ترويج كبير سبق موسم دراما رمضان هذا العام بأشهُرٍ لمسلسل أبطاله نجوم ممثلين من الضفة المعارضة للحكومة السورية، في أول إنتاج درامي لمسلسل يتناول فيه قصة العائلة الحاكمة في سوريا، وحمل اسم “ابتسم أيها الجنرال”، على أن يناقش كواليس القصر الجمهوري، ويدور في فلك المخابرات والفساد.

 وجود اسم الكاتب سامر رضوان ضمن كادر المسلسل، رفع سقف التوقعات وهو المعروف بلهجته القاسية، وسبق له كتابة  أعمال درامية غير مسبوقة من ناحية الجرأة ومناقشة قضايا متعلقة بالوضع الأمني والسياسي في سوريا وأبرزها مسلسل “الولادة من الخاصرة”.

مع بدء عرض حلقات المسلسل، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بردود الأفعال المتباينة، بين من عبّر عن خيبة أمله بما شاهده من تناول سطحي للقصص المتعلقة بحكم سوريا، هذا فضلا عن الأداء المتواضع لمعظم الممثلين في أدوار البطولة، بينما اقتصر الأداء المقبول على نجوم الصف الأول من المسلسل بحسب آراء النقاد.

نقد منذ الحلقة الأولى

رواد مواقع التواصل الاجتماعي، انتقدوا كذلك تمحور الحلقات الأولى حول قصة واحدة تتعلق بفضيحة جنسية لزوجات المسؤولين إلى جانب أخت الرئيس، مع ضابط متقاعد كان يعمل في البحوث العلمية، وقد هدد بنشر فضائح أخرى في حال لم يتم تلبية مطالبه وأبرزها الإفراج عن سجين يدعى نادر زين الدين.

كذلك فإن جزءا من خيبة أمل المتابعين، كان من جراء حذف اسم سوريا من المسلسل وعدم التطرق مطلقا لأي شخصية حقيقية من عائلة الأسد أو ضباط المخابرات ورجال الدولة، حيث لجأت الجهة المنتجة إلى خلق دولة مهينة تحت اسم “الجمهورية الغربية”، ورئيسها فرات وأخوه عاصي، وتركت المشاهد أمام مهمة إسقاط كل شخصية في المسلسل على الشخصية التي تناسبها في الواقع السوري.

كذلك عمدت الشركة المنتجة إلى إظهارة عبارة في بداية كل حلقة للتنصل من أي توثيق تاريخي وهي، “جميع شخصيات المسلسل وأحداثه من وحي الخيال، وإن أي تشابه بينها وبين شخصيات حقيقية هو من قبيل المصادفة”

كذلك فإن الرتم البطيئ في المسلسل وعدم التركيز حتى الآن على الأقل على ملفات فساد مهمة، كان له نصيب من النقد، في حين عبّر متابعون عن مخاوفهم، من أن هذا الرتم البطيء في الأحداث يمهّد ربما إلى عدم نهاية القصة هذا الموسم، ما يعني إنتاج أجزاء أخرى من المسلسل خلال الأعوام القادمة، بما يعود بالفائدة على الشركة المنتجة.

وفي حال اتجاه شركة “ميتافورا” وهي الشركة المنتجة للمسلسل، إلى عمل أجزاء أخرى من المسلسل، فإنها ستكون قد استغلت مشاعر السوريين الذين انتظروا هذا المسلسل بفارغ الصبر، خاصة وأنهم كانوا على موعد لمشاهدة مسلسل خارج بالكامل عن أعين الرقابة الأمنية في سوريا، فضلا عن فراغ الساحة الفنية التي يمكن لها إنتاج مسلسلات مشابهة.

إشادات على الطرف المقابل

لكن بالمقابل فإن المسلسل حظي كذلك بإشادات واسعة من قبل فئة من جماهير الدراما السورية، خاصة وأنه العمل الأول من نوعه الذي يتناول خفايا وكواليس ما كان يجري في القصر الجمهوري في تلك الحقبة، وليس من الصعب إسقاط شخصية فرات مثلا على الرئيس السوري بشار الأسد، وأخيه عاصي على ماهر.

صورة لمكسيم خليل في مسلسل "ايتم أيها الجنرال" - مصدر الصورة "تلفزيون العربي.

المسلسل غاص كذلك في طريقة نظرة العائلة الحاكمة للبلاد، فـ”الجمهورية الغربية” هي واحدة من ممتلكات فرات وأخيه وعائلته، كذلك فإن تحرك جيش الفرات، يأتي بالدرجة الأولى لحماية اسم العائلة قبل البلد، فالمهم بالنسبة لفرات هو اسم العائلة بعيدا عن أية اعتبارات وطنية.

أحداث المسلسل تناولت كذلك الصراع بين الشقيقين على السلطة، بين فرات الرئيس الحريص على سمعة العائلة، وهو كرئيس شخص دبلوماسي يميل إلى الهدوء في حل المشاكل، بينما عاصي الشقيق الأهوج الذي يلجأ لحماية اسم العائلة بقوة السلاح وسطوته، حتى وإن اضطر إلى مواجهة شقيقه الرئيس، فعاصي يملك من القوة ما يجعله قادر على مواجهة أوامر الرئيس، وتحت يديه من القوات لا تعترف أصلا برئيس غير القائد عاصي.

كواليس القصر الجمهوري

“ابتسم أيها الجنرال” غاص كذلك في كواليس القصر الجمهوري، في محاولة تخيلية لما يمكن أن يدور خلف كواليس القصر بين أفراد العائلة الحاكمة، وهي أشياء لا يراها أو يسمعها عادة سوى الحلقة الضيقة المقربة جداً من الرئيس، كذلك تناول قصة توريث فرات حكم البلاد بعد وفاة أبيه رغم أن دستور البلاد يمنع ذلك، إلا أن العائلة الحاكمة أصرت على استلام فرات حكم البلاد عبر تعديل الدستور وقاموا بقتل أو إبعاد كل المسؤولين والضباط الكبار الذين كانوا يعارضون الفكرة.

بالتأكيد كذلك فإن المسلسل أحدث فارقا غير مسبوق في الشارع السوري، حيث يحظى المسلسل بمساحة واسعة من أحاديث السوريين حول العالم، لا سيما فيما يتعلق بإسقاط شخصيات المسلسل على الواقع المُعاش في سوريا، حتى داخل سوريا تحدثت تقارير عن متابعة شريحة واسعة من السوريين للمسلسل رغم مخاوفهم من تبعات ذلك على الصعيد الأمني.

كذلك فإن المسلسل استطاع فعلا اخترق العائلة الحاكمة، فأخذ العديد من أفراد عائلة الأسد يعلقون ويهاجمون المسلسل، متهمين كل كوادره بالخيانة، وسعيهم لتشويه عائلة الأسد، فضلا عن تشويه سمعة الجيش السوري وقياداته.

حتى لحظة كتابة هذا التقرير تم عرض 9 حلقات فقط من المسلسل، وبالتأكيد لا يمكن إطلاق الحكم النهائي عليه من الآن، لكن ما ظهر من سلبيات وإيجابيات، جعل من “ابتسم أيها الجنرال” الهدف الأول لمرمى النّقاد بين مسلسلات دراما رمضان، في انتظار ما يمكن أن تصل بنا مخيلة سامر رضوان في الحلقات المتبقية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
4 2 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات