منذ أن تجاوزت الليرة السورية حاجز العشرة آلاف ليرة ووصلت في تداولات اليوم إلى أكثر من 12 ألف ليرة سورية للدولار الواحد، والأسعار ترتفع بشكل مستمر ودون توقف في جميع الأسواق السورية، وسط غياب أي خطط حكومية لتجنب هذا الارتفاع السريع والسيطرة على الأسعار وسعر الصرف، أو إيجاد أيّة حلول لتحسين الأوضاع المعيشية في البلاد.

اللافت أن الأسعار ساعية، فالسلعة التي تكلّف 5 آلاف، بعد ساعة واحدة فقط، تصبح أكثر من السعر المذكور، بالإضافة إلى أن أصحاب المحلات يخفون بعض البضائع حتى ترتفع الأسعار أكثر خلال الأيام المقبِلة، ثم يظهرونها مرة أخرى على الرفوف ولكن بأسعار جديدة ومرتفعة.

الأسعار “نارية”

نحو ذلك، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير جدا، وما يضع العقل بالكف أن تسعيرة المواد في تبدّل لحظي ومستمر نحو الصعود طبعا، في ظل غياب أي محاولات وتدخل الجهات المعنية لإطفاء نيران الغلاء المستعرة، وفق تقرير لموقع “غلوبال نيوز” المحلي، يوم أمس الإثنين.

الأسعار ساعية في سوريا- “رويترز”

في جولة على الأسواق بالعاصمة دمشق، أكد أحد الباعة أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية سجل ما بين 30 إلى 40 بالمئة، حيث يتلقون رسائل يومية عبر تطبيق “الواتساب” من أصحاب الشركات والتجار الكبار بالسعر الجديد، مشيرين إلى أن الإقبال على الشراء بات في أدنى حدوده، وأصبح يسجل قلقا إضافيا للمواطن وقضية معقّدة تتطلب حلّا سريعا بمعالجة الأسباب التي تقف وراء هذا الغلاء.

من ناحية أخرى، وبحسب مصادر محلية خاصة لـ”الحل نت”، هناك العديد من السلع تختفي من المحلات فجأة، ويتعمّد الباعة إخفاءها لبيعها بسعر أعلى لاحقا، بالإضافة إلى أن جميع الأسعار مسعّرة بالدولار في جميع الأسواق، وتتفاوت من ساعة لأخرى ولا يوجد أيّ أثر لدوريات التموين والرقابة.

المصادر ذاتها أكدت أن الناس وكأنهم أصيبوا بالصدمة من الفوضى والتلاعب الذي يحدث في الأسواق السورية حاليا، وبات شغلها الشاغل هو تراجع سعر الصرف وارتفاع أسعار كل شيء في الأسواق. وبالطبع حجة أصحاب الدكاكين والتجار حول ارتفاع الأسعار أو اختفاء السلع هو دوما محصورٌ بارتفاع قيمة الدولار أمام الليرة السورية، ولا يوجد من يعرّض نفسه للخسارة ببضاعته، ما دام أصحاب المعضلة الأساسية لا تتحرك، والمقصود هنا الجهات الحكومية.

كما أشارت هذه المصادر المحلية إلى أن حالةً من الركود والشلل أصابت الأسواق عامة، والناس مكتفون بشراء الاحتياجات الضرورية فقط وبكميات محدودة، إضافة إلى عدم ازدحام المطاعم والمقاهي بالزبائن، إذ رفع هؤلاء أيضا أسعار خدماتهم، بالتزامن مع التراجع الحاد في الليرة السورية.

هذا ووصل مبيع كيلو السكر في أسواق دمشق إلى 15 ألف ليرة سورية، وكيلو السمنة إلى 25 ألف ليرة، ووصل سعر لتر الزيت النباتي إلى 22 ألف ليرة، وعلبة المتة 500 غرام إلى 24 ألف ليرة، وكيلو الفاصولياء الحب 23600، والفاصولياء العريضة 45 ألف ليرة، والقائمة تطول.

اعترافات حكومية

حول أسباب عدم استقرار سعر القطع الأجنبي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، أكد عضو “غرفة تجارة دمشق” ياسر أكريم في تصريح للموقع المحلي، أن ما يشغل الناس هو سعر الصرف لأنه يرتبط بمعيشتهم بشكل مباشر، ما يزيد من صعوبة الحياة على المواطنين، لافتا إلى أن 85 بالمئة من المجتمع السوري أصبح دون خط الفقر، والراتب الذي يجب أن يكفي لتأمين مقومات الحياة يجب ألا يقل عن مليون ليرة وأكثر من ذلك.

أكريم أوضح أن المطلوب، هو إعادة الرأسمال السوري الذي خرج وذلك عن طريق تسهيل القوانين، وخاصة إدخال البضائع والأموال وإخراجها، والوضوح الضريبي، وضبط المصاريف لدراسة التكاليف الصحيحة التي هي أحد ركائز التسعير وتخفيض الأسعار.

المسؤول الحكومي لفت أيضا إلى أن انعدام المنافسة التجارية أحد أسباب هذا التدهور، ويجب على الحكومة في مواجهة هذه المعوقات ووضع مجموعة من الحلول تبدأ بإلغاء المنصة، وفتح الاستيراد التدريجي.

فضلا عن ضرائب صفرية لكي تعود الناس للعمل وهذا لا يعني انعدام الضرائب بل يتم تحصيلها بطريقة صحيحة، بالإضافة إلى التشاركية الحقيقية قبل إصدار القرارات، وسياسة العرض والطلب

من وجهة نظر أكريم، النتائج ستكون مرضية للجميع ورابحة من خلال تحريك المال الراكد، وانسيابية المواد في الأسواق، وتأمين بيئة استثمارية رابحة، واتخاذ قرارات صحيحة مستدامة، كل هذه الأمور تؤدي إلى انخفاض بالأسعار، وتستقر أسعار المواد وتستعيد دمشق مكانها الصحيح لأن دمشق عاصمة التجارة لسنوات وعقود وقرون.

تقرير آخر لصحيفة “البعث” المحلية، نُشر يوم أمس الإثنين، يؤكد أن السلطات النقدية  قررت منذ أشهر النزول لحلبة المضاربة مع مشتري الدولار، وبدلا من أن يتحسن حال الليرة السورية والوضع الاقتصادي، كما هو الموهوم المفترض من جراء دخول هذه المضاربة، إلا أن الوضع الاقتصادي ساء أكثر، وحالة الليرة ازدادت سوءا، بدءا من دخول المضاربة وحتى تاريخه، تضاعف سعر الدولار من 5 آلاف إلى أكثر من 12 ألف ليرة والزيادة مستمرة، ويتواكب معها زيادة جميع أسعار السلع، بما في ذلك المنتجة محليا، نتيجة ارتفاع أسعار جميع مدخلات ومستلزمات الإنتاج، ما تسبب في خروج الكثير من المنتجين خارج العملية الإنتاجية، وندرة إنتاج بعض السلع.

ارتفاع الأسعار بنسبة 30-40 بالمئة- “صحيفة الوطن”

بالتالي ندرة توفرها وارتفاع كبير في سعرها، فسعر الصرف اليومي هو الذي يتحكم بالأسعار، حيث الدولار هو المعيار عند جميع الصناعيين والتجار، وحتى العاملين في المؤسسات الحكومية يقولون، “كان راتبنا قبل نحو 12 عاما قرابة 80 دولارا إلا أنه اليوم بات يقدر بنحو 8 دولارات فقط”.

لذلك، من حق كل مواطن أن يسأل جهات الحكومية، “ما المكاسب التي حققتها الحكومة جراء رفعها سعر الصرف في المصرف المركزي السوري، سوى تدهور الليرة”، وإن كانت تقول إنها قد حققت جمع ملايين الدولارات، فالتساؤل، “أين ذهبت بما جمعت، نظرا لأن المواطن لا يرى أن هذه المبالغ انعكست لصالحه.

نارُ الأسعار تتأجج تتابعيا لجميع المواد، والمحروقات لم تتوفر بأفضل مما كانت عليه، لا كمية ولا سعرا، والسورية للتجارة متوقفة عن بيع المواد المدعومة، وبقي حال الكهرباء السيء على ما هو عليه، بل يزداد سوءا بين حين وآخر.

كما وكثير من المنتجين وخاصة في مجالات الزراعة بأنواعها، ومربي الدواجن والثروة الحيوانية رهن ضربات قاصمة متتالية تضعفهم، وقد أودت هذه الضربات بالعديد منهم إلى الهاوية”، طبقا لتقرير الصحيفة المحلية.

كما أن عامة المستهلكين يئنون من ارتفاع عام يومي في أسعار جميع المواد، والرواتب لم تزدد، وحتى لو ازدادت لن تفي بمنعكسات أسعار المواد ما كان منها قبل الزيادة وما سيكون بعدها، وبالتالي السياسة الاقتصادية النقدية للحكومة مبعث قلق كبير.

غلاء فاحش

بالعودة إلى الأسواق، فقد ارتفعت جميع أسعار المواد الغذائية والمواد الأساسية في سوريا بنسب متفاوتة تجاوزت 100 بالمئة في بعض المنتجات، متأثرة بالانخفاض الكبير بقيمة صرف الليرة السورية مقابل العملات الأخرى.

موقع “الليرة اليوم” أشار إلى أن سعر صرف الدولار الأميركي في دمشق بلغ 12350 للشراء و 12500 للمبيع، وفي سوق حلب فبلغ سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية 12700 شراء و 12850 بيع، وفي الحسكة 12850 شراء و 12950 مبيع.

صحيفة “الوطن” المحلية أكّدت في تقرير أخير أن أسعار المواد قفزت أكثر من 100 بالمئة خلال الأسبوع الماضي مقارنة مع الفترة التي سبقت عطلة عيد الأضحى الماضي، مشيرة إلى أن التسعير عشوائي وغير مرتبط بأي جهة أو نشرة رسمية.

الصحيفة ذكرت أن الأهالي يشكون من ارتفاع الأسعار إلى درجة لم يعودوا قادرين على تحمل تكاليف أبسط الأمور، بينما تتقلب الأسعار في كل ساعة، لا بل في كل يوم، إذ ارتفعت أسعار السلع إلى أكثر من ضعفين خلال فترة قصيرة لا تتعدى الأيام، حيث وصل سعر علبة المحارم الوسط في اللاذقية إلى 17 ألف ليرة سورية، وكيلو القهوة إلى 110 آلاف ليرة، وكيلو السكر بين 13 – 16 ألف ليرة، وكيلو الرز من 10 – 14 ألف ليرة، ولتر الزيت النباتي يتجاوز 18 ألف ليرة في حال وجِد.

بينما كان كيلو البصل اليابس قبل يومين 4 آلاف ليرة سورية، ليصبح الآن بـ 6500 ليرة، أما الخيار كان بـ 3 آلاف وصار بـ 6 آلاف ليرة، والبندورة الشامية كانت بـ 2500 ليرة وصارت بـ 4 آلاف ليرة، وكيلو البامياء كان بـ 7 آلاف ليرة وصار بـ 10 آلاف ليرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات