الأزمة الاقتصادية تلاحق الموتى.. تكاليف مليونية تزيد الأعباء على السوريين

مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في سوريا، غدت مناسبة وفاة أحد السوريين تشكل معاناة إضافية إلى جانب مناسبة الحزن التي تخيم على العائلة السورية، حيث أصبحت تكاليف دفن الموتى والمراسم التي تلي الدفن تشكل عبئا اقتصاديا كبير على السوريين مع الارتفاع الكبير في تكاليف هذه المراسم.

هذه المعاناة جعلت الكثير من العائلات السورية تعمد إلى إلغاء بعض المراسم كعزائم الطعام التي تلي دفن جثث الموتى في البلاد، وذلك بعد أن تجاوزت الأزمة الاقتصادية الحياة لتصل حتى إلى الموتى في سوريا، وترهق الأحياء.

تقرير لمنصة “غلوبال نيوز” المحلية، أكد أن تكاليف مراسم العزاء أصبحت تكلّف ملايين الليرات في سوريا، فضلا عن ثمن القبر الذي يحتاج أيضا للملايين، خاصة وأن العزاء يحتاج إلى صالة وتجهيزات لمجلس العزاء، فضلا عن ارتفاع أسعار مستلزمات الضيافة من قهوة عربية وغيرها.

تكاليف مرهقة

بحسب تقرير المنصة، فإن تكاليف تجهيز المتوفى والقبر تصل إلى حوالي 600 ألف ليرة، لكن التكلفة الأكبر تكمن في أجور صالة العزاء التي تتراوح بين المليون والمليوني ليرة سورية لليوم الواحد، حيث أن أغلب مجالس العزاء باتت تُقام على مدى يومين فقط، رغم أن العرف الذي كان سائداً أن تكون أيام العزاء ثلاثة أيام.

“لم نقم مجلس عزاء أبدا”، قال أحمد شيخ خالد وهو موظف حكومي يعمل في مؤسسة الكهرباء في مدينة حلب، وهو يشرح كيف أتم مراسم دفن أبيه، مؤكدا أنه لم يكن بمقدوره إقامة مراسم الدفن والعزاء كما اعتادت عائلته أن تفعل منذ سنوات.

شيخ خالد أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “العام الماضي توفي أبي، وكان من المستحيل تحمّل تكاليف العزاء، اضطررت لسحب قرض حتى أستطيع مع أخوتي شراء القبر الذي بلغ ثمنه مليونين ونصف وقتها، والآن ربما ارتفعت الأسعار، العزاء كذلك ربما تصل تكلفته للملايين وفق العائدة السائدة، اضطررنا لاستقبال التعازي عبر الهاتف أو المقابلات الشخصية”.

قد يهمك: الكاجو سبب في تضارب عمل المؤسسات الحكومية السورية.. كم سعره ومن يشتريه؟

مؤخرا شهدت العديد من المدن السورية انتشارا، لظاهرة السوق السوداء للمقابر، وذلك نتيجة ارتفاع الأسعار الجامح في هذا البلد واستغلال بعض الظروف من أجل تحصيل عوائد مادية بأي شكل من الأشكال، بالإضافة إلى اكتظاظ القبور وغياب دور الجهات المعنية بهذه الأمور، على الرغم من أن كل شيء مسجّل في سجلاتها، سواء مساحة المقبرة وعدد القبور وأعداد وأسماء الموتى المسجلين لديها.

سوق سوداء للقبور!

نحو ذلك، أفادت تقارير محلية، بأن أهالي مناطق عدة في ريف دمشق يعانون من حالة ازدحام على القبور وعدم وجود مقابر للدفن إلا في حال تمّ حفر قبر جديد أو دفن المتوفى فوق أحد المتوفين ممن مضى على دفنهم سنوات طويلة؛ ما فتح المجال أمام عودة تجارة القبور من قبل البعض متّبعين سياسة جديدة في عملهم غير المشروع.

أهالي المدينة هناك يرون أن ندرة القبور في مقابر ريف دمشق، والروتين المعقّد الذي  طرأ على عمليات نقل الملكية دفع من يقوم بهذا العمل إلى اتباع هذه الآلية، مشيرين إلى أن مَن يعمل بهذه المهنة يتقاضى مبالغ تتراوح بين  500 – 700 ألف ليرة سورية لإتمام عمليات الدفن، مشترطين عدم تغيير الشاهدة القديمة التي تحمل اسم العائلة المالكة للقبور.

صحيفة “الوطن” المحلية نقلت أواخر العام الماضي، عن محامية لم تذكر اسمها أنها وُكّلت بقضية متابعة الحصول على ملكية لأربعة قبور تعود لعائلة واحدة، الأمر الذي دفعها إلى رفع دعوى أمام القضاء لتثبيت ملكية المالكين الحقيقيين لها بعدما تبيّن أن أحد تلك القبور وضع عليه شاهدة لاسم متوفية وهي غير موجودة في القبر، وتبيّن أيضا أنها دُفنت خارج القطر. الصحيفة لفتت آنذاك إلى أن تكلفة القبور الأربعة تصل إلى نحو 40 مليون ليرة سورية.

العديد من التقارير المحلية أشارت إلى أن السمسرة وصلت إلى المقابر، وباتت تجارة الموت مُربحة لدى الكثيرين، حيث توجد مجموعة كاملة من التجار يشترون عشرات القبور، لاستغلال كل مشترٍ بحسب وضعه المادي.

هذا وكانت محافظة دمشق قد بدأت في العام 2017، تطبيق قرار بإصدار تراخيص لقبور مكونة من ثلاثة طوابق نتيجة قلة عدد القبور وارتفاع أسعارها وسط الغلاء الذي يجتاح كل البلاد. ووفق أرقام محافظة دمشق، فإن مدينة دمشق تضم 130 ألف قبر، إلا أن المساحة الحالية لم تعد تتسع للمزيد، ما يضطر القائمون على مدافن العاصمة إلى إزاحة القبور الطابقية بعضها عن بعض بمقدار 50 سنتيمترا، حتى تتسع للمزيد من الموتى.

في سياق موازٍ، ارتفعت أسعار القبور في سوريا، لا سيما في العاصمة دمشق إلى مستويات غير مسبوقة، ما اضطرت العائلات السورية إلى البحث عن قبور لدفن موتاهم بأسعار تناسب إمكانياتهم في مناطق خارج دمشق. فسعر القبر الواحد في مقبرة “الشيخ رسلان” بدمشق وصل إلى أكثر من 17 مليون ليرة بسبب موقعها الاستراتيجي وفق تعبير أحد التقارير المحلية السابقة.

بينما تراوح ثمن القبر في مقبرة “الدحداح” وسط دمشق بين 13 مليون إلى 15 مليون ليرة سورية، وبين 10 ملايين إلى 12 مليون ليرة للقبر في مقبرة “باب الصغير”. وسعر القبر الواحد في مقبرة “باب شرقي”، قد وصل إلى نحو ثلاثة ملايين ليرة سورية للقبر الكامل، ومليون ليرة سورية للدرج الواحد في المدفن، بحسب موقع “هاشتاغ” المحلي في وقت سابق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات