مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وزيادة معدلات التضخم في سوريا، يبدو أن النشاطات الصيفية ستنضم هي الأخرى إلى قائمة السلع والخدمات “المحرّمة” على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، بعدما شهدت هي الأخرى ارتفاعات جديدة تجاوزت قدرة معظم السوريين.

كما في كل موسم، ومع دخول فصل الصيف شهدت المنتجعات الصيفية والمسابح، ارتفاعا مفاجئا في الأسعار نتيجة بدء الطلب عليها، الأمر الذي جعل بعض العائلات تتجه إلى بدائل قد تكون أرخص إلى حد ما، كالمزارع الصيفية التي يتم تأجيرها بشكل يومي.

نتيجة لارتفاع أسعار المحروقات ومختلف السلع والخدمات في سوريا، فقد شهدت هذه المزارع هي الأخرى ارتفاعا في أسعار استئجارها مقارنة بالعام الماضي، حيث أفاد تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، أن متوسط تكلفة استئجار مزرعة في ريف دمشق بلغ 350 ألف ليرة سورية هذا العام، وقد يكون هذا السعر مرشحا للارتفاع خلال الأسابيع القادمة مع ارتفاع معدلات الطلب عليها.

المزرعة بديل البحر

بحسب تقرير الموقع المحلي،  فإن الأسعار تختلف من منطقة لأخرى، وتلعب الخدمات المقدمة داخل المزرعة دورا في تحديد سعر إيجارها اليومي، في حين يكون للكهرباء الدور الأكبر في تقييم إيجار المزرعة، وذلك في حال توفرت مولدة كهربائية داخل المزرعة.

فأسعار إيجار المزارع الواقعة في منطقة الغوطة الشرقية، لليوم الواحد فقط ودون نوم تبلغ حوالي 300 ألف ليرة، أما في أيام العطلة تبلغ أسعار إيجارات مزرعة صيفية صغيرة تتسع لأسرة واحدة في تلك المناطق حوالي 250 ألف ليرة وهي الوقت المناسب للذهاب للسباحة وبعضها لا يتوفر فيها كهرباء أو مولدة.

أما سعر إيجار المزارع الواقعة على طريق مطار دمشق الدولي أي في مناطق الريف الشرقي، تتراوح بين 300 ألف إلى 400 ألف لليلة الواحدة، في حين بلغت أسعار إيجار المزارع الواقعة في بعض مصايف بلودان والزبداني ومضايا حوالي 450 ألف ليرة وبعضها يصل إلى 800 ألف وأحيانا مليون ليرة بحيث يزداد السعر تبعا للخدمات التي تقدمها المزرعة.

“الذهاب للبحر أصبح مكلف جدا”، قال ياسين حج أحمد وهو موظف حكومي ويعمل أيضا سائق لسيارة أجرة في دمشق، مؤكدا أنه يخطط هذا العام لقضاء يومين أو ثلاثة أيام مع عائلته في إحدى المزارع المتوفرة للإيجار في دمشق، وذلك بدلا من التوجه إلى الساحل حيث التكاليف المرتفعة.

حج أحمد أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “لا يمكنني تحمّل تكاليف قضاء عطلة صيفية في مناطق الساحل، بعض المنتجعات تطلب الملايين لقضاء بضعة أيام، سيكون خيار المزرعة هو الأقرب، رغم أن أسعارها ارتفعت هي الأخرى، لكنها تبقى بديل أنسب من شواطئ البحر”.

قد يهمك: ارتفاع الأسعار يهدد مؤشرات الاستهلاك.. سوريا إلى كساد اقتصادي؟

المزرعة في سوريا هي عبارة عن فيلا صغيرة، وأصبح تأجيرها تجارة رائجة من قبل أصحابها في فصل الصيف والمناسبات والعطل الرسمية، حيث يفضّل البعض استئجار مزرعة بسبب توفرها في الأرياف، لا سيما في المحافظات البعيدة عن البحر.

ارتفاع تكاليف النشاطات الصيفية

النشاطات الصيفية داخل المدن كالمسابح، شهدت ارتفاعات كبيرة هذا العام، حيث ارتفعت أجرة الدخول إلى نحو 40 ألف ليرة للشخص الواحد، وتصل إلى 50 ألف ليرة، بحسب مستوى المنشأة، وذلك بارتفاع وصل إلى نحو 150 بالمئة مقارنة بأسعار العام الماضي.

بالإضافة إلى أن هناك مسابح تطلب استخدام مستلزمات السباحة كالنظارات الشمسية والطواقي وبذلك تُضاف تكاليف أخرى على الشخص ويقوم بشرائها. فمن جانبها بيّنت موظفة بإحدى الشركات للموقع المحلي، أنها ترتاد المسبح بشكل أسبوعي مع أبنائها، مشيرة إلى أن زيارة المسبح تؤمن لها فرصة اللقاء مع صديقاتها وأهلها خارج المنزل في جو جميل وممتع؛ لكن التكاليف لا تتناسب مع القدرات المادية لشريحة كبيرة من الناس نظرا لارتفاع الأسعار الكبير، مضيفة “نأتي إلى المسبح بدل الذهاب إلى المطاعم المكلفة فهنا نجد الراحة مع أولادنا من جهة ونشعر بأن المياه متجددة ومعالجة بالكلور، لكن نتمنى مراقبة الأسعار بشكل دائم”.

قد يهمك: أسعار الفروج إلى انخفاض في سوريا.. الأسعار مرة فوق ومرة تحت؟

عن غرف الفنادق أكدت تقارير صحفية، أن تكلفة استئجار الغرفة الفندقية في الساحل السوري، تبدأ من 350 ألف ليرة سورية للغرفة الداخلية الخاصة بشخصين دون وجبات ودون مطبخ، و 500 ألفا مع فطور.

الرحلات السياحية ارتفعت تكلفتها أيضا، رغم أنها قد تبدو خيارا أقل كلفة، كون المواصلات وأماكن الإقامة تكون مشتركة وتنظّمها الشركات السياحية، حيث وصل متوسط تكلفة الرحلة للشخص الواحد لثلاثة أيام مع إقامة ليلتين إلى 500 ألف ليرة.

ارتفاع أسعار المحروقات، أثّر أيضا على أسعار النقل والمواصلات، حيث يشتكي الأهالي من ارتفاع تكلفة الوصول إلى الساحل السوري، حيث أن استئجار “سرفيس” من رأس البسيط، إلى اللاذقية وصل اليوم إلى 300 ألف ليرة.

مراقبون وخبراء في الاقتصاد، رأوا أن سبب تدهور وفوضى الأسعار يعود إلى قرارات الحكومة السورية والفساد المستشري في البلاد، بجانب تحريك تدهور الليرة السورية أمام النقد الأجنبي، فضلا عن غياب دوريات الرقابة الحكومية وتحكم التجار بالأسعار، وعدم وجود خطط مُجدية لضبط عمليات البيع بأسعار مناسبة. 

كذلك فإن صعوبة المعيشة تتركز بشكل أساسي على استمرار تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، وذلك في ظل انخفاض قيمة الليرة أمام القطع الأجنبي، حيث وصل سعر الدولار الأميركي في سوريا إلى أكثر من 9000 ليرة للدولار الواحد، في ظل زيادة طفيفة لا تعادلها أبدا في الرواتب والأجور.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات