مع استمرار ارتفاع أسعار مختلف السلع والمواد الغذائية في سوريا، لجأت الكثير من العائلات السورية ذات الدخل المحدود، إلى خفض استهلاكها من المواد الغذائية إلى حدوده الدنيا، فضلا عن استغناء بعض العائلات عن مواد معينة بشكل نهائي، كاللحوم الحمراء على سبيل المثال واللجوء إلى بدائل أخرى كلحم الدجاج والسمك.

العديد من المواد الغذائية خرجت من قائمة استهلاك عشرات آلاف العائلات السورية، خاصة تلك التي أصبح سعرها ليس بمتناول دخل المواطن، كالمكسرات والحلويات الفاخرة. هذا الأمر أدى إلى انخفاض الطلب بشكل كبير على هذه المواد، ما يعني تهديدا لخطوط إنتاجها، الأمر الذي يوحي بكساد اقتصادي كامل بسبب انعدام القدرة الشرائية للمواطن.

حتى السلع الأساسية لم تسلم من ارتفاع الأسعار المتواصل، وقد سجلت الأسواق منذ بداية العام الجاري فقط، أكثر من خمسة ارتفاعات في أسعار السلع الأساسية، الأمر الذي أجبر الأهالي على خفض استهلاكها منها بشكل كبير.

سياسات جديدة للتقشّف

الأسواق سجلت اليوم الخميس ارتفاعات جديد في أسعار السلع، وقد أفاد موقع “أثر برس” المحلي، أن سعر كيلو الأرز وصل إلى 13 ألف ليرة سورية، وسجل السكر سعر 9500 ليرة للكيلو الواحد، بارتفاع بلغ نحو خمسة بالمئة عن أسعار الشهر الفائت، كما وصل متوسط سعر عبوة الزيت النباتي 18 ألف، في حين سجل سعر طبق البيض 26 ألف ليرة.

مصدر الصورة: وسائل إعلام محلية

“بعض المواد خفضنا استهلاكها للنصف مقارنة بالعام الماضي”، قال أحمد صبحة وهو أب في عائلة مكونة من ستة أفراد ويعيش في مدينة حلب، مؤكدا أن الأسعار ارتفعت بنسبة مئة بالمئة أو أكثر، بينما لم يزيد دخله بنصف هذه النسبة خلال العام الماضي.

صبحة أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “أسعار المواد الغذائية لم تعد معقولة أبدا، لا حل سوى تخفيض كميات الاستهلاك، على سبيل المثال كنا شهريا نشتري طبقين من البيض، وحاليا نشتري طبق واحد فقط، أيضا كميات الزعتر التي تدخل إلى المنزل انخفضت إلى النصف، أيضا لجأنا إلى بعض البدائل كالمربيات فهي ما تزال أسعارها مقبولة إلى حد ما. وبالطبع اللحوم الحمراء خرجت من قائمة الاستهلاك الدوري منذ سنوات”.

هذه السياسة التي لجأت إليها العائلات السورية مضطرة، أدت إلى انخفاض الطلب على العديد من السلع الأساسية، ومؤخرا اشتكى مربو الدواجن حتى من انخفاض الطلب على الفروج، بعد الارتفاع الكبير في أسعار إنتاجه، وبالتالي ارتفاع أسعاره في الأسواق.

قد يهمك: أسعار الفروج إلى انخفاض في سوريا.. الأسعار مرة فوق ومرة تحت؟

 الأمر الذي أدى بالتجار إلى خفض الأسعار لبيع منتجاتهم حتى ولو بخسارة، ما يعني احتمالية خروجهم من خطوط الإنتاج، بسبب عدم جدوى الإنتاج والتجارة. كل ذلك في ظل عجز الحكومة عن التدخل لدعم المنتج أو حتى لدعم المستهلك لتحقيق نوع من التوازن.

ارتفاع جديد قادم؟

بعض التجار ممن تحدثوا إلى “الحل نت”، أكدوا أن ارتفاعا جديدا في الأسعار قد يحدث في أي لحظة في الأسواق السورية في مختلف السلع والخدمات، وذلك بعد قرار الحكومة السورية مرة أخرى برفع أسعار المحروقات للقطاعين العام والخاص، لتفاقم بذلك من مشاكل قطاع الصناعة والإنتاج.

بحسب قرار الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية، “محروقات”، تم تحديد سعر مبيع الطن الواحد من الفيول بـ 3.335 ملايين ليرة للقطاع الخاص، متضمنة أجور النقل، ومليوني ليرة للقطاع العام.

الارتفاع في الأسعار لا يكاد يستثني ولا حتى مادة غذائية واحدة، من المواد التي اعتاد السوريون استهلاكها في موائدهم اليومية،  فحتى المادة التي توصف بأنها “قوت الفقراء” بسبب انخفاض ثمنها وهي الزعتر، ارتفع سعر الكيلو منها مؤخرا ليبلغ سعر كيلو الزعتر الحلبي، في أسواق حلب 30 ألف ليرة سورية للنوع الأول و 22 ألف ليرة للنوع التجاري.

 بعد أن كان سعره منذ حوالي سنة 8 آلاف ليرة للكيلو، وقبل 6 أشهر وصل إلى 15 ألف للكيلو أي تضاعف منذ سنة نحو 4 أضعاف وبرقم حقيقي 3.75 مرة، كذلك شمل ارتفاع الأسعار زيت الزيتون الذي وصل سعر العبوة منه 600 ألف ليرة سورية وتحوي 16 كيلو غرام.

بحسب تقرير نشره موقع “أثر برس”، فإن أسعار التوابل والبهارات أيضا سجلت في أسواق دمشق أرقاما مرتفعة جدا، حيث بلغ سعر أوقية الماجي بنوعيها 5000 ليرة هذا يعني أن الكيلو منها بـ 25 ألف ليرة، بينما وصل سعر بهارات الكبسة إلى 40000 للكيلو والأوقية منه 8000 ليرة.

أما بهارات الشاورما فسجلت هي الأخرى 40 ألف للكيلو والأوقية منه بـ 8000 ليرة سورية؛ والفلفل الأبيض سجل 48-50 ألف للكيلو والأوقية منه بـ 12300 ليرة أما الفلفل الأسود بـ 50 ألف للكيلو والأوقية منه بـ 10 آلاف، فيما سجلت البهارات السبعة أو كما نطلق عليها المشكلة 40 ألف للكيلو والأوقية منه بـ 8 آلاف ليرة.

الأسواق السورية، تشهد ارتفاعات متواصلة في أسعار المواد الغذائية والأساسية، وتُزيد انعدام القدرة الشرائية للمواطنين، وتحديدًا بعد الزلزال الذي وقع في 6 من شباط/فبراير الماضي، وقد حلّت سوريا في المركز الـ 18 من أصل 117 بلدا في مؤشر معدل فقر العاملين، بحسب تصنيف “منظمة العمل الدولية” لعام 2022.

كما صُنّفت إنتاجية العمل في سوريا بالمركز 149 من أصل 185 بلدًا، ما يشير إلى ضعف الإنتاجية. وعن نسبة العمالة إلى عدد السكان، تقع سوريا في المركز 166 من أصل 190 بلدًا بمعدل 39.2 بالمئة، وهو ما يشير إلى هجرة اليد العاملة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات