“الثوم للتموين أم للتصدير“.. جدل واسع في سوريا بسبب القرارات الحكومية

منذ أشهر، وأسواق الخضار والفواكه  تواجه أزمات عديدة وارتفاعات متكررة في أسعارها، في حين اعتبر تجار ومستهلكون، أن القرارات الحكومية الأخيرة هي السبب الرئيس بارتفاع العديد من الأصناف، خاصة الثوم، حيث تشهد الأسواق أزمة بالنسبة للثوم نتيجة زيادة الطلب عليه، بسبب موسم “المونة”.

الحكومة بدورها قررت قبل أيام السماح بتصدير مادتي الثوم والبطاطا، وذلك في محاولة لتعويض خسائر المزارعين، بعد عجزها عن تقديم الدعم اللازم للمزارع من أجل خفض تكاليف الإنتاج، وبالتالي خفض الأسعار على المستهلكين، لكن القرار انعكس بشكل سلبي على المستهلك في الأسواق.

صحيفة “الوطن” المحلية، أشارت إلى أنه لم يمضِ  سوى أيام قليلة على موافقة رئاسة مجلس الوزراء بالسماح بتصدير البطاطا والثوم، حتى ارتفع سعر الثوم في الأسواق بشكل كبير، حيث تراوح سعر كيلو الثوم الأخضر بين 4 و5 آلاف ليرة بعد أن كان يُباع قبل صدور قرار الموافقة على تصديره بين 2000 و2500 ليرة.

الأسعار بعد القرار

كذلك تراوح سعر كيلو الثوم البلدي اليابس نوع أول مابين 9 و10 آلاف ليرة، في وقت ما زال سعر كيلو البطاطا شبه مستقر ويتراوح مابين 2 و3 آلاف ليرة سورية، ولم يشهد ارتفاعا ملحوظا بعد الموافقة على تصديره.

موجة استياء شهدتها الأسواق السورية نتيجة الارتفاع الإضافي في الأسعار، خاصة وأن الأهالي لم يخرجوا بعد من صدمة الارتفاع الأخيرة، حتى تأتي موجة جديدة من الارتفاعات. ماهر نجاري وهو سائق سيارة أجرة في العاصمة دمشق أكد أنه كان ينوي تموين مادة الثوم هذا العام، إلا أنه يتجه إلى العزوف عن الفكرة.

نجاري قال في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “قبل أسبوع فقط كان سعر كيلو الثوم بـ 4 آلاف ليرة، وهذا السعر كان يسمح لنا بتموينه، اليوم حرفيا تضاعف السعر، لا أعلم ما هذه القرارات غير المدروسة التي تؤدي إلى تضاعف سعر المادة بهذه البساطة، الآن هو وقت تموين الثوم، وهذه الأسعار غير مناسبة للمونة أبدا”.

يبدو أن موجات الغلاء التي أصابت الأسواق خلال الأيام الماضية، ستؤدي إلى تراجع الحكومة عن قرار السماح بالتصدير، حيث أكد رئيس “اتحاد غرف الزراعة السورية” محمد كشتو، أن كيلوا واحد من الثوم لم يتم تصديره رغم صدور القرار مشيرا إلى أنه لن يصدر.

كشتو أشار في تصريحات نقلتها الصحيفة المحلية، أن التوقعات كانت تشير فعلا إلى ارتفاع الأسعار نتيجة القرار لكن ليس بهذا الحد، متوقعا أن يعود ويستقر سعره بعد أن ينتهي الطلب الزائد عليه، كذلك أوضح أن “إنتاج الثوم هذا العام ليس قليلا لكن الناس الذين عانوا من أزمة البصل توقعوا أن يحدث الأمر ذاته مع الثوم فلجؤوا لشراء كميات كبيرة من أجل المونة”.

قرارات ارتجالية؟

رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، كان قد وافق قبل أيام على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة، فتح باب تصدير مادة البطاطا، للكميات الفائضة عن حاجة السوق المحلية والمقدرة بـ 40 ألف طن،كما تضمنت التوصية السماح بتصدير مادة الثوم الأخضر لكمية 5000 طن كحد أقصى وذلك لمدة شهرين.

قد يهمك: الكوكتيلات وسلطات الفواكه.. أطعمة صيفية صعبة المنال في سوريا

“الحكومة تريد التّهرب من المسؤولية عبر هذا القرار”، قال محمود شيخ خالد وهو تاجر خضروات يعمل في سوق الهال بدمشق، مؤكدا أن القرار مهما تم ضبطه، سيؤثر على أسعار السلع التي يتم السماح بتصديرها نحو الخارج، وسيكون هناك ارتفاع في الأسعار بعد بدء تطبيق القرار.

شيخ قال في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “الجهات الحكومية لا تقدم الدعم اللازم للفلاح، وبالتالي يبيع بخسارة بسبب ارتفاع التكاليف، والآن تريد السماح بالتصدير من أجل تعويض الفلاح، لكن هذا التعويض سيكون على حساب المستهلك، الذي سيبدأ بشراء أي سلعة يتم السماح بتصديرها بأسعار مرتفعة”.

منذ عدة أسابيع، شهدت العديد من أصناف الخضار والفواكه ارتفاعات متتالية، حيث وصل سعر  كيلو الفليفلة إلى 13 ألف ليرة سورية، كما سجلت البطاطا سعر 2500 ليرة للكيلو الواحد، بينما بلغ متوسط سعر كيلو الكوسا 5 آلاف.

بحسب تقرير لإذاعة “شام إف إم” المحلية، فقد سجّل الخيار سعر 4500 ليرة للكيلو، والزهرة 2500، في حين وصل سعر الخسة الواحدة إلى 1800 ليرة، وكيلو الملفوف 1000 ليرة، و الجزر 2000 ليرة، والبصل الأبيض 8500 ليرة، و500 ليرة لكل باقة من النعناع والبقدونس والكزبرة، و1500 ليرة للبقلة.

بالانتقال إلى أسعار الفواكه فقد سجّلت هي الأخرى ارتفاعات بنسب متفاوتة بين عشرة إلى عشرين بالمئة، حيث وصل سعر كيلو التفاح إلى 4500 ليرة سورية، والجريفون  1500 ليرة، والبوملي 3500 ليرة، والفريز أيضا التحق بالموز وارتفع سعره ووصل إلى سعر 6000 ليرة، والعوجا 4000 ليرة.

في ظل التخبط الكبير والارتفاع في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، يتساءل السوريون حول الجهة المسؤولة عن ضبط الأسعار، في وقت تتهم فيه وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” التجار بعدم الالتزام بقوائم الأسعار الصادرة عن الجهات الحكومية، يردُّ التجار ويبررون غلاء الأسعار بالارتفاع المتواصل لتكاليف الإنتاج، فضلا عن النقص الحاد في موارد الطاقة والمحروقات.

تخبط واضح في القرارات الحكومية المتعلقة بالتدخل في الأسواق مؤخرا، حيث تسعى الحكومة لخفض الأسعار من جهة، ومن جهة أخرى تريد تبرير عدم دعمها للفلاح بالمواد اللازمة لمساعدته في خفض تكاليف الإنتاج، الأمر الذي يؤدي إلى اتخاذ قرارات ارتجالية غالبا ما تكون نتائجها سلبية على الأسواق والمستهلك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات