يبدو أن موسم الصيف لهذا العام يجلب معه عدوا جديدا للسوريين، “ذبابة الرمل” هذه الحشرة الصغيرة مسؤولة عن انتشار داء اللشمانيات المعروف باسم “حبة حلب”. فمع ارتفاع درجة الحرارة في البلاد، ارتفع الرسم البياني للعدوى، بسبب تربية الماشية، والتربة الملوثة، وسوء إدارة النفايات التي تساهم في انتشار الحشرة.

“ذبابة الرمل” هي حشرة صغيرة يبلغ طولها حوالي 2-3 مم، تكون أكثر نشاطا في الليل، ويمكن للدغتها أن تنقل داء “اللشمانيا” إلى الإنسان والحيوان. تشمل أعراض المرض الحمى وفقدان الوزن والآفات الجلدية التي يمكن أن تصبح مشوهة إذا تركت دون علاج، لكن لماذا تزداد المخاوف هذا العام بانتشار عدوى “حبة حلب” دون غيره.

تواتر الإصابات بـ”اللشمانيا” في حماة

طبقا لما أوردته صحيفة “تشرين” المحلية، أمس الخميس، نقلا عن مدير صحة حماة الدكتور جهاد عابورة، فإنه مع تنامي البيئة الحاضنة من تربة ملوثة تُروى بمياه الصرف الصحي زد على ذلك تربية المواشي وتراكم النفايات في الشوارع والأحياء وعدم غسيل الحاويات وتنظيفها.

حملات توعية بمرض اللشمانيا في شمال سوريا - انترنت
حملات توعية بمرض اللشمانيا في شمال سوريا – انترنت

في المقابل، يأتي ضعف الإمكانات لدى الوحدات الإدارية لجهة عدم تمكنها من ترحيل النفايات بشكل دائم ومستمر في ظروف غير مثالية، سببا جوهريا آخر في انتشار الآفة الحشرية داخل البلاد.

عابورة أشار في حديثه إلى أن القطاع الصحي في سوريا كان دوما هو الحلقة الأضعف، و”اللشمانيا” موجودة من عشرات السنوات، لطالما تتوافر البيئة الحاضنة للذبابة من ملوثات ونفايات وسقاية مزروعات بمياه الصرف الصحي، حيث تتشكل طبقة مناسبة للذبابة.

زيادة على ذلك، لفت عابورة إلى أن التخلص من هذه الإصابات يحتاج إلى تكاتف جهود العديد من الجهات وليس القطاع الصحي فحسب، مطالبا السلطات الإدارية والمجتمع الأهلي بالحرص على النظافة دوما، وعدم تربية المواشي بين الأحياء السكنية.

مدير صحة حماة، أكد للصحيفة أن هناك إصابات بـ “اللشمانيا”، قائلا “لذلك نعمل كجهات صحية إشرافية على عدة جبهات منها التقصي والتوعية والوقاية والعلاج”.

“ذبابة الرمل”.. تزيد المخاوف

لسوء الحظ، فإن الظروف والبيئة الخصبة لتكاثر “ذبابة الرمل” شائعة جدًا في سوريا. يشير الدكتور عبد الستار محاميد في حديثه لـ”الحل نت”، أن تعطيل الخدمات الأساسية مثل إدارة النفايات ومعالجة المياه، أدى إلى تراكم النفايات في الشوارع والأحياء. وهذا يوفر أرضا خصبة  للحشرة التي يمكن أن تتكاثر حتى في أصغر برك المياه الراكدة.

"اللشمانيا" يعاود الظهور في شمال غرب سوريا - إنترنت
“اللشمانيا” يعاود الظهور في شمال غرب سوريا – إنترنت

بالإضافة إلى قضايا إدارة النفايات، هناك أيضا تحديات تساهم في انتشار الآفة بحسب المحاميد، منها عادات السوريين في مع تربية الماشية داخل البيوت وقلة غسل وتنظيف الحاويات من قبل الجهات المعنية. وكل هذه العوامل تساهم في نمو أعداد “ذبابة الرمل” وانتقال داء اللشمانيا.

ضعف الوحدات الإدارية من حيث قدرتها على إزالة النفايات بشكل دائم ومستمر يعتبر عقبة رئيسية في معالجة المشكلة. بدون الموارد والبنية التحتية لإدارة النفايات بشكل صحيح وضمان المياه النظيفة، من الصعب السيطرة على انتشار “ذبابة الرمل” والأمراض التي تحملها.

الانتشار المتزايد لداء “اللشمانيا” وفقا للمحاميد له آثار ضارة على الصحة العامة. ينتج المرض عن طُفيلي يهاجم جهاز المناعة، مما يؤدي إلى الحمى وفقدان الوزن والتهابات. ويحتاج المرضى المصابون إلى عناية طبية طويلة الأمد يمكن أن يكون لها تأثير عميق على أنظمة الرعاية الصحية المتهالكة، وبدون تدابير وقائية واستراتيجيات مراقبة فعّالة، من المتوقع أن يزداد الوضع سوءا. 

“اللشمانيا” تستشري في سوريا

انتشار داء “اللشمانيا” يُعد مشكلة متنامية في سوريا خلال فصل الصيف. يتطلب التحدي المطروح التزاما حكوميا بتطوير وتنفيذ استراتيجيات فعالة لإدارة النفايات، بالإضافة إلى تعزيز التغييرات السلوكية اللازمة للمواطنين. إن تجاهل خطر وجود “ذبابة الرمل” قد يؤدي إلى تداعيات صحية عامة طويلة المدى، مما يؤدي إلى تفاقم البنية التحتية للرعاية الصحية المتعثرة بالفعل، وتعريض المزيد من السوريين للخطر.

حملة لمكافحة "اللشمانيا" في ريف الطبقة - إنترنت
حملة لمكافحة “اللشمانيا” في ريف الطبقة – إنترنت

خلال العام الفائت، قال مدير برنامج الصحة والتغذية في منظمة “الأمين”، الطبيب واصل الجرك، إن أكثر من 60 ألف إصابة، وثّقت خلال شهر نيسان/أبريل 2022، شمال غربي سوريا، ونحو 10 آلاف آخرين شمال شرق البلاد. 

وبالنسبة للعلاج، قال الجرك “لا توجد مراكز طبية متخصصة لعلاج اللشمانيا في البلاد، لكن العلاج متوفر بكميات جيدة، حيث يتم اللجوء حاليا لعلاج جميع آفات اللشمانيا لجميع المرضى عن طريق الحقن الموضعي مع أن أكثر من 40 بالمئة في حاجة إلى الحقن العضلي الذي يحتاج إلى 80 أمبولة من أجل تماثل المريض للشفاء”.

“ذبابة الرمل” هي عدو جديد يضاف إلى التحديات التي تواجه السوريين الذين يعانون بالفعل من آثار الصراع والنزوح. وهي تذكير بأن الخدمات الأساسية مثل إدارة النفايات والمياه النظيفة ضرورية للحفاظ على الصحة العامة، وأن الاستثمار في هذه الخدمات هو خطوة ضرورية نحو مستقبل أكثر إشراقا لسوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات