التهديدات الإرهابية العابرة للحدود، دفعت برؤساء جيبوتي وإثيوبيا وكينيا والصومال، لإقامة شراكات جديدة، تتقاطع جميعها عند توحيد الجهود لمكافحة التطرف في القرن الإفريقي.

القمة التشاورية للدول الأربعة التي عقدت في 1 شباط/فبراير الحالي في مقديشو، ترأس أعمالها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، وحضرها رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلي، ورئيس كينيا ليام روتو، ورئيس حكومة إثيوبيا آبي أحمد، وذلك لمناقشة ملف مواجهة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

قادة الدول الأربعة اتفقوا على القيام بعملية مشتركة لتحرير ما تبقى من الأراضي الصومالية من قبضة الإرهاب، حيث خرجت القمة ببيان من 15 بندا، أبرزها القضاء على التطرف.

نتائج القمة

أبزر مخرجات البيان، وفقا لما نقلته وكالة “صونا” الصومالية، هو ضرورة زيادة التعاون في دعم دول الجوار في حرب الصومال ضد “حركة الشباب”، والقيام بعملية مشتركة لتخليص ما تبقى من مناطق الإرهاب من أجل تحرير الصومال بالكامل من “الحركة”.

أيضا تضمن البيان، تسهيل تقليص قوات الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام “أتمس” العاملة ضد “حركة الشباب”، وتحميل المسؤولية تدريجيا عن أمن الصومال للقوات الصومالية.

قد يهمك: مشاركة إريتريا في الصومال.. تحالف إقليمي آخر يحتاجه القرن؟

التخطيط المشترك وتنظيم حملة عمليات قوية في دول المواجهة، واستهداف المناطق المهمة التي تتواجد فيها “حركة الشباب”، خاصة في جنوب ووسط الصومال، والتعاون في تأمين المناطق الحدودية، بمنع عبور العناصر الإرهابية إلى دول الجوار، وإرساء نهج مشترك لأمن الحدود، إلى جانب ضمان الوصول القانوني إلى التجارة والحركة الشعبية، جاء ذلك في البيان أيضا.

البيان توجه بنداء دوليا يقضي بدعم الشركاء لجهود تحقيق الاستقرار في الصومال وبالمناطق المحررة حديثا، لتسهيل قيام الحكومة الفيدرالية بتعزيز تقديم خدماتها وبسط سلطتها. ويؤيد سعي الصومال إلى الرفع الكامل لحظر توريد الأسلحة بحلول نهاية عام 2023.

ضغوط دولية

الباحث في الشؤون الإفريقية بجامعة “باماكو” محمد أغ إسماعيل، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت” بأن على دول الجوار الالتزام بالاتفاق بشكل جدي، ويتطلب ذلك ضغوطات دولية عليها، لأن استمرار أزمة الصومال منذ القدم، كان من نتائج عدم الاتفاق بين الدول المجاورة للصومال، وكان ذلك يساهم في تأجيج الأزمة الصومالية، وفق تعبيره.

الرئيس الصومالي خلال القمة، طالب بالتزام ودعم دول الجوار التي لها قوات في الصومال في المشاركة مع قوات الدولة الصومالية في هزيمة الجماعات الإرهابية وتدميرها.

من جانبهم، رحب القادة بتقديم الدعم لتجهيز الوحدات الجديدة من القوات المسلحة الوطنية وزيادة القدرة التسليحية لوحدات القوات المسلحة الوطنية العاملة حاليا، بحسب موقع قناة “سكاي نيوز عربية”.

قبيل انعقاد القمة، عقد وزراء دفاع الصومال وجيبوتي وكينيا وإثيوبيا، الثلاثاء 31 كانون الثاني/يناير الفائت، اجتماعا ناقش استكمال العمليات العسكرية لتحرير المناطق المتبقية من أيدي “حركة الشباب” الإرهابية، وتصفية فلولها، وفق ما نقلت وكالة “صونا” عن وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الصومالي، داود أويس جامع.

أشكال التعاون بين الصومال وجيرانها بشأن الإرهاب، كان أبرزها متمحورا في قوة “أتمس” لحفظ السلام، وعبرها تواجد من كينيا حوالي 3500 جندي في الصومال، وحوالي 4500 جندي من إثيوبيا، ينتشرون في القطاعين الثاني والسادس على التوالي في ولاية جوبالاند، والتي كانت نقطة تمركز لـ”حركة الشباب” لاستهداف البلدين.

القوات الصومالية و”أتمس” تعاونهما حقق نجاحات كبيرة بتحرير بلدات استراتيجية من “حركة الشباب”، وقتل نحو 500 من أفرادها، وأدى التعاون الأمني والاستخباراتي لإغلاق 70 شركة لتحويل الأموال، لتورطها في التحويل إلى “الحركة”، وحجب 250 حسابا بنكيا لإيداع أموال تابعة لها.

تعاون فعلي

إذا تم التعاون بشكل جدي وفعلي والتزمت جميع الأطراف بمخرجات الاجتماع، فإن ذلك مؤشرا مهما لدحر “الحركة” بشكل كامل، لأنه سيكون بمثابة دعم قوي للجيش الصومالي، وخاصة مع تنفيذه لضربات قوية مؤخرا للـ”الحركة” وتحرير بلدات استراتيجية كانت تحت سيطرتها، وفق أغ إسماعيل.

البلدات الثلاث التي حُررت من سيطرة “الحركة” مؤخرا، تشتهر بغناها بالإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية وأنشطة الصيد البحري، حيث كانت “الحركة” تستغلها، خلال أكثر من عقد من سيطرتها عليها، كنقاط لاستقبال المقاتلين الأجانب والأسلحة، واختطاف وتجنيد الأطفال، وترهيب العشائر وإجبار زعمائها التقليديين على نقل رسائلها وطلباتها إلى المناطق المحيطة، واستنزاف مواردها كمصادر لتمويل وتموين مقاتليها، بحسب موقع “أندبندنت عربية”.

اقرأ أيضا: الصومال.. نهاية “حركة الشباب”؟

استجابة القبائل لدعوة الرئيس حسن شيخ محمود إلى محاربة “حركة الشباب” فور توليه السلطة، أسهمت إلى حد كبير في حرمان “الحركة” المتطرفة من مصادر المعلومات الاستخبارية والموارد المالية والتموينية، وكذلك أفشلت جهودها في تجنيد مقاتلين لتعويض خسائرها على مدى الأشهر الماضية.

فاعلية الضربات الجوية عبر المسيرات الأميركية التي تشارك في القتال ضد الحركة، وعجز الأخيرة عن توفير إمدادات بشرية للقتال المباشر في أكثر من جبهة، وأيضا قوة مسلحي العشائر ودرايتهم الكبيرة للأوضاع الجغرافية في مناطق الصراع، تُعد من أبزر الأسباب وراء الانسحابات العسكرية لمسلحي “الحركة”، وفق أغ إسماعيل.

الجيش الصومالي، يتبع تكنيك في القتال أتعب مسلحي “الحركة”، بحسب أغ إسماعيل، وهو عدم التراجع من المناطق التي يستعيد السيطرة عليها من “الحركة”، كما يقوم بتطبيق النظام وفرض الاستقرار فيها، حيث ساهم ذلك بانسحاب مسلحي “الحركة” من معظم المناطق التي كانت تحت سيطرتهم طيلة عقد ونصف العقد، وفق تعبيره.

إصرار الرئيس الصومالي على إنهاء نفوذ “الحركة” في غضون عام، إلى جانب الدعم المحلي والدولي للجيش الصومالي، وضع “الحركة”، في مأزق. إذ لم تعد قادرة على خوض المواجهات المباشرة مع عناصر الجيش والمليشيات العشائرية، بحسب أغ إسماعيل.

“حركة الشباب” الصومالية، هي تنظيم متطرف يتبع إلى “تنظيم القاعدة”، تأسست في الصومال عام 2004، ومنذ ذلك الحين تحاول نشر الفكر التّطرفي كمنهج لإدارة البلاد، لكنها تواجه برفض شعبي وحكومي مستمر.

في النهاية، استمرار التعاون وتكثيف الجهود بين الصومال ودول الجوار بشكل جدي، سيسهم بشكل كبير في دعم الحملة العسكرية وتوسيع رقعتها، وذلك يؤدي إلى دحر “حركة الشباب” الإرهابية والقضاء على جميع بؤر الإرهاب بشكل كامل، لتعزيز الأمن وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.