في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تعيشها سوريا، فإن الذهاب إلى المطاعم المتوسطة أو من هي بالفئة الأعلى أصبح بمثابة حلم للغالبية العظمى من السوريين، فيما أصبحت المطاعم الفخمة رغم الإقبال الذي يوصف بـ”الجيد” في بعض الأحيان حكرا على فئة قليلة جدا من السوريين المنتمين للطبقة “المخملية”.

فارتفاع الأسعار لم يوفر حتى المطاعم الشعبية، التي أصبح الذهاب إليها يُعد مناسبة للسواد الأعظم من الأهالي، مع استمرار موجات الارتفاع الناتجة عن القرارات الحكومية، لا سيما تلك التي تتعلق برفع أسعار المواد الأساسية كالمحروقات وغيرها من المواد اللازمة في عمليات إنتاج الأطعمة.

خلال الساعات الماضية، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي على الصفحات السورية، صورة لفاتورة مطعم في العاصمة دمشق، أثارت جدلا واسعا بين السوريين، وأفضت إلى فتح النار على الجهات الحكومية، التي تُهمل الرقابة، أو تشجع على رفع الأسعار في المنشآت السياسية.

فاتورة تتجاوز مليونين

صورة الفاتورة نشرتها مجلة “سالب وموجب” المحلية، وهي لأحد المطاعم الفخمة في حي لمالكي بالعاصمة دمشق، حيث بلغت قيمتها مليونين و238 ألف و390 ليرة سورية، وعلّقت على الصورة بالقول، “يابلاش.. بس مليونين و 238 ألف و 390 ليرة سورية فاتورة مطعم في حي المالكي بدمشق صحن الفتوش بـ 45 ألف مياه كبيرة بـ 24 ألف”.

مبلغ الفاتورة المتداولة أثار موجات جدلٍ على صفحات”الفيسبوك” السورية، فعلّق عبد الحميد عبد الكريم، “يا بلاش!!!… من أين لهم هذا؟ راتبي لمدة عام كامل بعد الزيادة الأخيرة طبعا”، في حين علقت نسرين راجح قائلة، “طبيعي بعد كل هالتضخم وقرارات القيادة الحكيمة تصير هيك الأسعار، كمان طالبين قريدس وسمك وأفخم أنواع الأكل، الفاتورة مو غالية نحنا يلي فقرا يا جماعة والله”.

أما زهراء عبد العال، فأضافت، “والمعنى أنه شوفوا الشعب مليان مصاري وفي بزخ وترف، لعلمكم هدول فئة قليلة معبايين من جهات كثيرة أغلبها غير مشروعة، لأنه التعبان والشقيان بالمصاري مارح يحطهم بوجبة بمطعم”.

من واقع الحال المُشاهد ورغم الظروف المضطربة التي تعصف بالمشهد السوري، يبدو أن هناك نقطة خجولة تشق طريقها إلى واجهة الأحداث، حيث تتجلى في هذه الأيام بشكل واضح وملفت. فرغم التحديات الاقتصادية التي يعاني منها السوريون، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، يثير إقبالٌ قوي على المطاعم الفخمة في سوريا تساؤلاتٍ حول ما يمكن تسميته بـ “ظاهرة المأكولات الراقية”.

قد يهمك: حمى الأسعار تواصل الارتفاع بسوريا.. مشتقات العجين والحليب تنافس المحروقات

علاوة على ذلك، ورغم أن هذه المطاعم لا تمتلئ إلا من فئة واحدة وهي إما عوائل التجار ورجال الإعمال أو الذين لديهم مورد مالي خارجي، حيث لا تزدحم هذه المطاعم الفخمة إلا بداية كل شهر، ولكن يمكن تفسير هذا الإقبال بتحوّل في الوعي الاجتماعي.

أما الهدف المتعلق بالتغذية اليومية، فيجد السوريون أنفسهم متجهين نحو “المطعم المتنقل”، الذي وجد فيه مئات الشباب في سوريا فرصة إضافية لزيادة دخلهم، في محاولة لمواكبة موجات ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة التي لا تنته.

مطاعم متنقلة

المطعم المتنقل بحسب ما نقلت صحيفة “الوطن” المحلية في وقت سابق، هو عبار عن سيارة صغيرة فيها معدات بسطة طعام لأكلات بسيطة، تتجول في أحياء المدن وتبيع السندويشات الشعبية وبعض الأطعمة، إذ يؤكد أصحابها، أن ما دفعهم لاتخاذ السيارة مركزا للعمل هو ارتفاع إيجارات المحال التجارية إلى أرقام خيالية، وعليه سيكون أيّ مشروع خاسر، كما أن العمل المتنقل يوفر مصاريف كبيرة متعلقة بالضرائب وتجهيزات المطعم من طاولات وكراسي وغيرها.

المطاعم المتنقلة والبسطات أحيانا، تشهد مؤخرا إقبالا متزايدا من قبل السوريين، وذلك لانخفاض أسعار المأكولات لديها مقارنة بالمطاعم الرسمية، إذ غالبا ما يسعى السوريون إلى البحث عن أكلات شعبية تناسب مداخيلهم التي تفقد قوتها الشرائية شيئا فشيئا.

الإقبال على هذه المطاعم جاء نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الوجبات السريعة المصنوعة من لحم الدجاج واللحوم الحمراء كالشاورما، حيث يبدأ سعر السندويشة التقليدية من 15 ألف ليرة سورية، وفي دمشق من 17 ألف ليرة، لكنه وصل إلى 32 ألف ليرة في محال  مشهورة في الشعلان، بينما وضعت مطاعم أخرى عدة أسعار للسندويشات تبدأ من 15 ألف ليرة ثم 18 ألف ليرة ثم 22 ألف ليرة، ويمكنك طلب سندويشة بـ 35 ألف ليرة حسب الرغبة.

كذلك تراوح سعر كيلو الشاورما بين 170 – 250 ألف ليرة سورية، تبعا للمطعم وموقعه، بينما يبقى سعر الفروج البروستد أرخص من كيلو الشاورما بسعر 140 ألف ليرة سورية، كأقصى حدّ يمكن أن يصل إليه في دمشق، ما جعله خيارا أفضل للأُسر التي ترغب بتناول الطعام الجاهز.

الارتفاع بالطبع لم يوفّر الأكلات الشعبية التي يلجأ إليها عادة السوريون من أجل الحصول على الغذاء بأقل تكاليف ممكنة، حيث ارتفع سعر قرص الفلافل ثلاثة أضعاف، وبحسب تقرير الصحيفة فإن تحضير وجبة من الفطور بأكلات شعبية خفيفة بات يكلّف نحو 75 ألف ليرة لشراء نصف كيلو فول ومثله مسبحة ونحو 30 قرص فلافل وكمية قليلة من المخلل وتضاف إليها تكلفة الخبز والشاي والسكر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات