لم تفلح جلسة البرلمان السوري الاستثنائية مع الحكومة في الخروج بأية رؤية لوضع حلول إسعافية، للأوضاع المعيشية المتدهورة التي وصل إليها السوريون، مع الانهيار المستمر لقيمة الليرة السورية، الذي تزامن مع ارتفاع نسبي غير مسبوق في أسعار مختلف السلع والخدمات لا سيما منذ بداية العام الجاري.

بالتوازي مع هذا الفشل بالخروج بأية حلول، تصاعد الحديث عن احتمالية أن يكون هناك قرار من السلطة الرئاسية يقضي بإقالة جماعية أو جزئية لمجلس الوزراء، بحيث تكون الحكومة “كبش الفداء”، في محاولة لضرب “إبرة مخدر” تزامنا مع السياسات الحكومية الفاشلة في إدارة الأزمة الاقتصادية، وتدهور الأوضاع المعيشية في سوريا.

ما عزز هذه الاحتمالية، هو ارتفاع حدّة الهجوم على الحكومة السورية مؤخرا من قبل أعضاء مجلس الشعب السوري، إذ يرى خبراء أن هذا يتم بتوجيه من قبل السلطة المركزية بدمشق تمهيدا ربما لقرار إقالة الحكومة.

كواليس جلسة “الاستجواب”

في هذا السياق، قال عضو مجلس الشعب سهيل خضر، إن رئيس مجلس الوزراء تكلّم خلال الجلسة الاستثنائية التي عُقدت في مجلس الشعب مؤخرا بلسان الشاكي الباكي مثله مثل أي مواطن “بدءا من شماعات الحصار والعقوبات والإرهاب وانتهاءً بالزلزال وبالتالي قلة الموارد وانعدام الإمكانيات”.

في منشور عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، كشف خضر عن مخالفة النظام الداخلي للبرلمان خلال الجلسة المشتركة مع الحكومة، إذ أكد أن رئيس المجلس لم يفتح باب المداخلات والنقاش إلا لمجموعة أعضاء مسجلة أسماؤهم مسبقا وعددهم 52 فقط، وتركّزت أغلب المداخلات من الزملاء حول الحلول اقتصادية ومطالب برفع الرواتب والأجور وكبح جنون الأسعار وسعر الصرف وواقع الكهرباء وغيرها.

أما ردّ الحكومة على حديث أعضاء المجلس فاقتصر، على اقتراح تشكيل لجنة مختصة من مجلس الشعب و الحكومة، لدراسة وبحث الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للنهوض بالواقع المعيشي وإيجاد الحلول الملائمة بما ينعكس على معيشة المواطنين. ونوّه أن  رئيس المجلس وافق على تشكيل اللجنة وأنهى الجلسة دون التصويت على تشكيل هذه اللجنة.

خضر اعتبر في منشوره، أن “الجلسة ظاهريا عُقدت بناء على دعوة مكتب المجلس، أما باطنيا فرئيس مجلس الوزراء هو من طالب بانعقاد الجلسة لتغطية على الفشل الذريع للحكومة والصاق فشلها بمجلس الشعب” حسب قوله.

خضر اعتبر أن الحكومة تحاول خداع المجلس، من أجل الترويج للقرارات المتعلقة برفع الدعم الحكومي، وأردف قائلا، “كل هذة الهمروجة حصلت لكي يُتّخذ قرار رفع الدعم وإلصاقه بمجلس الشعب نتيجة ضعف الأداء رغم عدم طرح أي تصويت على هكذا قرار”.

هذه الجلسة الاستثنائية أثارت جدلا واسعا وموجات سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قلّل سوريون من تأثير مجلس الشعب السوري على قرارات الحكومة، معتبرين أن المجلس لا يملك سوى رفع الأيادي وإطلاق التصريحات التي “هي بالأساس بلا قيمة ولا تؤثر على سياسات الحكومة”.

بلا جدوى؟

خبراء في الاقتصاد السوري أكدوا أن أي حديث عن جلسات استثنائية أو حتى تغيير في الحكومة، لن يكون مجديا لتحسين الواقع المعيشي في سوريا، فالحكومة حتى ولو أرادت فإنها لا تملك أية أدوات لتحسين الواقع الاقتصادي.

منذ أشهر كان البعض يتحدث عن أن الراتب الحكومي لا يكفي لتغطية مصاريف عائلة لمدة أسبوع واحد، واليوم ومع الارتفاعات الجديدة في أسعار الصرف وأسعار السلع والمواد الغذائية، فإن الراتب الحكومي في سوريا فقد المزيد من قدرته الشرائية في الأسواق.

هذا الانحدار في مستوى المعيشة بسوريا، يأتي في ظل عجز شبه كامل للحكومة السورية عن التدخل لتحسين الواقع الاقتصادي، لتتحول الحكومة إلى “شاهد زور” على معاناة الأهالي، بحسب رأي مختصين ومطّلعين على الوضع الاقتصادي في البلاد.

الانهيار في قيمة متوسط أجر المواطن السوري، أصبح مؤخرا يهدد الأمن الغذائي في سوريا، كما أفضى انهيار القوة الشرائية لمتوسط الدخل في سوريا، إلى تلاشي الطبقة المتوسط، التي كانت تمثّل سابقا النسبة العظمى من السوريين.

منذ بداية العام الجاري واجه راتب الموظف السوري صعوبات كبيرة في مواجهة الحد الأدنى من تكاليف المعيشة السورية، فرغم أنه مع بداية العام كان لا يحقّق الحد الأدنى من تكاليف الحصول على غذاء لأسرة مؤلفة من ثلاثة أفراد، إلا أنه واصل النزيف أمام ارتفاع أسعار السلع والخدمات في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات