بالتوازي مع استمرار أزمة الكهرباء التي تعيشها سوريا منذ سنوات، وفشل الحكومة السورية في تحقيق وعودها المتعلقة بتحسين التغذية الكهربائية في البلاد، يلجأ السوريون عادة إلى شراء قوالب الثلج الجاهزة لاستخدامها كبديل عن البرادات المتوقفة، لكن ارتفاع الأسعار هذا العام قد يحرم شريحة واسعة من السوريين من استهلاك آخر بدائل التبريد.

انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يوميا، حرم معظم السوريين من البراد المنزلي، الذي يحتاج لجهد عالي حتى يتم تشغيله، حيث يقتصر تشغيله على الأشخاص القادرين على استجرار كميات كبيرة من الكهرباء عبر المولدات المحلية، الأمر الذي يتطلب ميزانية كبيرة شهريا.

قوالب الثلج لم تعد حلّا؟

مع اقتراب دخول فصل الصيف وبدء ارتفاع درجات الحرارة في سوريا، يعاني السوريون عادة من مشكلة حفظ وتبريد الطعام بسبب توقف البرادات المنزلية، وعادة ما تلجأ العائلات السورية إلى شراء قوالب الثلج للمساعدة في حفظ الطعام، حيث كان يبلغ سعر القالب العام الماضي 5000 ليرة سورية.

لكن هذا العام ومع ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات، تضاعف سعر قالب الثلج في دمشق نحو خمسة أضعاف، حيث أفاد تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، أن سعر قالب الثلج هذا العام بلغ 25 ألف ليرة سورية، الأمر الذي يهدد الكثير من العائلات بتوقف استهلاكها لهذه المادة.

“كنا نعتمد عليه للحصول على مياه باردة ولحفظ الطعام”، قالت مي بصمه جي، وهي سيدة تعيش في مدينة حلب السورية، مشيرة إلى أن الأسعار هذا العام لا تسمح لها بشراء قوالب الثلج باستمرار خلال فصل الصيف، وذلك بعد أن تضاعفت أسعاره بهذا الشكل.

بصمه جي، أضافت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “الأسعار ليست معقولة، قوالب الثلج كانت بديل مناسب لانقطاع الكهرباء وتوقف البراد عن العمل، لكن مع هذه الأسعار، سأفكر ربما بزيادة كمية الكهرباء في خط الاشتراك المحلي من أجل تشغيل البراد خلال فصل الصيف، أو ربما سأشتري جرة مصنوعة من الفخار من أجل حفظ الطعام”.

في ظل انقطاع التيار الكهربائي وعدم وجود إمكانية لحفظ الطعام، اضطر كثير من العائلات السورية إلى طبخ كميات قليلة من الطعام بما يكفي أفراد العائلة ليوم واحد فقط، حيث يضطر الأهالي إلى رمي الطعام الزائد في حال عدم استهلاكه في اليوم ذاته بسبب صعوبة حفظه، لا سيما خلال أيام فصل الصيف.

الصيف تحول لعبء؟

فصل الصيف تحول مؤخرا إلى عبء إضافي على السوريين بسبب قلة الكهرباء، حيث تعمل العائلات السورية هذه الأيام، على تفقّد أجهزة التكييف في المنازل بهدف إصلاحها، عسسى أن تستفيد من بضع ساعات التغذية خلال فصل الصيف الحار.

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، أشار إلى ارتفاع في أسعار صيانة وتنظيف وتعبئة غاز لجهاز التكييف، حيث سجّلت الأسواق أسعار بين 150 إلى 300 ألف ليرة سورية، فيما تصل أسعار صيانة بعض الأعطال إلى أكثر من ذلك بحسب العطل والقطعة المراد تبديلها وتغييرها .

تعبئة غاز المكيف تصل تكلفتها إلى 250 ألف ليرة سورية، وهي من أكثر الخدمات المطلوبة حاليا في الأسواق،أما الصيانة الكاملة مع التنظيف فيمكن أن تصل تكلفتها إلى 350 ألف ليرة سورية، كما أكد مختصون في صيانة المكيفات، أن بعض الأجهزة قد تحتاج إلى تكاليف أعلى تكلفة لصيانة أنواع أخرى نظرا لارتفاع أسعار قطع الغيار ونوعية المكيف.

أسعار المراوح والمكيفات في أسواق دمشق، سجّلت هذا العام أرقاما قياسية، حيث كان واضحا من خلال الأسعار المدوّنة أنها ارتفعت بنسبة كبيرة مقارنة بالعام الماضي مع توقعات بزيادة يومية حسب حركة السوق وسعر الصرف ونوع وحجم المروحة وآلية عملها سواء بطارية خارجية أم داخلية.

قد يهمك: ما حقيقة وفاة الممثل محمد قنوع نتيجة خطأ طبي في دمشق؟

بحسب تقرير لـ”أثر برس”، فقد بدا واضحا، أن المراوح العاملة على البطارية هي الحل الوحيد لمواجهة حرّ الصيف في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وقد بلغ سعر المروحة شكل الدولفين قياس “16 إنش” 700 ألف ليرة، بينما يتراوح سعر المروحة الصغيرة التي يمكن أن تعمل على الكهرباء والبطارية بين 550 إلى 600 ألف ليرة.

أما بالنسبة للمكيفات فقد أصبح شراء مكيف جديد، ضربا من البذخ بالنسبة للكثيرين، بسبب أسعارها الباهظة التي تبلغ أضعاف مضاعفة لراتب المواطن العادي، حتى بالنسبة للنوعيات الوسط، حيث يبلغ سعر المكيف 2 طن نحو 5 مليون ليرة سورية، ومكيف طن واحد 2 مليون، علماً أن ذلك لا يشمل كلفة تركيب المكيف التي تتراوح بين 250 إلى 300 ألف ليرة.

الحكومة السورية بدورها، لا تملك حتى الآن أي رؤية لحل مشكلة الكهرباء، وذلك رغم مرور أكثر من ست سنوات على الاستقرار العسكري الذي عاشته المناطق الخاضعة لسيطرتها، واكتفت بإطلاق الوعود المتعلقة بحل أزمة الكهرباء وغيرها من مؤسسات البنية التحتية، إلا أن الوضع الاقتصادي استمر بالانحدار، وتراجعت الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، الأمر الذي انعكس على القدرة الشرائية للمواطن، وانحدار الوضع المعيشي في البلاد.

منذ أن فقدت العائلات السورية الأمل في تحقيق الحكومة لوعودها المتعلقة بتحسين الشبكة الكهربائية، لجأت هذه العوائل للبدائل بحسب القدرة المالية لكل منها، فمنهم من اتجه إلى شراء مولدة صغيرة، أو الاشتراك في المولدات الكبيرة داخل الأحياء السكنية، ومنهم من بقي ينتظر حل الأزمة لعدم قدرته على دفع ثمن البدائل.

هذا الوضع كان السبب في إنفاق الكثير من العائلات لجزء كبير من دخلهم الشهري لسد احتياجات منازلهم وأماكن عملهم من الكهرباء، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن تنعم هذه العوائل بالكهرباء طوال اليوم، فأوقات تشغيل هذه المولدات يبقى محدودا وتكلفتها عالية، خاصة في ظل عدم التدخل الحكومي بآلية عملها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات