الأعطال المتكررة في المشافي الحكومية السورية، بجانب النقص الدوري في الإمدادات الدوائية ولا سيما ما يخص مرضى غسيل الكلى، دون أي أعذار حقيقة من الجهات المعنية، سوى الإهمال وعدم الإحساس بما قد يؤول إليه حال المرضى والمراجعين، سواء الجسدي أو المادي، الأمر الذي يجعل المواطنين الضحايا الوحيدون في هذه المعادلة.

بين الحين والآخر تتعطل أجهزة “الطبقي المحوري” في العديد من المستشفيات سواء في العاصمة دمشق أو باقي المحافظات وكأنه أمر متقصّد، يهدف إلى فرض أعباء إضافية على السوريين، الذين يعانون الأمرّين من جرّاء تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

مشافي محافظة حماة

نحو ذلك، قال موقع “أثر برس” المحلي، عبر تقرير نُشر يوم أمس الثلاثاء، إنه خلال الفترة الماضية تعطلت عدة أجهزة لـ”الطبقي المحوري” في عدد من المشافي الحكومية بمحافظة حماة، ليتركز الضغط على جهازين فقط قيد الخدمة. حيث أكد مدير عام “مشفى حماة الوطني” الدكتور سليم خلوف، للموقع المحلي ذاته، تعطّل جهاز الطبقي المحوري منذ 10 أيام، مبينا أنه تم إعلام “وزارة الصحة السورية” بهذا الشأن بانتظار توقيع عقد صيانة له.

مريض كلى في أحد المشافي مصدر الصورة: “الإنترنت”

كذلك الأمر في “مجمع الأسد الطبي” بحماة، حيث أكد أيضا مدير عام المجمع لأمراض النساء والأطفال في حماة الدكتور ماهر الياسين أن جهاز الطبقي المحوري معطّل منذ نحو 5 أشهر، حيث تتم إحالة التصوير إلى مشاف أخرى. بدوره، لفت مدير “مشفى سلمية الوطني” الدكتور أسامة ملحم إلى تعطل جهاز الطبقي المحوري منذ 10 أيام وتمت مراسلة مديرية الصحة في حماة أكثر من مرة، بانتظار عقد الصيانة.

إن تكرار مثل هذه الأعطال منذ سنوات عديدة، وانتظار المشافي عقود الصيانة لأيام طويلة، مثل العصور القديمة وبطرق بدائية في حل المشاكل الصحية، وسط تطور وتقدم العالم ككل، يدل ويُظهر حجم تدهور القطاع الطبي في سوريا، ومدى إهمال الحكومة بهذا القطاع، وكأنها ترفع كلفة مسؤوليتها عن هكذا مشاكل، وهي المسؤولة الأولى عنها.

قد يهمك: “معيشة على كف عفريت”.. 500 ألف تكلفة إصلاح أقل عطل للأدوات الكهربائية بسوريا – الحل نت 

بحسب بعض الأهالي من الداخل السوري، فقد أكدوا لموقع “الحل نت”، أنه يتم تحويل المرضى من المحافظات مثل حماة والسويداء، وبعض مشافي ريف دمشق، لمشافي دمشق لإجراء “طبقي محوري”، غير الموجود أساسا في العديد منها، ليبقى المريض في الإسعاف ساعات وساعات بانتظار تأمين مشفى خاص، وتأمين مبلغ لإجراء “الطبقي” ليخرج بسيارة إسعاف لإجراء طبقي ويعود، وبعد ساعة يذهب المرافق لإحضار نتيجة الصورة، وكل هذا الوقت المريض في الإسعاف ينتظر، مما يؤثر على الوضع الصحي للمريض، بجانب زيادة التكاليف على العوائل.

تكاليف “باهظة”

في السياق ذاته، قال مدير “مشفى السقيلبية الوطني” الدكتور جورج الوكيل، إن الطبقي المحوري تمت صيانته منذ 6 أشهر وهو يعمل، إلا أنه يحتاج معايرة لدقة الصور التي يطلبها الأطباء، مع ذلك تواجه المشفى ضغطا كبيرا على الجهاز كونها تستقبل حوادث وتراقب مرضى الأورام عن طريق الجهاز وهذا يحتاج وقتا وتجهيزا وضغطا كبيرا.

كذلك، تحدث مدير “مشفى مصياف الوطني” الدكتور ماهر يونس، للموقع المحلي عن كثرة الضغط والإحالات إلى المشفى، لكون جهاز الطبقي المحوري فيه يعمل، محذرا من تعطل الجهاز، كونه يستقبل يوميا نحو 60 صورة، ناهيك عن كونه دخل في الخدمة منذ 16 سنة.

بالاستناد إلى أهمية هذا الجهاز، حيث إنه يستخدم لتشخيص كامل أعضاء الجسم قبل العلاج، لاسيما في الحوادث التي تصيب الرأس والصدر، وكذلك في تشخيص أمراض عديدة مثل انتقالات الأورام وانسداد الأمعاء وغيرها كثيرة، فإنه مكلف جدا.

بالنظر إلى الأعطال الموجودة في المشافي الحكومية، فإن الأهالي مضطرون للذهاب إما للمشافي الخاصة أو إلى العاصمة دمشق، لإجراء الصور الطبية المتعلقة بأمراضهم، فضلا عن أمور أخرى، تكون غير متوفرة في المشافي الحكومية، وهذا حتما يكلفهم مبالغ كبيرة، فمثلا تكليف تصوير الرأس مع عظام الوجه يبلغ نحو 180 ألف ليرة سورية، أي نحو 23 دولارا، وبعض صور الجهاز في الحالات الخطرة قد تكلف ملايين الليرات.

بعض التقارير المحلية، تقول إنه ثمة وجود “بورصة” للتصوير عبر أجهزة “المرنان، والطبقي المحوري”، وذلك في ظل ندرة توفّر الأجهزة في المشافي الحكومية، حيث وصلت تكلفة الصورة لأكثر من 600 ألف ليرة في المراكز الخاصة، وتجاوزت المليون في بعض الحالات الحرجة، وسط غياب الدور الرقابي الحكومي.

أعطال متعددة

في سياق متّصل، فإن أعطال أجهزة “الطبقي المحوري” ليست الوحيدة في المشافي السورية، فثمة معوّقات أخرى فيها، أبرزها نقص الكوادر الطبية من أطباء وممرضين إلى جانب قلة المستلزمات والموارد الطبية، وارتفاع تسعيرة الكشفيات الطبية التي يدفعها المواطن السوري، بالإضافة إلى انقطاع بعض أصناف الأدوية وغلاءها بدرجات متفاوتة.

لعل من بين المتضررين بهذه المعضلات والأزمات التي تواجه القطاع الطبي في البلاد هم “مرضى الكلى”، فمرارا انقطعت ولا يزال بعض مستلزمات غسيل الكلى في العديد من المستشفيات بالمحافظات السورية، الأمر الذي يفرض عليهم أعباء مادية كبيرة، إذ يضطر المريض إلى دفع قرابة نصف مليون ليرة سورية شهريا لحين انتهاء جلساته.

مواطنو حماة كما حال معظم المحافظات الأخرى، يشتكون من تعطل بعض الأجهزة في المستشفيات الحكومية، وخاصة مرضى غسيل الكلى، بالإضافة إلى نقص المستلزمات الطبية، وتحديدا بيكربونات الصوديوم، التي يتوقف إمدادها من حين لآخر بسبب غلائها التي تقدر بنحو 25 ألف ليرة سورية لجلسة غسيل الكلى الواحدة.

هذا بالإضافة إلى أجور نقل الباهظة من أرياف حماة إلى مركز المدينة أو إذا ما اضطروا للذهاب لدمشق، حيث أن المريض يحتاج لغسيل الكلية مرتين أو ثلاث مرات أسبوعيا، وقيمة الجلسة الواحد تكلف ما بين 70 و100 ألف ليرة سورية، مما يعني أن المريض يحتاج لأكثر من نصف مليون ليرة شهريا، حتى يتم كامل جلساته. وبطبيعة الحال هذه التكاليف خارج القوة الشرائية لمعظم المواطنين في البلاد، بالنظر إلى الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشون فيها منذ أكثر من 11 عاما.

بعض الأطباء في أحد مشافي دمشق، يرون أن موضوع نقص المستلزمات في المشافي الوطنية، يعود لتكاليفها الكبيرة، بالإضافة إلى وجود شحّ في قطاع الأدوية بعموم المؤسسات الطبية بالبلاد، و”وزارة الصحة السورية” لم تعد تزوّد المشافي بالكميات السابقة من الأدوية والمستلزمات، وإن كان الوضع في دمشق أفضل للمرضى، نظرا لوجود عدة مشافي حكومية فيها وليس مثل باقي المحافظات.

إن عدم تحمّل الجهات المعنية مسؤولية مشاكل القطاع الطبي أو حلها بوقت قصير، فإن مسألة الأعطال المتكررة هذه لن تنتهي، وبالتالي هذا سيخلف أعباء اقتصادية كبيرة على المواطنين ككل، ولا سيما الذين يرزحون تحت خط الفقر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات