خلال الأيام الماضية ارتفع سعر صحن البيض في دمشق إلى 34 ألف ليرة سورية، حيث تجاوز سعر البيضة الواحدة الألف ليرة، وسط تكهنات باستمرار السعر في الارتفاع مع الأزمات الاقتصادية المتتالية التي تعصف بالبلاد.

بالإضافة للبيض تشهد أسعار الفروج وأجزائه في الأسواق ارتفاعا كبيرا هي الأخرى بعد انخفاض قليل في أسعاره خلال الشهر الماضي، حيث تراوح سعر مبيع كيلو الفروج الحي بين 21 و 24 ألف ليرة سورية، مما يجعل كلا من البيض والدجاج بعيدا عن موائد معظم السوريين، بسبب فقدان المواطن القدرة على تأمين بيضة لكل من أبنائه يوميا أو جانح فروج كل أسبوع، كما تقول العديد من التقارير المحلية.

أسعار كاوية لـ”البيض والفروج”

حالة من القلق والتوتر يعيشه المواطن السوري بعد فشل معظم خططه التقشفية، بحسب تقرير نشره موقع “غلوبال نيوز“، يوم أمس الأحد، يصف حالة المواطن السوري مع الغلاء وتحديدا مادتي البيض والفروج.

أسعار كاوية للبيض والفروج في سوريا- “إنترنت”

التقرير أشار إلى أنّه من الصحيح أن أسعار البيض قد ارتفعت في السنوات السابقة لكن ارتفاع أسعاره وفي فترة زمنية وجيزة ووصول سعر البيضة إلى ألف ومائتي ليرة، وتراوح سعر كيلوغرام الفروج بين 21 إلى 24 ألف ليرة، جعل المواطن يفقد القدرة على التنبؤ بعد أن فقد القدرة على شراء هاتين المادتين.

يوم الخميس الماضي، أفادت صحيفة “الوطن” المحلية في تقرير لها على لسان المدير العام لـ”المؤسسة العامة للدواجن” سامي أبو دان، أن قطاع الدواجن في سوريا يواجه صعوبات جمة لجهة الارتفاع غير المسبوق في الأسعار والذي يشكل خطرا كبيرا بل يدمر قطاع الدواجن بسبب ارتفاع التكاليف.

أبو دان أردف، “سبق أن حذرت من أن سعر البيضة سيصل إلى 1000 ليرة، واليوم أصبح أكثر من ذلك حيث يُباع الصندوق الذي يحتوي 360 بيضة بسعر 355 ألفا وسعر البيضة وصل إلى 1000 ليرة لبائع الجملة والذي بدوره يبيعه لتاجر المفرق الذي يبيعها لأصحاب المحال وللمواطن وبذلك يكون سعر البيضة الواحدة قد وصل إلى 1500 ليرة.

المسؤول الحكومي أكد أن هذا ما يحدث على أرض الواقع لعدم وجود إنتاج كاف وخروج النسبة الكبرى من المربّين من سوق العمل، مضيفا “قد نصل إلى مرحلة نكون فيها أمام كارثة”، الأمر الذي يتطلب إيجاد حل سريع لتأمين الأعلاف والمحروقات في الشتاء والإعفاءات الجمركية فيما يخص موضوع الأدوية واللقاحات البيطرية وغيرها.

كما وذكر أبو دان أن أسعار الأعلاف في لبنان أقل من سوريا بحدود 30 إلى 40 بالمئة، مبينا أن ارتفاع أسعار العلف ليس عالميا بل لأن استيراده محصور بأشخاص محددين ونطالب بفتح باب الاستيراد أمام الجميع.

في تقرير آخر لنفس الصحيفة نُشر اليوم الإثنين، والذي يوضح أنه بناءً على نتائج الاجتماع الذي عُقد مؤخرا بين منتجي بيض المائدة ومدير “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” بدمشق تمّام العقدة، تم التأكيد على أن يكون سعر البيع النهائي لطبق البيض وزن 1800 غرام وما فوق للمستهلك 30 ألف ليرة بحيث يبقى هذا السعر ساريا حتى نهاية الشهر الجاري ومن ثم تتم مناقشة الأسعار مع “مديرية التجارة الداخلية”.

كما تم الاتفاق على تحديد سعر كيلو الفروج الحي بـ 19 ألف ليرة حتى نهاية الشهر، مبينا أن الهدف من الاتفاق على تحديد السعر حتى نهاية الشهر ضبط الأسعار في السوق حتى نهاية عيد الأضحى وعدم حدوث تلاعب بالأسعار مع زيادة الطلب خلال فترة العيد.

لكن الأسعار لا تزال مرتفعة، بحسب كثير من الناس في العاصمة دمشق، ولا تأكيدات على أن الأسعار ستُضبط بحسب ما تدّعي المؤسسات الحكومية. ويرى آخرون أن هذه اللقاءات ما هي إلا “أبر بنج” للمواطن، بينما الأسعار في الأسواق ترتفع باستمرار، ودوريات المراقبة والتموين لا يقومون بواجبهم على أكمل وجه.

كما أن الاتفاق على هذه الأسعار حتى نهاية الشهر الجاري يعني أن الأسعار مطلع الشهر القادم سيزداد، وسيصل صحن البيض لقرابة الـ 45 ألف ليرة سورية وفق التوقعات من قبل المعنيين حسبما ذكرته صحيفة “الوطن” المحلية مؤخرا.

الخروج من موائد السوريين

بالعودة إلى تقرير موقع “غلوبال نيوز”، فثمة مشكلة حقيقية في غلاء أسعار الدواجن ومشتقاتها والمشكلة الأهم أن الجهات المعنية لا تعتبر غلاء سعر البيض أو الفروج  حالةً طارئة ولا تستطيع أن تقطع وعودا بتجاوزها وإنما تتحدث عن سيناريوهات أشد سوءا.

لذلك فإن التساؤل الأبرز في هذه المعادلة هو ما إذا كان البيض ولحوم الدجاج سيغادران موائد السوريين، أم تركوها منذ عدة أشهر، وربما منذ سنوات. يجيب نفس التقرير بالقول، لا بد من الاعتراف بأن تراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار قد يكون أهم سبب لزيادة الفجوة بين دخل المواطن واحتياجاته الغذائية، بجانب تدني مستوى الرواتب والأجور، إذ يبلغ متوسط الراتب العادي لأي موظف حكومي ما بين 95-120 ألف ليرة سورية.

قد لا يكون تصدير البيض والفروج سببا في ارتفاع أسعاره كما كان يحصل سابقا فأسعار الفروج في البلدان المجاورة باتت أرخص من أسعاره في سوريا، لكن ذلك لا يعني أن المعنيين بحماية المستهلك حريصون على عدم تصدير السلع الغذائية حتى ولو حلقت أسعارها في فضاء يصعب وصول عامة المستهلكين إليه.

كيلو الفروج يترواح ما بين 21-24 ألف ليرة سورية- “سانا”

بالتالي يبدو أن أسعار البيض والدجاج ورغم قساوتها وتأثيرها السلبي على صحة الأطفال والكبار واحتمال وقوعهم في خانة فقر التغذية لكن الأقسى ألا شيء يلوح في الأفق يساعد على التفاؤل الذي يتطلب مضاعفة الرواتب والأجور بالقدر الذي تضاعفت به الأسعار قياسا بالسنوات السابقة، وكذلك تأمين حوامل الطاقة ومستلزمات الإنتاج بأسعار مدعومة.

بحسب ”المكتب المركزي للإحصاء”، مؤخرا، ارتفع معدل التضخم بنسبة تقشعر لها الأبدان وصلت إلى 3825 بالمئة بين عامي 2011 و2021، تاركا وراءه سلسلة من القلق واليأس بين المواطنين. هذه الزيادة التي لا يمكن تصورها، وهي تشير إلى أن الأسعار قد ارتفعت بشكل كبير 40 مرة، مما تركت الناس العاديين يصارعون قبضة الضغوط المالية الخانقة. وللتعمّق أكثر في هاوية الفوضى المالية، أصدرت وزارة المالية إعلانا ينذر بالخطر، مؤكدة أن التضخم قد خرج عن نطاق السيطرة، حيث ارتفع بنسبة 100 بالمئة في العام الماضي وحده، وهذا يعني أن الأسعار تضاعفت 161 مرة منذ عام 2011.

لذلك مسألة رفع الرواتب وبنسبة لا تقل عن 800 بالمئة في سوريا وبالتزامن مع تدهور سعر الصرف والزيادة الدراماتيكية في الأسعار، باتت من الضروريات، بالنظر إلى حجم الضغوط المعيشية الصعبة لجميع الأُسر السورية، بغض النظر عن مستويات دخلها.

أسعار الفروج

في سياق أسعار الفروج وأجزائه، تراوح سعر كيلو الشرحات ما بين 47 و50 ألف ليرة وكيلو السودة ما بين 28 و30 ألف ليرة كما تراوح سعر كيلو الكستا ما بين 26 و29 ألف ليرة والوردة ما بين 25 و28 ألف ليرة.

بينما وصل سعر صحن البيض إلى 34 ألف ليرة وقد يصل إلى 45 ألفا، وفق العديد من التقديرات، إلى جانب احتمالات زيادة أسعار الفروج، ولا سيما مع قرب حلول عيد الأضحى. 

أما أسباب ارتفاع أسعار البيض والفروج في سوريا، وفق تصريحات حكومية سابقة، تكمن في وجود غلاء مدخلات الإنتاج، وبالأخص تكاليف العلف، الذي يعتبر عاملا أساسيا في تربية الدواجن، فارتفاع تكلفة العلف يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل عام، مما يؤثر على تكلفة إنتاج البيض والفروج.

إلى جانب عدم دراسة التكلفة الحقيقية للبيض والفروج في نشرات “وزارة التجارة الداخلية”، حيث سجلت البيضة الواحدة خسارة أكثر من 125 ليرة خلال العام الماضي، وهو أمر يجب مراعاته عند تحديد الأسعار وتوجيهات التسعير من قبل الحكومة.

كما أن انسحاب عدد كبير من المربّين في سوريا بسبب الأسباب المذكورة سابقا، أدى إلى نقص حاد في العرض وزيادة في الطلب، مما أدى بلا شك إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار البيض. فمنذ بداية العام الماضي، انسحب حوالي 25 بالمئة من المربّين، مما يعادل تقريبا النصف من عددهم قبل الأزمة.

في العموم، هذا الارتفاع الكبير في أسعار البيض والفروج يفاقم العبء المالي على الفقراء ومحدودي الدخل، حيث أصبح من الصعب تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية. فالبيض، الذي كان يُعتبر مصدرا رخيصا وسهل الحصول عليه لتلبية احتياجات البروتين، أصبح الآن حلما بعيد المنال.

فضلا عن أن الفروج بات من الكماليات لنسبة كبيرة من المواطنين، الأمر الذي جعل السوريين أمام تحدي ابتكار وسائل جديدة، لتأمين متطلباتهم المعيشية.

من أبرزها اللجوء نحو “الفطر”، وكذلك لحوم الأرانب الغنية بالبروتين أو عظام اللحوم أو الأسماك أوقات انخفاض أسعارها، بدلا عن الفروج أو لحوم المواشي من الأغنام والأبقار والعجول.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات