رغم تراجع حدة الطلب على لحم الدجاج في سوريا، ما تزال الأسواق السورية تسجل ارتفاعات متتالية على أسعاره، حيث جرت العادة أن ترتفع الأسعار مع بداية شهر رمضان، وتنخفض بشكل تدريجي، إلا أن ما حدث هذا العام مغاير تماما، ما يطرح التساؤلات حول أسباب استمرار هذا الارتفاع.

ارتفاع الطلب على لحوم الدجاج هذا العام، جاء مضاعفا بسبب اعتماد العائلات السورية عليه لتحضير وجباتهم الرمضانية، وذلك إثر مواجهتهم صعوبة بالغة في الحصول على اللحوم الحمراء التي أصبحت أسعارها تفوق القدرة الشرائية لمعظم السوريين مؤخرا.

ارتفاع أسعار الفروج رغم انخفاض الطلب

بحسب تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، فقد تراوح سعر كيلو شرحات الدجاج في الأسواق، بين  42 و45 ألف ليرة سورية، بعد أن كان يباع خلال الأيام الأولى من رمضان بحدود 35 ألف ليرة، كذلك شهدت بقية أجزاء الفروج ارتفاعات بنسب متفاوتة، وقد جاء هذا الارتفاع على الرغم من إغلاق محلات بيع الشاورما منذ بداية رمضان، والتي تستهلك القسم الأكبر تقريبا من منتجات أجزاء الفروج عادة.

لتفسير استمرار حدة الارتفاع رغم انخفاض الطلب على المادة، قال عضو “لجنة مربي الدواجن” في دمشق حكمت حداد، إن سبب ارتفاع أسعار الفروج، يعود إلى تصريف كميات كبيرة من الفروج مع بداية شهر رمضان بسبب زيادة الطلب، وبالتالي انخفض العرض بالتوازي مع محدودية وقلة الإنتاج خلال الفترة الحالية.

مربو الدواجن، طرحوا خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، كميات كبيرة من منتجاتهم، بسبب ارتفاع الطلب على الفروج، لكن مع مرور الأيام انخفض العرض بشكل كبير بسبب قلة الإنتاج، الأمر الذي تسبب بارتفاع مستمر في أسعار مختلف أجزاء الفروج، مشيرا كذلك إلى ارتفاع استهلاك بعض المطاعم التي شهدت إقبالا خلال أوقات الإفطار في رمضان.

قد يهمك: المطاعم السورية تئن.. رواتب الموظفين تجبرهم على تجاهل وجبات الإفطار الجاهزة؟

حداد أشار كذلك إلى أن الارتفاع خلال شهر رمضان شمل البيض أيضا، وذلك بسبب قيام نسبة من المربين ببيع الدجاج البياض كبير السن لحما، مؤكدا أن زيادة إنتاج الدواجن تحتاج لعدة أسابيع، وبالتالي فإن عودة الأسعار لطبيعتها ستبدأ بعد مضي أسبوعين على الأقل من عيد الفطر القادم.

ارتفاع يحرم العوائل من الاستهلاك

هنادي الصالح معلمة تقيم في دمشق، تؤكد أنها تعتمد على لحم الدجاج في معظم الوجبات التي تعمل على تحضيرها خلال شهر رمضان، وقد عبّرت عن استيائها من وصول ارتفاع الأسعار إلى اللحم الأبيض.

الصالح قالت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “اللحم الأبيض هو الحل الوحيد في ظل وصول أسعار اللحوم الحمراء إلى أسعار خيالية، لكن مع هذا الارتفاع حتى لحم الدجاج سنخفّض من كميات استهلاكنا له، خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان سنعتمد على البقوليات في إغناء مائدة الإفطار كالفول والفتة والفلافل، فهي أقل تكلفة من الطبخات التي تحتاج إلى اللحوم”.

خلال الأيام الأخيرة ومع ارتفاع أسعار مختلف المواد الغذائية، زاد الإقبال على الأطعمة المصنوعة من البقوليات كالفول والفتّة والفلافل، وهي من الأطباق الشعبية منخفضة التكلفة، وتُعد أحد الأطباق الثانوية خلال شهر رمضان في سوريا لكنها تحولت إلى قائمة الأكلات الأساسية المقدمة في مائدة الإفطار، بعد الغلاء الكبير الذي شمل اللحوم بأنواعها. 

بدوره أكد رئيس الجمعية الحرفية للمطاعم والمقاهي والمنتزهات بدمشق كمال النابلسي، أن هناك إقبال واضح على شراء هذه الأصناف، لافتا إلى أن نسبة شراء الفول والفتات والحمص الناعم (المسبحة) بلغت 70 بالمئة خلال شهر رمضان، فيما كانت النسبة 50 بالمئة خلال رمضان العام الماضي.

منذ أكثر من خمس سنوات ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية، يأتي شهر رمضان في ظل انخفاض حاد بالقدرة الشرائية للمواطنين، ما يجعل من تحضير “الأطباق الرمضانية” أمرٌ غاية في الصعوبة، ويطرح التساؤلات حول خيارات العائلات داخل سوريا في ظل عدم قدرتهم على شراء المستلزمات الرمضانية الكاملة.

ارتفاع أسعار الفروج المتواصل، يعني حرمان الشريحة الأكبر من السوريين من الطبخات الرمضانية، فهو الملجأ الوحيد لمحدودي الدخل في ظل وصول أسعار اللحوم الحمراء ولحم السمك إلى أرقام يصفها مواطنون بـ”الفلكية” وتفوق قدرتهم على استهلاكها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات