تحريض على الصدام بين الأهالي.. ما الذي تسعى إليه السلطات السورية في السويداء؟

المظاهرات في محافظة السويداء دخلت أسبوعها الثالث، في إصرار على ما يبدو من المحتجين على مطالبهم المتعلقة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، فضلا عن التنديد بالسياسات الحكومية، التي أفضت إلى انهيار الواقع المعيشي في البلاد.

لا يبدو أن السلطات السورية تملك أبسط الأدوات للتعامل مع مطالب المحتجين، لذلك فهي بدأت تلجأ لأساليب عديدة بهدف إنهاء الاحتجاجات عبر استمالة بعض وجهاء محافظة السويداء، أو حتى استخدام العنف بأيادي غير حكومية، فما الذي تسعى إليه السلطة في السويداء.

مصادر محلية كانت قد كشفت عن محاولة مسؤولين تابعين لحزب “البعث”، خلق صدام بين أهالي محافظة السويداء، الأمر الذي يشير إلى محاولات حكومية لإخماد الاحتجاجات بطرق ملتوية، نظرا لعجزها عن التعامل مع مطالب المحتجين، كما يبدو أنها تخشى استخدام العنف بشكل مباشر خشية من التصعيد المقابل أو امتداد الاحتجاجات إلى مناطق سورية أخرى.

تحريض على العنف بين الأهالي؟

بحسب ما نشرت شبكة “الراصد” المحلية، فقد وقع أمين فرع حزب “البعث” في السويداء، فوزات هاني شقير، في وقت سابق، على قرار يسعى من خلاله لخلق صدام بين الأهالي عندما طلب من أمناء الشعب الحزبية استنفار كوادرهم بهدف حماية المقرات، داعيا إياهم للتصدي بحزم لأي اعتداء محتمل.

هذا التعميم كان قد صُدر في التاسع عشر من شهر آب/أغسطس الفائت، ومنذ ذلك الوقت فقد عمد المحتجون إلى إغلاق العديد من المقرات الحزبية في المحافظة، الأمر الذي يؤكد عدم تجاوب أعضاء وأمناء الحزب مع هذا التعميم.

المظاهرات في السويداء تواصلت بلا توقف خلال الأيام القليلة الماضية، حيث توافد المتظاهرون صباح اليوم الإثنين إلى ساحة السير وسط مدينة السويداء، معلنين استمرار مطالبهم المتعلقة بالتغيير السياسي، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، الخاص بالانتقال السلمي للسلطة.

كذلك خرج مجموعة من أهالي مدينة صلخد جنوب السويداء صباح اليوم بوقفة احتجاجية في ساحة المدينة، موجّهينَ رسالة لأزلام حزب “البعث” الذين يحاولون التضييق على المحتجين، وردد المشاركون في الوقفة الاحتجاجية شعارات من قبيل، “كل فرع يضب الصبيان، ما منطلع من ساحتنا.. والورد بشوكو خلقان لا تمتحنوا ثورتنا.. سلمية ضد الطغيان ما منتراجع لو متنا”.

قد يهمك: فاتورة بنحو مليونين ونصف.. من يزور المطاعم الفخمة في سوريا؟

صفحات محلية بثّت خلال الساعات الاخيرة تسجيلات مصورة، تظهر تنظيم مظاهرات مسائية في عدد من قرى وبلدات المحافظة، كذلك تجمّع عشرات المحتجين في ساحة “الكرامة” الأربعاء الفائت، مطالبين برحيل الرئيس السوري، كما رفعوا لافتات تندد بفساد الحكومة وعجزها عن التعامل مع الأزمة الاقتصادية في البلاد.

انعدام الأدوات الحكومية

بالنظر إلى مطالب المحتجين في السويداء، لا يبدو أن المدينة وحدها وعلى الرغم من استمرار التظاهرات، تستطيع تحقيق هذه المطالب حتى ولو استمرت المظاهرات لأسابيع أخرى، إذ إن مطالب المحتجين خاصة السياسية منها، تحتاج إلى زخم أكبر ومشاركة أوسع من باقي المحافظات السورية، لا سيما تلك التي ما تزال خاضعة لسيطرة الحكومة.

كذلك فإن المطالب المتعلقة بالسياسة، كرحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة وتطبيق قرار مجلس الأمن 2254 لتحقيق الانتقال السياسي، لا يبدو أبدا أن السلطة منفتحة حتى على مناقشة هذه المطالب، حتى لو اضطرت ربما لعزل مدينة السويداء أو منحها إدارة ذاتية محلية، أو ربما استخدام القوة لوقف جميع أشكال التظاهر.

بعض المحللين ذهبوا نحو سيناريوهات الفترة القادمة، إلى اتجاه الحكومة لمنح السويداء إدارة محلية ذاتية، لكن ذلك قد يعني أيضا تهرّب الحكومة من مسؤولياتها تجاه المحافظة، وبالتالي التوقف عن إرسال مخصصاتها من المحروقات والمواد الأساسية، وهو فعلا ما تريده لتخفيف الأعباء الاقتصادية على الدولة.

مظاهرات السويداء كانت قد بدأت قبل نحو ثلاثة أسابيع، بعدما تغيرت حياة الملايين من السوريين بشكل جذري، حينما أصدرت السلطات السورية قرارات اقتصادية غير مسبوقة، تشمل زيادة مئوية على الرواتب والأجور والمعاشات للعاملين والمتقاعدين في الدولة، وإلغاء الدعم عن مادة البنزين بشكل كامل، ورفع أسعار النفط ومشتقاته بكافة الأصناف. 

حتى الآن، لم تصدر أي بادرة أو تعليق حقيقي من جانب الحكومة السورية، بشأن المطالب أو المشاهد التي توازت معها، وتمثلت بحرق صور الرئيس السوري في الساحات الرئيسية، وإزالة تلك المعلّقة على أفرع “حزب البعث العربي الاشتراكي” ومبنى الدوائر الحكومية، من بينها مجلس المدينة، ومبنى البريد في السويداء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات