بعد خروج مسلسل “كانون” من السباق الرمضاني للعام الجاري، أعلن القائمون على العمل قبل يومين من الانتهاء من تصويره، والذي كان من المقرر عرضه خلال موسم دراما رمضان 2023. و”كانون” لم يكن المسلسل الوحيد الذي استُبعد من السباق الرمضاني، بل هناك أربعة أعمال من القائمة، ومن أبرهم  بعد مفاوضات استمرت بعضها حتى ربع الساعة الأخير من بداية شهر الرمضان هم “كانون”، “دوار شمالي”، “مال القبان”، و”كسر عضم 2 – سراديب”.

مسلسل “كانون” للمخرج إياد نحاس وتأليف علاء مهنا، والعمل يجمع الفنان السوري بسام كوسا مع الفنان الشاب مهيار خضور في مشاركة البطولة، ولم يكن ثمة سبب واضح وراء قرار تعليق العرض مطلع رمضان الماضي، إذ اكتفى القائمون عليه بأن تصويره تأخر، فاستُبعد من السباق، غير أن البعض أرجع ذلك إلى خلافات مادية جمّدت البيع. لكن مهيار خضور قال في تصريح أخير إن الرقابة السورية غيرت بعض الأمور فيه، وبالتالي استؤنف تصويره، فما الذي تغيّر فيه.

ما الذي تغير في “كانون”؟

الكاريزما والهيبة، هو ما أجمع عليه المتابعون في وصفهم لمهيار خضور وأناقته بالجزء الثالث من مسلسل “للموت”، السوري اللبناني، الذي عُرض في موسم دراما رمضان 2023، لا سيما أنه تميز بالهدوء في الكلام، بالإضافة لإعجابهم بثنائيته مع الفنانة اللبنانية دانييلا رحمة.

بحسب تقرير لمنصة “إي تي بالعربي“، فإن مهيار حاليا تخلى عن كل هذه الكاريزما في أحدث أعماله وهو مسلسل “كانون”، لدرجة أنه سيُشاهد مشوه الوجه. وخلال لقائه مع المنصة الفنية يوم أمس الأربعاء، تحدث مهيار عن دوره في العمل، إضافة إلى أنه كشف عن مشهد ممنوع من الرقابة السورية في مسلسل “كانون”.

هذا المشهد أخر مشهد صوره خضور في المسلسل، ويرمي فيه خضور آلاف الدولارات على الناس في الشارع، وقال حول ذلك إن المشهد كان من المفترض أن يتم بالعملة السورية الحقيقية، إلا أن الرقابة السورية لم تعطِ الموافقة على ذلك، ودون توضيح السبب، ومن ثم تم استبدالها بأوراق مالية “فييك”، بالدولار.

مهيار خضور كان سعيدا بإنهاء تصوير المسلسل، حيث نشر مقطع فيديو مع الفريق الفني للعمل على أحد أسطح العاصمة السورية دمشق، كوداع للعمل، وأردف خضور للمنصة الفنية “كانت رحلة طويلة وحمدلله ختمناها ليوم، وحقيقةً كانون كان مسلسلا متعبا وجميلا بنفس الوقت، كتير تنقلنا وأخذ زمن، يمكن بعد كل هالتعب نحصد نتائج إيجابية ونوصل لقلوب المتابعين ولعقل الناس، وهذا رهاننا، وأنه أديش بنقدر نكون قريبين من الناس والشارع”.

هذا وينتمي مسلسل “كانون” لفئة الأكشن الاجتماعي، ويحاكي الواقع السوري حيث يتناول العديد من المواضيع التي تهمّ الشارع السوري منها تزوير العملات والتجارة بالمخدرات وغيرها. وكشفت تقارير فنية عن تعاقد عدد من النجوم من أجل “كانون” بعد الحصول على موافقة الرقابة على المسلسل، ومن بينهم سلمى المصري ورنا الأبيض وميلاد يوسف وهبة نور.

قد يهمك: الصورة البصرية في الدراما السورية 2023

كما يحلّ الفنان السوري بسام كوسا ضيف شرف على العمل في مفاجأة سارة للجمهور، ووفق المعلومات المتداولة، المسلسل مكوّن من 30 حلقة ويتناول حياة شريحة كبيرة مهمّشة في الشارع السوري، من خلال سوق الحرامية الموجود في دمشق الذي تنطلق منه أبرز أحداث المسلسل.

مسلسلات خارج السباق الدرامي

في سياق أسباب إقصاء عدد من الأعمال الدرامية السورية من السباق الرمضاني لهذا العام، رغم أن المنافسة على إنتاج الدراما السورية أصبحت حقيقة خلال العامين الماضيين تحديدا، تداولت على مواقع التواصل الاجتماعي بداية شهر رمضان الماضي، أحاديث عن الأسباب التي أدت إلى استبعاد هذه الأعمال الأربعة من قائمة العرض لموسم رمضان 2023، ويبدو أن القائمين على الأعمال يحاولون إخفاء السبب الحقيقي بقولهم “كلنا نعرف السبب، لكن لا يمكننا التحدث”.

حيث أعرب بعض نقّاد الدراما عن أسفهم من الارتباك الذي ساد قرارات تقديم أعمال الدراما السورية، من حيث إقصاء أربع مسلسلات من قائمة العروض قبل ساعات قليلة من بدء الموسم الدرامي لرمضان 2023، وأشاروا آنذاك إلى أن الأسباب تختلف من مسلسل لآخر، وأن ما حدث هذا العام غريب جدا ويختلف عن كل عام، حيث لا بيع ولا شراء ولا تسويق لهذه الأعمال أو ضمان وجود محطة لعرض العمل، وكأن الدراما الاجتماعية السورية أصبحت آفة لا يريد أحدٌ عرضها.

عادةً ما يخرج مسلسل أو اثنان من العرض، لكن أن يخرج من السباق الرمضاني كل هذه الأعمال دفعة واحدة وهي ذات إنتاج جيد، ذلك ما يزيد الطين بلّة، ويجعل من المنتج السوري يبتعد عن الإنتاج فيما بعد لأن لا أحد يحميه، وأن الأمر يحوطه الغموض ولا جواب قطعي حول ذلك.

أما الشركات المنتجة لهذه الأعمال فلم توضح بعد قرار تأجيلها لأعمالها، التي اعتبرها النّقاد والمشاهدين عشوائية وغير مقبولة. في حين رأى آخرون أن سبب استبعادهم يعود لكثرة مسلسلات المنصّة أو القصيرة.

بعض التقارير قالت إن سبب استبعاد الأعمال الأربعة هي حروب بين شركات إنتاج سورية، عمل بعضها على الضغط على القناة لسحب المسلسل، حيث اتّهم مسلسل “دوار شمالي” ببث مشاهد من العنف الطائفي المرتبط بالواقع السوري، في حين قال بعض النّقاد أن الرقابة السورية هي من رَفضت المسلسل بعنوانه السابق “تحت الرماد”، ومن ثم انتقال مواقع التصوير والعدّة كاملة من الأراضي السورية إلى اللبنانية. ووضعت تحته لجنة القراءة والرقابة التلفزيونية خطاً أحمر بذريعة ضرب النسيج الوطني السوري جراء تأويلات طائفية.

الأفضل بالسباق الرمضاني

بالاستناد إلى آراء المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي واستفتاءات المنصات الفنية، ومن أبرزها منصة “إي تي بالعربي”، فإن “الزند- ذئب العاصي”، “مربى العز”، “زقاق الجن”، “ابتسم أيها الجنرال”، “العربجي”، “النار بالنار”، “وأخيراً”، من قائمة مسلسلات الدراما السورية والعربية المشتركة وقد تصدّروا كأبرز وأفضل الأعمال لهذا العام.

كما لا أحد يختلف على أن المنافسة الرمضانية لهذه السنة كانت قوية جدا حيث شارك أكثر من 80 عمل درامي عربي، وأبطالهم من أهم نجوم العالم العربي. وكان الفنانين السوريين تيم حسن وقصي خولي إلى جانب الفنان المصري محمد رمضان والفنان السعودي ناصر القصبي من أفضل الممثلين في موسم دراما رمضان 2023 حسب تصويت “إي تي بالعربي”.

اليوم أُعلِنَ انتهاء تصوير مسلسل #كانون، ننتظر عملاً نتمنى أن يرفع لنا سقف التوقعات بدراما سورية مميزة، وشخصياً أنتظر هذه الثنائية محبةً بالنجم #مهيار_خضور والممثلة الجميلة صديقتي #سارة_بركة، وأتمنى لهما التوفيق ♥️
..@Baraka20Sara @MehyarKhaddour
..
الصورة حصرية من الكواليس 😌 pic.twitter.com/N04xrvFEjK

— Juan.Mella (@juaaan18) May 7, 2023

فبحسب الاستفتاء، كان اختيار أفضل ممثل في مسلسل سوري، لصالح تيم حسن، من خلال تصويت الجمهور لمسلسله “الزند”، الذي عُرض خلال موسم دراما رمضان 2023، وحظي بنسبة مشاهدة عالية جدا على مستوى الوطن العربي وسوريا تحديدا، واتجهت معظم آراء الجمهور في سوريا نحو أفضليته، حيث أدى تيم حسن دور البطولة فيه.

جائزة أخرى كانت من نصيب بطل من أبطال “الزند” وهي أفضل ممثل شاب، حيث ذهبت للممثل السوري، أنس طيارة، بعدما تميّز بدوره في شخصية “نورس باشا”، فضلا عن دوره في مسلسل “سفربرلك”.

أيضا، حظي قصي الخولي بلقب أفضل ممثل في أعمال الدراما المشتركة، في بطولته في مسلسل “وأخيراً”، السوري اللبناني، وأفضل ممثل في مسلسل بيئة شامية، كان من نصيب الفنان السوري محمود نصر، في بطولته بمسلسل “مربى العز”.

في المقابل، كان أفضل ممثل في مسلسل مصري درامي، في استفتاء المنصة الفنية، من نصيب محمد رمضان، حيث تصدر القائمة في مسلسله “جعفر العمدة”، الذي حاز أيضا كأفضل مسلسل مصري لهذا العام، والذي سجّل أعلى معدل بحث لمسلسل عربي في تاريخ “غوغل”، وفي معظم الدول العربية، وصار من الأعمال الأكثر مشاهدة على شاشات التلفزيون والمنصات الإلكترونية، فضلا عن موقع الفيديوهات “يوتيوب”، وتصدر “هاشتاغ” المسلسل عبر تطبيق “تيك توك” ما يقرب من مليار مشاهدة.

أهمية المنصات الرقمية

كذلك، كان السباق الرمضاني الماضي هو الأول من نوعه الذي يغزو فيه المسلسلات الدرامية القصيرة، أو ما يُعرف بالمسلسل المكون من 15 أو 10 حلقات، حيث عُرض العديد من الأعمال القصيرة على شاشات التليفزيون والمنصات الرقمية، ومعظمها كانت مصرية. اللافت أن هذه الفئة من المسلسلات حققت نجاحا كبيرا في الموسم الدرامي لرمضان 2023، والتي ربما شكّلت نقطة تحوّل في جودة الدراما الرمضانية، والتي تتكون عادة من 30 حلقة حصريا، تماشيا مع أيام شهر رمضان.

يبدو أن سبب تزايد مشاركة المسلسلات القصيرة شاشات العرض يعود إلى هيمنة المنصات الإلكترونية، حتى تطور الأمر بحيث أصبح هذا الشكل الدرامي هو السّمة الرئيسية للعرض الإلكتروني، وخرج الأمر ليشمل أحيانا القنوات الفضائية. كما يبدو أن الدراما تتجه إلى مسار آخر يختلف بعض الشيء عما سبقه وهو مسار الأعمال القصيرة كبديل للمسلسلات الطويلة.

كان يلاحظ حضور واسع للمسلسلات القصيرة على شاشات التلفزيون هذا العام، ويرى بعض النّقاد أن المسلسلات القصيرة التي عُرضت في السباق الرمضاني أثبتت أنها الأكثر قُربا من الجماهير وجذبا لهم، حيث تعرض عليهم مواضيع موجزة في مدد قصيرة تقترب أكثر من نمط الحياة السريع الذي تعيشه الغالبية. وصارت هذه الأعمال تحدّيا كبيرا أمام منتجي الدراما الذين لا يزال بعضهم يصرّ على تقديم مسلسلات طويلة ينفر منها المشاهد، ما يعني أنها ستكون البداية نحو تغيير أشكال الدراما في المستقبل.

• الحرب تجعل سكان غزة تحت رحمة أشباح العالم السفلي
• قانون “ريبو”.. هل ستُصادر مليارات روسيا في البنوك؟
• “هزّي دمشق”.. العاصمة ترقص في تريند غريب! 
• أردوغان في بغداد ومقايضة أمنية جديدة.. النفط والماء مقابل الكُرد
• خاصرة موسكو الرخوة: هل ينجح الغرب في إزاحة النفوذ الروسي عن دول “ستان”؟