من أجل تعزيز الحركة التجارية وتنشيط الاقتصاد الخليجي وتنويعه، تتجه دول مجلس التعاون الخليجي إلى تدشين المزيد من الخطوط الملاحية البحرية المباشرة فيما بينها، حيث تعتبر الملاحة البحرية من أهم الأنشطة الاقتصادية في منطقة الخليج العربي الممتد على مساحة تقارب 251000 كيلومترا مربعا، ويعتبر ممر ملاحي حيوي يربط العديد من الدول الخليجية بالعالم، ويعتبر ممرا رئيسيا للنفط والغاز الذي يتم استخراجه من المنطقة.

إذ يلعب الخليج العربي دورا مهما على الصعيد العسكري، والاقتصادي، والسياسي، حيث إن العديد من ناقلات النفط تعبر من خلاله عبر الموانئ النفطية الواقعة على سواحله، وذلك لأن أغلب البلدان التي تطل على سواحله هي مُصدرة للنفط، إضافة إلى ذلك فإن مياهه تضم حقولا نفطية وغازية، وهو من أكثر الممرات المائية ازدحاما في العالم.

إلى جانب الخطوط الملاحية التي تربط دول الخليج فيما بينها، دشنت دول الخليج العديد من الخطوط الملاحية المباشرة مع دول العالم؛ بهدف استحواذها على المزيد من حجم التجارة الإقليمية والعالمية، حيث تحتوي مياه الخليج العربي على العديد من الموانئ والمرافئ التي تستخدمها السفن للتحميل والتفريغ، وتشمل هذه الموانئ ميناء “جبل علي” في دبي وميناء “خورفكان” في الشارقة، إضافة لميناء “الفجيرة” أيضا، وميناء “حمد” في قطر وميناء الملك فهد في المملكة العربية السعودية.

أيضا، يوجد في الخليج العربي العديد من الشركات العالمية التي تعمل في مجال النقل البحري، وتشارك هذه الشركات في تطوير وتحسين خدمات النقل البحري في المنطقة. كما تحرص دول الخليج على تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال الملاحة البحرية، وتوسيع شبكاتها اللوجستية لتحسين التجارة والتبادل التجاري.

توسع اقتصادي

الخبير الاقتصادي نايل الجوابرة، يقول في حديثه لـ”الحل نت” إن توسيع خطوط النقل البحري مؤخرا بين دول الخليج العربي، هو لتسهيل نقل البضائع فيما بينهم، وأيضا لوجود فاتورة جمركية موحدة بينهم، حتى لا يكون هناك اختلاف في نقل البضائع أو اختلاف بالنسبة إلى أسعار الشركات، وبالتالي الوصول إلى التوسع الاقتصادي والربط الموحد بين دول الخليج.

موانىء على البحر الأحمر (الجريرة)
موانىء على البحر الأحمر (الجريرة)

الجوابرة يضيف هنا، بأن تكثيف دول الخليج من الاعتماد على النقل البحري، هي أن تكلفته أقل بكثير مقارنة بوسائل النقل الأخرى، حيث تمثل دول الخليج العربي مركزا للتجارة الدولية، وتستورد وتصدر العديد من المنتجات والسلع، ويتم نقلها بواسطة السفن والناقلات البحرية، مما يزيد من الحاجة للنقل البحري في المنطقة.

اقرأ أيضا: لماذا منطقة الخليج في وضع جيد للعب دور رئيسي في الاقتصاد العالمي؟

أيضا الموقع الهام لدول الخليج، إضافة لما تمتلكه من ثروات وخاصة النفطية، جعل موانئها مرسى للبواخر العملاقة الحاملة لهذه المواد والتي تصدر إلى دول عديدة. إذ تمثل صناعة النفط والغاز أهم قطاعات الاقتصاد في المنطقة، وتتم عمليات استخراج النفط والغاز في الغالب على السواحل، وتنقل بواسطة الناقلات البحرية، مما يجعل النقل البحري أساسيا في هذه الصناعة.

في موازاة ذلك، تعمل دول الخليج العربي مؤخرا على تطوير البنية التحتية للنقل البحري، بما في ذلك بناء موانئ ومرافئ جديدة وتحديث الموانئ القائمة وتطوير تقنيات الشحن والنقل البحري، مما يجعل النقل البحري أكثر كفاءة وسرعة، بحسب الجوابرة.

ربط خليجي مباشر

خطوط الملاحة البحرية المباشرة بين دول الخليج، أسهمت في ترسيخ التعاون الخليجي بمجال التجارة العالمية والبينية خلال السنوات الماضية، حيث عملت دول الخليج على تعزيز الربط البحري المباشر.

شركة الملاحة القطرية “ملاحة”، أعلنت في آب/أغسطس 2017، إطلاق أول خدمة نقل مباشر للحاويات بين ميناء “حمد” في قطر، وميناء “الشويخ” في الكويت، من خلال سفينة ذات سعة 515 حاوية نمطية، و50 حاوية مبردة، بمدة عبور تبلغ يوما واحدا، واكتسب هذا الخط أهمية بالغة لنقل البضائع القابلة للتلف وللمواد الغذائية، وغيرها من البضائع القادمة من قطر وإليها، بحسب موقع “الخليج أونلاين”.

من جانبها أعلنت الشركة القطرية لإدارة الموانئ، في حزيران/يونيو 2017، عن خطين للشحن البحري المباشر، يتضمنان تسيير ثلاث رحلات أسبوعيا بين ميناء “حمد” ومينائي “صحار” في شمال عُمان و”صلالة” في جنوب السلطنة.

خطوط الملاحة المباشرة التي ربطت الدوحة مع دولتي الكويت وعُمان، أسهمت في توفير كثير من السلع الطازجة خلال الأسابيع الأولى التي أعقبت اندلاع الأزمة الخليجية، صيف عام 2017.

بدورها أكدت الهيئة العامة للموانئ السعودية “موانئ”، في حزيران/يونيو 2020، نجاح ميناء “جدة الإسلامي” في الربط الملاحي المباشر بين ميناء “جبل علي” بالإمارات، وميناء “العين السخنة” في مصر، ليصبح أول خط ملاحي مباشر يربط بين أهم الموانئ في قارتي آسيا وإفريقيا، لخدمة نقل الحاويات على ساحل البحر الأحمر.

الربط السعودي الإماراتي ساهم في زيادة أعداد الحاويات التي تشحن بين عدة موانئ، والفوز بعدد أكبر من السفن المارة بساحل البحر الأحمر، ما عزز القدرة التنافسية للموانئ السعودية، وعمل على تحسين كفاءة العمليات والخدمات التي تقدمها.

قد يهمك: ما المتغيرات التي ستؤثر على شكل العلاقات الإماراتية القطرية؟

في سياق متصل أطلقت الموانئ السعودية، في كانون أول/ديسمبر 2021، خدمة “مسافنة” للربط بين ميناء “الملك عبد العزيز” بمدينة الدمام، وميناء “خليفة بن سلمان” في البحرين، وموانئ الشرق الأقصى، ويهدف الربط بين الرياض والمنامة إلى زيادة كميات “المسافنة”، وتعزيز تدفق الحركة التجارية بين السعودية ودول المنطقة والعالم. بحسب “وكالة الأنباء السعودية”.

تعزيز العلاقات

في تأكيد لأهمية توسيع خطوط النقل البحري، أعلنت “مؤسسة الموانئ” الكويتية تدشين أول خط ملاحي مباشر للحاويات من ميناء “خليفة” الإماراتي إلى ميناء “الشويخ”، في خطوة تعزز العلاقات التجارية الكويتية الإماراتية.

وكالة الأنباء الكويتية “كونا”، نقلت في 16 نيسان/أبريل 2023، عن المدير العام لمؤسسة الموانئ الكويتية بالإنابة، عيسى الملا، قوله إن “رسو أول سفينة لنقل الحاويات التابعة لمجموعة موانئ أبو ظبي إلى ميناء الشويخ، يندرج ضمن الخطوات التي تعزز العلاقات التجارية بين البلدين”.

الملا يوضح حرص بلاده على تعزيز العلاقات التجارية الكويتية الإماراتية، “والارتقاء بها نحو آفاق جديدة تعود بالفائدة على البلدين”، ويلفت في حديثه إلى ما شهدته تلك العلاقات التجارية في الأعوام القليلة الماضية من نمو ملحوظ.

من جانبه قال الرئيس التنفيذي بالإنابة للقطاع البحري لمجموعة “موانئ أبو ظبي” ومجموعة “سفين”، عمار الشيبة، إن “تدشين هذا الخط الملاحي، إضافة إلى ميناء الشعيبة، سيزيد من حجم التبادل التجاري بين البلدين، ويعزز العمليات اللوجستية والشحن البحري، وسيقلل تكاليف النقل والمدة الزمنية لعمليات النقل”.

الخط البحري المباشر يشمل نقل “البضائع المدحرجة”، من سيارات وشاحنات وغيرها، من ميناء “خليفة” إلى ميناءي الشويخ والشعيبة، برحلات أسبوعية، إضافة إلى نقل الحاويات الجافة والمبردة، بحسب الشيبة.

الخطوط الملاحية المباشرة تؤدي دورا حيويا في تسهيل تجارة البضائع بين البلدان، حيث تمكِّن من نقل الحاويات والبضائع بطريقة آمنة وفعالة من ميناء إلى آخر. وأصبحت وسيلة رئيسية للتجارة الدولية، لمساهمتها الفاعلة في تحريك الاقتصادات وتعزيز التبادل التجاري بين الدول.

 أيضا، تحمل الخطوط الملاحية المباشرة بين دول الخليج والعالم فوائد كبيرة، أبرزها تقليل تكاليف الشحن والنقل، والمحافظة على جودة البضائع، كما أنها تقلل من الوقت اللازم لنقل الحاويات والبضائع بين الموانئ، ما يحفّز التجارة والاستثمارات بين الدول.

كما توفر بنية تحتية متكاملة لنقل الحاويات والبضائع بين الموانئ، وهو ما يسهل عمليات الشحن والتفريغ، فضلا عن زيادة إنتاجية الشركات وتحسين كفاءتها، من حيث حجم الشحنات وتوقيت التسليم.

أخيرا، تعتبر صناعة النقل البحري مصدرا هاما للدخل الوطني في دول الخليج العربي، حيث توفر فرص عمل كثيرة، وتسهم في زيادة الاستثمارات وتحسين الاقتصاد المحلي بشكل كبير.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات