيران، تزامنا مع توقف المفاوضات حول النووي وعدم قدرة إيران على إحداث فوضى في المنطقة“.

فالولايات المتحدة الأميركية، تريد منطقة الشرق الأوسط هادئة، والذهاب إلى ما بعد الاتفاق، و“هذا يمنع قصف بيروت في هذا التوقيت، صحيح أن هناك أجواء للتركيز على إيران وتوجيه ضربات، إلا أن التوقيت لم يحن بعد لتنفيذ هذه الضربات“، بحسب عبد الستار.

بالنظر إلى مصالح الدول الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، لا يبدو أن فرصة صعود العلاقات بين إسرائيل والسعودية مستبعدة، لا سيما وأن الجانبين يتشاركون بشدة في مواجهة المشروع الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، وعدم وجود أي بوادر لنجاح تعزيز العلاقات بين الرياض وطهران.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة