العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، التي تشهد حاليا الكثير من التوتر بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والتي توصف بالمتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، ووجود شخصيات مثل إيتمار بن غفير، وبتسلإيل سموتريش، كانت حاضرة يوم أمس الأحد في كلمة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في حديثه مع مجموعة “جي ستريت” الليبرالية، وهي منظمة غير ربحية أسستها مجموعة إسرائيلية يسارية في الولايات المتحدة.

بلينكن، قال في كلمته، إن الولايات المتحدة تعتزم العمل عن كثب مع حكومة إسرائيل الجديدة، ومواصلة دعم حل الدولتين من أجل إنهاء الصراع المستمر منذ عقود مع الفلسطينيين، وأضاف أن الإدارة الأميركية تتوقع أن “تواصل الحكومة الإسرائيلية الجديدة العمل معنا لتعزيز قيمنا المشتركة، مثلما كان الحال مع الحكومات السابقة”، وتابع، “سنقيس الحكومة بالسياسات التي تنتهجها وليس بالشخصيات الفردية”.

حديث الوزير الأميركي، يثير العديد من الأسئلة حول الرسائل الأميركية للحكومة الإسرائيلية الجديدة، وإمكانية نجاح حل الدولتين، وردود إسرائيل المتوقعة في الوقت الذي تتصاعد التوترات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

رسائل أميركية للحكومة الإسرائيلية

في الوقت الذي تحدث فيه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، عن سعي بلاده مواصلة الدعم لحل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أكد أن المساعدات الأمنية لإسرائيل مصونة ومكفولة، في إشارة منه إلى أكثر من 3 مليارات دولار تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل في شكل تمويل عسكري خارجي.

بتسلإيل سموتريش “وكالات”

محمد الليثي، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، يوضح خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن هناك رسالتين أميركيتين للحكومة الإسرائيلية، الأولى أن الولايات المتحدة ستبقى داعمة لإسرائيل بعد الكلام الذي نُشر مؤخرا حول معارضات بعض المسؤولين الأميركيين لوجود إيتمار بن غفير أو التعامل مع حكومة يتواجد بها.

قد يهمك:إسرائيل تدافع ببطء عن أوكرانيا.. سياسة نتنياهو الجديدة؟

أما الرسالة الثانية التي أشار إليها بلينكن، تتعلق بالأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة من قِبل إسرائيل، والتي تتعلق بالأعمال الإسرائيلية مثل التوسع الاستيطاني والتحركات نحو ضم الضفة الغربية والإخلال بالوضع التاريخي الراهن في الأماكن المقدسة، وهدم المنازل والإخلاء القسري والتحريض على العنف، أي أن الولايات المتحدة لا تريد حدوث أي تطور يؤدي لإشعال الأوضاع في المرحلة المقبلة بسبب الاحتقان في الشارع الفلسطيني، كما لفت بلينكن إلى أنه على الرغم من العلاقات القوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل إلا أنه يجب على إسرائيل التنسيق مع بلاده في كل شيء.

حل الدولتين في رؤية نتنياهو

بنيامين نتنياهو، وخلال حملته الانتخابية وقبل نجاحه في الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة في إسرائيل أكد أنه يرفض فكرة حل الدولتين مع الفلسطينيين، معتبرا ذلك تهديدا وجوديا لإسرائيل، فيما قال بلينكن يوم أمس الأحد، إن الرئيس جو بايدن لا يزال ملتزما “بتحقيق الهدف الدائم للدولتين… نعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين، مثل الناس في كل مكان، لهم نفس الحقوق ونفس الفرص”.

الليثي يرى أنه لا توجد أي مؤشرات إيجابية حول موضوع حل الدولتين، لأن نتنياهو واضح جدا في هذا الأمر، فقد أكد أنه عائد إلى السلطة بنفس سياساته القديمة ونفس الإسلوب ونفس التعامل مع القضية، كما يشير إلى استمرار الجمود نتيجة صعوبة تقبله من قبل حكومة يمينية متطرفة تضم نتنياهو وبن غفير و سموتريش، الذين لديهم معارضة كبيرة لفكرة حل الدولتين.

أما بالنسبة للرد الإسرائيلي المتوقع حول تصريحات بلينكن، يعتقد الليثي، أن إسرائيل سوف تتجاهل كل ما يعارض مصالحها وأفعالها وتجاوزاتها في الأراضي المحتلة والمناطق المقدسة، سواء هدم المنازل أو التوسع الاستيطاني وفرض سياسة الأمر الواقع.

بالنتيجة، فإن رد الفعل الإسرائيلي سيكون باتجاهين رئيسيين، الأول هو استمرار العلاقات مع الولايات المتحدة والإدارة الأميركية الحالية وتوطيد العلاقات معها، والثاني تجاهل مطالبها حول حل الدولتين وإيقاف الأفعال الأخرى بشكل قاطع، بحسب الليثي.

مسار الحل إلى أين؟

موجة العمليات المناوئة لإسرائيل في أرجاء الضفة الغربية، تُعد الأوسع منذ موجة العمليات التي شهدها العام 2015، وتُعتبر أحد أهم التحديات التي ستواجهها الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو.

كما تُعد قدرة الحكومة الجديدة على مواجهة الفعل الفلسطيني المضاد لها، اختبارا مهما للأحزاب التي تمثل اليمين الديني المتطرف التي ستشارك في هذه الحكومة، والتي تعهدت خلال الحملة الانتخابية بإخماد جذوة “المقاومة” المشتعلة عبر طيف واسع من الالتزامات التي قدمتها للجمهور، كوصفة، ليس فقط لإنهاء هذه الموجة من العمليات؛ بل أيضا لحسم الصراع مع الفلسطينيين لصالح إسرائيل.

لذلك من المتوقع أن تسهم سياسات حكومة نتنياهو الجديدة في توفير بيئة تسمح بتوحيد ساحات العمل الفلسطيني ضد إسرائيل، حيث إن مكونات هذه الحكومة أوضحت بأنها ستستهدف فلسطيني الداخل بشكل لا يقل عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، مما سيوسع من رقعة العمل الفلسطيني بشكل قد يفضي إلى استنزاف الجيش الإسرائيلي وموارد إسرائيل.

بحسب الليثي، ففي المرحلة الحالية من الصعب الحديث عن حل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لأسباب كثيرة أبرزها الواقع الأمني الحالي الموجود سواء في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية أو حتى في الداخل الإسرائيلي، فالوضع في حالة احتقان شديد وهناك توقعات كبيرة بالتصعيد في الشارع الفلسطيني ولدى عرب الداخل الإسرائيلي.

في الفترة القادمة، من الممكن أن تكون الأمور مقبلة على انتفاضة فلسطينية ثالثة، خاصة بوجود بن غفير الذي يدعو لتكرار أفعال وسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أرييل شارون، باقتحام المسجد الأقصى واستهداف الفصائل الفلسطينية، وفق الليثي.

إخماد “المقاومة” هدف للحكومة

الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم القادم، وتحديدا حركة “الصهيونية الدينية” بزعامة سموتريتش و”الكاهانية” بزعامة إيتمار بن غفير، تقدم نفسها كممثلة لجمهور المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، الذي يُعد الهدف الرئيس لعمليات المقاومة، فإن محاولة إخماد هذه الموجة من عمليات المقاومة ستكون على رأس أوليات الحكومة الجديدة.

إيتمار بن غفير “وكالات”

أيضا تدرك الأحزاب التي ستمثل في حكومة نتنياهو، أن حكومة تصريف الأعمال الحالية بزعامة يائير لبيد قد عجزت عن وضع حد لعمليات المقاومة، رغم أنها أطلقت يد الجيش والمخابرات ومنحتهما هامش حرية مطلقا للعمل في جميع أرجاء الضفة الغربية وبكل الأدوات المتاحة.

الجيش الإسرائيلي، يواصل شن حملة “كاسر الأمواج” التي شرع فيها منذ أكثر من 7 أشهر، التي يقتحم في إطارها جميع مدن الضفة الغربية وينفذ عمليات دهم واعتقال وتصفيات جسدية ضد من يشتبه بدورهم في العمل المقاوم. كما يستفيد الجيش الإسرائيلي من تعاون السلطة الفلسطينية الأمني، الذي ثبته دوره المهم في تقليص تأثير ودور بعض تشكيلات الفصائل، وتحديدا مجموعة “عرين الأسد” في نابلس. ومع ذلك، فإن عمليات المقاومة ما زالت تُفاجئ الإسرائيليين على صعيد التوقيت والمكان وطابع الأهداف.

وضع معقد تشهده الساحة الفلسطينية الإسرائيلية في ظل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فلا تزال الأوضاع غامضة تجاه فكرة حل الدولتين، وإن كانت تصريحات نتنياهو وأعضاء حكومته تشي بالرفض للفكرة، ليبقى احتمال التصعيد في المرحلة القادمة سيد الموقف.

إقرأ:إسرائيل نحو تطرف ديني بعد الانتخابات.. ما علاقة إيتمار بن غفير؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.