“السلة الرمضانية” في سوريا، اعتادت العائلات شراءها مع بداية رمضان أو الحصول عليها من الجهات الحكومية أو الجمعيات الإغاثية التي توزعها ضمن النشاطات الخيرية في شهر رمضان، لكن الأسعار المرتفعة لمحتويات هذه السلة الغذائية، حرمت شريحة واسعة من السوريين من الحصول عليها هذا العام.

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أعلنت قبل أيام من قدوم شهر رمضان، توزيع “سلة غذائية” على العائلات السورية بأسعار مخفّضة، ما يطرح التساؤلات حول محتويات هذه السلة، والسعر الحقيقي لها ومقارنته بالسعر الذي طرحته الوزارة.

انتقادات واسعة 

بعد بدء الوزارة ببيع “السلة الرمضانية”، لاقت العملية انتقادات واسعة في الشارع السوري، وذلك بسبب عدم تخفيض سعر السلة إذا ما تمت مقارنة السعر بمحتوياتها المحدودة التي لا تكفي أصلا سوى لأسبوع واحد من شهر رمضان، فضلا عن أن سعرها المعتمد من الوزارة يتجاوز الحد الأدنى للأجور والرواتب في سوريا.

السعر الذي حددته الوزارة للسلة هو 99 ألف ليرة سورية، في حين يبلغ الحد الأدنى للرواتب والأجور الذي تمنحه الحكومة السورية للموظفين 92 ألف ليرة سورية، في وقت أكد العديد من السوريين ممن استلموا السلة أن محتوياتها فقيرة وبعيدة عن السلة الرمضانية التي اعتادوا تحضيرها مع بداية الشهر.

بحسب تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، فإن السلة الموزعة من قبل وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” غير كافية لإفطار صائم، خاصة وأن محتويات المادة تحوي مكون واحد فقط من كل طبخة، وبالتالي لا يمكن “عمل طبخة كاملة من محتويات السلة”، فعلى سبيل المثال ماذا يمكن للعائلة أن تفعل بمادة الرز وحدها بدون وجود المواد اللازمة للطبخ.

قد يهمك: وجبات إفطار السوريين في رمضان.. “المجدّرة بالبيض” بدل “اللبنية”

إبراهيم سيف الدين موظف حكومي يعمل في مؤسسة الإسكان في دمشق، أكد أن حديث الحكومة عن السلة الرمضانية كان مبالغا فيه، من ناحية سعر السلة ومحتوياتها، حيث لم يحصل على المواد اللازمة لعمل طبخات متنوعة، كما كان يفعل مع السلة الرمضانية المعتادة، كما أن سعر محتويات سلة “التجارة الداخلية” لم يكن مخفّضا بشكل كبير إذا ما تمت مقارنة أسعار محتوياتها بأسعار السوق.

حقيقة محتويات “السلة الرمضانية”

سيف الدين قال في حديث مع “الحل نت”، “ماذا سنفعل بمادة الرز وحدها أو البرغل، بالتأكيد سنحتاج إلى شراء مواد من السوق من أجل الاستفادة من مواد السلة المقدمة من قبل وزارة التموين، كما أن الكميات الواردة في السلة لا تكفي عائلتي المكونة من خمسة أشخاص سوى لعشرة أيام”.

محتويات السلة “2 كيلو من الرز وكيلو شعيرية، وكمية من رب البندورة يمكن أن تكفي 15 يوم، و2 كيلو من الزيت النباتي، إضافة إلى الشاي ومربى المشمش”، وأسعار هذه المواد فيما إذا أراد المواطن شرائها من السوق يمكن أن تصل إلى 120 ألف ليرة، بالتالي لا يمكن الحديث عن كميات كافية لرمضان أو أسعار مخفضة بشكل كبير.

إبراهيم سيف الدين لـ”الحل نت”.

بحسب تقرير لصحفية “الوطن” المحلية، فإن الأسعار الحقيقية لمكونات “سلة رمضان” الواردة من السورية للتجار، تفوق السعر المحدد لنحو 17 ألف ليرة، أي أن سعرها يقارب 116 ألف ليرة، إذ وصل سعر كيلو زيت القلي إلى 17 ألف ليرة سورية، وكيلو السمن النباتي إلى 17500 ليرة سورية، وكيلو شاي سوبر بيكو 60 ألف ليرة، أي أن 200 غرام منه بـ 12 ألف ليرة، وكيلو رز الكبسة من الماركة المطروحة نفسها في السلة أيضا 9500 ليرة، بينما وصل سعر كيلو الشعيرية إلى 8200 ليرة، وكيلو مربى المشمش بـ 9000 ليرة، وكيلو رب البندورة بـ 7500-8000 ليرة.

وبالنظر إلى محتويات “السلة الرمضانية” المقدمة من وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، فلا يبدو أن السلة ستساهم في مساعدة العائلات السورية لمواجهة غلاء أسعار المواد الغذائية ومستلزمات المائدة الرمضانية، حيث أكد مواطنون تحدثوا لـ”الحل نت”، أن الحصول على سلة رمضانية حقيقية وبمحتويات كافية يتطلب مبلغ يصل إلى نصف مليون ليرة سورية، وذلك نظرا لارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية قبل قدوم شهر رمضان.

الوزارة من جانبها ردت على الانتقادات ودافعت عن خطوة منح “السلة الرمضانية”، حيث أوضح مدير فرع “السورية للتجارة” بدمشق، سامي هليل، أن انتقاء المواد الموضوعة بالسلة جاء بناء على أنها أكثر المواد التي يحتاجها المواطنون في شهر رمضان وهي أكثر المواد المرغوبة، لافتا إلى أن قيمة السلة حوالي 123 ألف ليرة تقريبا.

هليل رد على الانتقادات المتعلقة بعدم كفاية محتويات السلة سوى لأيام قليلة، بالقول إنه يمكن للمواطن الحصول على أكثر من سلة خلال شهر رمضان، ودون الحاجة لإبراز البطاقة الذكية، علما بأن “السلة الرمضانية” التي اعتاد السوريون شرائها بداية رمضان يمكن أن تكفي لنصف الشهر على الأقل.

السلة الحقيقية

السلة الرمضانية المعتادة والتي تستفيد منها العائلات لقرابة 15 يوما على الأقل بحسب عدد أفرادها أهم المكونات الأولية والحاجيات الأساسية تضم عادة “5 كيلو من الأرز، 5 كيلو سكر ، شاي أسود 250 غرام، 5 كيلو معكرونة،  5 كيلو برغل، مرتديلا صغيرة 5 قطع، زيت قلي 1 لتر، سمنة 1 كيلو، صابون عدد 10، باكيت شوكولا، طبق بيض، تمر 1 كيلو”.

بالحديث عن تكاليف الأكلات الرمضانية، فقد أشار الدكتور في كلية الاقتصاد بدمشق علي كنعان، إلى أن الحد الأدنى لكلفة وجبة الإفطار بشهر رمضان لخمسة أشخاص تتراوح ما بين 40 إلى 60 ألف ليرة سورية، مؤكدا في تصريحات نقلتها إذاعة “شام إف إم” أن “سفرة رمضان قد يتجاوز متوسط تكلفتها يوميا مئة ألف ليرة”. 

حتى صحن “الفتوش” وهو من الأطباق الرئيسية في شهر رمضان والأقل تكلفة، يبلغ تكلفته بحسب ما أفادت به تقارير محلية، 15 ألف ليرة سورية، وذلك بعد ارتفاع أسعار معظم مكوناته الأساسية، فقد وصل سعر باقة البقدونس إلى 800 ليرة سورية، والنعناع إلى 1000 ليرة سورية، والبقلة والخيار 4500 ليرة سورية، فيما سجلت الأسواق سعر 20 ألف ليرة لليتر الواحد من زيت الزيتون. 

في ظل الأزمة الاقتصادية والغذائية التي تعيشها سوريا، تؤكد تقارير المنظمات الدولية أن نحو 69 بالمئة من السوريين في سوريا تحت خط الفقر، في وقت تساعد فيه الحوالات المالية من أقاربهم وأصدقائهم في الخارج إلى التخفيف من وطأة الأزمة.

الحوالات المالية ساهمت خلال الأيام القليلة الماضية، في تحريك المياه الراكدة في الأسواق السورية، ما ساعد الأهالي على إضفاء ما اعتادوه من أجواء على وجبتي السحور والإفطار، ورغم واقع الأسعار التي لا تتناسب مع دخلهم، فقد كانت للحوالات المالية من السوريين المقيمين في دول اللجوء دورٌ مهم في تجاوز هذه العقبة. الدخل الشهري لمعظم السوريين لا يسمح لهم بشراء مستلزمات المائدة الرمضانية، فهو في أفضل الأحوال يصل إلى 450 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 62 دولارا أميركيا، وهو راتب لا يكاد يكفي الاحتياجات الدنيا من الغذاء، فضلا عن مصاريف السكن والفواتير وغيرها من الخدمات والاحتياجات الأساسية.

ويبدو أن “السلة الرمضانية” محاولة جديدة من “وزارة التجارة الداخلية” للظهور على أنها تعمل لمساعدة المواطنين في مواجهة ارتفاع الأسعار، لكنها مرة أخرى تصدم المواطنين بحجم ما يتم تقديمه، مقارنة بحجم المعاناة في مجاراة الارتفاع المستمر لأسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، التي زاد معدل ارتفاع أسعارها مع بداية شهر رمضان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.