إجازة بلا أجر.. وسيلة أهالي الجنوب السوري للاحتجاج على سياسات الحكومة

مع استمرار الاحتجاجات الشعبية في عدد من المناطق السورية، وتحديدا أهالي المناطق الجنوبية، أخذت أشكال الاحتجاج على سياسات الحكومة المتعلقة بالوضع الاقتصادي أشكالا عديدة، من الإضراب إلى المظاهرات والوقفات الصامتة إلى إغلاق الشوارع ومقرات حزب “البعث” الحاكم في البلاد.

الإضراب الذي بدأه أهالي السويداء قبل نحو أسبوعين كان قد شمل المؤسسات الحكومية، حيث امتنع قسم واسع من الموظفين عن الذهاب إلى العمل كنوع من العصيان المدني، رفضا لما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية، بسبب الفشل الحكومي فبتحسين الواقع المعيشي المتردي في البلاد.

في محافظة درعا لجأ العديد من الموظفين في قطاعات الحكومة السورية، إلى تقديم إجازات طويلة “بلا أجر”، وذلك في محاولة منهم للتهرب من دوام الوظيفة الحكومية، لأسباب عديدة أبرزها الاحتجاج على الوضع المعيشي، فضلا عن عدم جدوى الراتب الحكومي في مجاراة متوسط تكاليف المعيشة في البلاد.

التفرغ لأعمال أخرى

مدّة تتراوح بين شهر إلى سنة، لجأ المعلمون على وجد التحديد إلى تقديم إجازات في أماكن عملهم، هربا من الوضع المعيشي، حيث عمدوا إلى البحث عن عمل آخر من شأنه أن يعيلهم بشكل أفضل من الوظيفة الحكومية، وذلك بحسب ما أفاد به موقع “تجمع أحرار حوران” المحلي.

تقرير الموقع أكد أن معظم الموظفين في درعا، لجؤوا إلى هذه الإجازات كحلٍّ من أجل التفرغ لأعمال أخرى تناسب شهاداتهم التعليمية، ومنهم من توجه لأعمال أخرى بعيدة عن اختصاصه كالعمل في البقاليات وأعمال البناء وقيادة السيارات وغيرها من المِهن.

بحسب مصدر في مديرية التربية بدرعا، فإن الإقبال على الإجازات في هذه السنة كان كبيراً جداً، حيث بدأ التقديم عليها من بداية حزيران الماضي وانتهت في منتصف شهر آب الجاري، وذلك لتبدأ الإجازة الفعلية مع بداية العام الدراسي، ليتفرغوا خلالها إلى أعمال أخرى يكون مردودها المالي أفضل من الأجور الحكومية.

قد يهمك: مدن سورية تنضم للمظاهرات.. هل تخرج الاحتجاجات عن سيطرة الحكومة السورية؟

“قدّمت على إجازة لمدة سنة كاملة”، قال وجد عبد الرحيم، وهو موظف في المديرية المالية في السويداء، مؤكدا أن الراتب الحكومي لم يعد يكفيه ثمن الخبز والمواصلات، خاصة بعد موجة الغلاء الأخيرة، والتي تضاعفت خلالها أسعار السلع عدة مرات.

عبد الرحيم أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “الراتب بيروح أكتر من نصفه على المواصلات فقط، لا يمكن بأي حال من الأحوال الاعتماد عليه لسد تكاليف المعيشة بأدنى مستوياتها، لذلك قررت تقديم الإجازة والتفرغ للعمل على سيارة أجرة، لكن المديرية رفضت إعطائي سنة، تمت الموافقة على ستة أشهر فقط”.

أجور هزيلة

تقرير لصحيفة “قاسيون” المحلية، أفاد بأن “هزالة منظومة الأجور السورية لا تحتاج إلى كثيرٍ من الإثبات والبراهين اليوم. حيث لم يعد جهاز الدولة في البلاد يمنح أجوراً فعلية قادرة على تغطية الحاجات الضرورية للإنسان”.

التقرير ركز على أوضاع العاملين والموظفين في القطاع العام، البالغ عددهم نحو 1.75 مليون شخص، حيث يقع هؤلاء فريسة سهلة للفجوة التي تتسع بشكل دوري بين الحد الأدنى الهزيل للأجور، وتكاليف الحاجات الأساسية لضرورة بقاء الإنسان على قيد الحياة.

على الرغم من أن الحد الأدنى للأجور في سوريا، شهد ارتفاعات عديدة خلال الأعوام الماضية، خاصة بعد 2011، إلا أن هذه الزيادة الشكلية للأجور لم تعكس ارتفاعا للقيمة الحقيقية للأجور التي يتلقاها العمال السوريون مقابل قوة عملهم، بل على العكس من ذلك، فإن هذه القيمة الحقيقية آخذة بالانخفاض بشكل مستمر مقارنة بمعدلات التضخم في البلاد.

تزامنا مع استمرار تدهور الوضع المعيشي في سوريا، تتفاقم ظاهرة الاستقالات من المؤسسات التابعة للحكومة السورية، في وقت تحاول الحكومة فيه منع الموظفين من الاستقالة، عبر فرض شروط جديدة على طلبات الاستقالة، أو التهديد بالغرامات والسجن لكل من يتغيّب عن عمله بدون حصوله على موافقة رسمية لطلب الاستقالة.

ارتفاع معدلات الاستقالة من المؤسسات الحكومية، تسبب بحدوث نقصٍ كبير في كوادر العمل بمختلف المؤسسات، حيث أكدت وزارة التربية، أنها تعاني من نقص كبير في الكوادر التدريسية في مختلف المحافظات السورية، في وقت تتجه فيه الوزارة إلى التضييق على طلبات الاستقالة.

لجوء إدارة المؤسسات إلى عدم قبول طلبات الاستقالة، دفع الموظفين إلى ترك عملهم، حتى ولو لم يحصلوا على موافقة رسمية بقبول الاستقالة، فقد أفادت صحيفة “تشرين” المحلية، بأن الأشهر القليلة الماضية شهدت ازديادا كبيرا في أعداد الموظفين الراغبين بالاستقالة، تزامنا مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي أثّرت في الجميع، نتيجة ارتفاع الأسعار والتضخم غير المسبوق.

الحكومة في دمشق تقف عاجزة أمام انهيار قيمة الرواتب والأجور في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية للأُسر السورية، فضلا عن انهيار العملة المحلية، الذي أفقد الرواتب في سوريا نسبة كبيرة من قيمتها، وهذا ما دفع المئات من موظفي المؤسسات الحكومية السورية إلى الاستقالة مؤخرا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات