مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات ضد الحكومة السورية في عدد من المدن والمناطق في البلاد، انتشرت أنباء أمس الأربعاء عن دخول مدينة حلب إلى خط الاحتجاجات المناهضة للسلطة، الأمر الذي أحدث على ما يبدو إرباكا كبيرا في أجهزة الحكومة السورية، وفق ما أظهره سلوك الإعلام الرسمي في التعامل مع تلك الأخبار.

الأنباء التي تحدثت عن خروج مظاهرة ضد الحكومة السورية في حلب لم تنتشر على نطاق واسع، ولم تتبناها جهات إعلامية موثوقة، حيث انتشرت هذه الأخبار على بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، كذلك فإن بعض الصفحات أرفقت الخبر بتسجيلات مصورة تعود إلى مظاهرات سابقة ضد السلطة خرجت قبل أكثر من 10 سنوات.

لكن مؤسسات الحكومة السورية، سارعت بشكل مبالغ فيه على نفي تلك الشائعات، وكرّست لذلك مساحة واسعة في الإعلام الرسمي، الأمر الذي قد يدل على خوف السلطات السورية من انتقال عدوى المظاهرات والإضراب من السويداء إلى مدينة حلب التي توصف بأنها “العاصمة الاقتصادية للبلاد”.

نفي حكومي

القنوات الإعلامية التابعة للحكومة السورية، نفت في نشرات الأخبار، الأنباء التي تحدثت عن خروج مظاهرات في أحياء السكري والصالحين والفردوس، كما أرسلت صحيفة “الوطن” المحلية، وفدا للوقوف على أجواء الشوارع في هذه الأحياء.

الصحيفة المحلية شاركت بدورها بهذا النفي عبر معّرفاتها الرسمية، ونشرت تسجيلا مصورا مساء الأربعاء يظهر جانب من شوارع حي الفردوس، وأكدت أنه لا توجد أيّة مظاهر لتظاهرات أو تجمعات في المنطقة بخلاف ما نشرته بعض الجهات الإعلامية على الإنترنت

الخوف من انتقال التظاهرات إلى مدينة حلب، يمكن تفسيره من عدة جوانب، أولا الكثافة السكانية الموجودة في حلب، إذ إن السلطات السورية تدرك تماما أن قواتها الأمنية لا تبدو بنفس وتيرة القوة التي كانت عليها عام 2011، حيث استطاعت حينها فرض السطوة الأمنية على حركات التظاهر في المدينة عبر نشر قوات الأمن وما يُعرف بـ”اللجان الشعبية” لقمع التظاهرات الشعبية.

قد يهمك: “ياريت نهج من هالبلد”.. تعليقات ساخرة حول ارتفاع أسعار الغاز بسوريا

أما الجانب الآخر بحسب ما يقول أدهم المنوال (اسم مستعار لناشط حقوقي)، فيتمثل بكون حلب هي من المدن الكبرى في سوريا، ورغم الانهيار الاقتصادي التي تعاني منه البلاد، فإن تصاعد أي توتر في حلب قد يهدد ما تبقّى من الاقتصاد السوري.

المنوال أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “طبيعي أن يكون هناك إرباك حكومي من هذه الأنباء، حلب ودمشق مدينتان كبيرتان، وانتقال الاحتجاجات إليهما سيربك الحكومة، السلطة السورية لا تمتلك ذات الإمكانيات التي كانت تمتلكها عام 2011، احتمال أنها عاجزة أصلا عن تمويل أجهزة الأمن السورية كما السابق، لذلك من الطبيعي أن تخشى على حلب وبدرجة أعلى ربما دمشق”.

الاحتجاجات التي بدأت في السويداء، لا تتوقف منذ يوم السادس عشر من شهر آب/الجاري، بل إن المدينة تشهد يوما بعد آخر اتساعا لرقعة التظاهر والمشاركة من قبل الأهالي، احتجاجا على تردي الوضع المعيشي، خصوصا بعد القرارات الحكومية الأخيرة، التي أفضت إلى تفاقم معاناة الأهالي على كافة المستويات.

مع غياب أي رؤية حكومية، لتقديم حلول من شأنها أن ترضي المحتجين في السويداء، بدأ بعض الناشطين بالتخوف من تصعيد محتمل ضد الأهالي في المدينة، خاصة وأن التصعيد الأمني يبدو أنه الأداة الوحيدة بيد السلطة في سوريا، في ظل غياب الحلول عن خطط الحكومة.

إضراب مستمر

منذ يوم الأحد الماضي، أخذت الاحتجاجات في السويداء منحىً تصاعديا، خصوصا بعدما أعلن المحتجون عن “إضراب عام”، شمل المحال التجارية والمؤسسات الحكومية والتعليمية، كما وصل الأمر في بعض المناطق إلى إغلاق الطرق الرئيسية التي تربط القرى والبلدات مع بعضها ومع مركز المدينة.

الاحتجاجات خلال الأيام الماضية، لم تقتصر على السويداء، إذ أكدت مصادر محلية أن العشرات من أهالي مدينة داعل في ريف درعا خرجوا في تظاهرة الإثنين احتجاجا على السياسات الحكومية، خصوصا المتعلقة بالاقتصاد.

هذه الانتفاضة المفاجئة تأتي في ظل تدهور اقتصادي، زاد من حالة الغضب والإحباط لدى سكان المحافظات السورية، الذين يشعرون بالإهمال والظلم من قرارات السلطات. فما هي خلفية هذه التطورات، وما هو دور المجتمع المدني والفعاليات الشبابية في تنظيمها، وما التداعيات المحتملة على المشهد السوري بشكل عام.

شرارة الاحتجاجات كانت متعلقة مباشرة بالوضع الاقتصادي، لكن العديد من القائمين على الاحتجاجات، أكدوا في مقابلات صحفية، أن المطالب الرئيسية متعلقة بالوضع الاقتصادي المتدهور، لكنهم أكدوا كذلك أن الأوضاع الاقتصادية مرتبطة بشكل مباشر بالوضع السياسي، فالفشل السياسي للحكومة والسلطة في دمشق، كان سببا رئيسيا في وصول الوضع المعيشي إلى حافة الانهيار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات