الحديث عن المحادثات بين السعودية و”الحوثيين” بات يشغل الجميع، لكن هذا الحدث الذي يأخذ أكبر حيزا من الرأي العام لا تبدوا معالمه وحدوده واضحة بعد، بخاصة وأنه يجري بين دولة بحجم السعودية وميليشيات متمردة لم يسبق وأن التزمت بوعد، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة، منها؛ هل فعلا سيفضي هذا التقارب إلى وقف رحى الحرب التي تدور منذ 9 أعوام في اليمن.

على غير العادة، تستمر المحادثات بين السعودية و”الحوثيين” منذ خمسة أيام، عندما زار وفدٌ سعودي رفقة وفدٍ عماني، العاصمة اليمنية صنعاء، والتقى قيادات من “الحوثي”، ضمن جهود التوصل إلى تسوية سياسية للحرب في اليمن، في وقت برزت أنباء عن قرب التوصل إلى اتفاق وشيك للملفات العالقة رغم التعقيدات التي تسود المحادثات.

الأحد الماضي، وصل الوفد السعودي برئاسة السفير محمد آل جابر، وأظهرت صورة نشرتها وسائل إعلام تابعة لـ “الحوثيين” السفير السعودي وهو يصافح رئيس المجلس السياسي لجماعة “الحوثي” في صنعاء مهدي المشاط، وأخرى وهما يتوسطان الوفد السعودي وكذلك الوفد العُماني الذي يقود الوساطة بين الجانبين ومسؤولين “حوثيين”.

مؤشرات إيجابية

بعد الصور، تشير الزيارة التي يبدو أن الوفد السعودي قد استهلها عقب وصوله إلى صنعاء في وقت متأخر من السبت الفائت، إلى إحراز تقدم في المشاورات، حسبما كشف عنه مصدر سياسي يمني، الأربعاء الفائت، وأكد أن هناك تقدما ملموسا في مشاورات وفدي الرياض ومسقط مع “الحوثيين”.

المصدر الذي تحدث لوكالة “الأناضول” مشترطا عدم الكشف عن اسمه، قال إن الوفدين لا يزالان في صنعاء، ولم يبقَ سوى لمسات أخيرة حتى يتم الإعلان عن اتفاق شامل، دون مزيد من التفاصيل، في حين تحاول عُمان، التي لها حدود مشتركة مع اليمن، منذ سنوات حل الخلافات بين الأطراف المتحاربة في اليمن، وعلى نطاق أوسع بين إيران والسعودية والولايات المتحدة.

اقرأ/ي أيضا: أميركا مستعدة لتقديم الدعم.. هل تستقر أسواق الدولار أكثر بالعراق؟

المحادثات المفاجئة، تأتي بعد أن وافق أعضاء “مجلس الرئاسة” اليمني مؤخرا على تصور سعودي بشأن حل الأزمة اليمنية، بعد مباحثات سعودية “حوثية” برعاية عُمانية استمرت شهرين في مسقط، بحسب مصادر حكومية.

التصور السعودي يقوم على الموافقة على هدنة لمدة 6 أشهر في مرحلة أولى لبناء الثقة، ثم فترة تفاوض لمدة 3 أشهر حول إدارة المرحلة الانتقالية التي ستستمر سنتين، يتم خلالها التفاوض على الحل النهائي بين كل الأطراف.

تقارب السعوديين “والحوثيين” المطرد جاء في ضوء تصاعد مساعٍ إقليمية ودولية لتجديد الهدنة، التي انتهت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بين الحكومة و”الحوثيين” على خلفية تجديدها مرتين خلال العام الماضي، ورفض الجماعة الموالية لإيران تجديدها ما لم تحقق شروطها.

وسط ذلك، تترقب الأوساط السياسية اليمنية إمكانية الإعلان عن اتفاق عقب انتهاء زيارة الوفدين السعودي والعماني إلى صنعاء، واللذين يرجح أنهما حملا ملفات عالقة إلى قيادات “الحوثيين” بصنعاء، تعثر الاتفاق عليها خلال الأشهر الماضية من المحادثات الثنائية التي تجري بوساطة عُمانية.

إلى ذلك، وعلى الرغم من أن التقارب السعودي الإيراني خلق دفعة قوية لإنهاء الحرب التي تسببت خلال السنوات الثماني الماضية بأسوأ أزمة إنسانية في اليمن والعالم، حسبما وصفتها “الأمم المتحدة”، وأسفرت عن سقوط مئات الآلاف من القتلى والجرحى اليمنيين من المدنيين وأطراف النزاع في جبهات القتال، إلا أن هناك شكوك كبيرة تدور حول تحقق ذلك.

اتفاق هش لن يؤسس لسلام

في السياق، تواصل موقع “الحل نت” مع المحلل السياسي ونائب الرئيس التنفيذي لمركز “صنعاء” للدراسات الاستراتيجية، أسامة الروحاني، وقال إن حدوث اتفاق شامل بين السعودية و”الحوثيين” بات محتملا، لافتا إلى أنه حتى في حال حدوث ذلك إلا أنه لن يُنهي حالة الحرب في اليمن، وكذلك لن يؤسس لعملية انتقالية.

تحذرات كبيرة أطلقها خبراء ومراقبون من التزام الحوثيون بأي اتفاق محتمل/ إنترنت + وكالات

في حين نقلت وكالة الصحافة العالمية “فرانس برس”، عن عضو المجلس السياسي لـ “الحوثيين” محمد البخيتي، قوله إن المحادثات مع الوفد السعودي تدور الآن حول رفع الحصار النقل بشكل كامل، وسحب جميع القوات الأجنبية من اليمن، والإفراج عن جميع الأسرى.

اقرأ/ي أيضا: الدراما العراقية في رمضان 2023.. هل تحجز مقعدها في الساحة العربية؟

البخيتي أضاف أن ما يهمنا الآن هو تحقيق السلام الشامل، لكنه حذر في تغريدة أيضا من عودة الحرب، بطريقة أكثر شراسة إذا فشلت المفاوضات، مبيّنا أنه في حال عودة الحرب، فإن الطائرات السعودية ستقصف اليمن مجددا، والقوات الجوية والصاروخية اليمنية ستستأنف قصف السعودية.

في غضون ذلك، أكد الروحاني أن الاتفاق سيكون جزئي وسيحقق “الحوثيون” مكاسب اقتصادية من هذا الاتفاق، وبالمقابل ستحقق السعودية حدودا أكثر أمانا، لكن احتمالات السلام المستدام في اليمن لن تتحقق في هذه المرحلة.

الهدف من هذه المحادثات، كان منذ البداية تحقيق تطلعات السعودية للتخفيف من دورها وتأمين حدودها، ويبدو أنهم وجدوا طريقة رخيصة للقيام بذلك عبر تقديم هذه التنازلات لـ “الحوثيين”، وبإشراك محدود لـ “المجلس الرئاسي” والقوى اليمنية الأخرى.

أسامة الروحاني لـ”الحل نت”

في المقابل، نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر، أن المحادثات ستركز على معاودة فتح الموانئ التي يسيطر عليها “الحوثيون” ومطار صنعاء بشكل كامل، ودفع رواتب الموظفين العموميين وجهود إعادة البناء، وإطار زمني لخروج القوات الأجنبية من البلاد.

مضامين المفاوضات

في سياق تطورات المحادثات، نقلت صحيفة “العربي الجديد”، الاثنين الماضي، عن مصدر مقرب من جماعة “الحوثيين”، بأن المفاوضات دارت خلال اليومين الماضيين حول الجداول الزمنية للاتفاق، وطرق دفع الرواتب، والمشاورات الداخلية بين الأطراف اليمنية المتمثلة بـ “الحوثيين” والحكومة الشرعية، بالإضافة إلى ملفات أخرى متعلقة بفترة ما بعد الانتهاء من الحرب.

المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، قال إن جلسات المفاوضات والنقاش بين الوفدين السعودي والعماني وقيادات “الحوثيين” تعقّد بشكل مغلق، معربا عن اعتقاده بأنها في المراحل النهائية.

غير أن نائب الرئيس التنفيذي لمركز “صنعاء” للدراسات الاستراتيجية، أسامة الروحاني، قد حذر من أن حدوث الاتفاق بهذا الشكل الذي يغيب بعض الأطراف اليمنية، ولا سيما وبتغييب متقصد للمبعوث الأممي هانز، سيشكل مؤشرات خطيرة ولذلك لن يكون لهذا الاتفاق أي أهمية لمستقبل السلام في اليمن.

في مارس/آذار 2021، أعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، عن مبادرة سعودية لحل الأزمة اليمنية، تستند إلى وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، داعيا حينها “الحوثيين” والحكومة اليمنية للقبول بها.

المبادرة تشمل فتح “مطار صنعاء الدولي” أمام عدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، وتخفيف القيود عن “ميناء الحديدة”، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية “الأمم المتحدة”.

هذا ويعاني اليمن منذ نحو تسع سنوات من حرب مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية، وقوات “الحوثيين”، المدعومين من إيران والمسيطرين على عدة محافظات منذ 2014.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة