في ظل عجز الحكومة السورية عن ضبط أسعار السلع وضمان جودتها، لا سيما الغذائية منها المقدَّمة للمواطنين، تشهد الأسواق السورية انتشار العديد من المواد الغذائية المغشوشة وذلك نتيجة ضعف الرقابة الحكومية، يضاف إليها إقبال الأهالي على شراء المواد “الأرخص” نتيجة الغلاء الذي ضرب مختلف السلع والخدمات في البلاد.

خلال الأشهر الماضية، ازداد انتشار المواد الغذائية المغشوشة، حيث سجلت التقارير المحلية ارتفاع معدلات الضبوط المتعلقة بالمواد الغذائية، ومن بين هذه المواد كانت البهارات والقهوة، حيث يلجأ العديد من التجار إلى بيع مواد بمواصفات غير متطابقة لما يُكتب على غلاف المادة.

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، أكد انتشار كميات كبيرة من القهوة المغشوشة في الأسواق السورية، حيث يلجأ بعض بائعي البن إلى عدة طرق للغش، وذلك عبر إضافة مادة نواة التمر “عجو التمر” أثناء طحن البن، ومن ثم يتم إضافة كميات إضافية من الهيل والمسكة لتغطية نكهة المواد المضافة.

تغير طعمة القهوة

بحسب تقرير الموقع فإن طعمة القهوة بعد الغلي تتغير، “إذ تظهر وكأنها محروقة، من هنا يجب أن نعلم أن هذا البن يُدخل عليه مواد أخرى غير حبة البن في التحميص، حيث أنه يوجد في حبة البن زيت يتحمل التحميص، أما نواة التمر لا تتحمل درجة التحميص مثل حبة البن فتكون طعمه الحرق، ويدعي البائع أن القهوة محروقة”.

كذلك فإن البعض يلجأ إلى إضافة مادة “القضامة والخبز اليابس والعديد من المواد” بكميات قليلة بحيث لا يظهر طعمها بشكل واضح، إلا أن أسعار البن المرتفعة تتسبب برفع هامش الربح لبائعي القهوة.

كذلك أكد تقرير الموقع المحلي، انتشار الغش في سوق البهارات، حيث أوضح صاحب أحد المحلات أن لديه الخبرة الكافية في كشف المواد السليمة من المغشوشة، موضحاً وجود طرق كثيرة لغش البهارات، وتوجد بهارات تجارية يدخلها أثناء عملية الطحن مواد أخرى “كالرز المكسور أو المعونة”، والنشاء ومن الممكن الذرة والقضامة ونكهة البهار والصبغة للتلوين.

مدير الشؤون الصحية بمحافظة دمشق قحطان إبراهيم أكد، أن هناك بعض البهارات التي تعتبر من المواد الزيتية وقد تتعرض للغش، مبينا أنه من مسؤولية المديرية الكشف عن نوعين فقط من الغش، وهو الجرثومي والكيميائي أما باقي أنواع الغش فهو من مهام جهات أخرى معنية ومختصة حسب تعبيره.

إبراهيم، أشار إلى أنه “توجد طرق أخرى لغش القهوة منها عن طريق تحميص نشارة خشب أو حمص أو قضامة، وهنا يبرر البائع للزبون أن النشارة سببها الهيل الذي يُطحن بقشره، وعند الكشف عن النسبة وإذا كانت تزيد عن 10 بالمئة يغلق المحل وتدفع غرامة مالية عن كل يوم 25 ألف”.

تعديلات لحماية المستهلك؟

تعديلات جديدة على “قانون حماية المستهلك” في سوريا، يُنتظر أن تقرّها الحكومة خلال الفترة القادمة، تقول إنها ستزيد من فعالية الرقابة على الأسواق، في وقت شكك فيه تجار ومستهلكون من جدوى القرارات الحكومية، خاصة وأنها على مدار سنوات طويلة فشلت في تحقيق أي حماية للمستهلك التي تتحدث عنه باستمرار.

مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك نائل اسمندر، تحدث عن تعديلات جديدة على قانون “حماية المستهلك”، معتبرا أن تغيير القانون أصبح من الضرورات للتماشي مع حاجة المستهلك في المرحلة الراهنة، وقد تصل العقوبات بحق المخالفين إلى السجن فضلا عن الغرامات المالية الكبيرة التي تتناسب مع حجم المخالفة.

قد يهمك: تصدير نحو 600 طن بندورة يوميا.. ما الانعكاسات على الأسعار في الأسواق السورية؟

اسمندر حمّل في حديثه لصحيفة “تشرين” المحلية، جزءا من مسؤولية انتشار المخالفات في الأسواق للمستهلك نفسه، وقال “متغيرات كثيرة تحدُث في الأسواق، أهمها ثقافة المستهلك التي مازالت تتعامل في معظم الأحيان تحت مقولة (خطي) بالتعامل مع المخالف بدلا من الشكوى عليه في حال المخالفات التموينية”.

التعديلات التي تحدّث عنها مدير التجارة الداخلية، لا يبدو أنها ستضمن الاستقرار في الأسواق، الذي يحتاج إلى رؤية واضحة تعالج أسباب حدوث المخالفة، بينما تتجه الحكومة لمعاقبة من تضبطهم من المخالفين فقط، الأمر الذي لا يؤدي بطبيعة الحال إلى توقف المخالفات وحالات الغش وغيرها.

الحديث عن تعديلات قانون “حماية المستهلك”، يأتي تزامنا مع فوضى غير مسبوقة تشهدها الأسواق السورية، خاصة فيما يتعلق بالسلع والمواد الغذائية، فضلا عن موجات ارتفاعٍ متتالية في الأسعار شهدتها البلاد منذ مطلع العام الجاري، ويعود هذا التخبط والتفاوت في الأسعار إلى عدة أسباب أساسية، لعل أبرزها غياب الدور الرقابي والتمويني الحكومي الحقيقي، وكذلك استغلال كبار التجار للأوضاع والظروف المتردية في البلاد.

قبل أسابيع تحدثت مصادر محلية، عن انتشار ظاهرة بيع الألبان والأجبان بسيارات متجولة في شوارع العاصمة دمشق، حيث تبيع هذه السيارات منتجاتها بأسعار أقل من السوق بنسبة تتجاوز 50 بالمئة، ما يطرح التساؤلات حول مصدر هذه المواد واحتمالية أن تكون مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات الرسمية.

السيارات المتجولة تبيع كيلو الجبنة بسعر 12 ألف ليرة سورية، في وقت يصل سعرها في الأسواق إلى 30 ألف ليرة، كذلك تُباع اللبنة بسعر 10 آلاف ليرة للكيلو الواحد، في وقت تبيعها محلات الألبان والأجبان بأسعار تتراوح بين 18 إلى 20 ألف، وسط غياب الرقابة التموينية عن هذه المواد التي تُباع بشكل عشوائي للمستهلكين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات