بيت الضيق لم يعد يتسع لألف صديق.. الوضع الاقتصادي يغير العادات والقيم السورية؟

الوضع الاقتصاد المتدهور في سوريا، أصبح يلقي بظلاله على كل شيء يتعلق بمعيشة السوريين، فالطقوس المتعلقة بالطعام تغيرت بشكل جذري خلال السنوات الماضية، أما العادات والقيم الأخلاقية فاندثرت معظمها متأثرة بتراجع مستوى المعيشة فلم يعد مثلا “بيت الضيق يسع ألف صديق” بحسب ما يؤكد سوريون.

ارتفاع تكاليف المعيشة أثر بشكل مباشر على تجمعات السوريين خاصة الأقارب والأصدقاء، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف العزائم والسهرات، حتى التجمعات البسيطة التي تتطلب ضيافة متواضعة، أصبحت مؤخرا تشكل حملا ثقيلا على معظم السوريين الذين يتقاضون متوسط دخل لا يتجاوز 250 ألف ليرة “نحو 25 دولار أميركي”.

هذه التجمعات كانت سابقا جزء من حياة السوريين، وكانوا سابقا يشيرون لها بمثل شعبي يقول “بيت الضيق بيسع ألف صديق”، في إشارة إلى أن كل شخص مهما كان بيته صغيرا، يستطيع بإمكانات بسيطة أن يستقبل الأقارب والأصدقاء ويقدم لهم ما هو متوفر من الضيافة.

“بيت الضيق بيسع ألف صديق”؟

“للأسف ما عاد يوسع أصحابه”، قالت سندس سكاف وهي أم في عائلة مكونة من سبعة أفراد، مشيرة إلى أن الأوضاع الاقتصادية أثرت على العديد من العادات في سوريا، خاصة فيما يتعلق بطريقة اجتماع الأهل والأقارب، ففضلا عن انهيار الوضع الاقتصادي ساهمت ظاهرة الهجرة والنزوح في تباعد الناس عن بعضها.

Syrians shop at a market in a government-held western neighbourhood of the northern embattled city of Aleppo on October 5, 2016. Since fighting first broke out there in 2012, Aleppo has been divided by a front line between rebel forces in the east and government troops in the west. On September 22, the army of Syrian President Bashar al-Assad announced a major assault to capture the opposition-held half where an estimated 250,000 people are living under government siege and face sever shortages of food, medicine and water. / AFP / GEORGE OURFALIAN (Photo credit should read GEORGE OURFALIAN/AFP/Getty Images)

سكاف قالت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “للأسف الغلاء أثر على لهفة الأصدقاء والأقارب بين بعضهم، الكل مشغل في نفسه وفي تأمين لقمة العيش له ولأولاده، لم يعد الأهل يجتمعون كما كان سابقا، ورغم هذا الوضع بعض العائلات ما تزال تحافظ على هذه الطقوس ولو حتى بأقل الإمكانات”.

على سبيل المثال، ضيق الأحوال في سوريا لم يمنع سكاف من إقامة عزيمة لأخوتها قبل أسبوع، وتقول إنها اقتصرت على نوع واحد من أنواع الطعام، إضافة إلى بعض أنواع الحلويات والمشروبات، ورغم ذلك فإن تكلفة العزيمة كانت مرتفعة، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية، لكن سكاف أشارت كذلك إلى أن هذه الطقوس اختلفت كثيرا عما كانت عليه قبل سنوات.

قد يهمك: الزيت والزعتر.. أكلة الدراويش مهددة في سوريا؟

الأسواق السورية تشهد منذ أشهر قفزات غير مسبوقة في أسعار السلع والمواد الغذائية، تزامنا مع الانهيار غير المسبوق في قيمة الليرة السورية، حيث سجل سعر الدولار الأميركي قبل أيام سعر 12 ألف ليرة سورية للدولار الواحد، فضلا عن ارتفاع أسعار المواد النفطية، الأمر الذي أشعل أسعار السلع والخدمات في البلاد.

الدولار والسلع الغذائية

السلع الموجودة في الأسواق السورية، تتوزع تكاليف عادة بين الدولار والليرة السورية، حيث أن تكاليف نقلها داخل سوريا أو تخزينها تدفع بالليرة السورية، بينما ثمنها الحقيقي يتحمله التاجر بالدولار، حيث اعتبر خزام أن طباعة السعر مفصل بين التكاليف بالدولار والمصاريف بالليرة هو الحل الأمثل للوصول إلى التكلفة الحقيقية لكل سلعة.

التذبذب في أسعار الصرف، سبب فوضى غير مسبوقة في الأسواق السورية خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث تشهد الأسواق في بعض الأيام تغيرا في أسعار السلع بشكل ساعي، الأمر الذي يُفقد الأجور والرواتب في البلاد قدرتها على مواكبة أسعار السلع وخاصة المواد الغذائية.

خلال الشهر الفائت كان مجلس الشعب السوري يروج لجلسة “استثنائية” مع الحكومة لبحث تحسين الأوضاع المعيشية في البلاد، وبعد أيام قليلة من انتهاء جلسة مجلس الشعب السوري “الاستثنائية” بمشاركة أعضاء الحكومة، بدأت بشائر هذه الجلسة التي أفضت إلى تشكيل “لجنة مشتركة” بين المجلس والحكومة، بهدف إعداد حزمة متكاملة من المقترحات للنهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي، وتحقيق الاستقرار في سعر الصرف، وتحسين الأوضاع المعيشية للعاملين في الدولة، على أن تُقدّم هذه اللجنة مقترحاتها لمناقشتها وإقرارها.

سلسلة من القرارات الحكومية صدرت بعد هذه الجلسة، تتعلق بمزيد من رفع لأسعار السلع والخدمات في سوريا، أبرزها قرار وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، رفع سعر البنزين إلى 10 آلاف ليرة سورية، حيث تم رفع السعر بمقدار 1400 ليرة، الأمر الذي سيكون له انعكاسات على مختلف السلع والخدمات في البلاد.

رفع سعر البنزين سيكون له انعكاسات على مختلف القطاعات في البلاد، إذ من المتوقع أن تشهد أسعار المواصلات ارتفاعات جديدة خلال الأيام القليلة الماضية، كذلك فإن أسعار السلع والمواد الغذائية التي تدخل المحروقات في تكاليف صنعها أو نقلها، سيطالها الارتفاع خلال الفترة القادمة.

هذه الارتفاعات جاءت في وقت تقول فيه الحكومة، إنها تعمل على تحسين الواقع المعيشي، خصوصا بعد جلسة البرلمان “الاستثنائية”، لكن أفعال الحكومة لا تتوافق أبدا مع أقوالها، إذ إن جميع القرارات الحكومية الصادرة مؤخرا ساهمت في زيادة معاناة السوريين في التعامل مع الأزمة الاقتصادية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات