آليات تسهّل الفساد وارتفاع الأسعار في سوريا.. الكشف عن سرقات بالمليارات في قطاع المحروقات

غالبا ما كانت الآليات التي تقرها الحكومة السورية بشأن إعادة هيكلة الدعم، أو توزيع المحروقات على المواطنين بأسعار مدعومة، محل جدل واسع في الشارع السوري، فالحلول التي تقدمها الحكومة، فتحت العديد من الأبواب أمام الفساد وسرقة حصة المواطن من المواد الأساسية، في ظل غياب أي رقابة حكومية أو دور جاد للحرص على وصول الدعم لمستحقيه.

منذ سنوات عندما أقرت الحكومة أول آلية لتوزيع المواد النفطية على الأهالي بأسعار مدعومة، لا يكاد يمر شهر واحد إلا وتعاني أحد المواد من نقص حاد كالبنزين والغاز وغيرها، فيضطر المواطن إلى شراء المادة بالسعر الحر والذي في العادة ما يكون أعلى من السعر المدعوم بنسبة لا تقل عن 200 بالمئة.

يأتي ذلك في ظل وجود العديد من قضايا الفساد والسرقة، والتي عادة ما تتعامل معها الحكومة بإطلاق الوعود بمحاسبة المسؤولين، أو الإعلان عن تنظيم بعض الضبوط هنا وهناك، من دون وجود أي نتائج ملموسة تنعكس بشكل إيجابي على الأهالي.

سرقات بالمليارات

تقرير لـ”تلفزيون الخبر” المحلي، كشف عما سماها “فضيحة” تخص شركة “تكامل” المسؤولة عن توزيع المواد النفطية المدعومة عبر البطاقة الذكية على العائلات السورية، إذ تشير المعلومات إلى وجود سرقات بالمليارات كانت تتم في محطات البنزين في مدينة حلب، في وقت كانت المدينة تعاني من شحٍّ كبير في المحروقات.

التقرير المحلي كشف عن وجود العديد من المتورطين في قضايا سرقة المحروقات المدعومة في حلب، وهم من أصحاب الكازيات ومنهم من فريق محافظ حلب، الأمر الذي يكشف شبكة فساد كبيرة بقيادة مسؤولين حكوميين، يُفترض أنهم في مواقعهم للحفاظ على آليات توزيع المواد المدعومة بشكل عادي.

هذه المعلومات تم كشفها، بعد الإعلان قبل أسابيع عن توقيف رئيس فرع “تكامل” في حلب، وأحد المهندسين في الشركة، للتحقيق في قضايا فساد، وبحسب تقرير التلفزيون المحلي فإن ““السرقات ربما تتجاوز المليارات، نظرا للفترة الطويلة التي كانت السرقات تتم فيها، وارتفاع أسعار المحروقات في مدينة حلب بشكل خاص”.

السرقات كانت تتم بتنسيق على ما يبدو بين كوادر محطات البنزين والتقنيين في شركة “تكامل”، وذلك عبر قطع حصة المواطنين من المحروقات بشكل دوري، وهنا أوضح التقرير ” التلاعب بدأ منذ إصدار البطاقة الذكية، وحتى تاريخ إقرار نظام الرسائل، للسيارات الخاصة والعامة العاملة على المازوت”.

مع غياب نظام الرسائل التي كانت تخطر المواطنين بأن لديهم مخصصات يمكنهم الحصول عليها، كان المواطن يذهب بشكل دوري للسؤال عن مخصصاته، وأحيانا يكون له مخصصات لكن العاملين في المحطة يخبرونه بعدم وجود أي مخصصات، بينما يتم التنسيق مع شركاء في “تكامل” لاقتطاع حصة هذه المواطن وسرقتها.

قد يهمك: 150 ألف ليرة لركن سيارة في دمشق.. رحلة شاقة في شوارع العاصمة

عمليات السرقة هذه، يتحملها بحسب خبراء ليس فقط المسؤولين عن القضية، بل إن من وضع هذه الآلية كان يجب عليه سدّ جميع الثغرات التي قد تفتح الباب أمام الفساد والسرقة، لكن يبدو أن الحكومة السورية لم تولِ اهتماما كافيا للحرص على وصول المواد المدعومة لمستحقيها.

خلال السنوات القليلة الماضية، غرقت سوريا في عديد من المناسبات بأزمة محروقات خانقة، من الغاز إلى المازوت إلى البنزين، الأمر الذي أدى كذلك إلى تفاقم أزمة المواصلات، في ظل غياب أي دور حكومي لإدارة هذه الأزمات.

أزمة مواصلات قديمة

منذ أكثر من عام والحكومة السورية تعمل على ضبط عمل وسائط النقل العامة، وقد كرّست لهذا الهدف العديد من كوادرها فضلا عن تشكيل اللجان للخروج بأفضل آلية تضمن تشغيل وسائل المواصلات، للتخفيف من حدّة الأزمة التي تعيشها المدن السورية وتفاقمت خلال السنوات القليلة الماضية.

آلية لمراقبة عمل السائقين عبر تركيب أجهزة على سيارات النقل هي أبرز ما توصلت إليه الجهات الحكومية لضبط وسائل النقل، حيث كانت الحكومة تسعى لضمان استمرارية عمل السائقين الذين يحصلون على المحروقات بأسعار مدعومة، من أجل تزويد آلياتهم وبالتالي أسعار المواصلات العامة تكون مدعومة من قِبل الحكومة.

بعض السائقين لجؤوا إلى الحصول على المحروقات وبيعها في السوق السوداء دون العمل على السيارة، الأمر الذي أفضى إلى إنشاء آلية تقوم على تركيب أجهزة على وسائط النقل من أجل مراقبة عمل السائقين، إلا أن تلك الآلية تعرضت للخرق، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول جدوى الآليات الحكومية في ظل إهدار الجهد والمال الحكومي فضلا عن استمرار أزمة المواصلات التي تؤثر على حياة السوريين.

بعد عدة أشهر من تطبيق آليات مراقبة عمل السائقين على وسائط النقل العامة، تؤكد المصادر المحلية عدم وجود أي تحسّن ملحوظ في أزمة المواصلات في المدن السورية حتى الآن، وخصوصا في العاصمة دمشق، التي تشهد أزمة خانقة في قطاع المواصلات، خاصة بعد الارتفاع الأخير في أسعار المحروقات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات